ودعت الأمة العربية الأسبوع الماضى بدموع الحزن والألم قائدا قلما تجود به الشعوب.. رحل العاهل السعودى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عن عالمنا تاركا خلفه ميراثا مشرفا من المواقف التاريخية والعظيمة.. رحل وسط حسرة الشعب السعودى ودموع المصريين بعد أيام من زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى له فى الرياض للاطمئنان على صحته. غيب الموت خادم الحرمين الملك السادس للملكة العربية السعودية عن عمر ناهز 91 عاما بعد عقدين قضاهما فى حكم البلاد وقيادتها نحو الاستقرار السياسى وحسم الصراعات، والتدخل بحكمته فى جميع الصراعات بمنطقة الشرق الأوسط لإخماد نيران الفتنة بين الدول العربية. و إحكاما للاستقرار الذى رسخ قواعده الملك الراحل عبدالعزيز لم تمض ساعات على رحيله حتى أعلن الديوان الملكى السعودى، مبايعة الأمير سلمان بن عبدالعزيز ملكًا للملكة العربية السعودية خلفًا للراحل، والأمير مقرن بن عبدالعزيز وليًا للعهد لإنهاء حالة الجدل التى أثيرت حول مستقبل الحكم فى المملكة ويسير بالسعودية نحو استقرار ممتد منذ سنوات وقيادة للمنطقة بحكمة اعتادها الحكام العرب من العاهل السعودى. فى عام 1995 استلم الملك عبدالعزيز إدارة شئون المملكة، وأصبح الحاكم الفعلى بعد إصابة الملك فهد بجلطات ومتاعب صحية، وبعد وفاة الملك فهد فى 1 أغسطس 2005 تولى الحكم رسميا ليقضى 10 سنوات فى الحكم ملكا يسير بالسعودية نحو الرخاء والتنمية، وبالإضافة لكونه ملكا للدولة فإنه يشغل منصب رئيس مجلس الوزراء تبعا لأحكام نظام الحكم فى المملكة القاضية بأن يكون الملك رئيسًا للوزراء. مواقف الملك عبدالعزيز مع مصر تجعله من المقربين لقلوب المصريين، ومحاولاته المتواصلة لدعم الاستقرار المصرى كانت وظلت حتى رحيله عنوان العلاقة بين القاهرةوالرياض.. وحتى عندما وصل الإخوان للحكم تعامل معهم باعتبارهم ظرفًا استثنائيًا تمر به مصر ثم كان موقف الملك عبدالله حازما بعد سقوط محمد مرسى ضد من يحاول زعزعة الأمن فى مصر ودعا إلى الوقوف فى وجه كل من يحاول المساس بها فى رسالة قوية لدعم القيادة المصرية والهجوم على جماعة الإخوان المسلمين.. ونادى بشعب مصر والأمتين العربية والإسلامية مع أشقائها من الشرفاء وتجاه كل من يحاول المساس بشئون مصر الداخلية. وكانت من بين مبادراته محاولته الصلح بين القاهرة والدوحة بكل السبل وتهدئة الأجواء بعد تكرار التطاول القطرى على مصر عبر إيواء الهاربين من الإخوان تارة وبث أخبار وتقارير مصورة على شاشة قناة الجزيرة تشوه صورة مصر خارجيا وتزعزع استقرارها.. لكنه دأب على حل الخلاف، وسارع على حث الخليج لعزل قطر لحين الانصياع للمطالب الجماعية بتأييد مصر رئاسة وشعبا. مواقف عبدالعزيز بعد ثورة 30 يونيو تعبر عن حب كبير منه تجاه مصر وإيمانا منه بدور مصر فى المنطقة وتوافقها مع السعودية لتشكيل قوى عربية مؤثرة فى المنطقة.