التموين تحدد حصة الفرد اليومية من رغيف العيش بعد زيادة سعره إلى 20 قرشا    حملة بايدن: إدانة ترامب دليل على أن "لا أحد فوق القانون"    توضيح هام من محامي الشحات بشأن منطوق الحكم ويكشف عن إجراء عاجل خلال 48 ساعة    ريفالدو يكشف عن المرشح للتتويج بدوري الأبطال    اتحاد الكرة يكشف أسباب التأخر في إصدار عقوبة ضد الشيبي    انفجار أسطوانة فريون بأحد الفنادق بالأقصر وإصابة 6 أشخاص    المخرج خالد جلال ينعى والدة وزيرة الثقافة    قبل رفع الخبز غدًا.. سعر الدقيق والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الجمعة 31 مايو 2024    بالصور.. إنهاء خصومة ثأرية بالمنيا بتقديم 2 مليون جنيه شرط جزائي    محمد أبوالوفا: اتحاد الكرة كان واضحا في أزمة الشحات والشيبي    منتخب مصر يخوض ثاني تدريباته استعدادًا لمواجهة بوركينا فاسو    أحمد حمدي يكشف حقيقة تلقيه عرضًا من بيراميدز    الجيش الأمريكي يعلن تنفيذ ضربات ضد 13 هدفا للحوثيين في اليمن    شاهندة عبدالرحيم تهنئ الإعلامية آية عبدالرحمن بحصولها على الماجستير في الإعلام التربوي    فردوس عبد الحميد : الفن ليس له علاقة بالإغراء أو الأعمال الشهوانية (فيديو)    في اليوم العالمي للتدخين.. لماذا ينجذب الشباب لأجهزة التبغ المسخن؟    لمدة تتخطى العام ونصف.. طريقة حفظ الثوم في الفريزر والثلاجة    بعد رفع سعر رغيف الخبز المدعم .. أفضل طريقة لعمل العيش البلدي في المنزل    الصحة والحيوية.. فوائد تناول زيت الزيتون «على الريق»    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في ختام الأسبوع الجمعة 31 مايو 2024    بعد خفض البنوك طلباتها للفائدة.. المركزي يبيع 72.59 مليار جنيه أذون خزانة بأكثر من المستهدف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن موعد الامتحان الإلكتروني للمتقدمين ب3 مسابقات للتوظيف    نجوم الأهلي والزمالك فى حفل زفاف يوسف أسامة نبيه لاعب بيراميدز.. فيديو    عضو إدارة اتحاد الكرة: أرفض اتهامنا بالتخبط.. والشيبي خالف لوائح فيفا باللجوء للمحكمة    كيف يتصدى القانون لجرائم التنمر الجماعي؟    ساعات بمليون جنيه وخواتم ألماظ.. أبرز المسروقات من شقة الفنان تامر عبد المنعم    خناقة على «كلب» تنتهي بمقتل الطفلة «غزل» في السيدة زينب (فيديو وصور)    إبسويتش تاون يربط مدرب سام مرسى بعقد جديد لمدة 4 مواسم    بعد جدل سرقة سيف تمثاله.. كيف ألهمت تجربة سيمون زعماء التحرر من الاستعمار؟    تامر عبد المنعم ينعى والدة الدكتورة نيڤين الكيلانى وزيرة الثقافة    حدث بالفن| حفل زفاف ياسمين رئيس وفنانة تنتقد منى زكي وبكاء نجمة بسبب والدها    الشركة المتحدة تكرم مخرجى "رفعت عيني للسما" بعد حصولهم على جائزة العين الذهبية بمهرجان كان    خالد جلال ينعى والدة الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة    ضربة جديدة لإدارة بايدن.. تفاصيل استقالة اثنين من المسؤولين في أمريكا بسبب غزة    أخبار × 24 ساعة.. وزير التعليم: تطوير مناهج الثانوية العامة خلال عامين    وزير المالية: 60% تراجعا بإيرادات قناة السويس.. وعلينا مسئولية أمام الله والمواطن    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 31 مايو 2024    مديرية العمل بالمنيا تناقش اشتراطات السلامة والصحة المهنية    لمواليد برج العقرب.. ما تأثير الحالة الفلكية في شهر يونيو 2024 على حياتكم؟    «الإفتاء» توضح شروط الأضحية في الحج بالتفاصيل    علي جمعة يوضح أفضل الأعمال في شهر ذي الحجة    «سلمى» الأولى على الشهادة الإعدادية بالجيزة: «بذاكر 4 ساعات وحلمي كلية الألسن»    تعرف على موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك    زيادة خسائر النفط قبل اجتماع أوبك+ الأسبوع المقبل لخفض الإنتاج    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في أسوان    مصدر رفيع المستوى: مصر متمسكة بانسحاب إسرائيل الكامل من معبر رفح لاستئناف عمله    القمح الليلة ليلة عيده.. "تعزيز الأعمال الزراعية" يحتفي بنجاحه في أسيوط    «عيوب الأضحية».. الأزهر للفتوى يوضح علامات يجب خلو الأضاحي منها    رئيس جامعة كفر الشيخ يترأس لجنة اختيار عميد «طب الفم والأسنان»    «بيت الزكاة والصدقات»: صرف 500 جنيه إضافية مع الإعانة الشهرية لمستحقي الدعم الشهري لشهر يونيو    اهتمام متزايد بموعد إجازة عيد الأضحى 2024 على محرك جوجل    فرق الدفاع المدنى الفلسطينى تكافح للسيطرة على حريق كبير فى البيرة بالضفة الغربية    سول: كوريا الشمالية أطلقت نحو 10 صواريخ باليستية قصيرة المدى    «التضامن»: طفرة غير مسبوقة في دعم ورعاية ذوي الإعاقة نتيجة للإرادة السياسية الداعمة (تفاصيل)    نقابة الأطباء البيطريين: لا مساس بإعانات الأعضاء    وزير الخارجية: الصين تدعم وقف إطلاق النار فى غزة وإدخال المساعدات للفلسطينيين    الإفتاء توضح حكم التأخر في توزيع التركة بخلاف رغبة بعض الورثة    مصر تحشد المجمتع الدولى لوقف العدوان الوحشى على رفح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأول مرة :مبارك والسيسى قصة علاقة خفية بين «ديكتاتور » و «زعيم »
نشر في الصباح يوم 06 - 12 - 2014

*تحذيرات السيسيى فى 2010: انهيار ملفات التعليم والصحة والإعلام .. خطر داهم على الأمن القومى
*لماذا غضب مبارك بشدة فى محبسه بعد أول ظهور اعلامى للسيسى فى 2011
*عضو مجلس عسكرى سابق: السيسى كان من «المتشددين » تجاه مبارك واللقاء الوحيد بين مبارك وأعضاء بالمجلس العسكرى كان.. فى قاعة المحكمة
فور نطق القاضى محمود كامل الرشيدى بحكم «البراءة» على الرئيس المخلوع حسنى مبارك ووزير داخليته وكبار مساعديه عمت موجة من الغضب النبيل البلاد، ولم يكن الغضب بدافع التعليق على أحكام القضاء، بل لشعور قطاع عريض من المصريين أن القضية أخذت بعيدًا عن مسارها الأصلى.. الذى طالب منذ البدايه بمحاكمة سياسية لرجل أفسد مصر بجدارة وامتياز على مدار ثلاثين عامًا، ثم وجد نفسه يحاكم على قضايا تحتاج إلى معجزة لإثبات صحتها فى بلد عريق فى «تستيف الأوراق» مثل مصر، وإلى جانب هذا الغضب النبيل من غالبية الشعب كان هناك فريقان لم يكتفيا بما سبباه لمصر من فوضى وتخريب « فريق الحزب الوطنى المنحل » وفريق جماعة الإخوان الساقطة من الحكم بأمر الشعب، بل حاول كلاهما - كل بطريقته - سكب المزيد من اللهب على موجة الغضب، جماعة الوطنى أكدت أن الحكم يعنى أن ثورة يناير «مؤامرة»، وبالتالى نادى أحدهم على مبارك فى مداخلة تليفزيونية ب «سيادة الرئيس» ما يعنى استهانة بالغة بفكرة سقوط مبارك عن الحكم بعد موجة ثورية عاتية، والفريق الآخر» جماعة الإخوان وبقايا أتباعها «استغلت موجة تهليل أنصار مبارك لتقول إن النظام الحالى استمرار لسياسة مبارك، وأن هذا النظام هو من أخرج مبارك من السجن، وأنه يدين له بالولاء.
الغباء والبله المتبادل بين الطرفين جعل عددًا من الأصوات الوطنية المخلصة تنادى الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتدخل، السيسى لم يتدخل بالقطع فى «أحكام القضاء» إلا من زاوية الاستجابة لمناشدة المحكمة رئاسة الدولة بتعديل قانون الإجراءات الجنائية والرعاية الكاملة لأسر الشهداء، لكن المشهد كله طيلة الأيام القليلة الماضية كان يحتاج إلى طرح سؤال جوهرى حول حقيقة علاقة الرئيس عبد الفتاح السيسى بالرئيس المخلوع.. هل نشأت بين الاثنين علاقة قوية كالتى كانت بين مبارك وباقى رجال نظامه.. هل التقى السيسى مبارك فى لقاءات منفردة قبل 25 يناير.. هل يمكن أن يحمل السيسى بداخله سنتيمترًا واحدا من الحب والامتنان لرجل مثل حسنى مبارك، ما رأى السيسى من الأصل وفى الحقيقة فى الرئيس المخلوع.. ولماذا تعمد مبارك فى المرات القليلة التى ظهر فيها فى تسجيلات صوتية بعد حبسه الإشادة بالسيسى وهل هذه الإشادة تعنى أن مبارك يرى فى السيسى امتدادًا له كما يروج معاتيه الإخوان وبعض مخبولى الفوضى والرغبة فى استمرار عنف المجتمع العشوائى.. هنا التفاصيل الكاملة لعلاقة السيسى «الرئيس» بمبارك «المخلوع»:
فى عام 2010 كان نظام مبارك مثل أى منزل تصدع منذ سنوات ولم تمتد له أى يد بالترميم، وكان طبيعيًا أن تجدد «النواة الصلبة للدولة» من قياداتها تمهيدًا لسيناريوهات معقدة كانت مصر كلها أمامها. السيناريو الأول كان عملية نقل للسلطة من مبارك الأب إلى النجل جمال مبارك وعلى قدر الأكاذيب التى روجها مبارك وإعلامه فى نفى مشروع التوريث إلا أنه كان مشروعًا حقيقيًا على الأرض جرى الحديث عنه وبصورة أكثر مباشرة على لسان سوزان مبارك فى جلسات جمعتها بزكريا عزمى وأحمد عز، السيناريو الثانى كان احتمالات اندلاع غضب شعبى عارم يتراوح بين هبات جماهيرية مفاجئة بسبب مطالب فئوية أو بسبب صدام عابر بين الشرطة ومواطنين فى ظل احتقان بات متصاعدًا بين الشرطة والشعب فى ظل سياسات حبيب العادلى القمعية. وتضمن السيناريو الثانى معضلة التداخل بين مطالب التغيير من منطلق وطنى ممثلًا فى حركات مثل كفاية وغيرها من حركات الاحتجاج التى تكاثرت منذ نهايات عام 2005 وبين وجود أيدٍ خارجية تريد صياغة مشهد التغيير فى مصر وفقًا لمصالح أمريكية وغربية كانت تقول باختصار بضرورة نقل مصر من حالة سيئة إلى حالة أسوأ، ومن حالة الدولة الفاسدة إلى حالة «اللادولة». وكان أيمن نور وعدد من المنظمات الحقوقية هم قلب محور الارتكاز فى التغيير بهذه الطريقة، وكان طبيعيًا فى حال قرب انهيار منزل طال تصدعه أن تنأى النواة الصلبة للدولة «الجيش المصرى» عن حالة التراخى والوهن التى أصابت كل المؤسسات، وفى عام 2010 كان «المشير حسين طنطاوى» هو من رشح اللواء عبد الفتاح السيسى ليكون مديرًا للمخابرات الحربية وإدارة الاستطلاع، وبحسب الفيديو المنشور للحظة إلقاء السيسى قسم توليه منصبه والذى قال فيه «لقد كان تكريمًا وتكليفًا عظيمًا أن شرفت بتنصيبى مديرًا للمخابرات الحربية وإدارة الاستطلاع وبكل تقدير للمسئولية الوطنية التى أصبحت أمانة فى عنقى فإننى أعاهد الله والوطن والسيد القائد الأعلى أننى وجنودكم الأوفياء سنظل محافظين على الأمانة التى وضعت فى أعناقنا والارتقاء بالأداء بما يؤمن قواتنا المسلحة ويساهم فى تطوير قدراتها وإمكانياتها لحماية هذا الوطن « يبدو واضحًا أن السيسى يلقى كلمة رسمية لا تعبر عن أى انتماء سوى لفكرة « القيادة والتراتبية» وهى فكرة مقدسة ومصونة داخل الجيش طالما بقيت شرعية للرئيس الموجود على قمة السلطة، على الجانب الآخر بدا من الفيديو أن علاقة خاصة أقرب للبنوة ربطت بين طنطاوى والسيسى حيث يظهر الفيديو طنطاوى وهو يربت على كتف السيسى فى طريقه إلى منصة توليه واحدًا من أخطر المناصب فى البلاد. فى هذه المرحلة لم تكن ثمة علاقة تذكر بين السيسى ومبارك خارج العلاقة التراتبية المعهودة بين مدير المخابرات والقائد الأعلى للجيش، فالحقيقة أن هذه المرحلة - السنوات الأخيرة من حكم مبارك - كان الراحل عمر سليمان مدير المخابرات العامة هو الأقرب لمبارك وهو الذى ينقل له فى جلسات ممتدة الأجواء العامة داخل البلاد، ولم يكن مبارك يسمع حتى ما يقوله سليمان الذى قال له فى مرة وقبل اندلاع ثورة يناير بشهور قليلة «الوزرا الجداد دول شويه عيال وممكن يضيعوا البلد». كان سمع مبارك ثقيلًا مثل حركته مثل تفكيره لكن الأحداث جرت بأسرع مما توقع الجميع، اللواء عبد الفتاح السيسى كان عاكفًا هذه الفترة على إقناع المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع بضرورة الإسراع فى أن تضع القوات المسحة «خططًا إحترازية» تواجه احتمالات غضب شعبى جامح فى أعقاب إعلان «توريث مصر» لجمال مبارك الذى كان مقررًا له مايو من نفس العام، لكن جاء يناير بمفاجأة النزول الشعبى الكثيف وغير المتوقع، وساهم فى ارتفاع مطالب المتظاهرين التى كانت مجرد «مناشدة الرئيس بتغيير وزير الداخلية» إلى الإطاحة بالرئيس نفسه تزايد الضحايا فى الشارع وحالة انفلات عمت البلاد.. فقد تداخلت كل مطالب التغيير.. الوطنية التى بدأت مع حركات الاحتجاج المشروع.. مع تربص قوى خارجية سعت فعلًا إلى إسقاط الدولة من الأساس.
بعد إعلان تنحى مبارك «وهى الكلمة المهذبة التى اختارها عمر سليمان لسقوط مبارك» بأيام وربما بأسابيع لم يكن أحد فى الرأى العام يعرف عبد الفتاح السيسى جيدًا، فلم تنشر له صور ولم يدل بأى تصريحات، وكانت المفاجأة أن أول ظهور له كان فى مارس 2011 أى بعد الخلع الشعبى لمبارك بأكثر من شهرين، حيث أدلى بتصريح مقتضب قال فيه إن «إختبارات كشوف العذرية» قد جرت بالفعل لحماية الجيش من أى ادعاءات تتعلق ببعض الفتيات المقبوض عليهن، وتضمن تصريح السيسى المقتضب اعتذارًا ضمنيًا ولاقى التصريح إعجابًا شديدًا من كل التيارات السياسية على الساحة وقتئذ، ورغم أن مبارك كان فى شرم الشيخ وقتها إلا أنه تعامل ليس باعتباره رئيسًا سابقًا سحبت منه رتبه العسكرية بل كانت أوهامه ماثله أمامه وهو يدلى برأيه فيما يدور على الساحة، أحد المقربين من مبارك نقل - فى رواية موثقة - أن مبارك غضب قائلًا «فى قائد عسكرى يعتذر». كان مبارك غائبًا عن الوعى تمامًا، وهو لا يدرك أن تعامل القيادات العسكرية فى لحظة فارقة مع ملف سياسى أو واقع يتطلب تعاملًا من نوع مختلف يكون فيه الاعتذار عن واقعة تحمل التباسًا كبيرًا نوع من الحكمة والارتقاء لخطورة لحظة عظيمة كالتى عاشتها مصر بعد 25 يناير حيث آلاف المتربصين بالجيش وعلاقته بالمصريين. لم يكن السيسى بالطبع مخطئًا فى هذه الواقعة لكنه يتحرك من خلفية فارق هائل فى شخصيته وتفكيره بينه وبين مبارك الفرعون الذى لم يخطئ أبدًا حتى وهو داخل القفص. لقد اعتذر السيسى فى بداية توليه الحكم لسيدة تعرضت لواقعة تعدٍ عليها فى ميدان التحرير مكرسًا من جديد فكرة «المسئولية» أو أن من يتصدى لمنصب عام لابد أن يشعر الجميع بأنه مسئول حتى عن أخطاء الآخرين طالما ارتضى هذه المسئولية.
خلال الثلاث سنوات التى أعقبت سقوط مبارك إلى تولى السيسى الحكم لم تجر أى مياه فى العلاقة بين الاثنين، الثابت أن السيسى كان الوحيد تقريبًا من أعضاء المجلس العسكرى الذى أعلن بوضوح ازدراءه الشديد لحكم مبارك، كان هذا باديًا فى اللقاءات الأولى التى جمعت السيسى وعددًا من قيادات المجلس العسكرى بمجموعات الشباب والمفكرين والإعلاميين فى أعقاب تنحى مبارك، الروايات فى هذا كثيرة من بينها شهادات عمار على حسن وعبدالله السناوى وعبد الحليم قنديل وغيرهم، بل إن الكاتب علاء الأسوانى هو من نقل عن السيسى فى أحد الاجتماعات هذه الواقعة « سأل أحد المثقفين السيسى عن رأيه فى طريقه حكم مبارك، وهل صحيح أنه كان عنيدًا وأجاب السيسى باقتضاب «بل بليد»، وهو معنى أقسى وأوضح بكثير فى تفسير كيف يرى السيسى طريقة حكم مبارك، الكاتب عماد الدين حسين قدم شهادته عن أحد هذه اللقاءات قائلًا «عقب نجاح ثورة 25 يناير فى خلع حسنى مبارك كان بعض أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة يلتقى بمجموعات رباعية من الإعلاميين والسياسيين والشخصيات العامة من كل الأطياف، بهدف اطلاعهم على حقيقة ما يحدث ومعرفة رأيهم فيما هو قادم، اللواء السيسى كان وقتها مديرًا للمخابرات الحربية، وفى اليوم الذى ذهبت فيه كان معى الداعية عمر عبد الكافى والإعلامية لبنى عسل وعصام النظامى أحد قادة الائتلافات الشبابية وقتها والذى ما زلت أذكره وقتها أن رأى السيسى وقتها كان شديد السلبية وواضحًا وحاسمًا، وكان يراه أحد أسباب ما وصلنا إليه».
نفس هذا الموقف - بتفاصيل أكثر - أكده لى اللواء محسن الفنجرى أحد القادة الكبار فى المجلس العسكرى فى لقاء مطول جرى فى عام 2013 - لم يكن غالبية ما فيه للنشر - لكن فيما يتعلق بموقف المجلس العسكرى السابق والفريق -وقتها - السيسى من مبارك قال الرجل بوضوح وحسم «المجلس لم ير مبارك منذ تنحيه عن السلطة ولا كان راغبًا فى ذلك، واللقاء الوحيد الذى تم كان بين مبارك وكل من المشير طنطاوى والفريق سامى عنان.. فى قاعة المحكمة»، تحديدًا قال «السيسى كان ممن أشاروا بوضوح قبل اندلاع ثورة يناير لانهيار مستوى الصحة والتعليم والثقافة والأخلاق وكل ما يشكل أساسًا للأمن القومى للبلاد».
بعد الحكم ثار ضجيج من الخصمين الرئيسيين لأى نهوض للبلاد «بقايا الحزب الوطنى وبقايا الإخوان» واختار السيسى لقاءً ب «الشباب» ليؤكد ما أكده بالفعل من خلال مواقفه قائلًا «هناك من يتساءل أنا مع من وأنا بدورى أقول لهم ما زلتم تتساءلون وقد وضعت نفسى وأبنائى على المحك لمائة عام مقبلة» وبوضوح أكثر قال «ليس منصفًا من يشعر بالرضا عن نظام مبارك، هذا النظام كان يجب أن يسقط منذ 15 عامًا لأنه لم يكن قادرًا على مواجهة التحديات الكثيرة». كان هذا كلامًا قاطعًا مع تعالى أصوات خرقاء تربط بين رجل تبرع بنصف ثروته - صادقًا - من أجل مصر ورجل تطوع بثلاثين عامًا من عمره من أجل نهب مصر، بين رجل «موهوب» كقائد، وبين رجل بنى مشروعه السياسى على الجمود العظيم والتناحة الفائقة. بين «ديكتاتور مخلوع» و«رئيس منتخب على جناح أحلام عظمى» بتغيير مصر جذريًا وإنهاء ميراث مبارك والإخوان البغيض !
مفارقة: من أطاحوا بمبارك.. أيدوا السيسى ومن أيدوا مبارك.. يزايدون على الجميع!
لم ينبض القلب مصر كثيرًا مع أنور السادات بسبب التطبيع والانفتاح، وأصيب هذا القلب ببرود وانقطاع أنفاس مع مبارك، مع مرسى خفق القلب بشدة، فقد كاد الجسد يتحلل ويموت، أتحدث عن النخبة المصرية وعلاقتها بالرئيس، وبمناسبة أصوات إخوانية بغيضة تتحدث عن «عودة نظام مبارك» وغباء محكم لدى بقايا الحزب الوطنى لم يلتفت الكثيرون لمن وقف مؤيدًا للسيسى منذ اللحظات الأولى لإعلان ترشحه للرئاسة وحتى اليوم، إنهم أعدى أعداء وخصوم نظام مبارك، إنهم بحق «النخبة المصرية» قليلة العدد واسعة التأثير، لا نتحدث عن إعلاميى كل العصور ولا كتاب لا يجيدون القراءة والكتابة ولا سماسرة السوق الموبوء، نتحدث عن عبد الحليم قنديل الذى تم سحله وإلقاؤه عاريًا فى الصحراء بعد خطفه لمعارضته لنظام مبارك، وعن بهاء طاهر أرفع الروائيين المصريين شأنًا بعد نجيب محفوظ والذى لم يسلم من إيذائه أمام نقابه الصحفيين لمعارضته مبارك، وعن عبد الرحمن الأبنودى حامل تراث ألف عام من مكر المصريين فى معارضتهم للسلطة، وجلال أمين المثقف الجبار الذى لا يعجبه العجب، وعبد الله السناوى أول من أطلق مع عبد الحليم قنديل حملات صحفية جسورة ضد التوريث، وحسام عيسى المثقف المعارض الذى جاهر بعداء مبارك عندما كان الإخوان وغيرهم فى أحضان حبيب العادلى، وغيرهم ممن ساهموا فعلًا فى الإطاحة بنظام مبارك الاستبدادى ودفعوا أثمانًا باهظة.. هؤلاء أيدوا وما زالوا رجلًا وطنيًا نبيلًا اسمه عبد الفتاح السيسى خرج من قلب حطام نظام مبارك ليفاجأ الجميع بشخصه ومواهبه و«نظافة يده».. إذن من هؤلاء الذين يدعون أن النظام الحالى امتداد لنظام مبارك فى محاولة خصم من شعبية السيسى الجارفة بين المصريين ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.