يسلك المكفوفون من فاقدى نعمة الإبصار طرقًا كثيرة للتغلب على محنتهم، ومن ذلك أنهم يضيئون شمعة تنير عالمهم الخاص، وهى مجموعة من الألعاب الخاصة بهم، يعلمون وحدهم قواعدها، ويلعبونها فى مدارسهم ودور الرعاية وأماكن تجمعهم، والطريف أن بعض هذه الألعاب معروف منذ أيام الراحل الكبير طه حسين عميد الأدب العربى. وتنقسم ألعاب المكفوفين إلى قسمين، فمنها الألعاب الثابتة، أى التى تُلعب دون الحاجة إلى الحركة مثل «العقلة»، ومنها ألعاب متحركة مثل «نط الحبل» وهو من أخطر الألعاب التى يفضلها الكثير من المكفوفين رغم صعوبتها، فربما تتعثر أقدامهم فى الحبل فيسقطون أرضًا. وهناك ألعاب حركة أخرى لكنها «اختراع عميانى» مصرى صميم، على حد تعبيرهم، ولا يدرى أحد من اخترع هذه الألعاب، مثل لعبتى «كرة الجرس» و«الكوز». أما الأولى (كرة الجرس) فيقول عنها أحد المكفوفين ل«الصباح»:» هى لعبة كرة عادية إلا أن فى جوفها جرسا، يصطف لها اللاعبون فريقين، يشوط كلاهما الكرة على الآخر، ومع الفريقين شخص مبصر يحضر الكرة إن ذهبت بعيدًا. وتعد «كرة الجرس» هى التعبير الحقيقى عن المهارات السمعية وحساسية المتابعة، وهى أيضًا كرة عادية يستدل به المكفوفون على حركتها ومكانها، ولها محترفوها المتمكنون منها، كما أن لها بطولات معروفة وإن لم يكن مسموح للجمهور بمتابعتها؛ لأن تشويش الجمهور قد يحول دون سماع الجرس». وأما عن «الكوز» فيقول أحمد جمال، وهو أحد المكفوفين: إنها من أكثر الألعاب التى كان يحب لعبها فى مدرسته، فهى لعبة تعتمد على مهارتى السمع وخفة الحركة، إذ يأتى الأكفاء بأحد أطباق المطبخ أو بعلبة صفيح ثم يدقون عليها بحجر كبير حتى تصبح جسمًا مستديرًا يشبه الكرة يضعه الواحد منهم تحت حذائه ثم يدفعه على الأرض فيجرى دون أن يرتفع الصفيح إلى أعلى. ويضيف «أحمد» أن أغلب مدارس المكفوفين يوجد بها «فرندات» أرضية ضيقة ذات سلالم من الجهتين ويقف على كل مدخل من مدخليها اثنان، ويتم إلقاء «الكوز» على الأرض بين الفريقين، فإن ارتفع على إحدى درجات السلم فى أى الجهتين احتُسب هدفا على من تخلل الكوز أقدامهم. وأحمد جمال، هو الأول على الثانوية العامة للمكفوفين لعام 2012-2013 تخرج فى «مدرسة طه حسين»، والتحق بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ولد كفيفًا فقرر التغلب على هذه الإعاقة عن طريق تعلم لغة الكمبيوتر، فهو يجيد تصميم المواقع، وقد صمم موقعًا خاصًا بالمكفوفين سهل الاستخدام بالنسبة إليهم، ومزود ببرامج خاصة، فبمجرد الوقوف ب«الفأرة» على الكلام أو الرابط يقوم البرنامج بنطق الكتابة الموجودة على الشاشة.