2000 كردى يعملون فى حفر الآبار والتنقيب عن البترول و1100 طالب يدرسون بالجامعات المصرية يتمركزون فى بلبيس بالشرقية ويمتلكون قرى ومراكز باسمهم فى محافظات الصعيد.. وأكلتهم المفضلة اللحوم النيئة
سنوات طويلة قضوها فى مصر، انتظارًا لحلم إقامة دولتهم، بعد أن فت الاحتلال والإرهاب العديد من الدول العربية. أمل يعيش عليه الأكراد المقيمون فى مصر، حيث يعتبرون أنفسهم ضيوفًا على المصريين لحين تحقق حلمهم. «إحنا هنا ضيوف فى مصر.. ومنتظرين دولتنا تقوم علشان نرجع لها»، جملة لخصت حلم محيى وباقى رفاقه من الأكراد الذين جاءوا مصر مؤخرًا». ويضيف محيى الكردى 40 عامًا ذو أصول سورية كردية، والذى يعمل بمهنة المحاماة للدفاع عن قضايا اللاجئين السوريين فى مصر، متذكرًا 10 سنوات من عمره قضاهم فى مصر قائلاً: «أتيت إلى مصر عام 2004 بدون فيزا كونها لم تكن شرطًا لدخول مصر وسوريا، وحضرت بهدف الحصول على الدراسات عليا من كلية الحقوق جامعة عين شمس، حيث كنت أحضر للماجستير فى القانون، ومنذ ذلك وأعيش فى مصر ولا يعلم أحد أنى كردى سورى ويتم معاملتى كأجنبى، وأسافر من حين لآخر إلى تركيا لزيارة أسرتى». محيى، أكد أن كلمة «كردى» تعنى الشجاع، وإقليم كردستان هو إقليم الشجعان، وأن جميع الأكراد الذين يعيشون فى مصر أغلبهم من أصول تركية وعراقية وسورية، مشيرًا إلى أن فى مصر الآن عائلات كردية كبرى من أشهرها «العائلة التيمورية» و«بدرخان» والتى ينتمى إليها المخرج الفنى على بدرخان، وعائلة «شوقى» وينتمى إليها الشاعر الراحل أحمد شوقى، وعائلة «العقاد» التى ينتمى إليها الكاتب الراحل عباس العقاد. وأضاف المحامى السورى، أن هناك فنانين مؤثرين فى تاريخ السينما المصرية من أصول كردية، ومن بينهم صلاح السعدنى، مشيرًا إلى أن كثيرًا منهم تجنس بالجنسية المصرية، وأنه على الرغم من ذلك لا يزالون ينتظرزن حلم إقامة الدولة الكردية، خاصة وأن إقليم كردستان فى العراق بدأ فى اتخاذ خطوات لاستفتاء تقرير المصير على إقامة دولة خاصة بالأكراد فى العراق معترف بها دوليًا وقانونيًا. «الصباح» وخلال رحلتها لرصد أحوال الأكراد فى مصر، لم تستطع الحصول على إحصاء رسمى بعددهم، لكن وفقًا لبيانات تم جمعها من مراكز تهتم بشئونهم فى مصر، فإن ما يقرب من 1100 طالب كردى يدرسون بالجامعات المصرية، وأن أغلبهم فى جامعة الأزهر، فى حين يقيم فى مصر ما يقرب من 2000 كردى، يمتهنون مهن حفر آبار المياه لما لهم من خبرة فيها، يضاف إلى تلك الأعداد العائلات الكردية الموجودة فى مصر منذ مئات السنين، والتى وفقًا لأقاويل بعضهم تصل لمليون كردى مصرى. ووفقًا لكتاب خاص بالمؤلفة درية عونى، والتى ولدت فى مصر من أب كردى وأم مصرية، يحمل عنوان «الأكراد فى مصر عبر العصور»، فقد كشفت أن الأكراد جاءوا مصر مع صلاح الدين الأيوبى، لكن تاريخ علاقتهم بمصر ممتد لعهد الفراعنة، وإنهم استوطنوا بمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، كما أن هناك عائلات كردية استقرت فى صعيد مصر، وهناك جمعية فى حى شبرا فى القاهرة باسم «الجمعية الكردية» أسسها أكراد الصعيد. وتعد من أبرز العائلات الكردية المعروفة فى مصر عائلة «تيمور باشا، وعائلة بدرخان، والأورفلى، وظاظا، والكردى، ووانلى، وعونى، وخورشيد، وآغا، وشوقى، وأمين». وحتى عام 2014 كانت لا تزال بعض القرى فى مصر تحمل لفظ الأكراد، مثل «كفر الأكراد»، و«منية الكردى»، و«قرية الكردى» بمركز دكرنس فى محافظة الدقهلية، وجزيرة الأكراد بأسيوط، وبنى زيد الأكراد، فيما جاءت هجرة بعض الأكراد إلى المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية وأسيوط وغيرها بدافع العمل أو الدراسة. الكتاب الذى رصد حياة الأكراد فى مصر، أكد أنه فى القرن العشرين، نبغ فى مصر عباقرة وشخصيات كردية كانوا من رواد حركة الإصلاح والفكر والأدب والفن فى مصر والعالم العربى، أمثال: الإمام محمد عبده، والمفكر قاسم أمين، والأديب عباس العقاد، وأمير الشعراء أحمد شوقى، والشيخ القارئ الشهير للقرآن عبدالباسط عبدالصمد، والباحث حسن ظاظا، وعامر العقاد، وأحمد أمين، والإعلامية درية عونى، والتى يطلق عليها لقب أم الأكراد فى القاهرة، والفنانان التشكيليان أدهم ومحمد سيف الدين وانلى. ومن الفنانين ذوى الأصول الكردية، محمود المليجى، وعادل أدهم، وصلاح السعدنى، وأحمد رمزى، وسعاد حسنى وشقيقتها نجاة الصغيرة، والمخرج السينمائى أحمد بدرخان ونجله على، وعمر خورشيد وشيرين وشريهان. الأكراد فى مصر لهم عيدان الأول يسمى عيد النوروز ويقام فى 21 مارس من كل عام، ويعد العيد الرسمى للأكراد فى العالم، وبمثابة بداية العام الكردى، حيث تبدأ السنة الكردية قبل الميلاد ب 712 سنة، وفى هذا العيد تقوم الجالية الكردية فى مصر باستئجار قاعة كبرى فى أحد الفنادق، ويرتدون الملابس المزركشة، بينما يتم دعوة شخصيات عامة لحضور الحفل. أما عن الاحتفال الثانى للأكراد فى مصر، فيقام منذ عام 1889، حيث تاريخ صدور أول صحيفة كردية، حينما قام السيد مقداد بدرخان بإصدار جريدة (كردستان) فى القاهرة بعيدًا عن الطغيان العثمانى، وكانت مصر يومئذ ملاذًا للكتاب والصحفيين والشخصيات الحرة، وقد صدرت لتصبح منبرًا حرًا لكل الأصوات الوطنية وأصحاب الأقلام المطالبة بالحقوق الوطنية والقومية المشروعة، ومنها المطالب القومية الكردية. كثير من الأكراد فى مصر والذين يحملون الجنسية العراقية أو السورية أو التركية، تزوجوا من فتيات مصريات، وأصبح أبناؤهم مزدوجى الجنسية وفقًا لجنسية الأب والأم، فيما كان للأكراد فى مصر تاريخ مع رؤساء مصر المعاصرين بداية من عصر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى دعم قضية الأكراد، وكانت هناك علاقات تجارية ودبلوماسية مع إقليم كردستان حينها، كما أنه سمح لهم بافتتاح «العلاقات الكردية» والذى ترأسه «الملا مصطفى البرزانى» والذى التقى ناصر فى القاهرة، حيث كانت العراق تشهد حينذاك ثورة ضد الحكم الملكى والعسكرى، ولا يزال هذا المكتب موجودًا حتى الآن فى مدينة نصر ويرعى شئون الأكراد فى مصر ويهتم بالعلاقات مع أكراد الخارج. أيضًا الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، كان أحد المهتمين بالقضية الكردية وخلال عهده كان لمصر علاقات تجارية ودبلوماسية مع إقليم كردستان بالعراق، وبحسب رأى الأكراد فى مصر فإن الإخوان ورئيسهم المعزول محمد مرسى تعاملوا بسلبية مع قضيتهم، بل كانوا ضدها من الأساس، حيث إن لهم امتداد إخوانى فى سورياوالعراق، أما عن تعامل الرئيس عبدالفتاح السيسى فقد وصف قضية الأكراد بأنها كارثة وأنها بداية مخطط لتمزيق العراق ووحدته. وبحسب ما رصدته «الصباح» فللأكراد فى مصر مراكز بحثية وجمعيات خاصة بهم، تهتم بشئونهم وتنظم ندوات ومؤتمرات للتوعية بضرورة تعايش الأكراد مع المصريين، ومن تلك المراكز «مركز القاهرة للدراسات الكردية»، و«جمعية الداقة المصرية الكردية»، كما أن المسئول عن الجالية الكردية فى مصر هو «الملا ياسين رءوف»، وقبله كان حازم اليوسف الذى يعمل سفيرًا للعراق فى المغرب حاليًا، كما أن التعامل فى قضايا الأكراد يكون من خلال وزارة الخارجية وأجهزة الأمن السيادية فى مصر. وحول العادات اليومية والأطعمة التى يتناولونها، فهم يفضلون أكلة فلكلورية خاصة بهم يطلقون عليها بالإنجليزية «شيك» وتسمى بالعربية «الكبة الكردية»، وهى مزيج من البرغل الخليط باللحم، لكن الغريب فى تلك الأكلة أنهم لا يستخدمون النار فى طهيها ولكن يستخدمون أيديهم فقط فى طحنها كى تجف وتكون صالحة للطعام، ولتلك الوجبة قصة ممتدة مع الأكراد إلى عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام، فحينما تم جمع الحطب لإضرام النيران لوضع سيدنا إبراهيم بها، لم يتبقى للأهالى أى حطب لاستخدامه فى الطهى، فاستخدموا تلك الوجبه التى لا تحتاج للطهى على النار، ليس تلك الوجبة فقط هى المحبزة لدى الأكراد فهم أيضًا يحبون المحاشى بأنواعها المختلفة، كما أنهم يعتبرون الفلفل الأحمر وجبة أساسية فى البيت الكردى. وفى مصر امتهن الأكراد عدة وظائف، فأغلبهم يعمل بالحفر للتنقيب عن المياه والبترول، كما أن الكثير منهم فى الصعيد يعملون كمزارعين، وهناك أيضًا قطاع كبير منهم يعمل بالغزل والنسيج لخبرتهم القديمة به، فيما تحرم المجتمعات الكردية الطلاق بين الزوجين، حيث يعتبرونه «عارًا».