-حذف أى مثال فى الرياضيات يدل على «الربا » ومحو كل ما يتعلق ب «داروين » فى تطور يبدو هو الأخطر، دشن تنظيم «داعش» الإرهابى فى العراق وسوريا، عددًا من المدارس فى المناطق التى يسيطر عليها كمحافظة الرقة، والموصل وبعض القرى من محافظة نينوى. وتكمن خطورة الخطوة التى أقدمت عليها داعش، فى المنهج الذى يقوم التنظيم بتدريسه، وذلك بعدما ألغى المواد التى كان يدرسها الطلاب فى المدارس النظامية من قبل، ليصبح بذلك آلاف الأطفال فى هذه المناطق هم أشبال لهذا التنظيم الإرهابى، حيث تقوم الفكرة الأساسية فى هذه المدارس، على تنشئة هؤلاء الأطفال على المنهج التكفيرى، والتهيئة الفكرية لممارسة الإرهاب. وبحسب ما نشرته الصفحات الخاصة بما يسمى ب «ديوان التعليم» على مواقع التواصل، والذى يتولى رئاسته شخص يدعى «ذو القرنين»، فقد ألغى التنظيم مواد التعليم كاملة، ومنها إلغاء المواد التالية: «التربية الموسيقية، والتاريخ، التربية الوطنية، الدراسات الاجتماعية، التربية الفنية التشكيلية، الرياضة، قضايا فلسفية واجتماعية ونفسية، التربية الدينية الإسلامية، التربية الدينية المسيحية». كما أعلن التنظيم فى بيان صادر عنه، إلغاء كلمتى «الجمهورية العربية السورية، والعراقية « من جميع المناهج، كما استبدل كلمة وزارة التربية ب «ديوان التعليم »، كما قامت الدولة الإسلامية بشطب النشيد الوطنى السورى والعراقى، واستبدالهما بمبايعة الخليفة أبو بكر البغدادى. وتنص المواد الجديدة التى فرضها التنظيم، على إلغاء مفهوم الدولة القومية أو الوطنية، وأن تكون الفكرة الأساسية هى الانتماء إلى دولة الخلافة بزعامة أبو بكر البغدادى، فى إشارة إلى أن ما دون دولة الخلافة فهو كافر وجب محاربته وقتله، كونه ينشر الفساد فى الأرض. كما قام التنظيم بتعميم كلمة «الدولة الإسلامية» على جميع المناهج والأختام الرسمية لما يسمى «ديوان التعليم بولاية الشام، والتى حملت اسم كل من مسئول المناهج ويدعى «أبو رامى» ورئيس ديوان التعليم ويدعى «ذو القرنين». كما قام التنظيم أيضًا، بحذف أى مثال فى مادة الرياضيات يدل على الربا أو الربوية، كما حذف من مادة العلوم كل شىء يتعلق بنظرية «داروين» أو رد الخلق للطبيعة أو الخلق من عدم، موصيًا برد كل الخلق لله سبحانه وتعالى على أن يقوم المعلم بتنبيه الطلاب دائما إلى أن قوانين الفيزياء والكيمياء هى قوانين الله فى الخلق. وفى العراق أيضًا، سيطر التنظيم على جامعات تكريت والأنبار والموصل، وقام بإلغاء معظم الكليات، بحجة مخالفتها للشريعة الإسلامية. وأكد فداء محمد، أحد طلاب جامعة الموصل والذى هرب إلى بغداد، أن التنظيم قد ألغى المواد الدراسية كما ألغى معظم الكليات، لتقتصر على كليتى الشريعة والطب، مشيرًا إلى أنه لم يعد يذهب إلى تلك الجامعات، والتى قاموا بتخصيص مبان خاصة للفتيات ومبان أخرى للشباب بداخلها، حيث اقتصرت تلك الجامعات على الموالين لتنظيم داعش ومن انضموا إليهم. مناهج داعش «الصباح» حصلت على المناهج التى اعتمدتها داعش للتدريس، ومنها كتاب «التوحيد والفقه والسلوك» واللغة العربية، والتى تتناول مسألة الفرقة الناجية، وأن تنظيم الدولة الإسلامية هم الفرقة الناجية التى تحدث عنها النبى (صلى الله عليه وسلم)، وما رواه بعض العلماء عن أن الفرقة الناجية هم الذين يجتمعون على أمير فى إشارة إلى أميرهم أبو بكر البغدادى.
والفرقة الناجية، مُصطلح استنبطه علماء الحديث من الحديث النبوى «ستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة كلها فى النار إلا واحدة»، وهى الفرقة الناجية وتعد الفرقة الناجية هى المتبعة لما كان عليه الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، والمتفردة باتباع الكتاب والسُنة بين بقية الفرق التى عصفت بها الأهواء، وذهب بها الرأى والشبهات كل مذهب.
وحسب مصادر من الداخل السورى، تواصلت معها «الصباح»، معهم فإن التنظيم قام بطباعة كتابى التوحيد، والفقه والسلوك، وتتضمنت تلك الكتب بعض ما وضعه مشايخ مجهولين، ولكن الأمر الذى كان أكثر وضوحًا فى تلك المناهج هو ضرورة الولاء للتنظيم من أجل إقامة الخلافة، واتباع سلوك قائدى التنظيم وعلى رأسهم أبو بكر البغدادى. وتعتمد المناهج الداعشية على العديد من المرجعيات التكفيرية، ومنها المنهج السرورى، وهو تنظيم وتيار أسس وأنشئ بعد نشأة الفكر الإخوانى والقطبى تحديدًا، ويعتبر اليوم من أوسع التيارات الفكرية والسياسية فى العالم الإسلامى. مؤسس المنهج السرورى، هو الشيخ محمد سرور زين العابدين سرورى، أحد المنتمين لجماعة الإخوان، كما تعتمد أيضًا المناهج على فكر أبى محمد المقدسى المنظر الأول للقاعدة، ومحمد عبد الوهاب، الذى ينسب له فكر السلفية الجهادية أيضًا. كما تضمنت مواد التعليم جزءًا من فكر سيد قطب، هو وجوب محاربة العدو القريب أولاً، وذلك من أجل تحقيق النصر، حيث تعتمد المواد الدراسية على بعض المواضيع، فمنها: «كيف تتحقق دولة الخلافة»، وجاء مضمون تلك الصفحات فى وجوب إقامة شرع الله بقتل كل من يخالف تشريعات الدولة، كما يجلد كل من يتلفظ ضد داعش، وتعد مقاتلة المسلمين أو من وصفوهم بالخوارج هى من الأولويات قبل قتل أهل الكتاب أو أهل الزمة، حيث أوصت تلك الكتب بأن النصر لا يتحقق إلا من الداخل. ومن أبرز بنود المنهج، وجوب هدم وإزالة ما يسميه البغدادى مظاهر الشرك وتحريم وسائله «فلا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» بحسب قوله، إضافة إلى اعتباره الرافضة طائفة شرك وردة، مع ضرورة الاحتكام إلى شرع الله وحده، وأن العلمانية على اختلاف راياتها وتنوع مذاهبها، كالقومية والوطنية والشيوعية والبعثية هى كفر بواح مناقض للإسلام مخرج من الملة. كما تضمنت البنود أن منهج الحزب الإسلامى منهج كفر وردة، كحزب الجعفرى والعلاوى، وأن الديار إذا علتها شرائع الكفر وكانت الغلبة فيها لأحكام الكفر دون أحكام الإسلام فهى ديار كفر. فضلاً عن ضرورة وجوب قتال الشرطة والجيش لدولة الطاغوت. الزى والفصول اعتمد التنظيم زيًا موحدًا لطلابه وهو الجلباب للصبية، والنقاب للفتيات، محذرًا الشباب من قص الشعر، أو ارتداء الجينز، كونه من مظاهر الكفر بحسب قولهم، كما حذر الفتيات من عدم ارتداء النقاب. وفيما يتعلق بعملية التدريس، فقد حظر التنظيم قيام المدرسات بالتدريس للشباب، كما حظر تدريس المدرسين للفتيات، إضافة إلى عملية الاختلاط فى الجامعات أو المدارس الابتدائية. فيما يشترط التنظيم أن يحصل المدرس على دورة أسبوعية على يد أعضاء التنظيم؛ لاتباع أساليب معينة فى التدريس، كما يحصل على دورة فقهية فى المنهج الداعشى. البغدادى يحرق كتب ابن عربى فى مشهد آخر يدل على قمة الجهل لدى زعيم التنظيم، أمر أبو بكر البغدادى خليفة «داعش» عناصر تنظيمه بحسب مصادر، بجمع وإحراق جميع كتب الفلسفة والتصوف التى تعود إلى محيى الدين بن عربى، ومعاقبة كل من وجدت عنده هذه الكتب. وخلال تواصلنا مع عدد من أولياء الأمور فى العراق وسوريا، أكدوا «للصباح»: «أنهم منعوا أبناءهم من الذهاب إلى تلك المدارس نهائيًا، نظرًا لخطورة المنهج الذى يدرسه التنظيم للأطفال».