- كيف يكون الدكتور وحيد دوس متفاوضًا مع الشركة وهو أحد كبار الباحثين داخلها ؟ - مهندس الصفقة متزوج من شقيقة وزير التجارة والصناعة الحالى.. وتم التجديد له فى منصبه 9 مرات بالمخالفة للقانون - التعاقد تم على 220 ألف علبة بما يكفى لعلاج 60 ألف مريض مصرى من أصل 15 مليونا -مفاجأة.. الهند حصلت على «السوفالدى» بأقل من السعر المصرى ب50 دولارًا وبدأت فى تصنيعه محليًا - اتفاقية «التريبس» تعطى لمصر أحقية تصنيع العقار محليًا ما دام تحول المرض إلى وباء دون الرجوع للشركة المنتجة له سميرة عبد الستار، سيدة أربعينية، باعت ما تملكه من مصوغاتها الذهبية واقترضت بضعة آلاف جنيه حتى كونت مبلغًا قدره 15 ألف جنيه، فى انتظار شراء علاج فيروس «سى» الجديد، بعدما سمعت فى وسائل الإعلام أنه سيكون متاحًا فى الصيدليات المصرية خلال عدة أسابيع، وأن نسبة شفائه– حسبما قيل– تزيد عن 90%، وبدون أضرار جانبيه وسيشفيها فى مدة أقصاها ثلاثة شهور. «سميرة» ليست الحالة الوحيدة التى باعت ما تملكه لشراء علاج «السوفالدى» بهذا السعر، فهناك الآلاف من المصريين يستعدون لبيع الغالى والنفيس من أجل شفائهم من هذا المرض اللعين، لكن للأسف هذه الصفقة التى عَقَد عليها كثير من مرضى الالتهاب الكبدى الوبائى آمالهم تحيطها كثيرًا من الشبهات تكشفها «الصباح» فى هذا التحقيق. تضارب مصالح البداية كانت من حصولنا على وثيقة العقد الممول الخاص بشركة «جلياد» المنتجة لعلاج «السوفالدى» والذى اتضح أن كبير الباحثين بحسب عقد الشركة المكلف بإجراء دراسات تجريبية عن نتائج العلاج فى المستشفيات المصرية هو الدكتور «وحيد دوس» عميد معهد الكبد فى مصر ورئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، التى تتفاوض ممثلة عن الحكومة المصرية مع شركة «جلياد» المنتجة للعلاج، وهو الأمر الذى يثير تساؤلاً، كيف يكون الدكتور وحيد دوس هو ممثل الحكومة وهو أيضًا باحث فى الشركة التى يتفاوض معها، فهذا لا يجوز من الشكل العلمى الأخلاقى لتضارب المصالح، على حد قول المعارضين للصفقة، مطالبين بإعادة التفاوض السعرى مع شركة «جلياد» بواسطة لجنة تفاوض أخرى محايدة تضع فى الاعتبار صالح المريض المصرى ككل داخل وخارج المراكز العلاجية، مع وضع النظم الكفيلة لتطبيق البروتوكول العلاجى حسب الأصول العلمية، ولكل المرضى دون تفرقة. مخالفة قانونية تساؤلات عديدة حول استمرارية الدكتور وحيد دوس كعميد لمعهد الكبد وكرئيس للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، حيث أصدر الدكتور عادل العدوى وزير الصحة قرارًا بمد انتدابه كعميد للمعهد القومى للكبد من 1 مايو 2014 ولمدة عام لهذين المنصبين الهامين وللعام التاسع على التوالى، برغم أنه سيبلغ السن القانونية للتقاعد فى 10 سبتمبر 2014 أى بعد أقل من 4 أشهر، وهذا أيضا معيب قانونا- على حد قول المصادر. الغريب أيضًا أن هذا القرار لم يذكر به موافقة مجلس جامعة القاهرة، مما يعد أيضًا مخالفة لقانون 49 للجامعات المادة 84، وكذلك عدم وجود موافقة رئيس الوزراء، كون الندب تعدى ال4 سنوات حسب المادة 85 من القانون نفسه، مما يعتبر ذلك القرار معيبا قانونا، وهو الأمر الذى جعل البعض يتساءل، هل استمرارية دوس فى منصبه بالمخالفة للقانون تعود إلى علاقة القرابة التى تربطه بوزير التجارة والصناعة منير فخرى، بحكم أن الوزير متزوج من شقيقته. الكميات لا تكفى اللافت للانتباه أيضًا، والذى رصدته «الصباح» أن اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية أعلنت أن الكمية الذى تم التفاوض عليها، والتى سيحصلون عليها بسعر 1% فقط هى 225 ألف علبة «سوفالدى» سيتم تدوالهم داخل مراكز الكبد وخارجه «سوق حر»، وبالتالى فإن العلبة الواحدة التى تحتوى على 28 قرصًا والتى تكفى علاج شهر فقط من ضمن العلاج الثلاثى لفيروس «سي» مع حقن الإنترفيرون طويل المفعول (حقنة أسبوعيا) كبسولات الريبافيرين ومدة العلاج 3 شهور للمستجدين فى العلاج، و6 شهور للمرضى الذى فشل معهم الإنترفيرون ولم يشفوا، ستكفى لمدة شهر واحد فقط، كما أن ال3 علب سيكفون ل3 شهور، وبذلك فإن كمية الأدوية المتفق عليها وعددها 220 ألف علبة سيكفى فقط لعلاج ما يترواح بين 50 إلى 70 ألف مريض، وهى نسبة ضئيلة جدا إذا ما قورنت بأعداد المرضى فى مصر والبالغ عددهم 15 مليون مريض تقريبًا، كما أن اللجنة لم توضح ماذا ستفعل بعد انتهاء تلك الصفقة، هل سنحصل عليه بسعر أغلى من القديم، وماذا سيفعل المريض فى مصر؟! مخالفات التسعيرة وبما أن اللجنة أعلنت أن ثمن العقار داخل المراكز العلاجية التابعة للجنة القومية، 26 مركزا علاجا فقط فى مختلف أنحاء الجمهورية، سيكون 300 دولار للعلبة أى حوالى 2000 جنيه مصرى، وما يقرب من 15 ألف جنيه مصرى فى السوق الحر للصيدليات، فإن البعض اعتبر ذلك بمثابة ظلم وتفرقة فى المعالجة للمرضى داخل وخارج المراكز. وبذلك فإن العلاج سيكون للمريض خارج مراكز الصحة فى ال3 شهور 45 ألف جنيه، بالإضافة لحقن الإنترفيون وحبوب ثالثة، وفى ال6 شهور ستكون 90 ألف جنيه، بالإضافة أيضًا لحقن الإنترفيون والحبوب الثلاثة، وهو الأمر الذى ترتب عليه مطالبات بالتفاوض مع الشركة المنتجة لتسعير الدواء فى السوق المصرى (ككل)، على أن يتم الاستعانة فى ذلك بلجنة تسعير الأدوية بالإدارة المركزية للصيدلة، بالإضافة للجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، مع وضع الضوابط الكفيلة لشروط العلاج وتنفيذ البروتوكول العلاجى ليشمل عدد كبير من المستشفيات على مستوى مصر وصولا لعدد مستهدف علاجى لا يقل عن 600 ألف مريض سنويا عن طريق إدخال مستشفيات وزارة الصحة لعلاج فيروس «سي»، إلى جانب مراكز اللجنة القومية، والتى يتم دمجها فى هذا المشروع الطموح بعد برنامج تدريبى موحد لبروتوكول العلاج مع وضع النظم الإشرافية واللوجستية لضمان صرف العلاج حسب البروتوكولات المتفق عليها، مع ضرورة مشاركة منظمات المجتمع المدنى لتنفيذ خطة القضاء على المرض. د. محمد عز العرب، استشارى الكبد ورئيس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومى للكبد بالقاهرة، أكد فى تصريحات خاصة ل «الصباح» أنه فى حال إذا لم نصل لسعر تفاضلى للسوق المصرى ككل.. وليس لمراكز علاج فيروس سى الحالية فقط»، فيجوز أن يرخص للشركات المحلية المصرية لإنتاج هذه العقاقير مع عمل غطاء قانونى لها حسب إتفاقية «التربس» T.R.I.P.S لمنظمة التجارة العالمية 2006، والذى يعطى للدول الموبوءة بوباء معين حق إنتاج الأدوية المقاومة دون الرجوع للشركات المنتجة»، خاصة أن تقرير منظمة WHO الأخير أوضح أن معدل انتشار فيروس سى فى مصر يعادل 22% من عدد السكان، متابعًا: كانت مصر قد فعلتها قبل ذلك خلال فترة مرض إنفلونزا الطيور بعلاج التاميفلو، والتى كانت تنتجه نفس الشركة المنتجة لعلاج «السوفالدى». ونوه د. عز العرب، أن دولة الهند قد حصلت على علاج «السوفالدي» من شركته المنتجة ب250 دولارًا أى أقل ب50 دولارًا عن السعر الذى حصلت عليه مصر، كما أنها بدأت فى تصنيع هذا النوع من الدواء، متسائلاً: « كيف لا يحدث ذلك فى مصر فى ضوء ما أكدته اللجنة بأننا حصلنا على العلاج بنسبة 1% فقط؟ هجوم عالمي فى السياق ذاته، كشفت دراسة علمية حديثة للدكتور «اندرو هيل» أستاذ علم الأدوية بجامعة ريفال بول الإنجليزية، عن أنه يمكن إنتاج السوفالدى بسعر يتراوح بين 62 دولارًا و134 دولارًا، منوهًا أيضًا بأن المواد الخام الكيميائية المكونة للسوفالدى رخيصة للغاية، ويمكن إنتاجه بسهولة. وبحسب تقرير منشور بوكالة رويترز، فقد شنت المجموعة الرائدة للتأمين الصحى بالولاياتالمتحدةالأمريكية، هجومًا على شركة «جلياد للعلوم»، بسبب ارتفاع سعر العقار بشكل مبالغ فيه، وأوضح البيان الذى نشرته الوكالة، أن السعر الذى حددته الشركة للعقار، والذى يصل إلى 84 ألف دولار للكورس العلاجى، بما يعادل ألف دولار للحبة الواحدة، يعد سعرا مبالغا فيه للغاية بشكل لا يمَكّن أى مريض من تحمل تكلفة العلاج بهذا الدواء، بجانب صعوبة توفيره للمرضى عن طريق التأمين الصحى، لافتًا إلى أن المشكلة ترجع إلى عدم وجود نظم داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية للتحكم بأسعار الأدوية، على غرار الدول الأوروبية وعدد من دول العالم. وبحسب تقرير رويترز، فهذه ليست المرة الأولى التى تشن فيها شركات التأمين الصحى الأمريكية هجومًا على شركة «جلياد» بسبب وضعها لسعر مبالغ فيه لعقار سوفالدى، حيث تم نشر بيان متعلق بنفس القضية مارس الماضى. أزمة بسبب العقار على جانب آخر، نشبت داخل الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، وهى الجهة المنوطة بترخيص كافة العقاقير الجديدة، أزمة خلال تسجيل العقار، وذلك بسبب اختلاف لون العقار المطروح فى مصر عن لونه فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما أن الأبحاث التى أجريت على عدد من المرضى داخل مصر تمت على العقار الأمريكى وليس على العقار المنتظر تداوله داخل مصر بعد تغيير ألوانه. منتج بديل الأكثر من ذلك، أن شركة «جلياد» المنتجه للسوفالدى والذى نشرت دعاية هائلة عنه فى مصر، تعكف الآن على إنهاء أبحاثها التجربيبة لإنتاج أقراص تسمى كومبو «combo» وهو مكون من مواد سوفوسبوفير 400 مجم + ليدباسفير 90 مجم، وهو علاج جديد يعالج فيورس «سي» بنسبة نجاح أعلى من السوفالدى، وتزيد عن 95% -على حد قول مصادر متخصصة، بل إن «كومبو» يؤخذ بمفرده يوميا بدون حقن إنترفيون أو حبوب مساعدة لمدة تتراوح بين 6-8 أسابيع، والشركة الآن فى المرحلة الثالثة من التجارب الإقليمية، وخلال 6 شهور سيتم اعتماده من منظمة fda، مما سيجعل السوفالدى منتجا ليس له أهمية مقارنة بالدواء الجديد.