بدأ الصراع على مقاعد البرلمان المقبل مبكرًا فى الصعيد، ففى الوقت الذى تستعد فيه الدولة المصرية ومؤسساتها من الجيش والشرطة والقضاء لإتمام المرحلة الثانية من خارطة الطريق وهى الانتخابات الرئاسية، والمقرر إجراؤها يومى 26 و27 من الشهر الجارى، والتى تنحصر المنافسة فيها بين المشير عبدالفتاح السيسى، وحمدين صباحى. بدأ نواب الصعيد السابقين من أعضاء الحزب الوطنى المنحل، جولاتهم وتحركاتهم فى دوائرهم الانتخابية لعقد الصفقات مع العائلات ذات الثقل الانتخابى، فقد أعلن كبار العائلات والقبائل البرلمانية «البيعة» للمشير، فى المؤتمرات الانتخابية التى نظموها بالتنسيق مع أحزاب وجبهات الثورة لدعم المشير. كما حسمت العائلات موقفها بضرورة ترشح أحد أبنائها فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث انضم عدد كبير من نواب الوطنى بالصعيد إلى الأحزاب والجبهات القائمة، ومنها أحزاب المواطن المصرى والوفد والمؤتمر، والحركة الوطنية، وجبهة مصر بلدى، فى محاولة منهم للعودة مرة أخرى للحياة السياسية والوصول إلى السطة واستعادة مجدهم ونفوذهم المفقود منذ ثلاث سنوات، غير أن الحكم الصادر مؤخرًا بحرمان قيادات وأعضاء الحزب الوطنى المنحل من الترشح فى الانتخابات البرلمانية والمحلية، وضع عائلات الصعيد فى مأزق، وأجبرهم على الدفع بوجوه جديدة فى الانتخابات البرلمانية القادمة، حال تم تأييد الحكم، حيث تخوض الوجوه الشابة الانتخابات البرلمانية لأول مرة معتمدة على تاريخ وشعبية عائلاتها، والخدمات التى سبق وأن قدمتها تلك العائلات لأهالى دوائرهم. وكانت محكمة عادبدين قد قضت مؤخرًا فى الدعوى التى حملت رقم 910 لسنة 2014، بمنع قيادات الحزب الوطنى، وأعضاء لجنة السياسات من الترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة، وسريان الحرمان من الترشح على الانتخابات البرلمانية والمحليات. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، إن الحزب الوطنى المنحل منذ تأسيسه عام 1978، لعب دورًا كبيرًا فى اختيار الحكومات الفاسدة، وتحرير القوانين المتناقضة مع الدستور، وتعطيل تنفيذ الأحكام القضائية، وأنه فى 16 إبريل من عام 2011، أصدر مجلس الدولة حكمًا تاريخيًا بحل الحزب الوطنى وتصفية أمواله وضمها لخزانة الدولة، مستندًا فى ذلك على ثورة الخامس والعشرين من يناير التى أسقطت النظام السياسى، وأجبرت رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسنى مبارك وهو رئيس الحزب الوطنى، على التنحى فى 11 فبراير، ليكون الحزب ذلك قد أزيل من الواقع السياسى المصرى رضوخًا لإرادة الشعب، ولا يستقيم عقلًا أن يسقط النظام دون أداته ممثلة فى الحزب. وإنه من الأجدر حفاظًا على ما يبغيه الشعب فى تطلعاته وما تمر به البلاد من ظروف استثنائية والابتعاد بها عن أى خطر يحدق بها، منع ترشح قيادات الحزب الوطنى المنحل وأعضاء مجلسى الشعب والشورى وأعضاء لجنة السياسات فى أية انتخابات مقبلة. من ناحية أخرى، شهدت محافظة أسوان، منافسة شرسة بين العائلات والقبائل ما بين النوبة والهلايل والجعافرة، حيث قام أعضاء الحزب الوطنى المنحل بجولات مبكرة فى قرى ونجوع المحافظة، حاملين لافتات مؤيدة للمشيرعبدالفتاح السيسى، حيث حسمت عائلة الدكتور جابر عوض البرلمانية،عميد المعهد العالى للخدمة الاجتماعية، موقفها من الترشح فى البرلمان بانضمام ابنها الشاب الدكتور محمد عوض لحزب المواطن المصرى، فى حال تأييد الحكم الصادر بحرمان أعضاء الوطنى من الترشح. وفى قنا، اشتعلت المعركة الانتخابية مبكرًا بين رؤوس العائلات والقبائل مابين الإشراف والعرب والهوارة، فى محاولة منهم لاستعادة سلطتهم ونفوذهم المفقود منذ ثلاث سنوات، نتيجة سيطرة نواب حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان على مقاعد محافظة قنا فى الانتخابات البرلمانية السابقة، حيث حسم عدد كبير منهم قرار ترشح الشباب. كما انتهت عائلة نائب الوطنى عبدالرحيم الغول، إلى ترشيح ابنها محمد الغول فى الانتخابات القادمة، فيما لم يحسم موقفه من دخول المعركة الانتخابية مستقلًا أم على قوائم جبهة مصر بلدى. أما قبيلة الأشراف بقنا، فقد أعلنت البيعة للمشير عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية القادمة، وستدفع بنائبها رفاعى عبدالوهاب،الذى بدأ جولاته الانتخابية باستقبال الأهالى والناخبين بديوان العائلة لبحث طلباتهم وتقديم خدماته لهم. أما فى سوهاج، فقد عقد نواب الحزب الوطنى المنحل تحالفات وتربيطات مع قيادات حزب النور من أجل تفريغ بعض الدوائر الانتخابية ذات الأغلبية المؤيدة لجماعة الإخوان لصالح أعضاء حزب النور، مقابل ألا يزاحمهم حزب النور بترشح اعضائه فى دوائر مراكز المنشأة وجهينة وطهطا والبلينة، وتعد سوهاج أكبر محافظات الصعيد التى صوتت بكثافة لصالح مرشحى حزب الحرية والعدالة فى الانتخابات البرلمانية السابقة، ولصالح محمد مرسى فى الانتخابات الرئاسية، حيث بلغت نسبة التصويت لصالحه 88 %، أما وزير الرى السابق ونائب الوطنى بسوهاج محمد نصر الدين علام، فقد حسمت عائلته موقفها من ترشيحه فى الانتخابات البرلمانية المقبلة على قوائم حزب المؤتمر، أما عائلة حمادى الانتخابية، فقد قررت الدفع بنائبها لأكثر من دورة حازم حمادى، حيث يخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على قوائم حزب المؤتمر. وفى المنيا عروس الصعيد، بدأ نائب الوطنى جمال السعداوى، معركته الانتخابية بتعيين شباب العائلات فى الشركات التى يملكها، ومنح عقود عمل فى الخارج للراغبين فى ذلك لكسب أصوات تلك العائلات التى تمثل ثقلًا انتخابيًا. من جانبه، أكد أحمد فاروق منسق حملة «امسك فلول» بالمنيا، أن الحملة ستواجه فلول الحزب الوطنى ممن سيترشحون فى الانتخابات البرلمانية المقبلة على قوائم أحزاب وجبهات الثورة، وأنهم لن يسمحوا لمن أفسدوا الحياة السياسية فى مصر وزوروا إرادة الشعب لتحقيق مصالحهم الشخصية، فى دخول البرلمان مرة أخرى. على جانب آخر، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأهرام الكندية، أكرم الشريف ل«الصباح»، أن الحكم الصادر مؤخرًا بمنع قيادات وأعضاء الحزب الوطنى من الترشح فى الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلتين هو والعدم سواء، فالدستور والقانون أقر لكل مواطن الحق فى ممارسة الحقوق السياسية كالحق الترشح فى الانتخابات، فلا يجوز حرمان أى شخص من التمتع بمباشرة حقوقه السياسية إلا بحكم قضائى نهائى، أما الحكم الصادر بحرمان أعضاء الوطنى فهو حكم أول درجة وقابل للطعن والإلغاء. وأضاف، أن حكم حرمان قيادات وأعضاء الحزب الوطنى من الترشح سيتم إلغاؤه أمام محكمة الاستئناف لمخالفته صحيح القانون والدستور، الذى أقر أن المواطنين أمام القانون سواء ومتساوون فى ممارسة الحقوق السياسية. مشيرًا إلى أن الانتخابات البرلمانية القادمة هى الأهم حيث أعطى الدستور الحالى لمجلس النواب سلطات وصلاحيات لم تكن موجودة فى ظل الدساتير السابقة، متوقعًا أن تكون الانتخابات البرلمانية المقبلة أكثر سخونة لاحتدام المنافسة بين قوى الثورة وفلول الوطنى وجماعة الإخوان.