«أوشا» و«الدولى».. اسمان ترددا بقوة فى الأيام الماضية على صفحات الحوادث فى أغلب الجرائد التى نشرت خبر سقوطهما فى أيدى الأمن، لتسقط معهما إحدى إمبرطوريات استغلال الأطفال فى التسول والاعتداء عليهم جنسيًا. «الصباح» التقت محمود محمد الأزرق 13 سنة، إحدى الضحايا، ليقول: « نشأت فى أسرة تفككت وضاع أولادها، بعد انفصال والدى وجدتنى مكلفًا بمساعدة أمى فى الإنفاق على إخوتى السبعة، فاعتليت سطح أول قطار أقلع من بلدتى بالشرقية إلى القاهرة، ونزلت العاصمة متخيلًا أنها سوف تفتح ذراعيها لاستقبالى، لتحنو علىّ عَوَضًا عن دفء الأسرة، لكننى لم أجد سوى الشارع مستقرًا والحدائق العامة مقامًا لى، فكانت الكبارى غطائى، والأسفلت فراشى، بعد عناء يوم كامل فى غسيل السيارات الفاخرة لقاء جنيهات قلائل، أحرص على الاحتفاظ بها لأدفع به لوالدتى بنهاية كل شهر».
ويتابع «كانت كل مشكلتى فى المبيت، حتى تعرفت على «أوشا» الذى عرض علىّ العمل معه، والإقامة فى حجرته بمنطقة دار السلام، بدلًا من افتراش الحصى بحديقة رمسيس فتهللت أساريرى، وظننت أن «طاقة القدر» قد فُتِحت لى، وهناك فوجئت بأكثر من 20 طفلًا يستخدمهم «أوشا» فى التسول، ويستولى على الحصيلة فى آخر اليوم، وكان يعتدى عليهم بالضرب المبرح ويدخل ومعه شريكه «الدولى»، للاعتداء علينا جنسيًا، بصفة يومية تحت تهديد السلاح. بنظرات فَرِحَة، يضيف «عندما داهمت المباحث المنزل حمدت ربنا أنه نجانا من أوشا والدولى اللى ما بيرحموش حد، والآن سأعود إلى منزلى بالشرقية لأمتهن مهنة شريفة وأكسب من عرق حبينى بعيدًا عن التسول، وأساعد والدتى وأشقائى».
السجن لا يختلف عن الشارع أمّا «أوشا» المتهم الرئيسى فى استدراج الأطفال واستخدامهم فى التسول، باللوم على الظروف التى ألقت به للشارع، فأكد ل«الصباح» أنه ابن الشارع، لا يعرف أبا ولا أما وجد نفسه فى أحضان الرصيف، وتعرض لهتك عرضه على يد تجار الأطفال، فقرر الانتقام من الدنيا ليصبح قويًا قادرًا على الانتقام من كل من يتعرض له فكون عصابة، وبدأ يجلب الأطفال من منطقة رمسيس واستخدامهم فى أعمال التسول بمنطقتى دار السلام وموقف العاشر. وتابع المتهم «أدمنت الشذوذ، وهتك عرض الأطفال وتعديت على أكثر من 25 طفلًا، ولست خائفًا من السجن لأنه مش هايفرق كتير عن الشارع» . ويقول «الدولى»: «أنا الذراع اليمنى لأوشا كنت مسئولًا عن توزيع الأطفال على مناطق عملهم، وتسلّم الحصيلة اليومية، وأشارك أوشا فى الاعتداء عليهم جنسيًا»
كانت معلومات قد وردت للعميد خالد عبدالعزيز مدير الإدارة العامة لمباحث الأحداث أكدتها التحريات تفيد بقيام هانى عيد وشهرته « أوشا» 26 سنة عاطل ومقيم بحلوان والسابق اتهامه فى قضية «مخدرات»، ومحمد عبد النبى وشهرته «أحمد الدولى» 33 سنة عاطل ومقيم بالسيدة زينب باستقطاب بعض الأطفال الهاربين من ذويهم وإيوائهم بحجرة مستأجرة بمعرفة الأول بدائرة قسم شرطة دار السلام حيث يقومان بالاعتداء عليهم واستغلالهم عنوة. وعقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة العامة تم مداهمة الحجرة الخاصة بالمتهم الأول الشهير ( بأوشا) حيث تم ضبطه، والمتهم الثانى الشهير (بأحمد الدولى) كما تم ضبط 10 من الأطفال المجنى عليهم . وأمام اللواء عصام سعد نائب مدير الادارة العامة للمباحث، تبين أنهم جميعًا هاربون من ذويهم، وأن المتهمين قد قاما باستقطابهم وإيوائهم على فترات متقطعة هم وأكثر من 15 طفلًا آخرين، وذلك بقصد إرهابهم وإجبارهم على عدم العودة لذويهم واستغلالا لحالة ضعفهم وحاجتهم مما يعد ارتكابا لجريمة الاتجار بالبشر بمواجهة المتهمين اعترفا بما قرره المجنى عليهم، وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 15273 لسنة 2013 جنح دار السلام وأخطرت النيابة للتحقيق.