«يأتي حاملًا البهجة والأمل».. انتصار السيسي تهنئ الشعب المصري ب«شم النسيم»    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    أسعار السمك والجمبري اليوم الاثنين 6-5-2024.. البلطي ب59 جنيها    برلماني يطالب بإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    «التنمية المحلية»: مبادرة «صوتك مسموع» تلقت 798 ألف شكوى منذ انطلاقها    محافظ كفرالشيخ: توريد 133 ألف و723 طن قمح حتى الآن    الطن يسجل هذا الرقم.. سعر الحديد اليوم الاثنين 6-5-2024 في المصانع المحلية    محافظ المنوفية: 56 مليون جنيه حجم استثمارات مشروعات الخطة الاستثمارية بمركزي شبين الكوم وتلا    تطورات جديدة في حرب أوكرانيا.. هل تتدخل فرنسا عسكريا ضد روسيا؟    «أونروا»: سنحافظ على وجودنا في رفح الفلسطينية لأطول فترة ممكنة    تصريح رسمي.. طلب عاجل من رئيس فرنسا لإدارة ريال مدريد بشأن مبابي    إقبال كبير من المواطنين على حدائق القناطر الخيرية احتفالا بشم النسيم    توقعات برج الجوزاء في مايو 2024: «الصداقة تتحول إلى علاقة حب»    4 أفلام تحقق أكثر من 7.5 مليون جنيه في دور العرض خلال 24 ساعة    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    استشاري تغذية توجّه نصائح لتفادي خطر الأسماك المملحة    قبل أولمبياد باريس.. زياد السيسي يتوج بذهبية الجائزة الكبرى ل السلاح    بعد مشاركة وسام أساسيا في المباريات السابقة .. هل سيعود محمود كهربا لقيادة هجوم الأهلى أمام الاتحاد السكندري ؟    كشف ملابسات مقتل عامل بأحد المطاعم في مدينة نصر    طلاب مدرسة «ابدأ» للذكاء الاصطناعي يرون تجاربهم الناجحة    التعليم العالي: تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    الاتحاد الأوروبي يعتزم إنهاء إجراءاته ضد بولندا منذ عام 2017    وزير الرياضة: 7 معسكرات للشباب تستعد للدخول للخدمة قريبا    ماجدة الصباحي.. نالت التحية العسكرية بسبب دور «جميلة»    بالفيديو.. مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: شم النسيم عيد مصري بعادات وتقاليد متوارثة منذ آلاف السنين    وفاة شقيق الفنان الراحل محمود ياسين.. ورانيا ياسين تنعيه: مع السلامة عمي الغالي    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    «المستشفيات التعليمية» تناقش أحدث أساليب زراعة الكلى بالمؤتمر السنوى لمعهد الكلى    استشاري تغذية ينصح بتناول الفسيخ والرنجة لهذه الأسباب    لاعب نهضة بركان: حظوظنا متساوية مع الزمالك.. ولا يجب الاستهانة به    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    فنان العرب في أزمة.. قصة إصابة محمد عبده بمرض السرطان وتلقيه العلاج بفرنسا    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    إصابة أب ونجله في مشاجرة بالشرقية    اتحاد القبائل العربية يحذر من خطورة اجتياح رفح ويطالب مجلس الأمن بالتدخل لوضع حد لهذا العدوان    إصابة 7 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    تعرف على أسعار البيض اليوم الاثنين بشم النسيم (موقع رسمي)    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    الدخول ب5 جنيه.. استعدادات حديقة الأسماك لاستقبال المواطنين في يوم شم النسيم    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    استشهاد طفلان وسيدتان جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في حي الجنينة شرق رفح    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون الصكوك.. بين الجدوى الاقتصادية والأمن القومي
نشر في الصباح يوم 27 - 03 - 2013

في إطار أنشطة منتدى رفاعة الطهطاوي - بيت تفكير مصري مستقل – تابع لمؤسسة عالم واحد للتنمية، وعلى ضوء متابعة أحداث ومجريات المرحلة الانتقالية، عقد المنتدى ورشة عمل بعنوان "قانون الصكوك...بين الجدوى الاقتصادية والأمن القومي المصري"، وذلك يوم الثلاثاء 26 مارس 2013، بمقر مؤسسة عالم واحد، تحدث في ورشة العمل كل من، الدكتور حمدي عبد العظيم "الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لأكاديمية السادات"، الدكتور صلاح جودة "الخبير الاقتصادي، ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية"، الأستاذ أيمن هيبة "عضو مجلس الشورى والأمين العام المساعد لحزب غد الثورة"، اللواء محمود متولي "رئيس كلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الخبير الأمني والاستراتيجي"، أدار ورشة العمل الأستاذ أحمد سرساوي "مساعد رئيس تحرير أخبار اليوم".
دارت ورشة العمل حول قانون الصكوك المالية الذي أقره مجلس الشورى مؤخراً حيث تردد بشأن هذا المشروع أنه أداة تمويلية جديدة لتوفير مصدر جديد لإنعاش الاقتصاد المصري، وعلى هذا النحو بدأ الأستاذ أحمد السرساوي ورشة العمل بكلمة افتتاحية رحب فيها بمؤسسة عالم واحد وأنها كعهدها دائما تثير القضايا الهامة والتي تشغل بال الرأي العام، كما رحب أيضاً بضيوف المنتدى وكذلك متحدثي ورشة العمل. وحول موضوع ورشة العمل وصفه بأنه موضوع الساعة ليس فقط على الجانب الاقتصادي و لكن على الجانب الأمني أيضاً، فعلى الرغم من إقرار مجلس الشورى لقانون الصكوك وأنه أصبح قيد التنفيذ وفي انتظار موافقة مؤسسة الرئاسة عليه، إلا أن ذلك لا يمنع أن نلقي الضوء على الجوانب المختلفة للقانون خاصة الجانب التطبيقي منه خاصة وأن المشهد في غاية الغموض حيث ينقسم الخبراء والمحللون في هذا الشأن إلى معسكرين؛ المعسكر الأول يرى أن قانون الصكوك والفكرة نفسها فيها الخير الكبير وهي وسيلة تمويل لضخ الأموال التي تعجز الموازنة العامة عن توفيرها، أما المعسكر الثاني فيرى في فكرة الصكوك الشر الكبير الذي من شأنه أن يعيد نظام الخصخصة وسيكون له تأثير أيضاً على الأمن القومي المصري.
ومن هذا المنطلق ووفقاً للانقسامات التي أصبحت سمة أساسية لكثير من الأحداث سواء على الساحة السياسية أو التشريعية، فإن مثل هذا القانون سيزيد من حالة الاستقطاب والتجاذبات بغض النظر عما إذا كنا متفقين أو معارضين لهذه الفكرة ولكن في النهاية لابد أن نضع جميعاً مصلحة مصر في المقدمة وفي هذا ألمح سرساوي أننا على شفا نفاذ الاحتياطي النقدي، وكذلك عرض الموازنة العامة لهذا العام مما يعنى أننا مقبلون على وضع اقتصادي سيء بدرجة كبيرة وعلينا أن نضع
الحلول للخروج من هذا الوضع، ومن ناحية أخرى طرح سرساوي نموذج لتجربة ماليزيا حيث تعد هي النموذج الأكثر نجاحاً في تطبيق فكرة الصكوك الإسلامية، وحققت في هذا الإطار نجاحًا مبهرًا لدرجة أنها تحولت دولة من دول العالم الأول بسبب تطبيق نظام الصكوك وأثار في ذلك أيضاً أنه علينا أن نعلم ان ماليزيا كادت أن تدخل في حرب أهلية في نهاية السبعينيات بسبب الاختلافات العرقية والأثنية التي كانت موجودة بها حتى تولاها مهاتير محمد آنذاك، بينما كانت مصر في نفس هذه الفترة محققة أكبر انتصار عسكري لها في أكتوبر 1973 وكان لها سيادة دولية وإقليمية، ولكن من يرى الدولتين الآن يعرف الفرق الكبير في التطور والنهضة وتحقيق النجاح فهذه من المفارقات التي لا يمكن أن نغفلها أو نتجاوزها. وفي نهاية كلمة السرساوي أكد أن فكرة الصكوك حققت نجاحًا كبيرًا في كثير من الدول التي طبقت فيها ولكنها ليست بالضرورة ستكون ناجحة عند تطبيقها في مصر خاصة مع اختلاف البيئة التشريعية والسياسية والاقتصادية التي تختلف في مصر عن أي دولة أخرى خاصة وأن الفكرة نفسها تطرح العديد من التخوفات التي سيتم مناقشتها مع متحدثي ورشة العمل، وانتقلت الكلمة للواء محمود متولي.
وعن فكرة الأمن القومي بدأ اللواء محمود متولي كلمته ذاكراً أن ثورة 25 يناير 2011 ثورة عظيمة من حيث تفجرها وما أنجزته إلى الآن حيث أنها حققت أكبر مكسب ربما لم يتطرق له الكثير وهو تخلص الشعب من الخوف، فقد أصبح يجاهر برأيه وأن ذلك كان أحد المتطلبات الأساسية للثورة، اما المكسب الثاني هو إثبات ما لا يدع مجالاً للشك للحكام القادمين أن الشعب لن يسكت على ظلم أو فساد أو سوء استغلال السلطة ومن ثم سيعمل الحكام على إقامة الحكم الرشيد. معرفاً في ذلك الأمن القومي بأنه (الإجراءات التي تقوم بها الدولة لحمايتها من التهديدات والتحديات الداخلية والخارجية في جميع المجالات) وفي السياق ذاته ذكر أنه من الطبيعي أن يتأثر الأمن القومي المصري سلبياً والاقتصاد المصري يمر بأزمة تحتاج إلى حسن إدارتها والخروج منها في أسرع وقت ممكن، وهذه الأزمة نابعة من الانفلات العام سواء كان ( أمنى وإعلامي واقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي )، وأن جزءا من هذا الانفلات كان مبررا حيث كان ينصب على مطالب مشروعة بالحصول على الحقوق العادلة، بينما كان هناك جزءاً أخر غير مبرر وأضراره جسيمة ويتمثل هذا الجزء في فئات كثيرة على رأسها أصحاب المصالح والذين يرون في اختفاء الشرطة وضعف الإنتاج القومي وتعطيل عجلته، مصلحة لهم، وفي حديثه وصف متولي هذا بأنه عبث بالأمن القومي المصري. أوضح متولي ان هناك معادلة ثلاثية لتحقيق الأمن القومي المصري هذه المعادلة تتمثل في ضرورة توافر (الاحتياجات الأساسية للأفراد، و امتلاكهم لحرياتهم الكاملة، تحقيق الاستقرار)، ففقدان عنصر من عناصر هذه المعادلة يخل بالأمن القومي المصري، مع الأخذ في الاعتبار أن ضعف الأمن القومي لدى دولة معينة يعني قوة الأمن القومي لدول أخرى وألمح في هذا إلى العدو المترقب لمصر دائما وهي إسرائيل. حيث يتعين علينا لعمل التوازن اللازم وتحقيق كامل الأمن القومي الداخلي والخارجي وضرورة قياس حجم التهديديات التي تتعرض لها الدولة في الداخل والخارج، ومن أهم العوامل التي تؤثر على الأمن القومي هو الاستقرار الاقتصادي أو فيما يسمى ( تحقيق الرفاهة والاستقرار)، ومن هنا تأتي العلاقة بين إقرار قانون الصكوك واحتمالية تحقيق إما الاستقرار أو تهديد الأمن القومي، فكلاهما احتمالان يتوقفا على تطبيق القانون نفسه، حيث قد يتيح القانون إما مزيدا من الأموال، وبالتالي تحقيق الرخاء الاقتصادي، أو على الجانب الأخر قد يسمح القانون مثلاً بتملك جنسيات لا نعرف أصولها لسندات شركات أو استثمارات مصرية.
ثم أكد على ضرورة الأخذ في الاعتبار تحذير الخبراء الاقتصاديين من استمرار العبث السياسي بالشارع المصري، وإعلاء مصلحة اقتصاد مصر وتغليب الاقتصاد على السياسة وليس العكس، لأن استمرار الحال على ما هو عليه تدمير للاقتصاد ونزيف لموارده التي تتناقص يوماً بعد الآخر مما سيصل بها إلى عدم كفايتها لحاجات المواطنين ويؤكد ذلك القرارات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة بزيادة الضرائب والأسعار لبعض السلع التي قيل أنها (50) سلعة وتأجيل العمل بها، ونحن لدينا مؤشرات خطيرة من معدلات البطالة وعجز الموازنة العامة، مشيرا إلى أن هذه المؤشرات تعد قنبلة موقوتة لابد من احتوائها قبل الانفجار، وفي نهاية الكلمة نوه متولي أن طرح فكرة الصكوك في هذا التوقيت لجذب مزيد من الاستثمارات يحتاج لضوابط كثيرة لضبط العملية بأكملها.
عقب السرساوي على كلمة اللواء محمود متولي بان هناك علاقة اشتباك كبيرة بين الأمن القومي المصري وبين الاقتصاد وسياساته ولابد من تحقيق التوازن الاقتصادي والسياسي من أجل استقرار الأمن القومي ويكون ذلك من خلال ضوابط محددة.
انتقلت الكلمة الدكتور حمدي عبد العظيم وفيها تناول الحديث من ناحية اقتصادية حيث وصف فكرة الصكوك الإسلامية بأنها فكرة موجودة ومطبقة لدى العديد دول العالم المتقدم حيث وجدت هذه الدول في تطبيق فكرة الصكوك انها تخدم مصالحها الاقتصادية وتزيد من حجم الاستثمارات فيها على الرغم من أن كثير منها غير إسلامية ولكنها هدفت باستخدام نظام الصكوك أن تجذب بذلك الاستثمارات التي تتنوع بين المضاربة أو المرابحة حيث يرغب أصحابها في التخلص من فكرة أنها غير شرعية فيستخدمون نظام الصكوك فقط لأنه يحقق لهم المصالح الاقتصادية التي من شانها أن تسهم في تقدم تجارتهم ومشروعاتهم الاستثمارية المختلفة.
ثم أشار في كلمته إلى تجربة ماليزيا في تطبيق الصكوك الاسلامية مؤكدا على أن ماليزيا تمتلك 63% من إجمالي الصكوك في دول العالم وأن باقي نسبة الصكوك موزعة بالتباين بين دول العالم وكثير من هذه الدول غير إسلامية.
ومن وجهة نظره يرى أن الصكوك تعني وجود مستثمرين يشاركون في تمويل بعض المشروعات وأن هؤلاء المستثمرون لا يتدخلون في سير العملية الإدارية ولكن سياسات المشروع نفسه مما لا يقلقنا بشأن وجود جنسيات مختلفة تمتلك مثل هذه الصكوك للاستثمار في مصر، فما يجعل هذه الفكرة ناجحة في كثير من الدول إسباغ صبغة الشريعة الإسلامية عليها لأن فكرتها تقوم على الأرباح المتغيرة، ومن المفترض أنها لن تتعامل بالفوائد التي يطلق عليها" الرباوية" مما قد يجعل الكثيرون يقبلون على مثل هذه الأشكال من الاستثمارات.
ومن زاوية أخرى عاب عبد العظيم على القانون أنه لم يفرق بين الملكية العامة والخاصة، ذلك لأن الملكية الخاصة المملوكة للدولة هي بالأساس ملكية عامة مثل البنك المركزي المصري على سبيل المثال، فمثل هذه الثغرات والسقطات قد تؤدي إلى البيع أو الرهن أو الخصخصة لهذه الملكيات، وفي السياق ذاته تحدث أيضاً عن قناة السويس وملكيتها. وألمح أيضاً لضرورة إطلاع الشعب على كافة البيانات الخاصة بملكية هذه الصكوك ويكون ذلك من خلال تقارير متابعة دورية وليس في نهاية السنة المالية، كذلك تُعلن مصادر الإنفاق والاستثمار لهذه الصكوك مشيراً في ذلك لبعض التصريحات التي خرجت من وزارة المالية تقول "إنهم سيستخدمون الصكوك لاستيراد 9 مليون طن قمح، ورصد جزء منها لتوفير صوامع لتخزين القمح". كما تطرق أيضاً عبد العظيم لفكرة عرض القانون على هيئة كبار علماء الأزهر موضحاً أنه كان من الأفضل أن يتم عرضه على هيئة علماء الأزهر قبل تمريره مباشرة لرئيس الجمهورية، لأن ذلك قد يتسبب في جدل قانوني مثله مثل غيره من القوانين التي تأخذ مسارها الصحيح وحدث بشأنها جدل واسع، مع الأخذ في الاعتبار بأن رأي هذه الهيئة هو رأي استشاري ولكنه سيضفي مزيدا من الشرعية على القانون، وفي نهاية كلمته أكد عبد العظيم على أن الضوابط المحكمة هي الفيصل في تطبيق القانون وألا يكون بذلك زريعة لإدخال جنسيات لا نعلم عنها شيئا أو اتجاه جديد لخصخصة مجموعة من الشركات حتى لا نكرر بذلك أخطاء الخصخصة التي عانى منها الشعب في السنوات الماضية.
انتقلت الكلمة للدكتور صلاح جودة والذي بدأ باستعراض الخلفية التي ظهر على إثرها قانون الصكوك ذاكراً أن الحديث عن فكرة الصكوك جاءت من بداية الحملة الانتخابية لحزب الحرية والعدالة التي بدأت في 2011 وحتى تاريخ فوز الدكتور محمد مرسي في 30 يونيو 2012 حيث كان هناك تركيز في الحديث أن بعد فوز الرئيس ممد مرسي ستقوم جميع الدول العربية بجلب استثماراتها لمصر وتحدثوا عن وجود 200 مليار دولار وهي حجم المكاسب المنتظرة من استخدام الصكوك واصفاً ذلك بأنه نوع من التلاعب بعقول الشعب المصري لأن هذه الأرقام لم تتحقق على مستوى عالمي فكيف ستتحقق نتيجة استخدام الصكوك في مصر، وأكمل جودة سرده ونقده لجوانب القانون المختلفة مقارنا ً كذلك بين وضع مصر وماليزيا وتجربة كل منهم لتحقيق التقدم والاستقرار الاقتصادي.
وعن تجربة ماليزيا أوضح جودة أن مهاتير محمد تولى حكم ماليزيا في بداية الثمانينيات وهو نفس الوقت تقريبا الذي تولى فيه الرئيس المخلوع "مبارك" حكم مصر بل كان الفارق بينهما تقريباً ثلاثة أشهر، فماليزيا كانت وقتها عبارة عن جزر متفرقة وبينها خلافات وكان اقتصادها في تراجع شديد، واستطاع مهاتير محمد في الفترة من 1981 إلى 1994 أن يحقق نهضة ماليزيا الكبرى، وعلى الجانب الأخر نجد أن مصر كان بها الخير الكثير وكانت تحتل مراكز أولى في العديد من الصناعات والتبادل التجاري ولكن أوضاعها الاقتصادية تدهورت شيئاً فشيئاً حتى وصلنا لما نحن عليه الآن.
وعن المراحل التي مر بها قانون الصكوك أوضح جودة أنه مر بثلاث مراحل أولها المشروع الذي قدمه "أشرف الشرقاوي" رئيس هيئة الرقابة المالية وهي الجهة المنوط بها تنفيذ القانون فبعد أن قدموا مشروعاً لقانون الصكوك لم يسمع أحد عنه بعد ذلك، ثم صدر مشروع أخر ولكن لم يسمع أحد عنه أيضاً، حتى ظهر مشروع القانون الخاص بالدكتور محمد عبد المجيد الفقي رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى وشكر الجميع في هذا القانون حتى تم إقراره، واصفًا إياه بأنه مثل "السكين" قد نستخدمه في تقطيع "كعكة" على سبيل المثال وقد نستخدمه في قتل أنفسنا أو بعضنا البعض، فهو سلاح ذو حدين.
كما طرح جودة أيضاً أهمية الأخذ في الاعتبار تجاربنا السابقة في شركات توظيف الأموال وكذلك في تطبيق الخصخصة، فلم تكن العرقلة في الفكرة نفسها ولكن التعقيد جاء في ثنايا تطبيق هذه القوانين، مضيفاً أن الانحراف يكون في تطبيق القانون وأنه ليس مع أو ضد فكرة الصكوك الإسلامية ولكن له تحفظات وتخوفات واجبة أن نلتفت لها حتى لا نكرر نفس الأخطاء، وهنا طرح سؤالاً، هل سيعيد قانون الصكوك نفس تجربة شركات توظيف الأموال و شركات الخصخصة أم أنه نظام جديد سيجلب لنا مزيداً من الاستثمارات؟، كذلك تساءل إذا كان لدينا الوقت الكافي لعمل الدراسات والأبحاث وطرح السيناريوهات المختلفة فلماذا العجلة بشان إصدار القانون؟، هل لأن الاستثمارات تقف تتنظر إصدار هذا القانون لتندفع و ينتعش اقتصادنا المصري أم أن هناك أصحاب مصالح من وراء الاستعجال في اقرار؟، ولماذا لم يتم عرض القانون على هيئة كبار علماء الأزهر؟.
وفي السياق ذاته أوضح جودة بأنه لا يوجد ما يسمى بالصكوك الإسلامية لأنها عبارة عن ورقة على حد قوله تقع بين السهم والسند، هذه الورقة تحدد من له حقوق ومن عليه التزامات وتحدد نسبة من الأرباح عند النجاح أو المشاركة كذلك في الخسارة، وألمح هنا أيضاً أن هذه الفكرة ليست جديدة وأنه منذ جاء البارون وقرر إنشاء مدينة هيليوبلس، استعان بفكرة الصكوك.
وبشأن الضوابط الخاصة بقانون الصكوك أفاد جودة بأنه هناك ضرورة لوجود قواعد للعبة على حد قوله، بمعنى أن القانون الجنائي المنظم للصكوك ليس واضحا بشكل كافي، أي أنه لا توجد عقوبات رادعة وحتى الغرامات تكون بحد أدنى 50 ألف جنيه وبحد أقصى مليون جنية أو الحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات، وعن هذه المادة وصفها بأنها مادة استثنائية أي أنه في حالة هلاك الشركة أو تعثر أصحابها عن رد عوائد الصكوك من السهل جداً أن يتحمل الغرامة وكلمة "أو" الموجودة في القانون والخاصة بالحبس وصفها كأن من وضعها يعلم انه في نيته الهروب من التزاماته بالدرجة الأولى لأنه عند عقوبة الحبس إن تم القبض على المقصود فسيعود بعد ذلك ويطالب الحكومة بالتصالح، وفقاً للقانون مما سيأخذ وقتاً كبيراً، كذلك من أهم التخوفات التي أشار لها جودة ما يسمى "بالهيئة الشرعية المركزية لإصدارات الصكوك" والتي لم تحدد جنسيات أعضاء هذه اللجنة حيث تنص المادة" على أن يكون أعضاء هذه اللجنة أغلبهم من المصريين..." متعجباً من طبيعة هذه المادة، وأنهى جودة كلمته بعرض هذه التخوفات وأنه كان من الضروري وضع ضوابط أكثر فعالية مما جاء به القانون.
ثم عقب الأستاذ أحمد سرساوي بأن ذلك كان عرضاً تاريخيا لما فيه من المقاربات واستعراض تجارب الدول الأخرى ومزايا استخدام نظام الصكوك، وكذلك عيوبه مشيراً لضرورة دراسة التخوفات التي طرحها جودة في مناقشته والتي ألمح بها للوجه الأخر للقانون، وكيف يمكن تفادي فشل تجارب شركات توظيف الأموال والخصخصة السابق ذكرها. وبشأن ما طرحه جودة عقب أيضاً الدكتور حمدي عبد العظيم بأن الصكوك بها جانب إيجابي لابد من دراسته ودار بينهما جدلاً بشان ما إذا كان القانون له منافع أم عليه ملاحظات، وقد أعاد عبد العظيم سرد مزايا إمكانية تطبيق الصكوك وأنها قد تكون سبباً في إنفراجة اقتصادية وأن القانون فقط يحتاج لمزيد من الضوابط، وعلى العكس أصر جودة على تخوفاته وتحفظاته على القانون خاصة فيما يتصل بالاستعجال بإقراره، ثم انتقلت الكلمة للأستاذ أيمن هيبة .
أما في كلمة الأستاذ أيمن هيبة اتخذت المناقشة منحى جديداً حيث الحديث من داخل المطبخ التشريعي وكيف مر القانون وتم إقراره خلال جلسات مجلس الشورى. وفي بداية كلمته أوضح أن القانون يختلف بشكل كبير عن الصكوك باعتبارها أداة تمويلية معترف بها ولا يختلف بشأنها أحد وهي مستخدمة في كثير من الدول ولها قوانينها وتشريعاتها التي تنظمها، وما نتحدث بصدده هو القانون الأخير الذي صدر من مجلس الشورى وأنه كان له ملاحظة أيضا حول الاستعجال لإقرار القانون حيث أنه ليس من مصلحة أحد أن تصدر القوانين على عجلة من أمرها مثله كمثل مشروع قانون الجمعيات الأهلية متعجباً التعجل في إقراره رغم أنه يتعلق بقطاع كبير، وأن مثل هذا القانون يحتاج لجلسات مطولة من الحوار بين المجلس ومسؤولي الجمعيات والذين هم الفئة المستهدفة الأساسية من القانون، كذلك النشطاء وغيرهم من ذوي الشأن وفي هذا مثلاً بسيط لعدم تبرير العجلة في إقرار عدد من القوانين، وعلى هذا النحو ألمح هيبة أن مجلس الشورى لا غبار عليه فيما يصدره من تشريعات فما يصدره من تشريعات اتفقنا أو اختلفنا عليها هي تكون أفضل من يقرها فرد واحد قاصدا بذلك رئيس الدولة، مكملاً أن مجلس الشورى هو مجلس منتخب وله شرعيته، وكان ذلك رداً على بعض التعقيبات من الحضور والتي أشارت إلى أنه من الأفضل أن ينتظر مجلس الشورى انتخاب مجلس شعب جديد ليكون هو المنوط بشكل رئيسي بالتشريع. وفي الوقت ذاته أبدى تحفظه على الاستعجال في إقرار القانون لأن هذا قد يوقعنا في جدل كما حدث في قانون مباشرة الحقوق السياسية والمدنية والخلاف القانوني الدائر حوله في الآونة الأخيرة.
كذلك تناول هيبة سلبيات القانون من وجهة نظره بشأن عرضه على هيئة كبار علماء الأزهر الشريف مشيراً إلى أن مصر دولة مدنية ولا يجب تدخل الجهات الدينية في إقرار القوانين أو الموافقة عليها، مع اعتزازه بهيئة كبار علماء الأزهر الشريف، مؤكدا أنه لم يسبق أن عرض مجلس تشريعي قوانينه على الهيئات الدينية أو الفقهية حتى لا نكرس بذلك لحدث يكون الأول من نوعه، ومن ناحية أخرى حول التحفظات بشأن هذا القانون فكرة الفصل بين الملكية العامة مثل الأهرامات والنيل، والملكية الخاصة مثل الشركات والمشروعات فكلاهما ملكية تخضع للدولة، فكان لابد من استصدار قانون موازٍ يعرف الملكية العامة والملكية الخاصة، كذلك فيما يخص الإعفاءات الضريبية و تخفيف الجزاءات كانت تحتاج مزيدا من الضوابط والتعديل، مشيراً في ذلك أنه في ملكية الشركات العامة في كثير من الدول لا يمتلك أي شخص أو هيئة اعتبارية أكثر من 5% من إجمالي أسهم الشركة وذلك حتى لا يتم الجور على الملكية العامة للأشخاص.
وعن ما أبداه من تحفظات بشأن هذا القانون أوضح أنه كان هناك الكثير داخل مجلس الشورى لديهم الكثير من التحفظات ولكن العبرة في النهاية بالتصويت على القانون وهنا نوه هيبة أن حزب الحرية والعدالة له الأغلبية من الكتلة التصويتية داخل مجلس الشورى وبالتالي من الطبيعي رغم كل التحفظات ان يتم إقرار القانون بالأغلبية التصويتية، وفي السياق ذاته أضاف أن أعضاء حزب الحرية والعدالة وإن اختلفوا حول موضوع ما ولكنهم في النهاية يسيروا بمبدأ السمع والطاعة أي ما يريده الحزب يكون هو رأى جميعهم في النهاية، وختماً لكلمته أبدى هيبة أنه علينا النظر في تطبيق القانون نفسه وأن تعي ذلك الإدارة السياسية الحالية.
وعن المداخلات في ورشة العمل:
عقب الأستاذ محمد منصور باحث قانوني بشأن الاستثمارات، مشيرا إلى أن نسبة الاستثمارات الأجنبية في ماليزيا لا تتجاوز نسبة ال25 % من إجمالي الدخل القومي العام للدولة ومن هنا ليست فكرة الصكوك هي الحل الأمثل للمشكلات الاقتصادية وأنها قد تكون تكريس لفكرة التبعية للخارج أو لجنسيات ومستثمرين لا نعرف عن هويتهم شيئاً فسيكون الاقتصاد قابل للتلاعب به من قبل أفراد هم ليسوا مصريين، مما قد يشكل تهديداً للأمن القومي المصري.
وقد عقب الدكتور حمدي عبد العظيم موضحا أن مسألة التخوف من التبعية تتوقف على قوة إدارة الدولة وحكومتها ولكن لضمان عدم فرض التوقعات والاحتمالات منها ما هو سيء ومنها ما هو جيد فعلينا أن نضع الضوابط الملزمة، مشيراً إلى أن بعض هذه الضوابط موجودة بالفعل في الدستور حيث يسمح الدستور بتأميم الشركات أو مصادرتها، وأن فكرة الصكوك لا يتبعها حق في الإدارة أو التدخل في السياسات الخاصة بالشركة إنما هي فقط اتفاق بين طرفين سواء على المكسب أو الخسارة ولها فائدة متغيرة وهذا أهم ما يميزها.
وعن تعليق أخر من الدكتور شريف نصر طبيب بشري بأن فكرة الصكوك قد تكون فكرة جيدة ولكنها أيضاً قد تكون إيعاز من الشيطان فتفتح علينا أبواب عدة تزيد من الأعباء المالية على كاهل الاقتصاد المصري، أو تدخل جنسيات متعددة لا نعرف مدى جدواهم وهذا كأحداث في تملك الأراض في سيناء للأجانب عن طريق ملاك الأرض الأصليين، وتطرق بالحديث لقناة السويس فكيف يدخل في ملكيتها على سبيل المثال جنسيات أخرى أو نضطر في يوم ما أن نخصصها.
كذلك تساءل الأستاذ ياسر دهمش باحث برلماني حول جدوى الإعفاءات الضريبية وفقاً لقانون الصكوك الجديد، كذلك تعجب أيضاً من فكرة التعجل في خروج القانون بهذا الشكل الذي يفتقد لكثير من الجوانب والضوابط المطلوبة.
وسأل الأستاذ عمرو مغيث باحث بمؤسسة عالم واحد عن أسباب عدم ضغط الأحزاب أو القوى السياسية الرافضة للقانون داخل مجلس الشورى لتعطيله أو حتى لتقنينيه بشكل أفضل مما هو عليه.
وعن هذه المداخلات عقب الدكتور صلاح جودة بأن هناك عدد من الأحداث التي يصعب قراءتها في ظل المشهد الحالي والأكثر هي القوانين المتعلقة بأمور حيوية والتي من شانها أن تحسن من حال الدولة أن تودى بها لمصير غير معروف معقباً في النهاية أن القوانين لا تكتب بالنوايا الحسنة ولكن توضع وفقاً للمعايير والضوابط القانونية المطلوبة.
وعقب أيضاً الأستاذ أيمن هيبة بأن التشريع داخل مجلس الشورى هو حق له في هذه المرحلة وأن ذلك أفضل من ان يستأثر شخص واحد بسير العملية التشريعية، كما أن القوى السياسية التي كان لها ملاحظات حول القانون سجلت ملاحظاتها ولكن العبرة في النهاية بتصويت الأغلبية داخل المجلس.
توصيات ورشة العمل
ضرورة وضع الضوابط الملزمة لمن يحصل على الصكوك بالكشف عن هويتهم وتحديد الإطار الإداري والقانوني والشكل العام الذي سيعمل من خلاله أصحاب هذه الصكوك لتفادي تكرار تجربة شركات توظيف الأموال والخصخصة.
توضيح تشكيل الهيئة الشرعية المركزية لإصدارات الصكوك وعدم استخدام الألفاظ والكلمات المطاطة مثل (يكون أغلبهم من المصريين..) حيث تفتح مثل هذه الصياغات الكثير من التأويلات وبما قد يعود بالضرر على الصالح المصري العام.
ضرورة عودة الأمن في الشارع المصري لتحقيق الاستقرار لجذب مزيد من الاستثمارات فبدون الأمن لن يقبل المستثمرون على الاستثمار في مصر.
عمل مزيد من الدراسات والأبحاث حول تطبيق الصكوك في مصر وهل ستكون فكرة مجدية أم أنها بدعة لن تضيف الجديد بل ربما تزيد من الأعباء الاقتصادية للدولة.
تغليظ العقوبات الجنائية فيما يتعلق بحالة العجز عن أداء الالتزامات الخاصة بأصحاب الصكوك أو في حال تهربهم منها.
تحقيق الاستقرار السياسي عن طريق عرض القانون لحوار المجتمعي حتى لا يتم إصداره بالمخالفة لأحكام الدستور.
ترشيد الإنفاق الحكومي بما قد يوفر قدراً من الإنفاق العام والذي من شأنه الإسهام في حل المشكلة الاقتصادية الحالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.