اهتم عدد من كتاب الصحف الصادرة اليوم بالشأن الداخلى ، والتطورات على الساحة واستمرار المظاهرات الاحتجاجية على الأداء الحكومى ، والاعتداءات التى تتعرض لها مقار العديد من الأحزاب المؤيدة أو المعارضة للسلطة. ففي عموده "مرور الكرام بصحيفة "الشروق" قال الكاتب وائل قنديل " إن بعض رموز المعارضة تتحدث عن سقوط الشرعية السياسية للرئيس ونظامه هذا حقهم فى أن يروا ما يرونه ، لكن هل يواجه هؤلاء أنفسهم ويدركون أنهم أيضا فقدوا الشرعية الثورية والأخلاقية حين احتضنوا الثورة المضادة وأدخولها فى جوف الليل إلى غرف الغضب ؟". وأضاف الكاتب تحت عنوان "هكذا ابتذلت الثورة" إن الأصوات بحت منذ وقت مبكر فى التحذير من ابتذال الثورة والقاء المعارضة على شواطىء الإسفاف . وتابع قائلا " إن مصر دخلت حربا لا أخلاقية بعد أن هيمنت نوازع الإقصاء وتحكمت غرائز الإزاحة والرغبة فى إفناء الآخر الذى كان شريكا ثم تحول إلى عدو فرخصت الدماء وهانت الأرواح وصار القتل على الهوية عملا عاديا لا يزعج ضمير أحد من أمراء الطوائف المتحاربين". وقال: "إن الثورة المصرية دخلت عصر الإسفاف التام الذى بدأ بتعبئة ائتلافات ثورية مزيفة وامتد لنجد أحزاب مبارك وصفوف الشريف تطل علينا الآن فى عبوات جديدة وانيقة فى أسمائها ليتحول الاستقلال من قيمة نضالية إلى علامة تجارية وتستخدم الحركة الوطنية عنوانا لمعسكر الانتقام من ثورة الوطنية الخالصة كما تجلت فى 25 يناير 2011 ". ونبه من اختلاط ما وصفه ب الخطاب السياسى الجاد بالمونولوج الاعلامى الغارق فى تهتكه واهترائه، وقال: " لقد صار العداء للمقاومة الفلسطينية وحماس مساويا وربما مقدما على العداء للعدو الإسرائيلي، وتعطلت لغة الكلام وطفحت أبجدية المولوتوف وسقطت الثورة فى جب البلطجة". وتساءل الكاتب مكرم محمد أحمد، في عموده (نقطة نور) بصحيفة الأهرام، عما يمكن ان تكسبه مصر من هذا الاقتتال شبه اليومي الذي يدور أمام مقر جماعة الاخوان المسلمين في المقطم بين شباب مصري ينتمي إلي بعض التنظيمات الحزبية والمدنية يدخل جميعها في إطار المعارضة، وشباب مصري من نفس الجيل ينتمي الي جماعة الاخوان المسلمين يقف مدافعا عن مقر جماعته، يتقاذفون جميعا بالحجارة والخرطوش، ويدمون بعضهم بعضا في معارك ضارية، تحركها أخطاء الكبار الذين فشلوا في أن يصيغوا من خلافاتهم موقفا سياسيا ناضجا. كما تساءل في مقاله بعنوان "لماذا الصعود إلى المقطم؟" ، "ما الذى ينتظره الكبار من استمرار هذه المشاهد البائسة التي تغلق طريق الديمقراطية وتسد فرص الحوار، سوى ضياع وطن ينحدر على طريق الهاوية بعد أن سقطت كل دفاعاته وموانعه، وفقدان دولة تتفكك كل مؤسساتها بفعل فاعل جسور، وشيوع الفوضى في كل أرجاء البلاد تحرق وتخرب وتدمر، وانتشار دعاة الفتنة يحرضون الناس في المحافظات على أن يأخذوا القانون بأيديهم، يسحلون ويقتلون ويعلقون علي أعمدة النور جثث كل من يهدد أمنهم، بعد أن تحولت البلاد الي غابة غاب عنها حكم القانون". ثم تساءل عما يمكن أن يبقى من هذا البلد الممزق للحكم كي يستمر في الحكم، وللمعارضة كي تستمر في المعارضة. وحذر من أنه إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه الآن، فلا شيئ سوى أن يتسع الخراب وتزداد مساحة الصراع الداخلي، وتتفتح الأبواب علي مصاريعها لكل صور التدخل الخارجي، أو تنطلق غيلان الجهل والتعصب في شوارع المدن تحيل مصر الى أرض خراب كما حدث في سوريا. وقال: "من الذي يستطيع ان يعفي نفسه من مسئولية ما يحدث بعد أن ثبت أن الجميع شركاء في جريمة اغتيال وطن في وضح النهار، إما بالصمت او التواطؤ او الفعل المكشوف". وأعرب عن اعتقاده أن الحكم لا يستطيع أن يخلي نفسه من المسئولية بدعوى أن هناك من يتآمر، لأن الحكم أصم أذنيه عن كل دعاوى الاصلاح، ولان أخطاءه زادت من مساحة عدم الرضا بين الناس، وكذلك لا تستطيع المعارضة أن تخلي مسئوليتها بدعوى أنها لم تشارك لأن المعارضة لا ينبغي أن تنتظر دعوة للمشاركة، ومن واجبها أن ترفع كل العقبات من الطريق متي لاحت فرصة الحوار. وانتهى الكاتب إلى القول: "إنه إذا لم يراجع الطرفان، الحكم والمعارضة مواقفهما فسوف يحصد الاثنان فشلا ذريعا يتحملان مسئوليته أمام الله والتاريخ". وفي عموده "بدون تردد" بصحيفة "الأخبار"، قال الكاتب محمد بركات " إننا في حاجة إلى إعادة التذكير ببديهيات وإعادة التأكيد على مسلمات لعلها تؤدي إلى عودة الوعي المفقود وإعادة الإدراك الغائب" . وأضاف " إننا جميعا ننتمي لهذا الوطن ، فكلنا مصريون أولا وأخيرا"، لافتا إلى أن هذا الانتماء للمواطنة المصرية يجب أي انتماء آخر ويعلو على أي هوية أخرى ويسبقها سواء كانت هوية سياسية أو حزبية أو فكرية أو غيرها . وتابع قائلا " إن كونك كمواطن مصري يعنى أنك تتمتع بكل الحقوق التي يتمتع بها أي مواطن آخر وأن عليك كل ما عليه من واجبات بغض النظر عن الاختلافات الطبيعية بين الأشخاص في اللون أو الجنس أو الفكر والعقيدة أوالمستوي الاجتماعي والثقافي وغير ذلك ". وأضاف " كلنا في هذا في كفة واحدة بلا زيادة أو نقصان وكلنا في ذلك متساوون لا فضل لأحد منا علي الآخر إلا بكفاءة العمل واحترام الآخر والالتزام بالقانون". وقال إننا في كل هذا سواء، دون فوارق بيننا علي الإطلاق ولا ميزة لمن هم ممسكون بمقاليد السلطة ومتربعون علي كراسي الحكم من كوادر الحرية والعدالة وأعضاء الجماعة والموالين لهم علي غيرهم ممن هم خارج السلطة أو في صفوف المعارضة أو ممن هم لا ينتمون لهذا أو ذاك .. وما أكثرهم . وتساءل عما إذا كانت هذه المسلمات وتلك البديهيات أصبحت غائبة عن وعي البعض من أبناء هذا الوطن ، معربا عن أسفه الشديد لأنها أصبحت غائمة وغير واضحة في أذهان البعض، وإلا ما كنا قد رأينا ما يجري حولنا من عنف متزايد وصدام متصاعد وعدوان متبادل بين أبناء الوطن الواحد .