في منعطف هام يشير إلى عدم تجانس المليشيات التي تقاتل ضد الجيش، وعدم انصياعها لأوامر السراج، بل خضوع رئيس المجلس الرئاسي لسلطتهم، أعلنت مليشيا الصمود أن "مبادرة السراج لا تساوي الحبر الذي كتبت به". وقال القيادي في المليشيا الإرهابية أحمد بن عمران إن المبادرة تعد "استجداء" من السراج للمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي. ومليشيا الصمود تقاتل إلى جوار القوات التابعة لحكومة الوفاق- ضد الجيش الوطني منذ انطلاقه عمليته العسكرية في 4 أبريل. ويقود تلك المليشيا الإرهابي صلاح بادي، وهو مصنف على قوائم الإرهاب الدولي وفرض مجلس الأمن الدولي عقوبات عليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خاصة بعد أعماله الإرهابية في تدمير مطار طرابلس الدولي خلال عام 2014. ومليشيا الصمود لم تكُ أولى حلفاء السراج في رفض مبادرته، حيث يتداول رفض قادة تابعين لحكومة الوفاق المبادرة مثل: علي اشتيوي، الملقب ب"السريعة" قائد محور اليرموك، ومحمد خليل عيسى بمحور الزطارنه، والمهتدي اغليو، محور وادي الربيع. السراج لا يملك من أمره شيئا تعليقا، يقول محمد العباني، عضو مجلس النواب الليبي، إن مليشيا الصمود وغيرها من الجماعات الإرهابية المسلحة امتشقت السلاح من أجل ممارسة الإرهاب وإشاعة الرعب والهلع بين المدنيين لغايات مسيسة وأهداف دنيئة لا علاقة لها بالسلم والأمن وإدارة الشأن العام والتنمية والنهوض بالبلاد. وأضاف العباني، أن "حرق المطار والطائرات وخزانات النفط والقصف العشوائي للمدنيين على يد تلك المليشيات هي خير دليل على أنهم جماعات غير صالحة سياسيا وليست صالحة لصنع السلام، وأن السياسة ليست ديدنهم". وأضاف العباني أن "لم أستغرب رفض بعض تلك المليشيات لمبادرة السراج الذي لم يعد هو نفسه شريكا صالحا في العملية التفاوضية التي تتطلب قيمًا لا يملك منها السراج ولا بادي شيئا، وعليهما إلقاء السلاح جانبا وتسليم نفسيهما للسلطة العامة". أخطاء السراج في ليبيا وأشار العباني إلى أن "السراج لا يملك من الأمر شيئا حتى يدخل في خلاف مع بادي. الأمر بيد السفاح باشاغا (وزير الداخلية في حكومة الوفاق)، والمصاريت (نسبة لمدينة مصراتة معقل الإخوان) لهم لغتهم الخاصة في التفاهم وتقاسم الغنائم، أما السراج فكان أولى به أن يأخذ عصاه ويرحل". ولفت العباني إلى أن الجيش الوطني الليبي لم يأتِ ليلعب على تخوم طرابلس، إنه مكلف من قبل شعبه ليضع قرار مجلس النواب رقم (07) لسنة 2014م، بحل كل التشكيلات المسلحة غير النظامية. السراج مورد مالي للحرب من جهة أخرى، أفاد جمال شلوف، الباحث السياسي الليبي رئيس منظمة سلفيوم للأبحاث في ليبيا، بأن الميلشيات التي تقاتل ضد الجيش الوطني في طرابلس لم تكن على وفاق مع السراج والميلشيات التي تسيطر على العاصمة"، موضحا أن "العداء للجيش الوطني هو فقط ما يجمع بينهم اليوم". وأشار شلوف إلى أن "تلك المليشيات يصفون دائما السراج ووزراءه بالضعفاء وغير القادرين على إدارة المعركة السياسية والدبلوماسية"، موضحا أن "السراج حاليا بالنسبة لهم مجرد مورد مالي للحرب التي يخوضونها ويجندون بالمال العام الليبي المرتزقة، لكنهم بالتأكيد لا يرونه قائدا ولا يتبعون تعليماته ولا أوامره". واختتم شلوف بالقول: "السراج منتهي لا محالة وكل الاحتمالات ستنتهي بإقصائه وانتصار الجيش، والسيطرة على طرابلس وهو أمر محسوم". السراج يلفظ أنفاسه الأخيرة في السياق، يقول محمد صالح اللافي، محلل سياسي وحقوقي ليبي، إن "السراج يهدف من مبادرته إعطاء فرصة أخيرة لهذه المليشيات الإرهابية، وأن مبادرته أظهرت أنه ما هو إلا وجه من وجوه جماعة الإخوان". وأفاد اللافي، ، بأن "السراج حاول من خلال مبادرته كسب حلفاء دوليين، لكن دول العالم أصبحت على يقين كامل أن المشكلة الحقيقية في ليبيا هي وجود السلاح خارج المؤسسات الأمنية والعسكرية التي تعمل وفق قوانين ولوائح وقرارات السلطة الشرعية في ليبيا". ولفت اللافي إلى "فشل السراج طوال الثلاث سنوات الماضية في إيجاد بديل للقضاء على ظاهرة المليشيات، بل وعجز عن فرض سلطته عليهم"، قائلا: "السراج يلفظ أنفاسه الأخيرة كطرف سياسي".