لم يقتصر تأثير الملك المصري محمد صلاح، نجم فريق ليفربول الإنجليزي، على أداء النادي الذي ينتمي إليه فقط، والذي فاز بدوري أبطال أوروبا "تشامبيونزليج" الأسبوع الماضي، بل كان له تأثيرا إيجابيا على المنطقة التي انتقل إليها في انجلترا بأكملها. وظهر تأثير صلاح واضح وبشدة على سكان مدينة ليفربول وتحديدًا مقاطعة "ميرسيسايد"، التي يتواجد بها النادي الأحمر، حيث إن وصول محمد صلاح إلى ميرسيسايد، أدى بشكل مباشر إلى الحد من جرائم الكراهية للمسلمين، وفقًا للدراسات والإحصائيات. وأظهرت دراسة أجرتها كل من جامعة "ستانفورد" الأمريكية، والمعهد السويسري للتكنولوجيا لصالح مختبر سياسة الهجرة، أن وجود لاعب كرة القدم المصري محمد صلاح في صفوف فريق نادي ليفربول الانجليزي لكرة القدم كان له أثرا واضحا على موقف مشجعي النادي وأبناء ليفربول من الإسلام والمسلمين. وجاء في الدراسة، التي حملت عنوان "هل يمكن أن يؤدي التعرض إلى المشاهير إلى تقليل التحيز؟ تأثير محمد صلاح على السلوكيات والمواقف المعادية للإسلام"، أن وجود مشاهير ناجحين من أبناء الفئات والأقليات المهمشة التي تتعرض للتمييز، يساهم إلى حد كبير في الحد من النظرة السلبية لهذه الفئات والتحيز ضدها. وأوضحت الدراسة، أن محمد صلاح الذي لا يخفي إسلامه ولطالما سجد في الملعب بعد تسجيله أهدافًا خلال مباريات الفريق، كان له أثرا إيجابيا على مشجعي النادي الإنجليزي، حيث أظهرت بيانات شرطة ليفربول تراجع جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 18.9 % بعد انضمام صلاح إلى الفريق، كما تراجعت تدوينات مشجعي الفريق المعادية للإسلام بأكثر من 50% مقارنة بتدوينات مشجعي فرق مقدمة البريميرليج. واعتمدت الدراسة، على تحليل نحو 936 من جرائم الكراهية على مستوى بريطانيا، ونحو 15 مليون تغريدة لمشجعي كرة القدم في المملكة المتحدة، وتجربة استطلاعية مع أكثر من 8 آلاف من محبي ليفربول منذ انضمام صلاح إلى الريدز قبل عامين. ويشار إلى أن عددًا من أناشيد مشجعي ليفربول تتمحور حول محمد صلاح والإسلام وتشير لهما بشكل إيجابي، وذلك منذ انضمامه إلى النادي وتصدره لقائمة هدافي الدوري الإنجليزي للموسم الحالي. وتؤكد تلك الدراسة، زيادة المعرفة بالإسلام في انجلترا عن طريق محمد صلاح، حيث إن التعرض الإيجابي لنماذج مثل محمد يمكن أن تكشف عن معلومات جديدة تضفى طابعًا إنسانيًا في الخارج، وتكشف عن صورة الإسلام الصحيحة لمحو الأفكار المغلوطة التي يتخذها الغرب عن المسلمين. وبعد نشر تلك الدراسة، عرضت قناة "العربية" تقريرًا تحت عنوان "محمد صلاح يحسّن صورة المسلمين لدى المشجعين الإنجليز"، مشيرة إلى قدرات الفرعون المصري في تقديم صورة إيجابية عن الإسلام في بريطانيا. وأكدت القناة السعودية أن نجومية محمد صلاح واعتداله الديني يؤهلانه للتقليل من ظاهرة الإسلاموفوبيا، كاشفة زيادة المؤمنين بتماشى الدين الإسلامى مع القيم البريطانية بنسبة 5% . كما ألقت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الضوء أكثر من مرة على اللاعبين المسلمين الأكثر شهرة في بطولة الدوري الإنجليزي "البريميرليج"، وكان على رأسهم محمد صلاح. وقالت الصحيفة البريطانية، إن حب المشجعين للملك المصري يظهر مدى تغيير الرياضة في انجلترا، بعد فترة طويلة من العصبية والعنصرية ضد اللون والعرق والدين، حيث إنه لم يعد الإسلام يُمثل هاجسًا بين مشجعي الرياضة في انجلترا، بعد أن كانت العنصرية في أوجها في فترة السبعينيات والثمانينيات. وأضافت: "الوقت الحاضر يشهد ميل الأغلبية إلى تشويه الدين الإسلامي واتهام الإسلاميين بكل جريمة تحدث في العالم، ولكن يمكن القول إن محمد صلاح نموذجا للإسلام الصحيح، فهو يصلي مع زملائه في الفريق ساديو ماني وإيمري تشان، ويسجد غالبًا كلما سجل هدفًا". وأشارت "الجارديان"، إلى أنه هناك لاعبين مسلمين أيضًا في أندية أخرى مثل بول بوجبا، مع مانشستر يونايتد، وهو معروف عنه تبرعه بجزء كبير من راتبه من أجل الجمعيات الخيرية، ولاعب مانشيستر سيتي رياض محرز، الذي ساهم في الفوز بالدوري مع فريقه هذا العام. وشددت الصحيفة على أن اللاعبين المسلمين في انجلترا نجحوا في الظهور بمظهر أنيق ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي مثل الأشخاص الآخرين، كما أصبح من المعتاد أن نرى لاعبًا ينشر صورته وهو يقرأ القرآن أو يمارس الشعائر الدينية دون أن يتسبب ذلك في إثارة مشاعر النفور لدى الجماهير الإنجليزية. ويقول مؤمن خان، إمام مسجد "عبد الله كيليام سوسيتي" في ليفربول، إن محمد صلاح أثار تغييرًا كبيرًا في الصورة السائدة عن الإسلام في بريطانيا، مضيفًا أنه فعل الكثير لكسر الكراهية والخوف، وليؤكد أننا جميعًا أمة واحدة، وفقًا لصحيفة "ذا صن" البريطانية. وتم اختيار محمد صلاح، في أبريل الماضي، ليكون ضمن قائمة مجلة "تايمز" الأمريكية للشخصيات المائة الأكثر تأثيرًا في العالم لعام 2019. وقالت "التايمز"، إن صلاح ساعد في رفع الوعي بدينه الإسلامي منذ انضمامه لنادي "ليفربول" منذ عامين، عن طريق احتفاله بالسجود بعد التسجيل ورؤية زوجته بالحجاب دائمًا، كما أن ابنته تدعى "مكة" تيمنًا باسم أقدس المدن الإسلامية. وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن الصورة العامة لصلاح كصديق مقبول وأب وزميل في فريق، قد تكون قللت من التصور أن المسلمين يشكلون تهديدًا، وأظهرت أن المسلمين ليسوا بعيدين اجتماعيًا عن البريطانيين. وقال إمام عطا، مدير مركز "تيل ماما"، وهو مشروع قومي يسجل الوقائع المناهضة للمسلمين في بريطانيا، إن انضمام مو صلاح لنادي "ليفربول " أظهر لمحبي النادي ومشجعيه أن لاعب الكرة الذي يُصادف أنه مسلم، هو شخص يمكنهم الاعتماد عليه والإعجاب به وعشقه، موضحًا أن كل تلك المشاعر الإيجابية تُسقط الحواجز، مؤكدا أن الرموز القدوة مثل صلاح يلعبون دورًا هامًا ضد الكراهية والعنصرية. يُذكر أن صلاح صاحب ال26 عامًا، أصبح أول لاعب مصري في تاريخ كرة القدم يحصد لقب دوري أبطال أوروبا، والثالث عربيًا بعد كل من الجزائري رابح ماجر والمغربي أشرف حكيمي.
