تقوم دار الإفتاء بدور كبير لتجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف هي الأخرى، حيث أصدر الدكتور إبراهيم نجم، مستشار المفتي كتاب "Insight Egypt's Dar al-Ifta Combats Extremism"، باللغة الإنجليزية حيث حاول من خلاله دحض وتفنيد أراء الإرهابيين التي يعتمدون عليها في تبرير جرائمهم، من خلال إيضاح مفاهيم الشريعة وعلاقة المسلم بغير المسلم، والقيم العليا والحاكمة في الإسلام، حتى يمكن تجفيف منابع الجماعات المتطرفة. وتطرق الكتاب إلى الجماعات المتطرفة، وكيف تحاول أتباع مسار المسلمين الرائدين في وقت مبكر من خلال الصياغة الحرفية التي تنطق بها أو يلتزم بمواقفهم الفقهية التي اتخذتها فيما يتعلق بالقضايا الثانوية، والتي لا تميز جوهر الإسلام. وسبق وأن أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن الدار لها مجهودات في محاربة الفكر المتطرف وعلى رأسها مرصد التكفير والآراء المتشددة الذي بدأ العمل منذ عام 2014 ويقوم برصد وتحليل وتفنيد الفتاوى التي تصدرها الجماعات المتطرفة وكل ما يصدر عنها من آراء والرد عليها بمنهجية علمية من أجل تفكيك هذا الفكر المنحرف. كما أشار إلى أن الدار أخذت على عاتقها مهمة تأهيل أئمة مساجد المسلمين في الخارج ليكونوا قادرين على مواجهة الأفكار المتطرفة وموجات الإسلاموفوبيا ومساعدة المسلمين على الاندماج داخل مجتمعاتهم في الغرب، حيث خرجت الدار دفعتين من المساجد والمراكز الإسلامية في بريطانيا، بعد تدريبهم في الدار. وأضاف أن الدار أصدرت مجلة Insight التي أُطلقت قبل سنوات للرد على مجلة "دابق"، و"رومية" ويصدرها تنظم "داعش" الإرهابي باللغة الإنجليزية. كما لفت إلى المؤشر العالمي للفتوى الذي أطلقته الدار خلال مؤتمرها العالمي في أكتوبر الماضي وهو أول مؤشر من نوعه في هذا المجال، تنفذه وحدة الدراسات الاستراتيجية بالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والمنصة الإلكترونية التابعة للأمانة والتي تضم 2000 ساعة صوتية ومرئية بهدف المشاركة الفاعلة في تجديد الخطاب الديني، وذلك عبر تقديم نماذج واقعية في التجديد والتطوير وتأسيس المناهج والأفكار، مع تقديم البدائل العصرية لمشكلاتنا الدينية والثقافية، وكذلك بناء شراكات علمية لدعم المنهج الوسطي باعتباره خطَّ الدفاع الأول عن الإسلام الصحيح. واستعرض آخر مجهودات الدار في مواجهة الفكر المتطرف عبر إطلاق وحدة "الرسوم المتحركة" التي أنشأتها مؤخرًا وتقوم على عرض الأفكار المغلوطة التي ترددها جماعات الظلام ثم الرد عليها ودحضها بطريقة ميسرة عن طريق تقديم المعلومات والفهم الصحيح عبر تقنيات الرسوم المتحركة. وأشار إلى دورها في تفكيك الأفكار المتطرفة عبر عدة آليات وطرق بعضها إلكتروني والبعض الآخر عبر إصدار الكتب والمقالات التي نشرت، بالإضافة إلى المشاركة في العديد من المؤتمرات الدولية لمكافحة الفكر المتطرف والأيديولوجية المنحرفة. ولفت إلى أن دار الإفتاء من أجل ذلك قد أنشأت مرصدًا لرصد وتفكيك الفتاوى المتطرفة والآراء الشاذة للجماعات الإرهابية، وقد أصدر المرصدُ العديدَ من الفتاوى المضادة التي كشفت عن التعاليم الصحيحة والسمحة للدين الإسلامي، وأكَّدت على أن تلك الأيديولوجيات المتطرفة الشاذة بعيدة عن تعاليم الإسلام الحقيقية نصًّا وروحًا على حد سواء. وأضاف أن المرصد قد أصدر العديد من التقارير التي تبيِّن مدى انحراف هذا الفكر المتطرف، كان من أهمها إظهار مدى بشاعة المعاملة التي يتعامل بها المتطرفون مع النساء خاصة في العراق وسوريا، حيث يتم إخضاعهن بالقوة للزواج القسري والاغتصاب والإهانة؛ مما يكشف الوجه الهمجي القبيح للمتطرفين ضد النساء. وتصدر الدار مطويات، عبارة عن جرعات خفيفة مركزة وسريعة تعالج عددًا من القضايا التي روج لها أصحاب الفكر المتطرف، تشتمل على مجموعة من المحاور، كل محور يندرج تحته مجموعة من العناوين في صورة سلاسل، والمحاور الرئيسية هي: تفكيك فكر التكفير، وقضايا الجهاد، وقضايا الانتماء الوطني، والخلافة، والتمكين، والحاكمية وتطبيق الشريعة، وفكر الخوارج وصفاتهم، ومقاصد الشريعة والعمل الإسلامي. وتسعى هذه المطبوعات إلى تحويل القضايا إلى أبحاث علمية معمقة ومحررة وموثقة، تناسب الباحثين والعلماء والدعاة، وفي هذا المستوى سوف نأتي بالفكرة موثقة من مصادر الفكر المتطرف ككتب سيد قطب أو حسن البنا أو يوسف القرضاوي أو كتب وأدبيات قادة الجماعة الإسلامية والجهاد، المتوفرة لدينا أو المنتشرة على الإنترنت. كما تعمل المطبوعات على نقد ومناقشة الكتب والمؤلفات الأساسية التي ساعدت بشكل مباشر أو غير مباشر على انتشار هذه الأفكار المتطرفة سواء أكانت مؤلفات علمية ذائعة الصيت، أو مؤلفات تنظيمية سرية متداولة ومنتشرة بين أفراد هذه الجماعات، وفي هذا المستوى يتم نقد كل كتاب على حدة، بطريقة علمية مؤصلة، حتى يستبين للقاريء تهافت الأفكار التي اشتملت عليها هذه الكتب. وعلى سبيل المثال لا الحصر، علاوة على بيان المفهوم الشرعي الصحيح للجهاد في الإسلام، وأن مفهومه الصحيح بعيد كل البعد عما استقر في أذهان الكثير من المتطرفين من أن القتال شرع ابتداء لنشر الإسلام والدعوة إلى الله، فالمواجهة والقتال والصدام والمغالبة والحروب مع الآخر وسيلة لنشر الإسلام من وجهة نظرهم، بينما هو في حقيقته في القرآن والسنة وسيلة لحماية دولة الإسلام وحفظ مواطنيها ورعاية مصالحم من الاعتداء والظلم إذا وقع عليهم من عدو خارجي.