فاجعة جديدة صعقت المصريين خلال الفترة الماضية، بعد أن استهدف مسلحون سيارتين كانتا في طريق الرجوع من زيارة دير الأنبا صموئيل بقلب الصحراء الغربية شمال محافظة المنيا، ما أسفر عن وفاة 7 أشخاص وإصابة 18 آخرون، في مشهد يعيد للأذهان الحادث الذي وقع العام الماضي بنفس الطريق وأسفر عن وفاة 28 قبطيًا، وإصابة 24 آخرين. وقد تحولت محافظة المنيا لما يشبه سرادق عزاء كبير، وسط مطالب بسرعة القصاص من المتهمين بارتكاب الواقعة، والإعلان عن هويتهم، خاصة أنها أعادت للأذهان الحادث الأليم الذي شهدته نفس المنطقة المؤدية للدير في 25 مايو 2017 وأسفرت عن مقتل 28 وإصابة 24 آخرين، وأعلنت الحكومة حينها تورط عناصر إرهابية من داعش بارتكاب الواقعة، ومن ثم تم قصف مواقع لهم في درنه الليبية على يد قوات الدفاع الجوي. مزار للشهداء الواقعة كان أول من يرويها الطفل مينا باسم شكري البالغ من العمر 9 سنوات، والذي كان برفقة والدته بوسي ميلاد يوسف "41 سنة"، والتي توفت متأثرة بطلق ناري وأصيب شقيقه وجدته، وقال الطفل: قضينا يومًا جميلاً في الدير، حيث توجهنا إلى هناك فجرًا، وعند طريقنا للعودة فوجئنا بإطلاق الرصاص على سيارة أخرى كانت تسير أمامنا ، ولكن من فيها تمكنوا من الهرب، بينما توقف السائق الذي كان يقود سيارتنا، بعد إطلاق النيران عليه، وفور توقفه أطلقوا عليه الرصاص، ثم قتلوا كل من كان في السيارة معي ومن بينهم أمي، وأصيب الآخرون. من جانب آخر قال صموئيل ماهر ابن عم ثلاثة أشقاء استشهدوا وهم كمال يوسف شحاتة 20 عامًا ، رضا يوسف شحاتة 51 عامًا، نادي يوسف شحاتة 50 عاماً، إن جميع الضحايا والمصابين من عائلة واحدة، وخرجوا في رحلة فجر الجمعة إلى الدير للتعبد والاعتراف، وبعد قضاء 8 ساعات هناك وأثناء عودتهم تمت مهاجمتهم وإطلاق النيران على أول سيارة بها مواطنون من سوهاج، وأصيب منهم 6 أشخاص وتمكنوا من الهرب، إلا أن السيارة الأخرى الوسطى التي بها الضحايا لم تتمكن من الهرب وتمت تصفيتهم جميعًا. وأضاف ماهر أن نجلة عمومته "بوسي" والتي توفت كانت تعمل معلمة بمدرسة السادات الإعدادية، ولديها طفلين الأول "فادي " 11 عامًا، أصيب بطلق ناري في الساق ، و"مينا" 9 سنوات وهو الطفل الناجي من الواقعة، وأول من روى تفاصيلها، مناشدًا الرئيس ووزارة الداخلية بسرعة القصاص من الجناة. الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، قال إن الكنيسة قررت إقامة مزار يليق بمكانة وكرامة الشهداء بمقر مطرانية المنيا للأقباط الأرثوذكس، ولكنه لفت إلى أن الجثامين ستوضع بمدفن عائلتهم بمدينة المنيا الجديدة، بصفة مؤقتة، لكونهم من عائلة واحدة وسيكونون متجاورين، وبمجرد الانتهاء من تجهيز المزار ستبدأ إجراءات نقلهم إليه. وأضاف "مكاريوس" أثناء ترأسه لقداس الصلاة على أرواح الضحايا بكنيسة الأمير تادرس الشطبي: أنا متألم وحزين مثلكم وأكثر منكم، ولكنني فخور ولابد أن تبقوا فخورين وتغلبوا الفخر عن الحزن، هم صاروا في رتبه أفضل ووضع أفضل، تواروا عنا بالحواس البشرية فقط، وهو مجرد رقاد وسنتقابل معهم، وتابع نفخر أنهم شهداء من أجل مسيحيتهم، ولكننا لن نكف عن المطالبة بحقهم لأنهم مصريين، والرئيس والحكومة وعدوا أنهم لن يتركوا الجناة دون عقاب. صبحي محروس، أحد جيران الضحايا وصف الحادث بالكارثة لتكراره للمرة الثانية في أقل من عام ونصف، مضيفاً: الحادث أكد مدى إصرار أقباط مصر على زيارة الدير ذو المكانة الكبيرة في نفوسهم، إذ يقع على مسافة 25 كيلو متر في قلب الصحراء الغربية، غرب مركز العدوه، والذي يبعد عن مدينة المنيا نفسها ما يزيد عن 80 كيلو، وتعرض سابقًا لعدة مخاطر آخرها حادث العام الماضي، إلا أن الجميع توافدوا على الدير للعبادة والتبرك بعد دفن عدد من الشهداء الجُدد فيه، ورغم استشهاد وإصابة 25 آخرين ، إلا انه تبين هروب حافلة أخرى تقل 23 قبطيًا من أبناء سوهاج كانوا على وشك القتل على أيدي المسلحين، الأمر الذي كان قد يودي بحياة العشرات الآخرين. واتهم محروس المسؤولين بالتقصير في تأمين طريق الدير، متسائلاً: كيف يتم الإعلان عن تخصيص 20 مليون جنيه لرصف طريق الدير العام الماضي، ولم يحدث ذلك حتى الآن، حيث ما زال الطريق القديم على حالته "مدقاً جبلياً" يفتقد لأي إنارة أو تغطية لشبكات للمحمول. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد نعى شهداء حادث الهجوم على أتوبيس قرب دير الأنبا صموئيل بالمنيا، وقال: "أنعى ببالغ الحزن الشهداء الذين سقطوا اليوم بأيادٍ غادرة تسعى للنيل من نسيج الوطن المتماسك.. وأتمنى الشفاء العاجل للمصابين واؤكد عزمنا على مواصلة جهودنا لمكافحة الإرهاب الأسود وملاحقة الجناة، وهذا الحادث لن ينال من إرادة امتنا في استمرار معركتها للبقاء والبناء". تاريخ الدير وترجع الأهمية الدينية الكبرى للدير إلى الأنبا صموئيل المعترف، الذي ولد في 597م، وعاش الرهبنة في أحد أديرة وادي النطرون، وكان قوى الإرادة ودافع عن الإيمان وعقيدته الأرثوذكسية وتعرض للمهانة والضرب إلى أن جاء وعاش فى منطقة القلمون التي يوجد بها الدير حاليًا، إذ يقع الدير على الحدود بين محافظة الفيوموالمنيا، حيث يبعد 55 كيلو متر شمال غرب مدينة مغاغة، ويحمل اسم الأنبا صموئيل المعترف، أو دير جبل القلمون، نظرًا لقربه من الجبل. بُني الدير في القرون الأولى للمسيحية في منطقة عاش فيها العباد المتصوفون المسيحيون بدءًا من النصف الثاني من القرن الثالث "بعد سنة 250 ميلادية"، وكان اسم الدير "دير السيدة العذراء بجبل القلمون" حتى القرن السابع الميلادي. وتغير اسم الدير من دير السيدة العذراء إلي دير العذراء والأنبا صموئيل المعترف بدءًا من نهاية القرن السابع الميلادي، وهو القرن الذي عاش فيه القديس الأنبا صموئيل المعترف 98 عامًا، منها 74 عامًا في حياة الرهبنة. ويذكر المؤرخون القبط أنه بعد الانقسام في مجمع خلقدونية، أرسل البيزنطيون بطريركاً أجنبيًا للكنيسة القبطية، إلا أن الأقباط رفضوه، فغضب البيزنطيون وأرسلوا كتيبة عسكرية وقبضوا على الرهبان الرافضين للبطريك المعين، ومن بينهم الأنبا صموئيل، وفقأوا عينه، وضربوه ضربا مبرحًا، ثم أطلقوا سراحه وتركوه يذهب مع أربعة رهبان أخرين بشرط ألا يعود للدير مرة أخرى، فذهب إلى جبل القلمون في محافظة الفيوم وأنشأ ديرًا جديدًا هناك وكان يحمل اسم السيدة العذراء، وعلى بعد خمسة كيلو مترات من الناحية الشرقية للدير، توجد مغارة الأنبا صموئيل المعترف، والتي كان يقضي بها معظم الوقت فى أواخر حياته ولكن من الصعب الوصول الى هذه المغارة فى الوقت الحاضر. وسبق وأن تعرض الدير للعديد من الهجمات الدموية في تاريخه، خاصة من البربر، ويوجد عشرات الشهداء المدفونين في أرض الدير على مدار القرون الماضية، وتم كشف شهداء أثناء حفر السور المحاط بالكنيسة حالياً. 3 كنائس ويضم الدير حالياً 3 كنائس، هي كنيسة القديس الأنبا صموئيل المعترف، وكنيسة السيدة العذراء وبها مقصورة بها جسدى القديس الأنبا صموئيل والقديس الأنبا ايوللو تلميذه، وكنيسة القديس الأنبا ميصائيل السائح وبها مقصورة تحوى جسدى القديس الأنبا بسادة الذى تم اكتشافه فى عهد رئاسة القمص انسطاسى الصموئيلى وجسد القديس الانبا دوماديوس، وانضم لهم جميعا بالدير جسد الاسقف الانبا مينا الصموئيلى الرئيس السابق للدير. ومن أشهر من ترهبنوا في الدير، الأنبا تيموثاوس البطريرك ال 26 في تاريخ الكنيسة، والأنبا أندراوس أسقف دمياط وكفر الشيخ وبلاد الغربية ورئيس دير القديسة دميانة، مصر (1969-1972). وكان للدير ثلاثة طرق ولكن بسبب عوامل الطبيعة تم ردم طريقين وبقى الطريق الموجود حالياً، والمعروف باسم "مدق دير الأنبا صموئيل"، وهو المكان الذي وقعت فيه الحادثة. يذكر أن الحادث الأخير أسفر عن وفاة 7 أشخاص بينهم سيدة وطفلة وهم كمال يوسف شحاتة 20 عامًا ، رضا يوسف شحاتة 51 عامًا، نادي يوسف شحاتة 50 عاما، وماريا كامل يوسف 12 عامًا، وبوسي ميلاد يوسف 41 عامًا، وبيشوي رضا يوسف 15 عامًا، وأسعد فاروق 36 عاما. كما أصيب 18 آخرون وهم : نانسي رزق حنا - أحلام حليم مهني ، مريم رزق نسيم ، يوسف نادي شحاتة ، يوستينا نادى يوسف، دميانة كمال يوسف ، يوسف رضا يوسف، ديانا كمال يوسف ، فادى باسم شكرى، صفاء فؤاد عادل، مينا باسم شكري، غادة شحاته وصفي، عايدة شحاتة وصفي ، مارينا سلامة جيد ، إبراهيم فرج نسيم ، أبادير حليم فهمي، يوسف نادى شحاتة، جرجس مجدي بسيط. ونجا من الموت 23 آخرين في السيارة التي تمكنت من الهرب وهم : مهرائيل أيمن فرج 9 سنوات، سارة أيمن فرج22 عامًا، جرجس أيمن فرج 5 سنوات، ياسمين رأفت مسعد 12 عامًا، مينا نجيب جرجس30 عاما، قديسة الجندي إبراهيم 45 عاما ، سامح وجيه 17 عاما، تريزة حبيب 28 عاما، يوستينا نبيل10 عاما، كيرلس أيميل6 عاما، فلوبيتر أيميل 5 عاما، حنان رزق نسيم26 عاما، جوليانا يونان نشأت عامان، أمل خلف أبو الليل49 عاما، أسحق رزق نسيم29 عاما، صباح خلف أبو الليل58 عاما، ديانا عزيز مسعد 23 عاما، شيري أشرف25 عاما، نوفير شادى رزق3 شهور، عيد مينا أدوار 11 عام، مريم عزمى مجاور40 عاما، أمل عطاالله جاد 50 عاما، ماريانا نعيم نجيب25 عاما.