يبدو أن ما أعلنه مسئولو الهيئة الوطنية ومن قبلهم مسئولى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، بشأن إعادة هيكلة ماسبيرو، وتطويره دون المساس بالعاملين تحول إلى سراب وهو ما انفردنا به على مدار الفترة الماضية، حيث أكدنا أن خطط التطوير التى تتمسك بها قيادات تقلدت المناصب القيادية فى العهود الماضية، تخلو من تطوير المحتوى، ولكن يعتمد فكرها على تفتيت ماسبيرو والعاملين فيه، واستحداث كيانات أخرى جديدة تكون بديلة عن القطاعات الموجودة حاليا، ويتم دمج العاملين ببعض القطاعات فى الكيانات الجديدة، وهو ما أثير خلال الفترات الماضية، ولم يجد قبولا لدى أبناء ماسبيرو، حيث يرون أن تنفيذ مثل هذه الخطط تحمل انتقاصا لهم بشتى الصور، بالإضافة إلى أنها ستكون الخطة البديلة لتسريح العمالة بماسبيرو بدلا من الاستفادة منهم وتحويلهم إلى طاقات بشرية منتجة .. وتأكد ل "الموجز"، من خلال مصادرنا المطلعة والقريبة من صانعى القرار الإعلامى، أن خطة إعادة الهيكلة بماسبيرو، ستحدث أزمات بين العاملين ببعض القطاعات، حيث سيتم إلغاء قطاعات حيوية فى ماسبيرو، والمبرر أن تصبح هذه القطاعات منتجة، والغريب فى الخطة أن مسئولى الإعلام المرئى والمسموع يريدون تحويل الإعلام الوطنى من خدمى " بحت "، إلى استثمارى ومربح، دون أية مقدمات .. ومثلما تؤكد مصادرنا أن خطة الهيئة الوطنية للإعلام قد يتفق عليها البعض من واضعيها بحجة أن الدولة سترفع يدها عن الإعلام ومؤسساته ولن تقدم دعما ماديا وأن هذه المؤسسات عليها النهوض بذاتها ماليا وإعلاميا، فيما سيعترض بعض أبناء ماسبيرو على ملامح الخطة التى تحتاج إلى فترة تجريبية قبل إطلاق المشروع الذى سيعيد خريطة الإعلام الوطنى فى مصر .. السطور التالية تعرض تفاصيل الخطة المزمع تنفيذها خلال الفترة المقبلة لهيكلة ماسبيرو والتى ينتظر قيادات الإعلام اعتمادها من وزارة التخطيط وموافقة مجلس النواب وبالتحديد لجنة الإعلام والثقافة التى يترأسها الوزير الأسبق للإعلام النائب أسامة هيكل. ملامح الخطة تتلخص فى فتح باب الخروج المبكر للمعاش، وهو ما يرفضه أبناء ماسبيرو، الذين أكدوا على أن لديهم فرص أكبر للعطاء فى ظل اختفاء أجيال الوسط، مشيرين إلى أن جميع من عرضوا خطط للهيكلة استبعدوا أن يتم الاقتراب من مستحقاتهم وأن فكر التطوير والهيكلة يعنى بالنسبة لهم إعادة الاستفادة من قدرات بشرية كانت مدفونة، وتوجد بلا عمل أو مهام أو أنها مسلوبة المهام والصلاحيات، مشيرين إلى أن التسريح أو التشريد إن صح القول سيحدث الأزمات فى القطاع الإعلامى، وعلى الرغم من معارضتهم لذلك إلا أنهم يعترفون بوجود خلل مالى كبير فى ماسبيرو، وأنه يكون أحيانا عاجزا أمام الوفاء بمستحقات أبنائه المالية لمعاناته الشديدة من التضخم الكبير والمؤرق للعمالة بالتزامن مع حاجته الضرورية والملحة للتطوير على الشاشة بالإضافة إلى البنية التحتية. وتكشف المصادر، أن خطة الهيكلة والتطوير خلت تماما من التطوير والتحديث للمحتوى الإعلامى، متفقين على أنه أصبح تطويرا دون جدوى، مشددين على أهمية تنظيم الدورات المتخصصة للإعلاميين فى العمل الإعلامى، والاهتمام بدورات إصقال المهارات والقدرات الإعلامية لدى العاملين فى المجال الإعلامى، إلا أن الخطة وما أثار غضبهم الكامل أنها ارتكزت فقط على نظام البيزنس، وهو تحويل نظام خدمى إلى مربح، وكأن هؤلاء المسئولين يمتلكون العصا السحرية التى يمكنهم بها تغيير الرؤى والاستراتيجيات –حسب الأهواء-، مشيرين إلى أن هذه الطريقة ما هى إلا محاولة مستميتة للاحتفاظ بالمناصب والعضويات التى يتقلدها هؤلاء فى الهيئة الوطنية للإعلام والمجلس الأعلى للإعلام، وأن خطتهم المزمعة للتطوير يتم الترويج لها على أنها ستنقذ ماسبيرو من رحلة الهبوط والأزمات المالية، وستجعله من أهم الهيئات الاستثمارية فى الشرق الأوسط، دون الوضع فى الاعتبار أن هذه الخطة تحتاج إلى فترة تجريبية لدراسة الأهداف المرجوة منها وهل سيمكن تحقيقها من عدمه. وعلمت "الموجز"، من مصادرها، أن الخطة المزمع تنفيذها لإنقاذ ماسبيرو من الضياع تتضمن تقليص لعدد الوحدات الإدارية التى كانت موجودة فى العهد المنقضى، حيث كانت تبلغ حوالى 1588 وحدة إدارية، بينما لن يزيد عددها فى الخطة الجديدة للتطوير على 269 وحدة ستضم فيما بينها على 5 قطاعات فقط، و28 إدارة مركزية، و96 إدارة عامة، و140 إدارة، وتعتمد هذه التقسيمة الجديدة على الدمج وهو النظام الذى نفاه كل من انضم إلى لجان الهيكلة والتطوير بالإضافة إلى أن هذا النظام – بحسب مصادرنا-، سيقضى نهائيا على قطاعات بأكملها وهى من القطاعات الحيوية وستنتقل إلى كيانات أخرى سيتم تأسيسها خلال الفترة القليلة المقبلة عقب البدء الحقيقى فى التطبيق الفعلى، وهو ما يؤكد ما انفردنا بنشره خلال الفترة الماضية حيث أكدنا ما يثار حاليا فى هذا الشأن وخرج المسئولون للنفى، إلا أن الأيام المقبلة ستؤكد صحة ما كنا نتناوله من موضوعات فى هذا الملف. الخطة بملامحها تعتمد على نظام تفتيت قطاعات ماسبيرو إلى شركات استثمارية يكون تأسيسها بناء على خطة ربحية ترفع الخسائر عن كاهل قطاعات الإعلام فى ماسبيرو، وتبدأ هذه الخطة بقطاع الإنتاج الذى يتردد بأنه سيتم إلغاؤه نهائيا واستبداله بشركة –وليدة- للإنتاج الدرامى، وستشهد هذه الشركة على دمج بعض العاملين من شركة صوت القاهرة بينهم "مخرجين ومصورين"، بالإضافة إلى العاملين بالقطاع الاقتصادى، وأكدت المصادر أن هذه الشركة ستصبح هى المسئول عن الإنتاج وتسويق المنتجات الخاصة بماسبيرو، وأنه سيتم استحداث لائحة مالية جديدة تليق بالشركة كبديل عن لائحة القطاع التى كان يعمل بها القطاعين، وعلى الرغم من أن هناك آراء تخالف هذه الانقسامات وترى أنه كان من الأولى أن يتم بحث مشاكل الإنتاج والمقدم بها عدة مذكرات للمسئولين، وموضح بها احتياجات القطاع لإعادته إلى عصوره الذهبية، إلا أنه لم يتم الالتفات إليها، إلا أن هناك آراء تؤيد هذا الانقسام وتؤكد إلى أن الاستقلالية بشركة ستزيد من أصولها وبالتالى الرواتب والأرباح التى ستكون خاصة بالعاملين بالشركة فقط على عكس ما كانت تتبعه الأنظمة السابقة. ويلى قطاع الإنتاج فى الخطة قطاع من أهم القطاعات وهو قطاع الإذاعة، والتى سيتم استبدالها بشركة للخدمات الإذاعية، تكون مهمتها تسويق وبيع الخدمات الهندسية الإذاعية، بالإضافة إلى تأجير سيارات البث الإذاعى الخارجى، كما ستقدم الشركة خدمات عبر العاملين بها لإنشاء الاستوديوهات الإذاعية، وأشارت المصادر إلى أن هناك نية للإبقاء على قطاع الهندسة ألإذاعية حيث سيختص بتقديم خدماته المجانية إلى مؤسسة رئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس الوزراء، فيما يتم تقديم كل خدماته الإذاعية إلى باقى الهيئات والوزارات والمصالح الحكومية المختلفة نظير مقابل مادى سيتم الاتفاق عليه من خلال اللائحة المالية الجديدة التى سيتم اعتمادها عقب تأسيس الشركة، ومن المتوقع أيضا أن تكون هناك عقود سنوية بين الشركة والوزارات والهيئات والشركات مقابل بث مؤتمراتها وفعالياتها مقابل مبلغ مالى –متفق عليه-، بالإضافة إلى تأكيدات بأنه سيتم مضاعفة المبلغ المالى الخاص بنقل شعائر صلاة الجمعة خلال تجديد التعاقد مع الشركة المستحدثة. كما أن قطاع القنوات المتخصصة وهى "النيل سبورت، والنايل سينما، والنايل دراما"، سيتم ضمها فى شركة جديدة أيضا من المرجح أن تحمل اسم شركة تليفزيون النيل، وفيما يخص هذا البند تظهر اعتراضات مؤكدين على أنه سيتم تسريح الكثير من العمالة الموجودة فى القطاع. كما سيتم تحديث قنوات النيل للأخبار، وقطاع الأخبار كاملا، وشبكة راديو مصر، بشركة أخرى جديدة من المقرر أن يكون تحت مسمى شركة مصر الإخبارية، وتتفق آراء المعارضين مع أبناء قطاع القنوات المتخصصة. أما فيما يخص قطاع القنوات الإقليمية والذى يضم 6 قنوات تبدأ بالثالثة وتنتهى بالثامنة، سيكون التطوير فيه مختلفا وهو ما يغضب أبناء هذا القطاع حيث تردد أن الخطة ستقوم بضم القناة الثالثة الخاصة بتغطية محافظاتالقاهرة الكبرى، إلى قنوات التليفزيون المركزى الذى سيتم تغيير مسماه إلى "القطاع المرئى"، وهو مالا يجد استحسانا من أحد، بالإضافة إلى أنه سيتم تقسيم باقى القنوات وهى "الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة"، إلى جزءين فى الإدارة الإشرافى والإدارى وهو ما سيتبع إحدى الإدارات الجديدة فى ماسبيرو، بينما تنقطع نهائيا العلاقة المالية بين هذه القنوات وماسبيرو، على أن تؤول تبعية هذه القنوات إلى المحافظات التى تقع فى النطاق الجغرافى لها وتصبح الرواتب والمستحقات تابعة للمحافظة وتصبح كل محافظة على حدة مسئولة عن القناة مسئولية مالية كاملة، فيما تختص كل قناة بالعمل المحلى والإقليمى، وتلتزم بمناقشة مشكلات وقضايا وهموم واهتمامات الإقليم الذى تقع به، وتعتمد خطة التطوير فى هذا البند على أنه تم إنشاء هذه القنوات لأداء هذا الغرض أن يكون عملها محليا وألا تصقل خزينة ماسبيرو . ويتردد أن قطاع التليفزيون سيتم الإبقاء عليه مع إجراء تعديلات طفيفة فى مسماه وأن يصبح القطاع المرئى، ومن المقرر أن يضم القنوات "الأولى والثانية والثالثة والفضائية"، وإن كانت هناك اعتراضات على المسمى لكنه لم يتم الاتفاق عليه بشكل قاطع، ويصاحب هذا القطاع أقاويل بأن هناك خطة سريعة المفعول ستعمل على إعادة المشاهد والمعلن إلى شاشاته فى أسرع وقت ممكن، وهو ما يراه البعض مستحيلا، مؤكدين أن الحديث عن إعادة المشاهد ورفع نسب المشاهدة أمر يتطلب بالتطوير والتحديث فى الوقت الذى لا يزيد الأمر فى الحديث عن التطوير سوى الورق فقط. الغريب فى خطة التطوير، مثلما يؤكد أبناء ماسبيرو، ما يشاع باستحداث شركة يكون اختصاصها فقط هو العمل على استثمار أصول الإعلام فى ماسبيرو وخارجه، مؤكدين أنه بهذه الطريقة سيتم عرض ممتلكات ماسبيرو للإيجار، مقابل مبالغ مالية، فى الوقت الذى توجد معدات توجد فى قطاع الإذاعة انتهى زمنها وتستخدم الإذاعات الخاصة حاليا الأحدث منها، موضحين أن الحديث عن تأجير معدات ماسبيرو الإذاعية والتليفزيونية أمر كان من المفترض أن تسبقه دراسة متأنية للسوق الإعلامى فى مصر والخارج ليتم تحديد موقف الأجهزة والمعدات الموجودة لدى ماسببيرو وإمكانية تأجيرها من عدمه. والتطوير أيضا يهدد قطاع مجلة الإذاعة والتليفزيون، والذى سيمنعها من الإصدار الورقى، وسيتم استبدال المجلة بموقع إلكترونى جديد، ومن المقترح أن ييتم استحداث إدارة مركزية جديدة لنظم وتكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية والأرشيف المركزى، وتبدأ بضم المجلة والعاملين بها، بالإضافة إلى مكتبة التراث والأرشيف الرقمى. كما أن قطاعى الشئون القانونية، والأمن لم ينج كلاهما من خطة التطوير والهيكلة، حيث تكشف المصادر عن أنه سيتم إلغاء قطاع الأمن نهائيا مقابل استحداث قطاع آخر جديد أو إدارة عامة بعنوان الشئون المالية والموارد البشرية وسيم ضم قطاع الشئون القانونية به، بالإضافة إلى ضم شركة كير سيرفيس المسئولة عن النظافة إلى الكيان الجديد (الغامض حتى الآن)، ومن المقرر أن يتم تصدير خدمات هذا القطاع إلى خارج ماسبيرو ليصبح قطاع إنتاجى ومربح. الرافضون للخطة التى لم تلقى قبولا لدى وزارة التخطيط نفسها يتساءلون لمصلحة من تفتيت ماسبيرو إلى شركات استثمارية؟، وكيف سيتم تحويل ماسبيرو الخدمى إلى كيان مربح فى لمح البصر؟، وفى المقابل يرى المؤيدون للخطة أننا أصبحنا فى زمن يمكن التغيير فيه فى لمح البصر وأن الصعوبات والأزمات التى كانت فى الماضى انتهت خاصة وأن هناك نية للإصلاح الإدارى، فيما يلتزم طرف ثالث الصمت وينتظر نتيجة هذا التطوير وهل ستدفع به إلى مستوى أفضل، أم أنها ستهبط به إلى القاع.