"مصر تعرضت لاستفزازات أثناء العمل فى حقول الغاز.. وتم الصدى لها عبر قواتنا".. جملة ذكرها الرئيس السيسى أثناء مؤتمر "حكاية وطن" الذى عقد الأيام الماضية ومرت مرور الكرام دون أن يتوقف أحدا عندها.. الحقيقة التى لا يعرفها كثيرون أن هناك حربا ضروس تدور رحاها بين عدة دول هى مصر وتركيا وإسرائيل وقبرص واليونان بسبب اكتشافات الغاز التى تمت مؤخرا فى البحر الأبيض المتوسط خصوصا ان ما تم اكتشافه كفيل بوضع أى دولة تسيطر على هذه الاكتشافات فى مصاف الدول المتقدمة. العديد من التقارير الغربية علقت على هذه الحرب الخفية والتى تستخدم فيها بعض الدول جميع ما تمتلك للسيطرة على الحقول المكتشفة رغم عدم أحقيتها فى ذلك وبالمخالفة للقانون الدولى. فى تقرير حديث لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، قالت فيه إن التنافس الإقليمى بين الدول المطلة على حقول الغاز فى البحر الأبيض المتوسط، من شأنه مفاقمة النزاعات الحدودية بينها وتعطيل الاستثمارات الجديدة للاستخراج، كما أن الزيادة المتوقعة فى الإنتاج من مصر وإسرائيل وقبرص يؤثر على جدوى تلك الاستثمارات فى وقت تغرق فيه أسواق الطاقة العالمية فى الغاز الرخيص القادم من روسيا والولايات المتحدة. وأوضح التقرير أن هناك تنافسا إقليميا على استخراج الغاز من البحر الأبيض المتوسط بين مصر وإسرائيل وقبرصولبنان، حيث تستعد مصر لتغيير كلى فى قطاع الطاقة بعد اكتشاف حقل ظهر وإسرائيل وقبرص تطمحان لإنهاء اعتمادهما على الطاقة المستوردة وتحقيق مكسب اقتصادى من تصدير الفائض كما أن لبنان فتحت مياهها الإقليمية أمام عمليات استكتشاف الغاز فى المتوسط. وتابع التقرير : «من المحتمل أن يفاقم هذا التنافس من النزاعات الحدودية التى تعود لعقود ويولد توترات جديدة». وفى تقرير آخر لموقع ستراتفور المقرب من المخابرات الأمريكية قال إنه تم اكتشاف سلسلة كبيرة من حقول الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط على مدى العقد الماضي وتعكف مصر على استغلال هذه الموارد على أكمل وجه، مشيرا إلى أن القاهرة كانت قد وقعت اتفاقا مبدئيا مع قبرص في 31 أغسطس 2016 ، لبناء خط أنابيب يربط بين حقل أفروديت القبرصي والساحل المصري. وتوقع الموقع تشغيل خط الأنابيب المذكور بحلول عام 2020 إذا ما توفر التمويل اللازم ولفت الموقع إلى أنه بالنسبة لمصر فإن الصفقة ليست سوى جزء صغير من أستراتيجية أوسع نطاقا ،حيث إن مشروعات الطاقة في منطقة المتوسط ستعمل على جذب قدرا كبيرا من الاستثمارات الأجنبية ،موضحا أن هذا الأمر سيمثل نجاحا كبيرا ،لأنه بدون وجود بنية تحتية في مصر، وإيجاد سوق للمستهلكين ،فإن كل المشروعات المتوقعة لن تكون ممكنة. وأشار الموقع إلى أن مصر في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ،كانت قد أصبحت مصدرا للغاز الطبيعي بفضل اكتشاف عدة رواسب قبالة سواحلها، وبعد أن بلغت ذروة الاكتشافات في عام 2009 بلغ الانتاج 20 مليار متر مكعب ،وانخفضت صادرات الغاز الطبيعي المصري بشكل حاد، حيث تراجعت أنشطة التنقيب والاستثمار ما أثر على الانتاج، وبحلول عام 2015 كانت مصر قد أغلقت إلى حد كبير مرافق تسييل الغاز الطبيعي وخط أنابيبها إلى إسرائيل لتصبح مرة أخرى مصدرا صافيا للغاز الطبيعي. وتأثر قطاع الطاقة بشكل كبير بسبب ارتفاع الطلب المحلي وتراجع الإنتاج، لاسيما منذ عام 2008 ، حيث حددت القاهرة سعر الغاز الطبيعي بحوالي 2.65 دولار لكل وحدة حرارية ، وكان ذلك يسبب عائقا للاستثمار الخارجي، وفي محاولة للحد من الاستهلاك الهارب ،بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي في تنفيذ اصلاحات شملت أسعار الطاقة ،ودفع الشركات للاستثمار في مجال الغاز الطبيعي منذ عام 2014 ،حيث وصل سعر الغاز الطبيعي للمستخدمين الصناعيين إلى 7 دولار لكل مليون وحدة حرارية ،ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فالقاهرة بدأت أيضا في دفع ديونها لشركات النفط العالمية ، حيث بلغت هذه الديون 6.3 مليار دولار نهاية عام 2013 وفي أعقاب اكتشاف حقل ظهر الضخم في مصر ،عقدت القاهرة صفقة مع شركة إيني الإيطالية ، حيث تعهدت بدفع ما يتراوح بين 4 دولار إلى 5.88 دولار لكل مليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي ،تماشيا مع معدلات أسعار السوق العالمية. ونتيجة لذلك عملت شركة إيني على تسريع تطوير حقل ظهر، حيث كان من المتوقع أن يتم انتاج 10 مليارات متر مكعب سنويا بحلول عام 2017، بينما مع انتهاء المرحلة الثانية للمشروع في عام 2019 من المتوقع أن يصل الانتاج إلى 28 مليار متر مكعب سنويا. وأوضح "ستراتفور" أن إيني ليست الشركة الوحيدة التي عززت أنشطتها في مصر ،حيث سارعت شركة بريتش بتروليم إلى تنفيذ مشروعين خاصين بها هما مشروع دلتا غرب النيل المتوقع أن ينتج 12.4 مليار متر مكعب سنويا، بالإضافة إلى مشروع أتول الذي من المتوقع ينتج 3.1. مليار متر مكعب سنويا. ورأى الموقع أنه مع كل هذه الجهود المبذولة فإن الاستهلاك المحلي قد يستهلك غالبية الانتاج المتوقع، حيث يبلغ الاستهلاك المحلي المصري حاليا 50 مليار متر مكعب سنويا، وهو في ارتفاع مستمر ،وربما يزيد بمقدار 20 مليار متر مكعب خلال العقد المقبل، وبالتالي سيتعين على مصر مواصلة رفع أسعار الطاقة. ولفت الموقع إلى أن القاهرة كانت قد تعهدت بأن أي إنتاج محلي للغاز سيتم استخدامه أولا لإشباع السوق المحلي، الأمر الذي يعني أنه لن يتبقى سوى 20 مليار متر مكعب للتصدير، لكن في نفس الوقت لا تزال هناك مرافق تسييل الغاز متاحة في البلاد، وبالتالي فإن معظم صادرات مصر من الغاز الطبيعي في المستقبل سوف تأتي من الأسهم التي تشتريها من خارج حدودها. ولفت "ستراتفور" إلى العقود التى وقعتها شركة نوبل، مع مصر والأردن، ومنها عقد غير ملزم مع شركات بى جى جروب، ورويال داتش، لإرسال 7 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ولمدة 15 عاما، إلى منشأة تسييل الغاز فى إدكو بمصر، كما وقعت عقدا مع شركة دولفينوس القابضة المصرية لتصدير 4 مليارات متر مكعب من الغاز، لمدة بين 10 إلى 15 عاما. وقال الموقع إن الاتفاق الذى أبرمته مصر مع قبرص بشأن أنبوب جديد للغاز الطبيعى يمكن أن يعيد الحياة إلى هذا القطاع فى قبرص، إضافة إلى استحواذ شركتى شل وبى جى جروب على نسبة 35% من حقل أفروديت، اللتين تعتبران أن الحقل يشكل مصدرا محتملا لمحطة تسييل الغاز فى إدكو. وكانت شركة شل قد نجحت فى تحقيق كشف جديد للغاز بمنطقة امتياز شمال علم الشاويش بالصحراء الغربية، وهو الكشف الذى تقدر الكميات المبدئية فيه بحوالى نصف تريليون قدم مكعب من الغاز مع احتمال وجود احتياطيات أكبر، ليكون بذلك الكشف الغازى الثانى منذ 2015، بعد أن أعلنت شركة إينى الإيطالية، عن اكتشاف حقل ظهر، الذى يوصف بأنه أكبر حقل غاز فى التاريخ، بالبحر المتوسط. ومن جانبها قالت شبكة بلومبرج الأمريكية، إنه مع بدء ضخ الغاز من حقل ظهر فإن مصر تتجه نحو تحقيق هدفها من الإكتفاء الذاتى من الطاقة. ووفقا لبلومبرج فإن بدء إنتاج حقل ظهر سيضع نهاية لشراء مصر للغاز من الخارج ويساعد فى تخفيف الضغط على الاقتصاد المصرى الذى عانى منذ ثورة 2011 من نقص العملة الأجنبية. وتوقعت بلومبرج أن "ظهر" يمكن أن يعيد مصر كمورد للغاز فى منطقة شرق المتوسط ، حيث نقلت عن محمد أبو باشا، الخبير الاقتصادى لدى مجموعة إى إف جى- هيرمس، قوله إن واحدة من أكبر القضايا التى واجهتها مصر خلال السنوات الماضية كان التحول الكبير فى ميزان الطاقة من كونها مصدر إلى مستورد بسبب نقص الإنتاج، غير أن إكتشافات الغاز الأخيرة، قد تعيد الميزان إلى وضعه. وأشار موقع أويل برايس، إلى أن هذا المشروع حقق اهتماما استثنائيا كبيرا، حيث اشترت شركة روس نيفت العملاقة فى مجال الطاقة الروسية حصة قدرها 1.1 مليار دولار فى الحقل من حصة شركة إينى فى أكتوبر 2015 ، وبذلك ستجرى الشركة الإيطالية 60% من تطوير الحقل، بينما تحصل روس نيفت على 30% وشركة بى بى البريطانية على 10%. كما اهتم أيضا الباحث سايمون هندرسون باكتشافات الغاز المصرية الجديدة ، حيث أكد في تقرير له بمعهد واشنطن أن هذا الاكتشاف جاء بعد إجراء حفر على عمق 1,450 مترا تحت قاع البحر واستمرت أعمال الحفر إلى عمق 4,131 مترا، ويمكن أن يحتوي الحقل على 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، معتبرا أنه واحدامن أضخم الاكتشافات في التاريخ. ووفقا للمراجعة الإحصائية للطاقة في العالم التي تصدرها شركة البترول البريطانية بي بي ،فإن لدى مصر بالفعل 65 تريليون قدم مكعب من الاحتياطيات المؤكدة، وبالتالي فمن شأن اكتشافات المتوسط أن تزيد من هذا الاحتياطي بنحو 45 في المئة وبعبارة أخرى، إنه يغطي حوالي ثمانية عشر عاما من الاستهلاك الحالي للغاز في مصر. وأضاف التقرير أنه من المرجح أن يعقّد هذا الاكتشاف من الوضع الذي تمر به الزيادة الأخيرة في خطط الغاز البحرية الخاصة بإسرائيل، والتي يعتقد أنها تشمل تعاملات محتملة مع مصر كعميل وشريك في التصدير على حد سواء, فعلى سبيل المقارنة، اكتشفت إسرائيل حتى الآن نحو 35 تريليون قدم مكعب من الغاز في مياهها، رغم أن جزءا ضئيلا فقط من هذا الاحتياطي قد صنف كمؤكد، ويحتوي أكبر حقولها وهو ليڤياثان، الذي لم يستغل بعد، على مايقدر بنحو 22 تريليون قدم مكعب من الغاز. وأضاف التقرير أنه من الممكن أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى تفاقم الاحتكاك المستمر القائم في إسرائيل حول سياسة الطاقة، التي أصبحت قضية داخلية ساخنة في تل أبيب في الفترة الأخيرة، ولا يزال الكثير من الناس يشعرون بالقلق من أن شركة ديليك، وهي الشريك الإسرائيلي لشركة الغاز الأمريكية نوبل إينرجي فيما يتعلق بالمشاريع البحرية، سوف تستفيد كثيرا من استغلال الغاز. وكانت شركة نوبل قد أوقفت العمل على تشغيل حقل ليڤياثان كما أجلت توسيع حقل تمار الذي بدأ إنتاجه بالفعل، إلى أن يتم توضيح المناخ التنظيمي المتعلق بسياسة الطاقة في إسرائيل ،بالإضافة إلى ذلك، وبينما عملت شركتي نوبل وديليك على إعطاء الأولوية لتزويد الغاز إلى السوق المحلي الإسرائيلي، فإن خيارات التصدير قيد النظر والأكثر ربحية قد شملت التوصل إلى اتفاق محتمل لتصدير الغاز عبر خط أنابيب تحت البحر يمتد إلى محطات الغاز الطبيعي المسال في مصر وهو اتفاق يجب أن يستمر ما بين خمسة عشر وعشرين عاما ليكون مجديا من الناحية التجارية. وأوضح التقرير أن الاكتشاف الجديد في مصر قد يعني أنه لا يمكن تقديم سوى التزام أقصر فترة وأقل جدوى ،وقد أدى هذا الاحتمال إلى قيام وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، بوصف الاكتشاف المصرية بأنه تذكيرا مؤلما بأن إسرائيل نائمة بينما يتغير العالم ويتقدم من حولها. وأضاف التقرير أنه قد تم تأجيل صيغة توافقية سياسية إسرائيلية مفترضة بسبب إصرار وزير الاقتصاد الإسرائيلي أرييه درعي على أن يتم تعيين أولا وقبل كل شئ مفوض جديد لهيئة مكافحة الاحتكار كما أن الوضع المعقد قد يزداد سواء إذا قررتا شركتي نوبل و ديليك بأن الاكتشاف المصري يقوض أساس مسودة الاتفاق الحالية القائمة بينهما ،وفي الوقت نفسه، خطة نوبل _ديليك لاستغلال احتياطي قدره 5 تريليون قدم مكعب من حقل أفروديت قبالة سواحل قبرص سوف تحتاج كذلك إلى إعادة النظر فيها لأن مصر كانت العميل المنطقي لهذا الغاز أيضا. وأشار التقرير إلى أن هذه التطورات يمكن أن تؤدي إلى إعادة إحياء خيار تصدير الغاز الإسرائيلي إلى تركيا، ذلك الخيار الذى كان يعتبر مستحيلا سياسيا ، لكن المصالح في النهاية أدت إلى المصالحة التركية الإسرائيلية. ومن المرجح أن تكون هناك قضايا أخرى خاصة بأنقرة في أعقاب الاكتشاف المصري الجديد لأنه يقع بالقرب من الحدود البحرية مع قبرص، التي لا تعترف بها تركيا ،وإذا تبين أن الحقل يمتد إلى المنطقة الاقتصادية الحصرية للجزيرة، فقد تقرر أنقرة التدخل وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر تركيا المنافس الاقليمي لمصر فقد دعمت أنقرة جماعة الإخوان بقوة في حين تعارض القاهرة بشدة هذه الجماعة، وفي الواقع، إن التحديات السياسية الدولية والمحلية التي يشكلها الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط تجعل العوائق الفنية تبدو بسيطة تقريبا. تحليل هندرسون في موقع معهد واشنطن يبدو أنه مطابق تماما للواقع ومن الواضح أن هناك أزمة في إسرائيل عززها هذا الاكتشاف واتضح هذا الأمر من خلال تناول الصحف العبرية للأمر فعلى سبيل المثال قالت صحيفة كالكليست الاقتصادية التابعة لصحيفة يديعوت أحرونوت إن الصدمة فى إسرائيل جاءت بسبب أن مصر خلال الفترة المقبلة لن تعتمد على الغاز الطبيعى الإسرائيلى المكتشف حديثا قبالة السواحل الإسرائيلية والتى كانت تنوى شراءه لسد احتياجاتها من الغاز لتوليد الكهرباء. وأضافت ،أن العقود التى كانت تنوى إسرائيل تسويقها لكل من مصر والأردن بمليارات الدولارات وفق مذكرات تفاهم تم الاتفاق عليها في السنوات الأخيرة قد لا تدخل لخزينة إسرائيل بعد هذا الاكتشاف الضخم الذى سيسد حاجة مصر من الغاز ويجعلها دولة مصدرة للغاز بقوة. ولفتت إلى أن المنطقة التى تم اكتشاف الغاز المصرى الجديد فيها بالمياه الاقتصادية المصرية، كان قد تم توقيع الاتفاقية البترولية الخاصة بها فى يناير 2014 مع وزارة البترول والشركة القابضة للغازات إيجاس، بعد فوزها بالمنطقة فى المزايدة العالمية التى طرحتها الأخيرة. وأضافت الصحيفة , أنه لم يتوقف تأثير هذا الاكتشاف على إسرائيل عند هذا الحد بل إن البورصة الإسرائيلية تأثرت بشكل سريع حيث انهارت بورصة تل أبيب في اليوم التالي للإعلان عن الاكتشافات الضخمة للغاز أمام السواحل المصرية، وجرى التداول فى بورصة تل أبيب وسط انخفاض حاد وغير مسبوق لأسعار الأسهم خاصة المتعلقة بشركات الطاقة وقالت الإذاعة العامة الإسرائيلية وقتها، إن مؤشر تل أبيب-25 قد انخفض فى التعاملات الصباحية للبورصة الإسرائيلية بنسبة 1.8%، فيما انخفض "مؤشر تل أبيب – 100" 1.7% بينما يتراجع مؤشر "بلوتك" بنسبة 21%.. ومن جانبها وصفت صحيفة تايمز البريطانية إسرائيل حينها بأنها تترنح بعدما تم الإعلان عن اكتشاف حقل الغاز الطبيعى الذى يهدد بتحطيم آمالها فى تحقيق مليارات الدولارات من بيع الطاقة إلى الدول المجاورة. كما وصفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية اكتشاف حقل الغاز ، بأنه ضربة لشركات الغاز الإسرائيلية التى هبطت فى التعاملات على الفور. وقالت مجله فوربس الأمريكيه إنه بالنسبه للشركه الايطاليه، فإن اكتشاف بهذا الحجم يساعد علي تبرير جهودها في المنطقه، مع توفير الايرادات الكبيرة لكلا من السوق المصري وأسواق التصدير، فضلا عن تعزيز أهداف انتاج شركه إيني خلال ال 4 السنوات المقبلة، بعد أن وقعت الشركه علي استخراج 2 مليار برميل من الغاز أما بالنسبه لمصر فيساعدها علي الدخول في المجال. وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكيه، إن التقديرات تشير إلي أن اكتشاف الشركة الايطالية قادر علي تزويد مصر بالغاز الطبيعى علي مدار عقود مقبلة، حيث يتضمن احتياطيات أصلية تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، فضلا عن أنه يغطي مساحة تصل إلي 100 كيلومتر مربع، مشيرة إلي أن معظم الغاز المكتشف سوف يستخدم في مصر، والفائض سيتم تصديره. ونظرا لتضارب المصالح الاقتصادية بين دول البحر المتوسط ،بسبب التنقيب عن الغاز ، فضلا عن وجود مجموعة من الشركات العالمية التي تعمل في البحر المتوسط بين قبرص واسرائيل في التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة، وهي تمثل في نفس الوقت مصالح اقتصادية ومشاريع مالية ضخمة، إلى جانب شركات أخرى في العالم، كما تمتلك قدرات فائقة للتأثير على سياسات الدول وتسهم في تكييف خططها الجيواستراتيجية، فقد أصبح ملف التنقيب محور صراع جديد يتصدر المشهد السياسي الحالي بسبب وجود مشاكل تداخل الحدود البحرية بين دول كل من مصر، وإسرائيل، وفلسطين، ولبنان، وسوريا، وتركيا، واليونان وقبرص. ويتوقع المحللون والمراقبون انبثاق حروب جديدة أسموها حرب اكتشاف الغاز في هذه المنطقة وهذه الحروب أكثر خطورة من حروب الماء التي كانت متوقعة في المنطقة، منذ أكثر من 3 عقود من الزمن، والتي تراجعت أمام حروب اكتشافات الغاز والنفط , ولذلك فإن الدول المطلة على السواحل الشرقية للبحر المتوسط دخلت سباقا محموما فيما بينها، للبحث والتنقيب عن الغاز فى المياه العميقة بهدف تأمين احتياطياتها من الطاقة وتثبيت حقوقها التاريخية. فعلى سبيل المثال كانت اليونان قد أرسلت خطابا رسميا لوزارة الخارجية المصرية تخطرها فيها بأنها سوف تستعد لبدء عمليات المسح السيزمى لبعض المواقع البحرية فى المياه العميقة فى البحر المتوسط. وقال مصدر حكومى مسئول حينها إن اليونان أرسلت خريطة تطلب فيها تعيين الإحداثيات المتعلقة بحدود الجانب المصرى لعدم انتهاكها فى عمليات المسح، لكن الخارجية طلبت من اليونان خريطة تتضمن إحداثيات محددة لعرضها على اللجنة العليا لترسيم الحدود والرد على طلب الجانب اليونانى. وكانت تركيا قد أعلنت أنها ستقوم للمرة الأولى بعمليات مسح سيزمى للمناطق البحرية لها فى مياه البحر المتوسط فى إطار خطوات تمهيدية لبدء طرح هذه المناطق للتنقيب عن الغاز، وضمان حقوقها بينما يرى المحللون أن اكتشاف حقل ظهر في مصر أواخر عام 2015 هو الأهم في عالم الغاز الطبيعي في البحر المتوسط. وإن احتواءه على 30 تريليون قدم مربع جعله الحقل المكتشف الأكبر في المتوسط، وتنعكس آثاره المباشرة على خمس دول, ففي إسرائيل، انخفضت أسهم شركات الطاقة مع إعلان الاكتشاف بداية، ثم أطبق الخناق على حقلي ليفياتان وتمار مع إطلاق مصر مفاوضات مع نوبل إنرجي الأمريكية ، وهي المستثمر الوحيد للنفط في فلسطينالمحتلة، ما قلل من خيار التصدير الإسرائيلي ودفع إلى مصالحة معجلة مع تركيا التي تعد الأكثر احتياجا للغاز. وفي نفس الوقت فإن قبرص، وبعد أن انعكس التنقيب عن الغاز فائدة كبيرة على اقتصادها، شاطرها الاكتشاف الجديد الأنظار وسرع من عملية إعلانها لدورة عروض ثالثة لاستثمار 3 بلوكات جديدة ،تأثّرت به كل من روسيا وإيران، باعتبار الأولى المصدر الأول للغاز إلى أوروبا، والثانية أكبر منتج للغاز في العالم، حيث بات لهما منافس واعد على أسواقهما العالمية،و هكذا تحولت المنطقة حيث حقل ظهر إلى وجهة جديدة مهمة لصراع شركات الطاقة العالمية. وفي الوقت نفسه يستبعد مراقبون أن تكون التغييرات الجيواستراتيجية في المنطقة، المتمثلة في المصالحة التركية الإسرائيلية من جهة، والتركية الروسية من جهة أخرى، على علاقة بأي انفراج ميداني في سوريا أو تبدل في موازين القوى، حيث يعتقدون إن الموضوع يرتبط أولا بتشابك مصالح نفطية، ويندرج ضمن مساعي روسيا لشراء حقلي كاريش وتانين الإسرائيليين المحاذيين للحدود اللبنانية ، حيث يحتويان على نحو 6 تريليون قدم مكعب، بالتزامن مع مساعيها للدخول على خط المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول المنطقة النفطية المتنازع عليها في الجنوب، بغية حصولها على امتياز استكشاف النفط في الجنوب اللبناني. أما مصالح تركيا وفقا للمحللين ، فتكمن أولا فى الحصول على مصدر جديد للطاقة، باعتبارها الأكثر استيرادا للغاز في المنطقة، وثانيا بتمرير خط أنابيب عبر أراضيها إلى أوروبا، خصوصا أن تسييل الغاز لنقله عبر البواخر مكلف نسبيا في ظل تهاوي أسعار النفط العالمية، بينما تمديد أنابيب من إسرائيل مرورا بقبرص ومنها إلى تركيا وصولا إلى أوروبا يبقى الأجدى اقتصاديا، وهو أقل تكلفة من أنبوب غاز قد يمتد من فلسطينالمحتلة مرورا بقبرص واليونان، وصولا إلى أوروبا. ويمكننا القول إن شرق المتوسط يشهد الآن صراعا علي منابع ومصادر الطاقة فيه بين ثلاث قوي رئيسية هي مصر وتركيا وإسرائيل، فالجانب التركي لم يوفق في تكوين أي تحالف في شرق المتوسط، نظرا للتوتر القائم بينه وبين قبرص في الجزء الشمالي لها الذي احتلته تركيا في سبعينيات القرن الماضي ويرفض الاعتراف بأحقية قبرص في المنطقة الاقتصادية الخاصة لها. وحذر الجانب التركي شركات النفط من مغبة التنقيب عن مصادر الطاقة في تلك المياه، وشهد التوتر الجيوسياسي بينهما ذروته بعد توقيع القاهرة وأثينا ونيقوسا اتفاقا تاريخيا تمحور بعد إعلان القاهرة في 2014 وصول لإعلان نيقوسا 2015 ، للتعاون في مجالات التنقيب عن الغاز في المتوسط ولإعادة ترسيم الحدود البحرية بين الثلاث دول التي من المتوقع أنها ستعتمد اتفاقية البحار التي ستضيق الخناق علي أنقرة وستحرمها من منطقتها الاقتصادية الخاصة قرب اليونان.