فى ظل ظرف تاريخى عصيب كانت تمر به مصر أيام الزعيم الرحل جمال عبد الناصر ، كان لنجوم زمن الفن الجميل مواقف متباينة، وردود أفعال تجاه ما يحدث في الوطن ، فمنهم من ساهم بالدعم المادي ومنهم من قدم أعمال فنية وغنائية تلهب الحماس وتخفف الآم الهزيمة، وأخرى تظهر أفراح ما بعد النصر . كانت السيدة أم كلثوم قائدة لمبادرة دعم المجهود الحربى، إذ جمعت مبالغ مالية طائلة من إيرادات حفلاتها داخل وخارج مصر، وقدمتها بالكامل لدعم المبادرة، كما قدمت مجموعة من السبائك الذهبية والمصوغات، التى جمعتها من الوطن العربى كافة، لدعم مصر فى ظرفها الاستثنائى، وشاركها المصريون هذا الحس الوطنى، فدفعوا أضعاف ثمن التذاكر لحضور حفلاتها، دعماً للوطن. كما أحيت كوكب الشرق العديد من الحفلات داخل البلاد وخارجها حتي بلغ ما قدمته للمجهود الحربي 3 ملايين دولار، إضافة إلى سبائك ذهبية ومصوغات من الشخصيات العامة الشهيرة وقتها، فالناس كانت تثق بأم كلثوم، ويعتبرونها رمزاً للعروبة وللوطنية. كما قدمت "الست" مجموعة من الأغاني الوطنية لتلهب بها حماس الجنود وللاحتفال بذكرى ثورة يوليو منها "صوت الوطن"، و"أنشودة الجلاء" بعد خروج آخر جندى إنجليزى من مصر، وأغنية "السد" عام 1960، وأغنية "ما أحلاكِى يا مصر"بعد تأميم القنال عام 1957. ويمكن اختزال موقف أم كلثوم الوطنى فى كلمات أغنيتها "حبنا الكبير" الذى كانت تقصد به الوطن وكانت تتمنى الوقوف على خشبة المسرح، والغناء عن نصر أكتوبر 1973، ولكن صحتها خانتها، فسجَّلَت أغنية عن الانتصار فقط. لم تكُن أم كلثوم وحدها التى دعمت مصر من خلال التبرعات، حيث كان للفنانة تحية كاريوكا دور وطنى أيضاً فى تسليح الجيش المصرى فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، فقامت بحملة جمع تبرعات، مقدِّمة كل مصوغاتها الذهبية كمبادرة منها، وأثنى عليها الرئيس بعبارته الشهيرة "أنتِ بألف رجل يا تحية". كما كان لها دور وطنى كبير أيضاً، حيث ظهرت في إحدي الصور والتي ترجع إلى عام 1956 بعد العدوان الثلاثي، وهى تحمل السلاح، وتؤدى كل التدريبات، إذ كان الباب وقتها مفتوحاً للتطوع وحمل السلاح، كما شاركت فى أعمال تطوعية فى الهلال الأحمر، وبعد نكسة 67، تبرعت بكل مصوغاتها الذهبية، وجمعت تبرعات من الناس. ولم تكد تنجح ثورة يوليو 1952 حتى بدأ الفنان عبد الحليم حافظ مسيرته في تقديم الأغنيات الوطنية بنشيد "العهد الجديد" تأليف محمود عبدالحي وتلاها بأغنية "وفاء" كلمات محمد حلاوة ، والثالثة "بدلتي الزرقا" من كلمات عبدالفتاح مصطفى ، ثم أغنية "ثورتنا المصرية.. أهدافها الحرية، وعدالة اجتماعية، ونزاهة وطنية". وفي يوليو 1953 أحيا عبدالحليم حفلة "أضواء المدينة" في حديقة الأندلس، واعتبرت حفلة رسمية إذ تزامنت مع أول احتفال بإعلان الجمهورية. وقدم عبد الحليم حافظ عدداً كبيراً من الأغاني الوطنية منها "إحنا الشعب" في يوليو 1956 بمناسبة تولي عبدالناصر رئاسة الجمهورية، ومرورًا بأغنيات أخرى مثل "بالأحضان"، و"صورة"، و"المسؤولية"، ، و"يا أهلاً بالمعارك" حيث بلغ مجموع الأغاني الوطنية لعبد الحليم 61 أغنية . وفي عام النكسة قدم العندليب بالتعاون مع عبدالرحمن الأبنودي وكمال الطويل عشر أغنيات متعلقة بالمعركة، لعل أشهرها أغنية "أحلف بسماها"، إضافة إلى أغنيات "إنذار"، "راية العرب"، "بالدم"، "اضرب"، "بركان الغضب"، "ابنك يقولك يا بطل". وبعد حرب أكتوبر 1973 غنى عبدالحليم "عاش اللي قال" ، وجاء موعد آخر عمل بين عبدالحليم وكمال الطويل مع أغنية "صباح الخير يا سينا" وذلك في عام 1974. وبعد افتتاح قناة السويس أمام الملاحة العالمية عام 1975 غنى عبدالحليم آخر أغانيه الوطنية تحت عنوان "النجمة مالت على القمر"، وأغنية "المركبة عدت" . وبجانب أفلامه الكوميدية التي كانت تخفف علي الشعب مرارة النكسة والهزيمة والخسائر الناجمة عن الحرب تبرع الفنان إسماعيل ياسين بشيك بمبلغ 2000 جنيه و750 مليم لتسليح الجيش المصري ،بجانب إيرادات العديد من أفلامه ،وقدم العديد من الأفلام التي قدم فيها الجندي المصري بطريقة كوميدية حببت الشعب في التقدم للجيش والعمل فيه ، وكانت تحمل أسمه منها "إسماعيل ياسين في الجيش" و"إسماعيل ياسين في الطيران" و"إسماعيل ياسين في الأسطول البحري" ،و"إسماعيل ياسين في البوليس الحربي" وغيرها . ومع أولي خطوات مشوارها الفني قدمت شادية مجموعة من الأفلام التي تأثرت بقيام ثورة1952 منها "بشرة خير" الذي قدمت فيه أول نشيد وطني في مشوارها بعنوان "النيل" وفي نفس الفيلم قدمت أوبريت "مصر والسودان" وجسدت فيه شخصية مصر وقامت ثريا حلمي بأداء شخصية السودان, وفي فيلم"أنا وحبيبي" قدمت نشيداً عن ثورة 23 يوليو وقدمت بالاشتراك مع إسماعيل ياسين أوبريت" مصر بين عهدين" وقدمت فيه شخصية مصر لثاني مرة . وفي عيد الجلاء الأول في يونيو1957 وضع الموسيقار محمد عبد الوهاب أول نشيد وطني جماعي بعنوان" قولوا لمصر تغني معايا في عيد تحريرها" كلمات أحمد شفيق كامل, ووقع اختياره علي شادية لتغني بجواره مع سعد عبدالوهاب, وعبدالعزيز محمود, وعبدالغني السيد, ومحمد عبدالمطلب, وفايدة كامل, وبعد نجاح هذا النشيد كانت شادية هي تميمة الحظ للموسيقار محمد عبدالوهاب في كل أناشيده الوطنية حيث اشتركت في كل الأناشيد التي قدمها مع مجموعة من المطربين مثل عبدالحليم حافظ ونجاة وفايزة أحمد فغنت في"الجيل الصاعد"،و" صوت الجماهير"،و"وطني حبيبي الوطن الأكبر". وفي عام النكسة وبصوت ملئ بالحزن قدمت أغنية عن الشهداء بعنوان "النسمة رايحة تحكي وراجعة تاني تحكي ". وفي حرب الاستنزاف كانت شادية الأكثر غزارة في تقديم الأغنيات الوطنية فغنت للوطن الموجوع علي فراش المعاناة " كلنا عرب كلنا إصرار"، و" يا طريقنا يا طريق" ، كما غنت رائعتها التي تغني حتي اليوم" يا حبيبتي يا مصر" وغنت رائعة أخري "يا ام الصابرين"، وبعد حرب أكتوبر غردت قائلة"عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة". وفي عام1975 قدمت الفنانة القديرة "يا بلادنا يا حياتنا" و"البحر الأبيض والبحر الأحمر" و"ومعداش علي مصر". وبعد ارتفاع العلم المصري علي سيناء واستعادتها كاملة غنت شادية رائعتها "مصر اليوم في عيد" كلمات عبد الوهاب محمد وألحان جمال سلامه، وقبل اعتزالها الغناء والفن عام1986 غنت في احتفالات مصر بنصر أكتوبر التي كانت تقام سنويا أكثر من أغنية منها "ادخلوها سالمين". وبعد الانتصار وتحقيق النصر قدم العديد من النجوم الأفلام الحربية التي أظهرت كيف استطاع الجيش المصري تحقيق الانتصار علي العدو الصهيوني ومنهم الفنان الكبير محمود ياسين الذي قدم مجموعة كبيرة من الأفلام منها "الرصاصة لا تزال في جيبي"، و"فتاة من إسرائيل" و"الوفاء العظيم "، و"بدور" وغيرها من الأفلام الوطنية . وقدم الفنان الراحل محمود عبد العزيز أفلام عن المعاناة التي كان يمر بها الجيش في محاربة الخونة منها "إعدام ميت " وعن الحرب فيلم "حتي آخر العمر".