* منظومة التسليح الجديدة تؤكد أن جيشنا لديه القدرة على خوض معارك شرسة خارج الحدود * بعد الفراغ من تجفيف منابع الارهاب سيكون "الرعاة" هم المهمة الجديدة "هنحارب ..هنحارب" هتاف لا يعرفه ابناء الجيل الحالى الا من شاشات السينما عن فترات كانت هى الأدق فى تاريخ مصر المعاصر . وهذا الهتاف الملىء بالتحدى والجسارة والقوة خرج من قلب الشارع المصرى بكل موروثاته التى ترتكز على حضارة تضرب بجذورها أكباد الأرض والتاريخ . شعب لم يعرف الخوف طريقا له وجيش من قلب الشعب يبحث دوما عن إحدى الحسنيين "النصر او الشهادة " تلك هى "الحدوتة المصرية "باختصار . لكن هل سيتكرر هذا الهتاف فى الفترة القادمة؟ وهل تدور عجلات الزمن مثل الكوكب الذى نعيش فيه وما هى الحروب القادمة التى ستخوضها مصر؟ وهل ستكون حربا جديدة ضد الارهاب بعد انهزامه فى سيناء ام ان هناك حروبا بمفهومها التقليدى تلوح فى الافق بمعنى "الحرب الشاملة ". وفى شأن الحرب على الارهاب هل يكفى ما تم من اعلان طوارىء وما أعلن عنه الرئيس السيسى فى وقت سابق عن تشكيل مجلس مكافحة الإرهاب والتطرف ليكون بداية لضربات قوية وموجعة لهذه التنظيمات المتطرفة وأفكارها الهدامة، ومن المفترض أن يضم هذا المجلس كل الوزراء ورؤساء هيئات فى الدولة ومؤسسات لها صلة بمكافحة الإرهاب بجانب شخصيات عامة وخبراء فى كل المجالات حيث ستعمل على تجفيف منابع تمويل هذا الإرهاب؟. اسئلة كثيرة ومهمة فى مناطق شائكة لكن المؤكد قبل الاجابة على هذه التساؤلات ان الإجراءات التى تم الاعلان عنها طوال الفترة الماضية ، والتى تمت وفقًا للدستور والقانون ستكون فى المستقبل القريب جزء من عدة أسلحة ستستخدمها الدولة فى إطار حربها المقبلة بمعناها الشامل للقضاء على الإرهاب والدفاع عن امنها القومى الى جانب الدفاع عن الامن القومى العربى وحماية الحدود على كافة المستويات الاستراتيجية فهناك خطط أخرى يتم الترتيب لها داخل مؤسسات أخرى فى الدولة لوضع الخريطة الكاملة لتجفيف منابع تمويل التنظيمات الإرهابية التى تأتى غالبًا وبالمليارات من قطر وتركيا وغيرها من الدول. ما يدور فى الكواليس يؤكد بصدق أن عقاب مصر الرادع لجماعات الإرهاب، ومن يقف وراءها آتٍ لا محالة بل ان الرئيس السيسى نفسه خرج عقب تفجير كنيستى مارجرجس بطنطا والمرقسية فى الإسكندرية ليؤكد أن مصر وشعبها قادرون على المواجهة والنصر، وإننا سنواجه ما يحدث بكل صبر وصمود وقوة، ولن يستطيع أحد النيل من عزيمة المصريين.. وإذا كان هناك عقاب أتٍ لامحالة لهؤلاء الخونة وممولى الإرهاب، فهل يعلن السيسى الحرب صراحة على هؤلاء جميعا، ففى يوليوعام 2015 ظهر الرئيس السيسى بالزى العسكرى أثناء تفقده مواقع الجيش بسيناء، ووقتها كانت الرسالة واضحة بأن الدولة فى حالة حرب. وكان ذلك فى اعقاب الهجمات الشرسة التى تعرضت لها قوات الأمن على يد مسلحين تابعين لجماعة «أنصار بيت المقدس» فى محاولة منهم لإعلان إقامة ما اطلقوا عليه زيفا «الدولة الإسلامية» فى الشيخ زويد، وهو المخطط الذى أفشله الجيش وقتل مئات من الإرهابيين، وبعد هذا الحادث فى كنيستين بمصر أعلن الرئيس قرارات كانت بمثابة قرارات حرب لمواجهة هذا الخطر الداهم فى مصر وهو الإرهاب. لكن الوضع فى المنطقة يؤكد ان حروب الخريف القادم ربما لا تقتصر فقط على الارهاب بمفهومه الذى عايشناه الحقبة الماضية بل ربما يتطور الامر ونضطر لخوض حرب شاملة كتب علينا فيها القتال وهو كره لنا . وربما يتوقف ذلك على الوضع فى الحدود الغربية مع ليبيا والوضع فى اليمن والتهديدات المستمرة لاشقائنا العرب فى الخليج من قبل ايران وهو ما يدفع مصر الى الاستعداد الدائم والجاهزية الى جانب عقد صفقات تسليح الجيش المصرى ، وبغض النظر عن الصفقات الاقتصادية والعسكرية التى تمت فى زيارة الرئيس السيسى إلى أمريكا منذ أيام، إلا أن مصر تنتظر خلال العام الجارى عددًا من صفقات الأسلحة التى ستحصل عليها ضمن صفقات عسكرية مع دول مختلفة منها ألمانيا وفرنسا وروسيا، وقد يزيد عددها على 6 صفقات، وذلك فى إطار حرص مصر على تنويع صفقاتها العسكرية بين الدول الكبرى ، ففى أول إبريل الماضى احتفلت القوات المسلحة المصرية بانضمام 3 طائرات متعددة المهام من مقاتلات الجيل الرابع طراز «رافال» إلى تشكيلات القوات الجوية ليكون هذا السطول الجديد تعزيزا لصفقة التسليح الفرنسية للقاهرة، والتى وقعت فى فبراير 2015 بين وزير الدفاع الفرنسى جان إيف لودريان أثناء تواجده بالقاهرة والجانب المصرى وبموجبها تم بيع 24 طائرة رافال إلى مصر من إنتاج شركة داسو للطيران وسفن حربية متعددة المهام تصنعها مجموعة الصناعات البحرية. ومن المقرر أن تتسلم مصر باقى الطائرات خلال عامين، وبجانب ذلك هناك صفقة «سوخوى 35»، وذلك فى إطار التعاون العسكرى المشترك بين مصر وروسيا بجانب مروحيات التمساح الروسية «كا 52»، وهى مروحية روسية هجومية تستخدم من قبل الجيش الروسى وأول مروحية فى العالم بكرسيين قابلين للقذف وكرسيى الطيارين فيها متجاورين بالإضافة إلى صفقة «إس 300»، وهى تشكل تحديًا لسلاح الجو الإسرائيلى من الناحية التكنولوجية، وتعد من الأنظمة القوية فى العالم خاصة فى ميادين الدفاع الجوى. ولم تقف الصفقات عند ذلك بل هناك أول مدمرة كورفيت جويند حيث تعاقدت مصر العام الماضى مع شركة «دى.سى. إن. إس» الفرنسية المصنعة للسفن والغواصات الحربية، على تصنيع أول مدمرة من طراز كورفيت الشبحى جوويند 2500 بمواصفات خاصة لصالح القوات البحرية المصرية، فضلًا عن صفقات تتعلق بمقاتلات الميج 35 وهى مقاتلة متعددة المهام. هذا الى جانب الغواصة الحربية المانية الصنع التى تسلمتها البحرية المصرية مؤخرا ضمن صفقة كبيرة للغواصات الالمانية الصنع ستتسلم باقيها مصر فى وقت لاحق . فهل تحمل هذه الصفقات اى رسائل مهمة وانه حان وقت عقاب المتآمرين على مصلحة هذا البلد لأن مصر تواجه بالفعل أكبر هجمة إرهابية غاشمة يقف وراءها من يضخ أموالًا طائلة لدعمها. فى كل الاحوال فان البيانات الرسمية الصادرة عن الدولة تؤكد ان منظومة التسليح المصرية المتكاملة الهدف منها هو حماية الامن القومى المصرى دون التلميح لاى تفصيلات باعتبار ان هذا الملف شائك للغاية وكل كلمة فيه تكون بالف حساب . لكن الواقع الذى نشهده على مسرح عمليات المنطقة يؤكد عدة ملامح لمخاطر وتحديات ففى الوقت الذى تخوض مصر حربها ضد الإرهاب تحركت قطر من اسابيع وفق خطة مسمومة ضد مصر بجولة قام بها أمير قطر تميم بن حمد آل خليفة إلى عدد من الدول الإفريقية وعلى رأسها إثيوبيا والزيارة دون شك كانت لخدمة أهداف بعينها جميعها تحمل العداء الشديد لمصر بجانب معلومات أخرى تؤكد أن الدوحة اتفقت على تقديم دعم غير محدود لأديس أبابا، ومنح إثيوبيا قرض قيمته 500 مليون دولار. لكن هذا الملف تحديدا ونقصد قطر لا يمكن لمصر ان تلقى بكل ثقلها فى المواجهة فيه لاعتبارات كثيرة منها ان قطر دولة عربية شقيقة لكن الاسرة الحاكمة فيها مارقة والقت بها فى غياهب المؤامرات ضد اشقائها العرب . لكن القاهرة تمتلك ملفات مهمة ضد ممارسات امير قطر يمكن تحريكها دوليا وكبح جماحه . لكن الأزمة مع أديس أبابا لها حسابات اخرى وخطوط حمراء تمس الامن القومى المصرى فى العمق لذا لن يتوانى صانع القرار فى المواجهة بكل الخيارات عند اللزوم . ملف اخر شديد التعقيد تبذل فيه مصر قصارى جهدها لاعادة الاستقرار له وهو الملف الليبى ففى السنوات الاخيرة كثيرًا ما جاءت التقارير المعلوماتية لتؤكد أن الخطر قادم من الغرب، حيث ليبيا، التى سيطرت عليها الجماعات الإرهابية. والواقع الذى عاشته ليبيا فى السنوات الاخيرة يؤكد صحة هذه المعلومات ، لأن ليبيا ما بعد القذافى، عادت من جديد إلى القبليّة، إذ صار لكل مجتمع صغير أو لكل مدينة أو منطقة، ما يشبه بالحكم الذاتى، وصارت البلاد ممزقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، صار الإرهاب ينهش فى جسدها حتى خارت قواها. واعتمدت الجماعات الارهابية فى ليبيا على اقتصاديات غير تقليدية ،فقد تحولت ليبيا الى سوق كبيرةً لتجارة السلاح، وقريبا ستكون سوقا لتجارة البشر، بعد محاولات حثيثة من المجتمع الدولى لإعادة توطين اللاجئين الذين تلفظهم أمريكا والدول الأوربية، على أراضيها. وتدفعنا الظروف الإنسانية التى يمر بها اللاجئون ان نتصبب عرقا ونصاب حرجا عند الحديث عن تدهور أحوالهم، إلا أن التصريحات المناهضة للاجئين فى أوروبا، لا تعرف العاطفة، فعند أى كارثة تخريبية أو إرهابية يتم تحميلهم المسؤولية وتشير اليهم اصابع الاتهام ، بل وتتصاعد دعوات طردهم من بلاد القارة العجوز، تجنبا لمثل هذه النكبات هذا الى جانب موقف الولاياتالمتحدة بعد تولى ترامب. عمومًا، إذا صحت الدعوات وصارت ليبيا موطنا للاجئين، فبالتأكيد، ستنهض دول الجوار، وتحديدا فى مصر، للتحذير من الخطر القادم من الغرب. ولكن لماذا تصاعدت دعوات توطين اللاجئين فى ليبيا؟ الأمر بدأ منذ فترة، بعد ضيق المجتمع الغربى بهم، لكنه زاد بعد تعهد قادة الاتحاد الأوروبى، فى ختام قمّتهم الماضية بمالطا، بتمويل مخيمات للمهاجرين فى ليبيا تديرها حكومة فايز السراج، فى إطار جهود الاتحاد للتصدى للهجرة من إفريقيا والشرق الأوسط، الأمر الذى رفضته حكومة السراج وعدد من المنظمات الحقوقية، معتبرة إيّاه سعيًا مباشرًا لتوطين اللاجئين فى ليبيا. اما الجائزة الكبرى أو باقى الصفقة الخفية فإن الاتفاقية إضافة إلى تمويل المخيمات، تتعهد بتقديم الدعم المالى والتقنى وتدريب وتسليح خفر السواحل الليبى، لتفعيل دوره فى مكافحة شبكات تهريب اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، وحماية الحدود البحرية الجنوبية للاتحاد الأوروبى، إلى جانب تكثيف عمل الشرطة الجنائية الأوروبية (أيروبول) لمكافحة شبكات التهريب بطريق النيجر ومالى، وجمع معلومات وأدلة من هناك على هذه العمليات. وبالرغم من اعتراف رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، بأن هناك "مشكلات تتعلق أساساً بحقوق الإنسان" فى مخيمات اللاجئين فى ليبيا، فقد باركت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسى، فرانسوا هولاند، هذه الخطة الأوروبية، كما أشاد رئيس المجلس الأوروبى، دونالد تاسك، فى حديث له بعد القمة، بالاتفاقية الإيطالية واصفاً إياها ب"الخطوة الواقعية والعملية"فى واقعة مرت مرور الكرام ولم يلتفت اليها أحد . وجاء هذا الإعلان عقب توقيع رئيس الوزراء الإيطالى باولو جينتولينى مع رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الليبية، فائز السرّاج، على مذكرة تفاهم لمعالجة مسألة تدفق المهاجرين غير الشرعيين. وتنصّ مذكرة التفاهم الموقعة على تقديم إيطاليا بدعم من الاتحاد الأوروبى، التمويل لمخيمات ليبية لإيواء اللاجئين والمهاجرين الذين يُنقذون فى البحر المتوسط، لتعزيز الجهود الرامية للحد من تدفق آلاف من اللاجئين عبر أوروبا. المبعوث الأممى إلى ليبيا، مارتن كوبلر، أكد عقب ذلك أنه لا يمكن تخيُّل أن تكون مخيمات اللاجئين فى ليبيا مثل مخيمات اللاجئين فى الأردن، التى هى عبارة عن خيم من قبل الأممالمتحدة، إذ إن مخيمات اللاجئين فى ليبيا مزدحمة جدا، وفى بعض الأحيان يُجبر اللاجئون على الوقوف بسبب الزحام، أو انتظار النوم بعد أن يستيقظ الآخرين أو النوم فوق بعضهم. وكشف كوبلر وقتها أن نحو 10% من الرجال المقيمين فى مخيمات اللجوء يعانون من نقص التغذية، يضاف إلى ذلك وجود أمراض جلدية، فضلا عن عمليات الاغتصاب والمشاجرات التى تتم بين اللاجئين، مضيفا "لا يمكن إعادة اللاجئين إلى ليبيا مع هذه الأوضاع. وهذا غير مقبول". اما موقفنا المصرى فقد كان يقظا ومتابعا جيدا للملف ، فمن الواضح أن سامح شكرى وزير الخارجية بدبلوماسيته المعهودة استطاع أن يجنب القاهرة حرج استضافة مزيد من اللاجئين، حيث أرسل رسالة واضحة لا يشوبها أى شك لقادة دول اجتماع مالطا وقتها بالقول "لنتخيل أن يحدُث فى مصر شىء مشابه لما يحدث الآن فى ليبيا، لو وقع واحد بالمئة من السكان فى براثن التطرُف، سيكون لدينا 100 ألف إرهابى، وهذا سيكون كافياً ليس لزعزعة استقرار أوروبا وحدها، بل كل العالم". الارقام تؤكد فى هذا الملف أن من عبروا البحر إلى أوروبا ما يقرب من 163 ألفاً من المهاجرين واللاجئين، وذلك فى رحلات مباشرة من ليبيا العام 2016، وفقاً لوكالة الأممالمتحدة للاجئين، وتمت إعادة حوالى 15 ألفا منهم بموجب اتفاقات ثنائية مع دول شمال إفريقيا، مقارنة بأكثر من 138 ألف شخص فى عام 2015، فيما دخل أكثر من نصف مليون شخص إلى إيطاليا قادمين من شمال إفريقيا منذ عام 2014. ويقدّر الاتحاد وجود ما بين 300 و350 ألف طالب لجوء ينتظرون فى ليبيا حاليا فرصتهم لركوب البحر إلى أوروبا عند تحسن الطقس. وفى نفس الاتجاه يوجد طرف اخر فاعل فى الملف وهو الجانب الروسى حيث كشف وصول حاملة الطائرات الروسية الأميرال كوزنستوف إلى المياه الإقليمية الليبية منذ فترةعن الأعراض الأولى لتدخل عسكري روسي محتمل في الصراع الجاري في ليبيا. ولاحظت أوساط عسكرية دولية أن أحد جوانب قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتخفيف تواجده العسكري في سوريا هو انتقال حاملة الطائرات من المياه السورية إلى تلك الليبية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن القائد العام للجيش الليبي، خليفة حفتر، زار حاملة الطائرات الروسية، وتواصل مع وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وبحث معه محاربة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط. عموما يكفى أن نقول ان حروب الخريف ربما تكون مختلفة عن كل الحروب وربما تكون على اكثر من جبهة كما انها لن تكون ابدا هذه المرة حروبا دفاعية او رد فعل بل ستكون هى "الفعل" نفسه وصانعة الحدث والتأثير فالقرار المصرى اصبح حرا طليقا ولا يقبل الاملاءات من احد ولا يمكن ان يستأذن احد من اجل الدفاع عن امنه القومى وسلامة ووحدة ارضه وحماية شعبه ومقدراته خاصة ان القاهرة باتت جاهزة للحرب التقليدية بجيش وبمنظومة اسلحة يفخر بها كل مصرى وجاهزة لحروب التنمية بحزمة مشروعات عملاقة قطعت شوطا كبيرا فى انجازها .