رغم الأحداث المؤسفة الأخيرة التي شهدتها مصر باستهداف كنيستين خلال أحد الشعانين ،صمم البابا فرانسيس بابا الفاتيكان على أن تكون زيارته لمصر في الموعد المحدد لها منذ فترة فى السابع والعشرين من الشهر الجارى، ليؤكد للعالم أن هذه الأحداث فردية ولا تعني أن مصر غير آمنة، وتتزامن هذه الزيارة مع اختيار مجلة التايم الأمريكية له كواحدا من أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم. وكانت اللجنة المنظمة لزيارة بابا الفاتيكان لمصر قد أكدت عقب أحداث تفجير الكنيستين بطنطا والإسكندرية أن الأخير متمسك بزيارته الى مصر ورغبته الشديدة في زيارتها في الموعد المحدد، وعدم وجود تغيير في جدول الزيارة المقررة. وكانت عدة تقارير صحفية قد اجتهدت ونشرت أخبار غير مؤكدة عن إلغاء زيارة البابا فرانسيس لمصر والمقرر لها يوم 27 أبريل الجاري في زيارة تستمر لمدة يومين، ويلتقي خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي والبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر. وفي خضم هذه الأخبار المتضاربة من مصادر دولية مختلفة حول القضايا السياسية التي سيثيرها البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، في لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، نفى المتحدث الرسمي باسم الفاتيكان أن تكون أجندة البابا متضمنة أي قضايا سياسية. وأكد المتحدث باسم الفاتيكان جريك مورك في بيان له, أن زيارة البابا لمصر تستهدف فقط التوحيد والتقارب بين المذاهب المسيحية المختلفة، وتمكين وصول الحوار والتعاون مع الإسلام. وتأكيدا على أن الهدف المحدد من زيارة البابا فرانسيس دينيا وليس سياسيا، قال مورك، إن زيارة البابا جاءت تلبية لدعوات عديدة من كل من الرئيس السيسي، وأساقفة الكنيسة الكاثوليكية المصرية، وبابا الأقباط، وشيخ الأزهر. وكان من الطبيعي أن تجد هذه الزيارة صدى في الصحف العالمية ،حيث قالت صحيفة بيتسبرج كاثوليك الأمريكية: إن الزيارة المرتقبة من فرانسيس بابا الفاتيكان إلى مصر تأتي على خلفية العلاقات الدافئة مع الدولة العربية الأكثر تعدادا سكانيا. وأشارت الصحيفة إلى أن فرانسيس وافق على تلبية دعوة الرئيس السيسي وقيادات دينية مصرية لزيارة الدولة الشرق أوسطية. وأوضحت الصحيفة أن زيارة بابا الفاتيكان ستكون الجولة الخارجية له رقم 18 خلال 4 سنوات قضاها حتى الآن في منصبه، والسابعة التي يزور فيها دولة إسلامية, وعلاوة على ذلك، سيصبح فرانسيس بابا الفاتيكان الثاني الذي يزور مصر بعد جون بول الثاني الذي ذهب للقاهرة وجبل سيناء عام 2000 ونقلت الصحيفة عن تقرير يستند على وكالة كاثوليك نيوز, إن الزيارة تأتي وسط علاقات أكثر قربا بين الفاتيكان والأزهر أكبر مؤسسات الإسلام السني. ولفتت الصحيفة إلى أن "الطيب" شيخ الأزهر سبق وزار الفاتيكان في مايو 2016 وعقد اجتماعا مغلقا مع فرانسيس الذي قال لاحقا للصحفيين إن مناقشاته مع شيخ الأزهر التي امتدت 30 دقيقة تركزت على السعي لترسيخ السلام بين المجتمعات, وأضاف فرانسيس آنذاك لا أعتقد أنه من الملائم تعريف الإسلام بالعنف، إنه أمر ليس مناسبا وليس حقيقيا. وقالت الصحيفة إن فرانسيس تفاعل مع التقارير الإعلامية التي تقول بإن المسيحيين في مصر مضطهدين ،كما قال فرانسيس للبابا تواضروس الثاني في وقت سابق: " نحن متحدون أكثر من ذي قبل متحدون من خلال مسكونية الدم مما يشجعنا أكثر على المضي قدما في طريق السلام والمصالحة". ولفتت إلى أن الرئيس السيسي كان قد التقى البابا فرانسيس في الفاتيكان. من جانبه علق موقع كروكس الأمريكي على الزيارة قائلا: إنه بدعوة من شيخ الجامع الأزهر وهو أيضا جامعة تعتبر من أرقى مراكز التعليم في العالم الاسلامي السني سوف ينضم البطريرك بارثولوميو من القسطنطينية إلى البابا فرانسيس للمشاركة في مؤتمر دولي حول السلام في القاهرة. ولفت الموقع إلى أن باثولوميو يعتبر أول من يساوي بين القادة الأرثوذوكس، وله تاريخ طويل في صنع القضايا المشتركة مع البابا فرانسيس بما في ذلك الأحداث المشتركة في الأرض المقدسة والفاتيكان واليونان. وأوضح الموقع أنه من المحتمل أن ينضم قادة كل من الغرب والشرق المسيحي إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المخلية في مصر ،بقيادة البابا تواضروس الثاني ليكونوا جبهة موحدة في اجتماعاتهم بالأزهر ،حيث يأتي هذا الاجتماع بعد حوالي ثلاثة أسابيع من وقوع اعتداءات بالقنابل على كنيستين ،ما أدى إلى مقتل 45 شخصا. ووفقا للموقع كان من المقرر أن يتحدث البابا فرانسيس والطيب في مؤتمر دولي حول السلام في الأزهر في أبريل الجاري ،بصحبة بارثولوميو. وأشار الموقع إلى أن الأزهر مصمم بوضوح على عرض وجوه أخرى للإسلام ،الذي يرفض العنف ويحتضن الحوار ،لافتا إلى احتمال وجود بعض التوترات بين القادة المسيحيين الثلاثة حول كيفية مشاركة الطيب والمؤسسة التي يمثلها. وقال الموقع إن كل من فرانسيس وبارثولوميو كانا قد أثنيا على الأزهر في عدد من المناسبات ، وكانا ينظران إليه باهتمام كحليف استراتيجي في الكفاح ضد الارهاب والعنف الديني, لكن وفقا للموقع فإن العديد من القادة المسيحيين في مصر أثاروا تساؤلات حول عمق التزام الأزهر بالإصلاح الديني.وتأتي هذه الزيارة تزامنا مع اختيار مجلة التايم الأمريكية للبابا فرانسيس كواحد من أكثر100 شخصية مؤثرة في العالم. ويعتبر البابا أول راهب منذ جريجورى السادس عشر، وهو عضو فى الرهبنة اليسوعية، ليكون بذلك أول بابا يسوعى، التى تعتبر من أكبر منظمات الكنيسة الكاثوليكية وأكثرها تأثيرا وفاعلية. واسمه الذي ولد به هو خورخي ماريو بيرجوليو،حيث ولد في بوينس آيرس بالأرجنتين لماريو خوسيه بيرجوليو وريجينا سيفوري ماريا في عائلة مكونة من خمسة أطفال، وهو أكبر أشقائه ، وكان والده مهاجرا من إيطاليا، أما والدته فولدت في الأرجنتين غير أنها من أصول إيطالية أيضا. وحسب تصريح لشقيقة البابا، فإن السبب الرئيسي للهجرة من إيطاليا إلى الأرجنتين كان الهروب من النظام الفاشي الذي كان متحكمًا في إيطاليا، وتعد شقيقة البابا وتدعى ماريا إيلينا هي الوحيدة من أسرة البابا الباقية على قيد الحياة. واللافت أن للبابا اهتمامات عديدة فمنذ طفولته وشبابه، عرف عنه شغفه بالأفلام، والموسيقى الشعبية في الأرجنتين والأوروجواي، ورقص التانجو، ومتابعته كرة القدم، وتشجيعه بشكل خاص نادي برشلونة. تلقى البابا تعليمه الابتدائي في مدرسة للآباء الساليزيان في إحدى ضواحي بيونس آيرس، أما مدرسته الإعدادية فكانت متخصصة في التقنيات الكيميائية، وتابع دراسته الجامعية حتى حصل على درجة الماجستير في الكيمياء في جامعة بوينس آيرس، وعمل لثلاث سنوات سنوات ضمن مجال اختصاصه في أحد المختبرات في العاصمة الأرجنتينية. وتشير بعض المصادر إلى حصوله على شهادات دراسة عليا في الكيمياء في وقت لاحق من جامعة بوينس آيرس، غير أنه في سجل حياته الرسمي الذي نشره الفاتيكان لم تذكر جامعة بوينس آيرس ذلك, منذ شبابه اختلط البابا بالطقوس الشرقية، من خلال صداقة جمعته مع أحد الكهنة المتبعين للطقس البيزنطي.ويعرف عن فرانسيس مواقفه المتسامحة مع الإسلام ،فبعد انتخابه، رحب رجال الدين المسلمين في الأرجنتين بالأمر, وقالوا في بيان أنه أظهر نفسه دائما كصديق للمجتمع الإسلامي وأنه شخص يقف موقف الداعم للحوار. وكان البابا خلال رئاسته أساقفة بيونس آيرس قد زار مسجد ومدرسة إسلامية في المدينة، ودعا إلى تعزيز العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام, وفى إحدى المرات وخلافا للقانون الكنسي والتقليد قام البابا خلال استذكار غسل المسيح أرجل تلاميذه، قام البابا بالغسل حسب التقليد لاثني عشر شخصا اثنان منهم مسلمين.