خلال المناظرة الأولى بين هيلارى كلينتون و دونالد ترامب المرشحان لإنتخابات الرئاسة الأمريكية، سأل المذيع عن الإتفاق النووى الإيرانى الذى أبرمته أمريكا مع إيران؟. هنا وقع جدل بين المرشحان، ففى قول كلينتون، دافعت عن إجراء المفاوضات دون التدخل العسكرى، وإنها عندما تولت وزارة الخارجية كانت إيران على وشك الحصول على قنبلة نووية، بينما استطاعت الدبلوماسية أن تمنعها من ذلك.. وأن واشنطن تحالفت مع الصينوروسيا من أجل الضغط على إيران لدفعها للتفاوض على مدار عام ونصف. وقالت: "استطاع الرئيس باراك أوباما التوصل لاتفاق دون طلقة رصاص واحدة". في المقابل. أما ترامب اعتبر أن الاتفاق النووي سيئًا، وقال إنه سيؤدي إلى تسلح إيران نوويا خلال عشر سنوات، وسيجعل منها قوة كبيرة في الشرق الأوسط، واتهم ترامب كلينتون بالفشل الدبلوماسي، وقال إنه كان على إدارة أوباما أن تبرم اتفاقا مناسبا يأخذ في عين الاعتبار أيضا نفوذ إيران في اليمن وعلاقاتها مع كوريا الشمالية ودول أخرى. القصد هنا فى أساسه، هو ما بدى للكاتب من واقع الصراع بين المرشحان، أن الأمر برمته متوقف على من هو الأقدر والأنسب لتحمل مسئولية تحقيق المصالح الأمريكية العليا، والحفاظ على مكانتها الدولية كقوة عظمى، فما قاله ترامب، يشير إلى أن تعطيل تقدم الدول الأخرى ووقف تنميتها بالنسبة لأمريكا، هو أمر مشروع ومسموح به على كافة المستويات الرسمية والشعبية، بل ويشجعون عليه.. وهذا ليس من باب أذى الغير، بينما يأتى من منطلق حماية مصالح بلادهم والتصدى لأى تهديد لها، وهنا عاير ترامب كلينتون بانها تسببت فى إجراء إتفاقا سيئا سيجعل من إيران دولة قوية، وهذا عيب وخطأ لا يغتفر من وجهة نظر الأمريكيين. الجدل الذى دار بينهما، أثبت أمرًا فى غاية الأهمية، أوله هو وجوبية نسف فكرة وجود مؤامرة من أجل المؤأمرة فى حدا ذاتها كرها فينا أو تجبرًا علينا، وأن سبب وهننا وضعفنا، هو نتيجة هذة المؤامرة، وهذا تصور خاطئ إذا تعاطينا معه من هذا الجانب، وهذا لا يجوز فى ظل علاقاتنا بدول العالم بما فيها إسرائيل، بل يجب الحديث والنظر للأمور من تلك الزاوية. زاوية المصلحة، كما يحدث هناك فى تلك البلاد التى تسبقنا وتتفوق علينا فى كل شئ، بما يعنى أن دولة عظمى مثل أمريكا لها مصالح ما فى منطقة ما إذن فمن الواجب على كل مواطن أمريكى مهما كان موقعه أن يعمل ويخطط ويجتهد لإنجاح هذة المصلحة بأى شكل وبأى طريقة، لا يهم، لكن المهم هو المصلحة. إذن يجب علينا أن نتعامل بتلك الطريقة، طريقة المصالح والعمل والإجتهاد، بدلاً من الندب والولولة والحسرة على حالنا الذى نحياه بسبب تلك المؤامرات التى تحيكها لنا أمريكا مرة وإسرائيل مرة وأوربا مرة، إلخ. وفيما يخص إيران، لو رجعنا للجدل اللى وقع بين المرشحان، وتأملاناه سنجد أن الخيار العسكرى كان مطروحاُ على الطاولة أمام أوباما كبديل إذا لم تفلح المفاوضات، وهذا يتضح فيما قالته كلينتون بأن الدبلوماسية نجحت فى إفساد المشروع الإيرانى وتعطيل تصنيع القنبلة النووية، دون طلقة رصاص واحدة. واللافت للنظر أيضًا أن الولاياتالمتحدة لجأت للتفاوض مع روسياوالصين لتحقيق هدفها بوقف هذا المشروع، كى لا تصبح إيران دولة قوية فى الشرق الأوسط ومن ثم تتوفر لها القدرة على الوقوف فى وجه المصالح الأمريكية وتهددها، وهذا ما لا تريده أمريكا. وفى الختام، كى لا نتوه بين تفاصيل الأمور، فإنى أختصر عليكم الأمر، بجملة واحدة ألأ وهى "الدنيا مصالح".