حادث المنيا طائفى.. والبابا يتابع القضية أول بأول وموقف الكنيسة ليس مخزيا أيدى فى النار.. والدولة مازالت تدفع الاقباط نحو الكنيسة ولا تقوم بدورها نحوهم تضليل المسئولين زاد من حالة الاحتقان لدى الأقباط.. وبيان السيسى هدأ من صدمتنا أكد الأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا وأبو قرقاص أن حادثة سيدة الكرم تعد "كارثة" انتفض لها المجتمع المصري كله ،مطالباً جهات التحقيق بجعلها قضية مستقلة بعيداً عن الأزمات الطائفية. وقال في حواره مع "الموجز" هناك عناصر "مجرمة" تتستر خلف الدين وتحمل أفكارا متطرفة تبثها في نفوس العامة وتدعمها بالسلاح في الصعيد وتستغلهم في تأجيج الفتن الطائفية والاساءة الي الاسلام. وأشاد أسقف المنيا بالدور الذي قامت به السوشيال ميديا في كشف حقيقة الواقعة وإظهار إخفاق المسئولين في احتواء الأزمة ،منوهاً الي أن الدولة مازالت تدفع الاقباط نحو الكنيسة ولا تقوم بدورها نحوهم. كما شدد الأنبا مكاريوس علي ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لإنهاء الأزمة لقطع الطريق أمام المتاجرين بالقضية نحو تدويلها. = في البداية..كيف تري واقعة سيدة "الكرم" التي شهدتها محافظة المنيا مؤخراً؟ هذه ليست مجرد حادثة وإنما هي "كارثة"أصابت المجتمع المصري كله مسلمين ومسيحيين بصدمة وذلك بعد أن تم تجريد سيدة مسنة من ملابسها فى قرية الكرم بأبو قرقاص، علي أثر إطلاق شائعة حول وجود علاقة بين مسيحى ومسلمة ،تعرض المسيحى، ويدعى أشرف عبده عطية، للتهديد مما دفعه لترك القرية ،ثم قام مجموعة يقدر عددها بثلاثمائة شخص، خرجوا فى الثامنة من مساء اليوم التالى، الجمعة 20 مايو 2016 ، يحملون أسلحة متنوعة فتعدوا على 7 من منازل الأقباط، وقاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار فى بعضها. ولم يكتف هؤلاء المعتدون بذلك وقاموا بتجريد السيدة سعاد ثابت والدة أشرف عطية -مسيحية مسنة -من ثيابها، مشهرين بها أمام الحشد الكبير بالشارع ومرددين هتافات تكبير لإضفاء الشرعية علي الواقعة والتي تمثل في حقيقتها إساءة بالغة للإسلام شأنها في ذلك شأن الممارسات التي تقوم بها داعش والجماعات الارهابية الاخري. وهل تمثل تلك الواقعة أزمة طائفية أم مجتمعية ؟ من قام بهذه الواقعة لا يمثل خلق المسلمين ولا المصريين ولا حتي الصعايدة أصحاب النخوة والشهامة،وهذه الواقعة يتشابك فيها بعدين رئيسيين :الأول هو البعد الطائفي الذي يتمثل بحادث الاعتداء وسط التكبيرات للرد علي شائعة وجود علاقة بين مسلمة ومسيحي مع الاخذ في الاعتبار أن العلاقات غير الشرعية كثيرة وتحدث حتي في داخل الدين الواحد. والبعد الثاني هو البعد المجتمعي الذي يتعلق بالشرف ومحاولة المعتدين إلحاق العار بهذه السيدة وأسرتها وفي رأي أن هذه الواقعة زاد هذه السيدة القوية شرفاً وألحق العار بهؤلاء المعتدين الجبناء,ولذلك نحن نطالب المسئولين وجهات التحقيق أن تتعامل مع حادثة الاعتداء علي السيدة سعاد علي أنها "جريمة مستقلة" عن الواقعة الأصلية –علاقة مسيحي بمسلمة- وذلك حتي يعود لهذه السيدة حقها . ومن هو المسئول الحقيقي عن إشعال تلك الفتنة الطائفية؟ هذا هو السؤال المهم الذي ينبغي أن تبحث عنه جهات التحقيق ولا يكتفوا بالقبض العشوائي علي الأهالي لمجرد تهدأة الأوضاع ،فالمعتدون من وجهة نظري يمثلون أدوات يقوم بتحريكها عناصر مجرمة تتستر خلف الدين وتحمل أفكارا متطرفة تبثها في نفوس العامة وتدعمها بالسلاح ،وهناك كثير من الأسئلة التي نطالب المسئولين بالاجابة عنها: من الذي قام بتجميع هذا العدد الهائل الذي وصل لأكثر من 300 شخص ؟ اختيار يوم الجمعة ؟ مصدر هذه الاسلحة التي كانوا يحملونها ؟ هناك بلاغ تم تقديمه يوم الخميس لماذا لم تتحرك الاجهزة الأمنية للقيام بدورها لمنع حدوث الواقعة وحماية المواطنين من الاعتداء عليهم؟. ماذا عن محاولة بعض المسئولين للتعتيم علي هذه الواقعة وإنكار حدوثها؟ في رأي التضليل أخطر من التقصير ويزيد حالة الاحتقان ، بمعني كان ينبغي علي المسئول أن يعترف بالخطأ ويصارح الناس بحقيقة الواقعة وأن هناك تقصير تم من قبل المسئولين المحليين في هذه القرية خاصة أن السيدة سعاد وزوجها قاما قبل الواقعة بعمل محضر بمركز شرطة أبوقرقاص، يبلغان فيه بتلقيهما تهديدات، وبأنه من المتوقع أن تنفذ تلك التهديدات في اليوم التالي ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراءات لإحتواء الموقف قبل تفاقمه والاعتداء علي المسيحيين بالقرية. = كيف تري الدور الذي قامت به ال "سوشيال ميديا" ومواقع التواصل الاجتماعي تجاه الواقعة؟ لقد نجحت السوشيال ميديا فيما أخفق فيه المسئولين ,حيث أظهرت للرأي العام حقيقة الواقعة وكشفت سلوك منفر أصاب الجميع بصدمة وانتفض له المجتمع كله ليعبر عن رفضه وغضبه الشديد نحوه ويطالب بمحاسبة المعتدين وإعلاء دولة القانون. ماذا عن البيانات التي صدرت عنك حول الواقعة والتي اتسمت بالقوة والجرأه كما وصفها الاقباط؟ أنا أيدي في النار،وقد تألمت كثيرا لما حدث لهذه السيدة وقد أرسلت إليها وتحدثت معها ؛لأن في رأي يجب ان يكون هناك صوت للاقباط من الكنيسة يتقوي ويصرخوا من خلاله تجاه ما يحدث لهم وما قمت به كان تعبيراً عن ضمير الاقباط والكنيسة حول الواقعة ولا توجد لي أية مآرب شخصية كما أن البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية حزن كثيرا لهذا الحادث وكلفني بمتابعة الأزمة. ماهي كواليس لقاءك مع هذه السيدة ؟ اللقاء استهدف تطمينها، وشكرها على شجاعتها في مواجهة الموقف,بالإضافة للتأكيد علي تضامن الجميع معها ومساندتهم لها بعد تخاذل المسئولين معها والذي زادها ظلماً,وقد تأثرت كثيراً وهي تروي قصتها عندما قالت "كنت أتمني الموت ولا يحدث لي هذا " ،كما ذكرت ذلك في المكالمة الهاتفيه التي أجراها معها البابا تواضروس نظراً لغيابه عن أرض الوطن وتلقيه للعلاج في النمسا للإطمئنان عليها وتأكيد مساندته لها. لماذا قمت بتسجيل لقاءك مع السيدة سعاد وبثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام؟ هذه التسجيلات تمت بموافقة السيدة سعاد وقد أردت من خلالها إثبات حقيقة الواقعة التي أنكرها البعض وحاولوا تضليل المجتمع بأنها وهمية. كيف تري موقف الدولة في تعاملها مع الأزمة؟ للأسف مازالت الدولة تدفع المسيحيين نحو الكنيسة ولا تقوم بدورها تجاه الشعب ؛لأن في مثل هذا الموقف في أي دولة كانت السيدة سوف تلجأ للشرطة ويتم القبض فوراً علي المسئولين عن الاعتداء ومحاكمتهم ، وفي المجتمعات الاخري أيضا الدولة تدافع عن أبنائها وتحقق مطالبهم وتحتويهم . ماهو تعليقك علي بيان الرئيس عبد الفتاح السيسي حول الواقعة؟ بيان صادق، قوي ،نبيل ،هدأ نفوس الاقباط ،خاصة بتوجيهه بضرورة محاسبة المتسببين فى الواقعة، وتمسكه بحفظ وصيانة كرامة المواطن المصري ,فهو بيان صدر عن مسئول مصري غيور أعاد بناء ما تهدم وشعرنا من خلاله أن الواقعة تعبر عن أن مصر كلها أُهينت في هذه المرأة. وماذا عن رفضك لعقد جلسة صلح لتسوية الخلاف بين الأطراف المتنازعة التي تبناها الأزهر؟ جلسات الصلح العرفية سلبية ومجحفة وتم إهانتنا فيها كثيراً واجبرنا علي القبول بشروط مهينة ضاعت فيها حقوق الاقباط نتيجة اظهار الفزاعة التقليدية بأن الصلح يحمي المسيحيين من بطش الانتقام ومن أجل الحفاظ علي التعايش السلمي وكلها عبارات تحمل نبرات تهديد ،ويجب التوضيح هنا بأن الجلسات العرفية هي اختيار مجتمعي تستهدف علاج البعد الاجتماعي في المشكلة لكنها لاتقوم مقام الدولة فيما ينص عليه القانون والدستور في مثل هذه الجرائم ،كما ان موقف الشيوخ والقساوسة في هذه الجلسات يكون بمثابة إلقاء رماد فوق نيران متأججة ولهذا نحن نرفض وبشدة جلسات تطيب الخواطر التي أفسدت جميع القضايا، وأوجدت الفرصة للمسئولين للهروب من المواجهة، والقيام بمسئولياتهم، وجعلت من كل كارثة مقدمة لكارثة أكبر في زمن قصير. كيف تري تعامل الكنيسة مع الواقعة ؟ لا يمكن تحليل موقف الكنيسة بشكل محدد لأن ذلك يرتبط بموقف الأساقفه أنفسهم تجاه هذه الوقائع فهناك بعض الأباء يشعرون بالحرج في الافصاح عن رأيهم وهناك من يرغب في الوجود بالظل وتحسين علاقته بالمسئولين في الدولة ،أما عن موقف البابا نفسه فهو يحاول أن يكون متوازنا نظراً للظروف التي تمر بها الدولة ولذلك لا يريد أن يفرط في الهجوم والانتقاد وفي نفس الوقت لا يرغب في المجاملة الزائدة. ماذا عن استغلال البعض لهذه الأحداث والمتاجرة بها إعلاميا؟ نحن نرفض المتاجرة بآلام الناس واستغلال هذه الوقائع لتحقيق "شو إعلامي" ولهذا نحن نطالب الدولة بسرعة اصدار قرارات حاسمة لمحاسبة المتورطين في هذه القضية ومنهم المعتدين والمحرضين والمسئولين المحليين في المركز التابع له القرية الذين تجاهلوا بلاغات المجني عليهما الي أن وقعت الكارثة، ويجب التذكير بأن تأخير الإجراءات في إنهاء الأزمة سوف يفتح المجال لتدويل القضية واستغلال بعض الجهات الخارجية لها مثل الاتحاد الاوربي والكونجرس الامريكي والامم المتحدة وغيرها للتدخل في شئون مصر وهو ما نرفضه. وكيف نعالج أزمة الفتن الطائفية وما ينجم عنها من جرائم واعتداءات؟ الحل يتلخص في ضرورة مراجعة الخطاب الديني من خلال المؤسسات الدينية ومنها الأزهر والاوقاف ؛لأن غياب الرقابة والمتابعة للأئمة في المساجد يفتح الباب علي مصراعيه لأصحاب الفكر المتطرف في التأثير علي البسطاء وتأجيج مشاعرهم نحو الأخر ويفتت كيان الدولة، كما يجب أن يتم اتخاذ إجراءات رادعة ضد من يسيء للإسلام ويمارس العنف والإرهاب في الدولة.