القرية تضم 32 ألف نسمة ويتبعها 3 عزب وأهلها يعتمدون بصفة رئيسية على الزراعة عمدة القرية: أهل القرية "أغلب من الغلب".. ويأكلون جميعا على" طبلية" واحدة عطا جرجس: ما حدث ليس فتنة طائفية ونحن القرية الوحيدة التى لم تتعرض لأى أحداث عنف عقب فض اعتصام رابعة العدوية عاد الهدوء مجددا إلى قرية الكرم بمركز أبو قرقاص جنوب محافظة المنيا، وذلك بعد الأحداث المؤسفة التى شهدتها إثر حرق عدد من المنازل وإصابة البعض عقب "تعرية" سيدة مسيحية وسحلها بعد تردد شائعات حول وجود علاقة محرمة جمعت بين ابنها وسيدة مسلمة بالقرية . "الموجز" تجول في القرية التي تبعد نحو 3 كيلو مترات شرق مدينة أبو قرقاص، والتي يصفها الكثير من المواطنين بأنها اسم على مسمى، فأهلها مسالمون ومتحابون، ولم تقع حوادث قتل أو مشكلات بينهم وبين بعضهم منذ عشرات السنين، بل يعيشون في سلام نتيجة حالتهم الإقتصادية المتوسطة وعمل غالبية الأهالي في الزراعة كمستأجرين مع وجود عدد من الشباب العاطل الذي يفضل السفر للقاهرة للعمل . يقول عمدة القرية عمر راغب ل "الموجز": أهل القرية "أغلب من الغلب"، ومع ذلك فإنهم كرام، يعرفون الواجب مع الغريب قبل القريب، بالاضافة إلى أنهم مسالمين ولا يعرفون شيئا عن العداوة، والدليل على ذلك أن أبواب المسلمين والمسيحين بالقرية مفتوحة لبعضهم البعض ويأكلون جميعا على " طبلية " واحدة، ولم يسمع أحد في يوم من الأيام وقوع حوادث دموية أو مناوشات . يستكمل عمدة القرية : يوجد بالقرية ما يقرب من 32 ألف مواطن غالبيتهم من المسلمين، ويتبع القرية 3 عزب وهي الحماية، الابعدية والزرابي ، وجميع من يعيشون فيها من متوسطي الدخل، غير أن القرية وتوابعها تفتقر للخدمات الأساسية كالصرف الصحي، وقلة المدارس حيث يوجد مدرسة واحدة ابتدائي وأخرى إعدادي، وكذلك تفتقر لمركز شباب، ما دفعني بالتبرع بعشرة قراريط ومواطن آخر بقطعة أرض لبناء مدرسة ومركز للشباب وجاري إتخاذ اللازم. ويكشف عمدة القرية عن أسباب أزمة القرية التي وقعت بين عائلة مسلمة وأخرى مسيحية قائلا: ما حدث لمنازل الأقباط كان رد فعل من الجانب المسلم، فالجميع يعلم أن هناك علاقة عاطفية بين السيدة المسلمة " نجوى ر" والشاب المسيحي " أشرف ع " ، والدليل على ذلك أن الشاب قام بالهروب من القرية قبل وقوع المصادمات بيومين أو ثلاثة، وقام الزوج بتطليق الفتاة ثم ذهب هو وأفراد عائلتة يوم الجمعة 20 مايو وأشعلوا النيران في منزل والد الشاب المسيحي الهارب وأحرقوا أجزاء من منزلين آخرين، وقاموا بالتعدي على والده ووالدته وضربهما . ونفى "راغب " ما أشيع عن تعريتها تماما وقال: على مسؤليتي الشخصية أقولها وأنا على يقين تماما، بانه لم يتم تعرية السيدة بشكل كامل كما ردد بعض المواطنين ولم يتم سحلها هي او زوجها بل تم ضربهما وعلى الفور قامت أسرة مسلمة بالتدخل لتخليصهم من أيدي المعتدين وأعطت السيدة جلباب آخر بدلا من "المقطوع" وأنهى عمدة الكرم حديثه وهو يتسأل : كيف يقوم بعض أقباط القرية بتقديم أسماء متهمين ليست حقيقية، فأحد المطلوب القبض عليهم متوفي منذ عام 2005، ويدعى " رفعت محمود" ومتهم آخر طريح الفراش، مطالبا بعض أقباط القرية بالسعي لتهدئة الأمور لأنه كان من المقرر عقد جلسة صلح يوم الاثنين الموافق 23 مايو بين العائلتين ولكن رفضت العائلة المسيحية الصلح، وبعدها بيومين خرجت شائعة تجريد سيدة من ملابسها بشكل كامل وسحلها بشوارع القرية، الأمر الذي وصفه بالمستحيل، نافياً حدوثه تماماً . من جانب آخر قال " عطا جرجس" 61 سنة - موظف بالمعاش، وأحد أبناء القرية: لن نقول ما حدث فتنة طائفية، فما حدث هو مشاجرة بين عائلتين فقط وليس بين جميع العائلات والدليل على ذلك هو إصابة شخص واحد وعدم وقوع قتلى أو مصابين أكثر من ذلك . وأكد جرجس أن مسلمي القرية لم تقع منهم أية مشكلات خلال عقود طويلة، وبالرغم من أن محافظة المنيا شهدت تدمير العديد من الكنائس والمنشآت العسكرية والحكومية عقب فض إعتصامي رابعة والنهضة ولا يوجد قرية إلا وشهدت إعتداءات، إلا أن قرية "الكرم" لم تشهد حتى أية مناوشات بسيطة، أو إعتداءات على كنائس أو منازل الأقباط ولو بسيطة، مشيرا إلى أن الحادث الذي حدث جنائيا وليس طائفيا . وعن الأسباب الحقيقية لإشتعال الأزمة بالقرية قال القس " بولس نصيف " عضو بيت العائلة بالمنيا وأحد الذين توجهوا للقرية لتهدئة الأمور: يجب أن نلوم أنفسنا، فالفقر والجهل الذي يعيش فيه العديد من أهالي القرية يعتبران من أبرز الأسباب التي أدت للمشكلة، فلا يوجد مركز شباب لجمع الشباب وتقوية العلاقة بينهم، ولا يوجد ندوات تثقيفية من حين لآخر، ومن هنا تبدأ الأزمة . أضاف نصيف: لن أتحدث كثيرا عن أزمة الكرم، ولكن يجب علينا أن نعلم أن هناك قيم كثيرة قد فقدناها، وعلينا إحياء تلك القيم من جديد والنزول الى أهالي مثل تلك القرى وإقامة الندوات التثقيفية والحوارات الاجتماعية معهم من حين لآخر، متسائلا لماذا لا يوجد بالمساجد بما يشبه مجالس الأحد في الكنائس، على ان يتولى الأزهر تلك المجالس لتثقيف الشباب دينيا واجتماعيا وليس منعها تماما من المساجد بحجة منع التطرف . وأكد " عادل مصيلحي" منسق بيت العائلة بالمنيا, أن التعامل مع المشكلات الطائفية يتم بشكل خاطىء منذ سنوات عديده فالقانون لابد أن يطبق بمنتهى الحسم، وهذا لا يلغى دور بيت العائلة التي تعالج الأمور من جذورها، ولكن يجب ان يتحد القانون مع الجلسات العرفية لاخماد مثل تلك المشكلات تماما، مشيرا إلى ان أهالي القرية المسلمين والمسيحين بينهم شراكات عديده في العمل، ومنازلهم مفتوحه على بعضها ويتعاملون مع بعضهم بشكل قوي حتى بعد الأزمة الأخيرة . وأشار إلى أنه يجب تجديد الخطاب الديني وعمل لقاءات دينية وتثقيفية بالقرى للقضاء على التعصب الذي يظهر من حين لآخر ببعض المواطنين، مشيرا إلى أن الوضع في القرية حاليا هادىء ولكن الطرف المسيحي متمسك بالحل القانوني ورافض لفكرة الجلسات العرفية بأي حال من الأحوال . وقال عضو مجلس النواب عن دائرة أبو قرقاص صلاح مخيمر: تلك الأحداث دخيلة علينا، ولا يمكن المساس بأي مصرية بغض النظر عن معتقدها الديني، وتساءل لماذا هذا التوقيت الذي يريد فيه أعداء الوطن عرقلة مسيرة التقدم والتنمية، مؤكدا أن هاك البعض روج للشائعات بشكل مشين من أجل إشعال الفتنة، وأن السيدة لم تجرد بشكل كامل من ملابسها، ومع ذلك فإن المعتدين سيعاقبون بشكل قانوني، ولكن لا غنى عن الجلسات العرفية بحضور كبار العائلات المسلمة والمسيحية لتهدئة النفوس والقلوب . وعن الأحداث التي شهدتها القرية تروي السيدة المسنة التي تم الإعتداء عليها وتدعى "سعاد ثابت" خلال التحقيقات التي أجرتها نيابة أبو قرقاص يوم الخميس: كل المسلمين إخواتي وهم من ستروني بعد الإعتداء علي أنا وزوجي وحرق منزلنا وتحويلة لرماد، مؤكدة أن زوج السيدة المسلمة ويدعى " نظير " هو من كان يقود المتهمين وكانوا في أشد الغضب حينما حرقوا المنازل واعتدوا عليها هي وزوجها . وأضافت: كنت بقول يا أرض " انشقي وابلعيني "، ولكن قامت أسرة مسلمة بتخليصي من أيديهم وأعطوني جلباب لأرتديه وجعلوني داخل المنزل حتى هدأت الأمور تماماً، مؤكدة أن نجلها " أشرف عبده " ليس على علاقة بالسيدة المسلمة".مطالبة بأن يأخذ كل طرف حقه بالقانون ويجدد لها منزلها الذي تم تدميره وتحوله لرماد. وقال " عبدة عطية " زوج السيدة " سعاد ثابت" التي تم الاعتداء عليها خلال لقائه بنواب البرلمان بديوان المنيا: أشكر جميع المواطنين والرئيس السيسي والقيادات التي تواصلت معنا لأخذ حقنا، ومصر وسلامتها أهم من أي شىء ولن نسمح بتدخل أي أحد ونشكر جميع القيادات لما قاموا به من جهود خلال الأيام الماضية لاحتواء الموقف.