كشفت صحيفة نيويورك تايمز، الأمريكية، عن تراجع شعبية المستشارة الألمانية انجيلا ميركل خلال الفترة الماضية بسبب سياستها الخاطئة خصوصا سياستها تجاه اللاجئين, وتساءلت الصحيفة , عما إذا ميركل ستدفع ثمن سياستها الصحيحة، ونواياها الطيبة، وبعد أن وصف جيرهارد شرودر، المستشار الألماني السابق، قرارها بفتح أبواب ألمانيا أمام عدد لا محدود من اللاجئين بال"خطأ"، مضيفاً أن"لميركيل قلب، وليس خطة". أصبحت جهة النظر هذه، شائعة في مناطق ألمانية عدة، وبعد أن كانت ميركيل تحظى بشعبية عالية، أصبحت محل سخط عدد كبير من الألمان بسبب استقبال موجة كبيرة من اللاجئين السوريين وغيرهم، وأصبحت السلطات المحلية عرضةً لضغوط كبيرة، بعد إنفاق مليارات اليورو، دون أن تلوح بشائر نهاية الأزمة. ولفتت الصحيفة، إلى كل ذلك يتزامن مع تدفق عددٍ كبيرٍ من مجهولي الهوية على ألمانيا، الذين يتعين تسجيلهم قبل تمكينهم من المساعدات الاجتماعية، إضافة إلى المخاوف الأمنية، مثلما تعكسه مدينة كولونيا، التي تحولت إلى نموذج للقلق من الأثر الذي يتركه تدفق أعداد كبيرة من الرجال، وبعضهم من المسلمين المحافظين، على النساء في المجتمع الألماني المنفتح. وتشير الصحيفة إلى الإنتخابات المنتظرة الشهر المقبل في ثلاث ولايات ألمانية، والتي يبدو أن حزب" البديل لألمانيا"، اليميني المتشدد، في طريقه للفوز بها، ما يعني أن اللوم سيُلقى على ميركل بعد تراجع شعبيتها، كما أظهر استطلاع للرأي الذي أُجري أخيراً، والذي قال إن46 ٪ من الألمان يؤيدون ميركل، بعد أن كانت النسبة 75% في ابريل2015. وإذا تخلى عنها حزبها المسيحي الديموقراطي، ستتكبد ميركل حسب الصحيفة خسارة قاسية، ستمتد نتائجها لتشمل كامل القارة الأوروبية. وتساءلت الصحيفة عن سبب إقدام ميركل، المعروفة برصانتها، على هذه الخطوات؟ وتقول نيويورك تايمز إنها وبسبب ألمانيتها تتحمل مسؤولية خاصة تجاه من تعرضوا للإرهاب في أوطانهم، وأضطروا للهروب، فميركل عاشت ذات يوم في ألمانياالشرقية، الدولة التي كانت تطلق النار على من كان يحاول عبور الحدود، ولأن توحيد ألمانيا مكنها من طفرة اقتصادية ، والابتعاد عن أحلك ماضي بلادها، فإن ميركل بسبب قلبها كما يقول شرودر، تكاد تُغرق الاتحاد الأوروبي في الفوضى بأكثر من مليون لاجئ. وترى الصحيفة، أن المستشارة الألمانية اتخذت القرار الصائب، ولكن التعامل مع نتائج القرار كان أقل توفيقاً فحسن الإدارة يتطلب وضع قيودٍ، فبعد استقبال أكثر من مليون لاجئ في العام الماضي، لا تستطيع ألمانيا استقبال العدد نفسه في 2016 ، وكما قال الرئيس الألماني، جواكيم غواك" فإن استراتيجية محددة قد تكون ضرورية، سواءً من الناحية الأخلاقية، أو السياسية للمحافظة على قدرة الدولة على تقديم خدماتها. وإذا رفض الديموقراطيون الحديث عن سقف محدد، فإنهم سيفسحون المجال لوصول الشعبويين والمعادين للأجانب إلى السلطة". ولكن نيويورك تايمز، لا ترى أن وضع قيودٍ وأرقامٍ محددة، قضية ألمانية، لكنها قضية سورية، وقضية تركية، وروسية وأمريكية، وأوروبية أيضاً. وتحتاج ميركيل أوروبا ليكون لها حدود خارجية منيعة، إذا كانت ستُبقى منطقة خالية من الحدود داخل منطقة شينغين، وإذا لم يتحقق ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي مهدد بالتفكك، وفق مستشار الرئيس الألماني توماس كلين بروكهوف، الذي قال:" إذا غابت الحدود أوروبية، فلن توجد شينغين". وتلفت الصحيفة إلى ضرورة إنهاء الحرب في سوريا، المصدر الرئيسي لموجة اللاجئين، ولكن الخطة الأمريكية الروسية لوقف الهجمات، المنتظرة في الأسابيع المقبلة، لاتبدو أنها ستنهي الحرب، بل ستوقفها إلى حين. وتحتاج ميركيل إلى مساعدة تركيا، في مقابل مليارات الدولارات، لتُشدد الرقابة على حدودها، ولوقف تسرب لاجئين إلى أوروبا. ولكن تركيا تبتز أوروبا من جهة ، ولاتخفي شماتتها، وهي ترى أوروبا التي رفضت عضويتها، تتآكل أمامها. ومن روسيا، تقول نيويورك تايمز، تحتاج ميركل إلى تعاون رئيسها فلاديمير بوتين، ولكن استراتيجية الأخير، تقوم على إضعاف أوروبا الموحدة، وحقق له تدفق اللاجئين من سوريا غايته. وتحتاج المستشارة الألمانية أيضاَ أن تمارس الولاياتالمتحدة نفوذها، رغم رفض الرئيس أوباما ذلك ما تسبب في تطور وانتشار الأزمة السورية، وإذا ما لم تُبد الولاياتالمتحدة استعدادها لفرض منطقة آمنة في شمال سوريا، والضغط على تركيا لضبط موجة اللاجئين الفوضوية، وتحويلها إلى عملية منظمة، فإن الوضع الحالي والمرفوض سيستمر في التفاعل.