تعرض تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، للعديد من المخاطر التى تواجهها سوريا فى الوقت الراهن , مؤكدا أن سوريا باتت على حافة كارثة خارج حدود السيطرة، إذ تحولت الأوضاع بصورة مفاجئة، بعد أربعة أعوام من الحرب الأهلية الوحشية، إلى كارثة عسكرية ودبلوماسية وإنسانية. واستهل التقرير بالإشارة إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أثناء استعداده للاجتماع الدولي بشأن سوريا المقرر عقده اليوم الخميس بمدينة ميونخ الألمانية، التي أكد فيها على أن "الولاياتالمتحدة لا تتجاهل ما يحدث وتدرك جيداً مدى أهمية اللحظة الراهنة". وتقول واشنطن بوست: "ربما يكون اجتماع يوم الخميس بمثابة الرمق الأخير للجهود التي بذلها جون كيري على مدى ثلاثة أشهر لحشد الدول الكبرى من جميع أطراف النزاع (من روسيا وإيران نيابة عن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، إلى الولاياتالمتحدة وشركاؤها الذين يدعمون المعارضة) في محاولة للتوصل إلى حل سياسي من شأنه أن يسمح لهم جميعا بالتركيز على دحر تنظيم داعش الإرهابي". وتضيف الصحيفة: "إن الأمور التي كانت تبدو ممكنة قبل أسبوعين ماضيين، باتت الأن ميؤوس منها. وعلى الأرجح فإن فشل مفاوضات السلام المزمع عقدها قد يدفع الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى اتخاذ قرار كان يقاومه منذ فترة طويلة، ويتمثل في تسليح المعارضة السورية ودعمها بشكل كامل، وذلك على الرغم من أنه يتشكك في التزامها بالديمقراطية والعلمانية". وتنوه الصحيفة إلى القصف الروسي الذي تقوم به موسكو في الأيام الأخيرة ضد جماعات المعارضة في شمال حلب، وهي معقل المعارضة، الأمر الذي أسفر عن قطع خطوط الإمداد والتهديد بالسماح لقوات الجيش السوري بتطويق المدينة وحصارها. وبحسب الصحيفة، فقد اقترحت روسيا، في رسالة بعثت بها إلى الرئيس أوباما خلال هذا الأسبوع، أن يتم وقف القصف في الأول من شهر مارس المقبل، وهو ما يعني استمرار الضربات الجوية لثلاثة أسابيع أخرى. وتصف واشنطن بوست: "لقد سمحت الغارات الجوية الروسية للقوات البرية الموالية للحكومة السورية، التي تتألف من الميليشيات الإيرانية المُدربة وتضم مقاتلين من العراق وإيران وحزب الله في لبنان، أن تتقدم صوب الشمال على بعد 20 ميلاً من الحدود التركية، وهي المنطقة ذاتها التي خططت كل من الولاياتالمتحدةوتركيا أن تكون المنطقة التي تسيطر عليها قوات المعارضة السورية لمحاربة قوات تنظيم داعش الإرهابي التي تقترب منها من الشرق". وتذكر الصحيفة أن عشرات الآلاف من اللاجئين الجدد قد فروا من مدينة حلب وضواحيها، بيد أن تركيا أغلقت حدودها مؤخراً، وتشير منظمات الإغاثة الدولية إلى أن إمدادات المساعدات قد أوشكت بالفعل على النفاذ. وعلاوة على ذلك، لا يزال أكثر من 300 ألف شخص يقيمون في المدينة المحرومة من المساعدات الإنسانية، والتي ستظل تحت حصار إذا لم يتم التفاوض على إدخال المساعدات. وتعرض واشنطن بوست تداعيات أزمة اللاجئين في أوروبا التي استقبلت حوالي مليون لاجىء، معظمهم من السوريين، اتخذت ألمانيا النصيب الأكبر منهم. وبرأي الصحيفة، فإن التوترات السياسية والاجتماعية المترتبة على هذه الأزمة باتت تهديداً وجودياً للوحدة الأوروبية. ونقلت الصحيفة تعليق سفير ألمانيا لدى الولاياتالمتحدة الذي جاء فيه "أن الولاياتالمتحدة استغرقت وقتاً طويلاً لكي تدرك أن الوضع يفوق بكثير أي شيء آخر شهده الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه، ذلك أن الوضع كارثياً بالفعل ولم نر ذلك في وقت سابق ولم نكن مستعدين له على الإطلاق". وترى الصحيفة أن علاقات الولاياتالمتحدة مع الشركاء الأقرب إلى الصراع باتت متوترة، كما يخشى حلفاؤها تجاهل إدارة أوباما للتهديد من قبل روسيا وإيران، وذلك رغبة منها في تصديق أن لديهما مخاوف مشتركة بشأن توسع نفوذ داعش وأن الدولتين سوف تلتزمان بالحلول الدبلوماسية. تقول الصحيفة: "إن مسار المفاوضات يُعد مهزلة، وفقاً لما وصفه مسؤول رفيع المستوى من دولة حليفة (لم تفصح الصحيفة عن هويته)، إذ أنه من غير الواقعي أن تجلس المعارضة إلى طاولة المفاوضات بينما يتم دحر قواتها على الأرض، فضلاً عن تجويع المدنيين من جراء القصف الروسي". أما تركيا، وعلى الرغم من أنها عضو في الناتو وفي التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة لدحر داعش، فإنها تعاني من "الارتباك" في تحديد أولوياتها، بحسب الصحيفة، حيث تشعر بالقلق من تحالف الولاياتالمتحدة مع الأكراد السوريين الذين يقاتلون الميليشيات المسلحة، الأمر الذي يعزز أكراد تركيا في سعيهم إلى الاستقلال. تقول الصحيفة: "لقد وصل الأمر بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يطالب الولاياتالمتحدة بالاختيار ما بين تركيا وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري؛ لاسيما أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلن هذا الأسبوع أن الولاياتالمتحدة لا تعتبر الأكراد السوريين إرهابيين، على العكس من موقف تركيا". وترى الصحيفة في لقاء ميونخ محاولة أخيرة لتحقيق تقدم في بدء المفاوضات ما بين الحكومة السورية والمعارضة التي تأجلت حتى قبل أن تبدأ، لاسيما أن ممثلي المعارضة السورية أكدوا أنهم لن يجلسوا على طاولة المفاوضات حتى تقوم الحكومة السورية بتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وإطلاق سراح النساء والأطفال الذين تحتجزهم بصفتهم أسرى. وتخلص الصحيفة إلى التأكيد على أن موسكو تبدو أكثر اهتماما بتعديل ميزان القوة على الأرض قبل بدء المفاوضات؛ لتعزيز موقف بشار الأسد إزاء مستقبله قبل الدخول إلى طاولة المفاوضات. أما جماعات المعارضة السورية فهي تخشى التعرض إلى الخيانة من قبل من كانوا يعتقدون أنهم حلفاؤهم، وتحديداً الولاياتالمتحدة؛ فمن دون الحصول على إمدادات جديدة هائلة من الأسلحة والذخيرة، لن تتمكن المعارضة من الصمود في وجه الضربات الجوية الروسية والتقدم المكثف من قبل القوات البرية الموالية للحكومة. وتختتم الصحيفة بالإشارة إلى تحذير أحد المتحدثين باسم المعارضة السورية من أنه "إذا لم يتم إمدادهم بالأسلحة المتطورة لمواجهة قوات بشار الأسد، فإن هناك خطراً أن ينضم مقاتلو المعارضة إلى الجماعات المتطرفة بما في ذلك تنظيم داعش الإرهابي".