وصلت الدار للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد في فرع الآداب والتي أعلنت في نهاية أكتوبر 2015، بثلاثة أعمال من إصداراتها؛ حيث رُشِّح للقائمة كل من: كتاب «ما وراء الكتابة» للروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد الصادر في فى اواخر عام 2014، ورواية «الموريسكي الاخير» للكاتب صبحي موسي التى صدرت في 2015، ورواية الباحث والناقد العراقي رسول محمد رسول «يحدث في بغداد» إصدار عام 2014 العمل الأول لصاحب «أداجيو» و«لا أحد ينام في الإسكندرية» الكاتب الكبير والأديب المبدع، إبراهيم عبد المجيد، الذي استطاع أن يصل بكتابه الرائع «ما وراء الكتابة.. تجربتي مع الإبداع» الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، للقائمة الطويلة فرع الآداب لجائزة الشيخ زايد 2015، وهو كتاب قَيِّم ومبدع، وكاشف لتعقيدات عملية الإبداع الفني، يمزج بين الخبرة الشخصية لروائي كبير، وبين علم نفس الإبداع، وعلم الاجتماع الثقافي، ويجيب عن السؤال: لماذا يكتب المبدع؟ وكيف؟ وما السياق التاريخي والسياسي والاجتماعي الذي أحاط بدائرة إنتاجه وتشكله؟ متى يمكن تحديد اللحظة الفارقة التي تتحول فيها تجارب الحياة ومساراتها ومساربها ومعاناة أبنائها وعذاباتهم إلى «كتابة إبداعية»، تتجسد عبر روايات وقصص وقصائد شعر؟ وهل دائمًا ما يعي المضروبون بجنون الكتابة وهوس الإبداع أن للكتابة «ما وراء»، تاريخ غير منظور، وعالم مواز مكتنز بالتفاصيل والوقائع والأسباب والمسببات، وعلاقات متشابكة ومتداخلة، وزمن تلتبس فيه السياسة بالثقافة بالاجتماع بلقمة العيش. يصحبنا الروائي الكبير في رحلة طويلة وممتدة عبر أكثر من أربعة عقود زاخرة بالكتابة، أنتجت روايات وقصصًا وكتبًا ودراسات ومقالات، احتلت مكانها اللائق في المكتبة العربية، وأصبحت ضمن أهم الأعمال الروائية والقصصية؛ ليكشف لنا ببساطة ويسر الإجابة عن السؤال: كيف خرجت هذه الأعمال إلى الوجود؟ ما التفاصيل والظروف التي أحاطت بها وبكتابتها؟ كيف كتبها؟ ولماذا؟ وما السياق التاريخي والسياسي والاجتماعي الذي أحاط بدائرة إنتاجها وتشكلها؟ وغير ذلك من الأسئلة المتعلقة بطبيعة العملية الإبداعية وتفاصيل الكتابة التي لخصها المؤلف في عنوانه الدال: «ما وراء الكتابة». وعبر صفحات الكتاب، كَشفٌ لما هو «خفي» و«مستتر» و«مضمر» وراء عملية الكتابة، والأجواء الروحية لكتابة العمل والقضايا الجمالية التي شغلت صاحبه، أجواء الحياة الاجتماعية والسياسية وقت ممارسة الكتابة عبر أكثر من خمس وثلاثين سنة من الإبداع المتواصل. إبراهيم عبد المجيد، روائي مصري، من جيل السبعينيات في مصر، وصاحب ثلاثية «إسكندرية»، و«البلدة الأخرى»، و«في كل أسبوع يوم جمعة»، و«أداجيو»، و«هنا القاهرة»، ويعد أحد أشهر الروائيين في مصر الآن؛ حيث فاز بالعديد من الجوائز، ويعد أحد أبرز الروائيين، وترجمت رواياته للعديد من اللغات كالفرنسية والإنجليزية. العمل الثاني، رواية صبحي موسى «الموريسكي الأخير»، والتي لقيت صدى نقديًّا واسعًا، وتم تناولها في العديد من الندوات والملتقيات الثقافية، وهي رواية تحاول فهم ما يجري في العالم العربي الآن، استنادًا إلى التاريخ، كما تحاول قراءة أحداث الاضطرابات في العالم العربي أو ما يسمى «بثورات الربيع العربي»، خصوصًا ما جرى في مصر، وربطه بثورات المسلمين بعد سقوط الأندلس، وهي رواية تحذير للحاضر والمستقبل من المصير الذي آل إليه الماضي العربي. وهي بهذا تدق ناقوس الخطر في أمة تتحول بفعل الفتن الداخلية، وتَسَلُّط الخارج المتربص بها إلى أمة من الموريسكيين مهددة بالزوال؛ حيث ما أشبه ما جرى في الأندلس بما يجري اليوم؛ فقد قاتل المسلمون أنفسهم فأجهز عليهم مسيحيو الغرب، بالتآمر تارة، والسعي بينهم بالفتن تارة أخرى، والمشاركة في قتالهم تارة ثالثة، حتى كادت الحضارة العربية أن تختفي من الوجود، لولا إصرار بعض العقلاء على المقاومة. إنها رواية تأخذ القارئ إلى عوالم شجية، وتربط بين الماضي الأسطوري المفعم بالألم، والحاضر الاستثنائي المشبع بالأمل، من خلال شخصية «مراد» الموريسكي الأخير، أو عميد الموريسكيين الذي يعيش في مصر حياة أشبه بحكايات جرته عن المجد الغابر، وكفاح الأجداد لاستعادة الملك الضائع، كل ذلك في تضفير مع أحداث ميدان التحرير 2011، التي تابعها «مراد» كمراسل صحفي لأحد المواقع، وكأن ما جرى في مصر، حلقة من ضمن حلقات تمرد الأمة العربية، ينبغي مقاومتها والعمل على استعادة روحها المقاومة والحضارية. وصبحي موسى روائي مصري صدرت له عدة أعمال منها: «صمت الكهنة»، و«أساطير رجل الثلاثاء» التي حصلت على أفضل عمل روائي من معرض القاهرة الدولي للكتاب. كان صبحي موسى قد عمل مديرًا عامًا للنشر في الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهو الآن رئيس لتحرير مجلتها: «الثقافة الجديدة». أما ثالث الأعمال التي وصلت بها الدار المصرية اللبنانية للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد في فرع الآداب، هو رواية الناقد العراقي الكبير: رسول محمد رسول: «يحدث في بغداد»، وهي رواية ترصد المآسي التي عاشتها العاصمة بغداد، التي كانت رمز حضارة العرب ومبعث فخرهم، وكيف تحولت إلى مدينة للخراب؛ مُظْلمة وصامتة إلا من أصوات الرصاص المتقاذف على غير هدى، وصور القتل الأعمى، وتجوال غربان الشر بين خرائبها الموحشة. ترصد الرواية حال المدينة المنكوبة، وما جرى عليها، وما يدور فيها من يوميات محزنة تضبط مسيرها أصوات الانفجارات، وتعطل عجلة الحياة فيها القنابل والمفخخات بين حين وآخر. بغداد تحوّلت، كما يقول الراوي إلى: مدينة خربة هرمة، يحتلها الشيطان، ويعبث فيها على هوى جنونه»، وهو ما يلخص فداحة الوضع، ليس في بغداد فقط، بل في العراق بشكل عام. تستخدم الرواية بعض الأسماء لشخصيات واقعية لتضاعف بذلك جرعة التخيل بواقعية مجرياتها، عبر تقنية الرواية داخل الرواية، حيث تنطلق من لحظة الغزو الأمريكي، وسقوط تمثال صدام حسين، لتدخل مباشرة إلى المشكلات الاجتماعية التي أنهكت بنية المجتمع العراقي؛ يقول الراوي: «الحروب التي مرّت علينا نخرت أخلاق الناس، ضربتها في العمق»، «فالواقع المر الذي نعيشه هو الذي صار اللغة» كما شهد الواقع العراقي انقلابًا شاسعًا في أنماط الحياة وتقاليدها التي أصبحت مشبعة بالعنف على نحو سافر، إذ بين واقع روائي وخيال واقعي، تتأمل الرواية رحيل الكاتب «مرهون الشاكر» إثر مرض عضال، وعبر رحلة البحث عن فصلين مفقودين من آخر رواياته، يرصد الكاتب آلام مثقف مفجوع بوطن يتهاوى وزوجة وحبيبة مزق جسدها صاروخ أمريكي هائج، وزوجة ثانية تمردت على زوجها المفجوع بخيانتها له.. على خلفية مفخخة تحدث كل لحظة في بغداد. ورسول محمد رسول، الكاتب والناقد، حاصل على الدكتوراه في آداب الفلسفة الألمانية عام 1997م، ويعمل أستاذًا جامعيًّا ومستشارًا ثقافيًّا، ويكتب في صحف ومجلات فكرية وثقافية وأدبية عديدة، له أكثر من عشرين كتابًا منها: «الجسد في الرواية الإماراتية»، «العلاقة والتواصل في السرد الإماراتي»، «صورة الآخر في الرواية الإماراتية».. «الأنوثة الساردة.. قراءات في الرواية الخليجية»، و«نقد العقل التدميري»، و«صورة المثقف في المجتمع العربي»، و«فقهاء وأمة.. جذور العمل الإسلامي في العراق الحديث».