تعتبر زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لبريطانيا رابع زيارة لدولة وحدها، منذ توليه منصب الرئاسة.قبل ذلك، أجرى شي جين بينغ ثلاث زيارات فردية لروسياوكوريا الجنوبية ومنغوليا فى العام الماضي، حيث قام شي جين بينغ بزيارة لروسيا من 6 إلى 8 فبراير من عام 2014 لحضور حفل افتتاح دورة الالعاب الاولمبية الشتوية بسوتشي و12 نشاطا ثنائيا ومتعدد الأطراف. وفى هذا الصدد، قال وزير الخارجية الصينى وانغ يى ان زيارة شي جين بينغ قصيرة ومباشرة وسريعة، ما خلق تاريخا جديدا لحضور رئيس صيني حدثا رياضيا ضخما خارج البلاد. بعد ذلك، قام شي جين بينغ بزيارتين رسميتين فرديتين لكل من كوريا الجنوبية ومنغوليا فى شهري يوليو وأغسطس من العام الماضي. وتعد روسياوكوريا الجنوبية ومنغوليا دولا مجاورة للصين، وتعتبر الزيارات الفردية لشي إلى هذه الدول الثلاث "زيارة الأصدقاء والأقارب"،ما يعكس اهتمام الصين البالغ للدبلوماسية المحيطة. أما بالنسبة للزيارات إلى الدول الأوروبية البعيدة نسبيا، فمن عادة القادة الصينيين ان يزوروها مع حضور مؤتمر دولي متعدد الأطراف أو زيارة عدة دول خلال رحلة واحدة لتحسين كفاءة الزيارة. وتبعد بكين عن لندن بأكثر من 8000 كم، حيث تقطع المسافة ثماني مناطق زمنية، لذا فان زيارة شي جين بينغ بريطانيا وحدها لمدة خمسة أيام تدل على اهتمام الصين الكبير ببريطانيا، التى تعتبر دولة كبيرة ومهمة فى الاتحاد الأوروبي. لماذا يقوم شي جين بينغ بزيارة بريطانيا وحدها؟ ان التطور السريع للعلاقات بين الصينوبريطانيا يمكن أن يجيب عن هذا السؤال. خلال السنوات العشر الماضية، حققت بريطانيا اختراقات عديدة من بين الدول الغربية فى مجال التعاون مع الصين، حيث كانت بريطانيا أول دولة غربية كبيرة تعبر عن رغبتها فى الانضمام إلى البنك الآسيوي للاستثمار فى البنية التحتية، وأول دولة متقدمة تصدر سندات سيادية باليوان الصيني، وأول دولة تنشئ مركز مقاصة باليوان الصيني خارج آسيا،كما تدعم دخول اليوان الصيني إلى سلة العملات المتمتعة بحقوق السحب الإستثنائية (SDR) في صندوق النقد الدولي. من جانبها ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية ان تقديم بريطانيا الطلب للانضمام إلى البنك الآسيوي للاستثمار فى البنية التحتية بغض النظر عن معارضة أمريكا، قد مهد طريقا لانضمام الدول الغربية الأخرى إلى هذا البنك، مؤكدا ان هذا يعد أهم محفز لتعزيز العلاقات بين الصينوبريطانيا. وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في مقابلة مع وكالة الأنباء البريطانية "رويترز" عشية زيارته لبريطانيا، إنه يتطلع إلى إجراء محادثات مع القادة والأصدقاء البريطانيين من مختلف الدوائر في تطوير العلاقات الثنائية في المستقبل ورسم خارطة للعلاقات بين الصينوبريطانيا خلال الفترة المقبلة، والعمل على زيادة حيوية التعاون بين البلدين في مختلف المجالات لفتح "العصر الذهبي" للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصينوبريطانيا. وظلت بريطانيا تحافظ على علاقة خاصة مع الولاياتالمتحدة منذ فترة طويلة، لكن في الآونة الأخيرة، مثل ما قال المستشار البريطاني وزير الخزانة جورج أوزبورن ان بريطانيا "تتوجه إلى الصين" الآن. وتعتقد وسائل الاعلام البريطانية أن زيارة شى جين بينغ لبريطانيا تدل على إعادة بريطانيا تعديل علاقاتها بين القوى الكبرى. وكتب وليام بيرنز العضو في البرلمان البريطاني كتابا حول مستقبل العلاقات بين الصينوبريطانيا قبل عامين، تحت عنوان "الاتجاه إلى الشرق". أشار فيه إلى أن النظرية التي ترى بوجوب توجه القادة البريطانيين إلى الشرق باتت حقيقة في الوقت الحالي، وأضاف أن زيارة الرئيس الصيني شي لبريطانيا ستسرع هذه التوجه. كما ستساهم في بناء مستقبل أفضل للعلاقات الصينية البريطانية. يصادف عام 2015 الذكرى ال40 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وأوروبا، وتشهد العلاقات الصينية الأوروبية نضجا وإستقرارا متواصلان. وقام الرئيس الصيني شى جين بينغ بزيارة إلى ألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية الأخرى، حيث شرح بشكل عميق الموقف الدبلوماسي الصيني ومقترحات الصين تجاه أوروبا وأوضح أربعة اتجاهات استراتيجية — السلام والنمو والابتكار والحضارة لبناء علاقات الشراكة، ما عزز معرفة الأوروبيين للصين وتقريب المسافة النفسية بين الدول الأوروبية والصين. رأى وولف الأستاذ بقسم العلوم الإنسانية التابعة لجامعة باث البريطانية أن التطور الجيد في العلاقات بين الصينوبريطانيا يمكن أن يلعب دورا قياديا في تطوير العلاقات الصينية الأوروبية في إطار عام للاتحاد الأوروبي.وتعتبر المملكة المتحدة عنصرا مهما داخل الاتحاد الأوروبي، وتتمتع بمكان ودور خاص في أوروبا، في ذات الوقت، ظلت علاقاتها مع الصين ودية، مايمكنها من لعب دور الجسر الرابط بين العلاقات الثنائية. يعتقد ما جي كه رئيس جمعية الدراسات الإستراتيجية الفرنسية أن زيارة شي جين بينغ الى بريطانيا بعد زيارته لفرنسا و ألمانياوالولاياتالمتحدة ،ستكمل مسار جولته في "العالم الغربي"، ونظرا لأن هذه البلدان مهمة جدا من الناحية الاقتصادية و الاستراتيجية، لذلك فإن هذه الزيارة تبقى ذات أهمية كبيرة. في الوقت الراهن، يشهد التعاون بين الصين وأوروبا تطورا مطردا، وتقوم الصين بتعميق الإصلاحات الشاملة، كما ستطلق الخطة الخمسية الثالثة عشرة، وتنفذ أوروبا الإصلاحات الهيكلية. وتوجد في خلفية عمليات الإصلاح الثنائية العديد من النقاط المشتركة للتعاون. وسيحصل الأوروبيون على مزيد من التفاصيل من زيارة شي جين بينغ الى بريطانيا، ما سيقدم فهما أكثر دقة لعلاقات الشراكة بين الصين وأوروبا.