قال الدكتور نادر نبيل حنا أستاذ جراحة الأورام في جامعة ميرلاند بالولاياتالمتحدةالأمريكية والمتخصص في جراحة وعلاج أورام الجهاز الهضمي والكبد أن مصر تحتل أعلي المعدلات العالمية في الإصابة بمرض سرطان الكبد وأن السبب الرئيسي في ذلك هو انتشار فيروس سي وتأخر الكشف عن السرطان بالكبد الذى يؤخر في استجابة الجسم للعلاج، موضحا في الوقت نفسه أن السيطرة علي انتشار السرطان تتمثل في إتباع الإجراءات الوقائية ومنها الابتعاد عن التدخين وتجنب الوجبات السريعة وقال حنا في حوارنا معه علي هامش المؤتمر الدولى الثالث لأورام الجهاز الهضمى والكبد الذي عقد الأسبوع الماضي أن الأشعة التداخلية أو قتل الأورام بالموجات فوق الحرارية أو عن طريق الميكروويف تساعد في التغلب علي السرطان والشفاء منه، فإلي الحوار.. بداية ما هي معدلات انتشار الإصابة بالأورام في أمريكا؟ أورام الجهاز الهضمي والكبد هي الأكثر انتشار بين الأمريكيين ولأن عدد سكان الولاياتالمتحدة كبير جدا فنجد إن عدد المصابين بالأورام في أمريكا في كل عام ما يقارب 1,6 مليون شخص أمريكي يصابوا بأمراض سرطانية وتحتل أورام القولون المرتبة الثالثة بين أعداد المصابين بالسرطان بأمريكا. وماذا عن الوضع في مصر؟ حسب آخر الإحصائيات المنشورة يبلغ عدد المصابين بسرطان القولون كل عام حوالي 11 ألف نصفهم من السيدات والنصف الآخر من الرجال. وماذا عن سبل الوقاية من الإصابة بالأورام؟ الوقاية توفر علي الإنسان الدخول في مشوار طويل من العلاجات والتي يصاحبها غالبا جراحة، فالوقاية تغني عن العلاج، وبالنسبة للسرطان بشكل خاص تمثل الوقاية أهمية كبري في منع الإصابة بالمرض، كما أن الكشف المبكر يساعد علي الشفاء منه، والوقاية تكون من خلال الامتناع عن التدخين وإتباع وجبات غذائية سليمة والابتعاد عن تناول الوجبات السريعة وممارسة الرياضة، وتجنب وسائل انتقال فيروس سي، وتقليل نسب الدهون واللحوم في الوجبات، وزيادة معدلات تناول الخضراوات والفاكهة. وما هي أهم الأعراض التي تظهر علي مريض أورام الجهاز الهضمي ؟ وجود تغير في عادات دخول دورات المياه، فعندما يصاب الشخص بإسهال أو إمساك مزمن أو وجود دم مع البراز أو نزول الوزن بشكل مفاجئ، وكل هذه الأعراض تجعل المتعرض لها ألا يخاف من التوجه للطبيب واستشارته فيما أصابه، فقد يكون يشعر بحموضة بالمعدة أو عسر هضم وهذه الأسباب قد ترجع لإصابته بالبكتريا الحلزونية والتي يمكن علاجها ونسبة الشفاء منها 100 %. وماذا عن وسائل علاج الأورام ؟ تعد الجراحة أهم عامل للقضاء علي الأورام ومن ثم شفاء المريض منها، لكن هناك عوامل أخري تشفي من المرض منها التعاون الطبي المتكامل بين فريق طبي يشتمل علي مختلف التخصصات منها الجراح والطبيب المعالج بالكيماوي وطبيب التشخيص العلاجي أو الإشعاع العلاجي وطبيب الأشعة التداخلية حيث يمثل هذا التعاون أهمية كبري لأن فريق العمل يدرس حالة المريض ويرشده لأفضل وسيلة للعلاج، ففي بعض الأحيان قد يقوم الأطباء بإجراء جراحة ثم يتبعونها بالعلاج الكيماوي أو العكس، فكل مريض تختلف وسائل علاجه حسب حالته ودرجة إصابته بالورم وحجمه، لكن تشكيل فريق طبي متكامل بمختلف التخصصات يقطع شوطا كبيرا في مراحل العلاج ويسرع بالشفاء من المرض، ويختلف العلاج حسب مرحلة السرطان، ولذا فإن من الأهمية الإشارة إلي أن الاكتشاف المبكر للسرطان يمنح المريض علاج أسهل وأيسر فضلا عن أن العلاج يكون أكثر فعالية وله كفاءة عالية في القضاء علي السرطان. هل تختلف نسب الإصابة بالسرطان في مصر عن باقي دول العالم؟ في مصر تعد نسبة الإصابة بسرطان الكبد أعلي من كل دول العالم ويرجع ذلك لزيادة نسبة الإصابة بفيروس سي، ولا شك أن الوضع الآن في مصر بالنسبة للتوعية من المرض ووسائل الوقاية منه أصبحت أكثر حضورا والناس أصبحوا أكثر وعيا لوقاية أنفسهم من الإصابة بفيروس سي وهو الأمر الذى ينعكس بالضرورة علي انخفاض نسب الإصابة بسرطان الكبد. ولكن ما زالت هناك نسب سنوية للإصابة بالفيروس تتعدي 100 ألف مواطن كل عام؟ طبعا التوعية موجودة الآن وهو أمر لم يكن متوفرا من قبل لتعريف الناس بسبل الوقاية لكن تخفيض نسب الإصابة بسرطان الكبد لدرجة منعها سيأخذ سنين طويلة لأنه يوجد الآن بالفعل نسبة كبيرة من الناس مصابة بفيروس سي وسيحتاج عدد كبير منهم للعلاج من سرطان الكبد حال إصابتهم به، لكن دائما هناك جانب مشرق فبالتقدم الجراحي والتقدم بالعلاج الكيميائي والأشعة التداخلية أو قتل الأورام بالموجات فوق الحرارية أو عن طريق الميكروويف يمكن تخفيض معدلات انتشار أورام الكبد. وكيف تساعد هذه الوسائل في زيادة نسبة الشفاء ؟ الوسائل الجديدة تمنح فرصة أكبر للأطباء في القضاء علي المرض والشفاء من خلال تشخيص المريض وتوجيهه لأفضل السبل للعلاج واستخدام أدوات جديدة تستهدف النواة المسببة للورم واستخدام الأشعة التداخلية ومهارة الطبيب في استهداف الورم بشكل محدد يمنع من انتشاره مرة أخري ويمنع أيضا من استئصال جزء سليم من الجسم، لكن أهم شئ ألا ينكر المريض شعوره باضطرابات في جسمه أو ظهور أعراض غير طبيعية عليه، وهنا عليه أن يتوجه مباشرة للطبيب ليرصد ما به من مرض ويساعد نفسه علي الشفاء منه، ولكن ما يجعل المريض متخوف أو يظل متكتما علي ما أصابه من أعراض المرض أو شكوك في إصابته بالسرطان هو أنه قد يري جاره أو أحد أقاربه أصابه المرض فتوفي، وهنا يجب الإشارة إلي أن السرطان ليس مرض قاتل أو مميت أو حتي أنه لا شفاء منه، فالآن مع تقدم وسائل التشخيص ووسائل العلاج فضلا عن التوعية بسبل انتشار المرض يمكن القضاء علي الورم والشفاء منه، فعندما يشك الإنسان في إصابته بالسرطان ويري جاره توفي منه فعليه أن يعلم أن من توفاه الله كانت حالته متأخرة وأنه ظل يحمل المرض لسنوات حتي تفاقم عنده وانتشر في أماكن متفرقة من جسده دون أن يختبر نفسه عند الطبيب أو يجري فحوصات للقضاء علي المرض في بداياته، ولهذا فأنا أؤكد أن الاكتشاف المبكر للمرض يجعل العلاج أكثر قوة وفاعلية في القضاء علي المرض والشفاء من السرطان نهائيا كما أن الكشف عن المرض مبكرا وعلاجه يجعل المريض أكثر استجابة للعلاج من دون مضاعفات جانبية. ماذا عن الوضع الصحي في مصر فيما يتعلق بسبل علاج الأورام مقارنة بالدول الأجنبية؟ في الدول الأجنبية هناك توعية بشكل أكبر عن المرض إضافة إلي أن المستشفيات تقوم بإجراء المناظير عند سن معينة، ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية يحتل سرطان القولون رقم 3 بين نسب الإصابة بالسرطان وهناك 140 ألف شخص تقريبا يصاب كل عام في أمريكا بسرطان القولون والمستقيم، لذلك مع انتشار هذه النسبة وأعداد المصابون المتزايد كل عام، يحتاج كل شخص أمريكي تعدي الخمسون عاما إلي إجراء منظار فحسب الدراسات فإن إجراء المناظير عند هذه السن يقلل نسبة الوفاة بسرطان القولون بنسبة 35%. وماذا عن إجراء المناظير بمصر؟ الإحصائيات في مصر غير واضحة فلا نستطيع أن نوصي بإجراء المناظير عند سن الخمسين عاما مثلما يحدث في أمريكا، فقد تكون الإصابة بسرطان القولون تحدث عند سن الأربعين في مصر مثلا، لذلك نحن نحتاج إلي دراسات لنعرف متي ننصح المريض بأن يفحص نفسه بالمنظار حتي يزيل أي زوائد فيمنع ظهور السرطان، ومسألة الخوف من السرطان في مصر متأصلة في طريقة التفكير فعندما يسمع الإنسان أنه مصاب بالسرطان يعتقد أن هذه الإصابة بمثابة حكم بالإعدام وهذا شئ غير صحيح بالمرة لأن نسبة الشفاء من السرطان الآن كبيرة وهناك كثير من الناس يعيشون بيننا تم علاجهم وشفائهم تماما من السرطان، لكن المشكلة هي ما تقدمه وسائل الإعلام والأعمال الدرامية من كون المصاب السرطان مصيره الوحيد هو الألم والصراع مع المرض حتي يتوفي، وبالطبع نحتاج هنا إلي تغيير طريقة التفكير في المرض وتوضيح أنه يمكن الشفاء منه لأن الأفكار تؤثر علي قرار المريض في الذهاب للطبيب لتشخيصه مبكرا ومن ثم شفاءه نهائيا من السرطان، فهناك دائما أمل. وما أنواع الأورام التي تصيب الجهاز الهضمي؟ هناك سرطان المرئ والمعدة والقولون والكبد والبنكرياس والأمعاء الغليظة والمستقيم. وهل تتشابه أسباب الإصابة بالسرطان في كل هذه الأعضاء؟ بشكل عام هناك أسباب تصيب الإنسان بالأورام، لكن بالتحديد سرطان الكبد سببه فيروس سي، وسرطان القولون يصيب الإنسان من نوعية الطعام الذي يعيش عليه، أو عدم ممارسة نشاط رياضي فضلا عن التلوث الموجود بمصر والمبيدات والمخلفات الصناعية والتي قد تكون أحد أسباب الإصابة بأورام الجهاز الهضمي. وما الذى تعرضه هذا العام في المؤتمر الدولى الثالث لأورام الجهاز الهضمى والكبد ؟ الجديد في التدخل الجراحي بالنسبة لسرطان المعدة والبنكرياس وكذلك العمليات الجراحية بالنسبة للأورام المنتشرة في الغشاء البريتوني مع التسخين الحراري والعلاج الكيماوي. الأستاذ الدكتور نادر نبيل حنا خريج كلية طب جامعة عين شمس عام 1985وهو جراح متخصص في علاج سرطان الجهاز الهضمي و ساركوما الأنسجة الرخوة ، وأصبح رئيس جراحة الأورام بالمركز الطبي في جامعة ميرلاند في 20 أغسطس 2004 ،والدكتور حنا انضم أيضا إلى هيئة التدريس بكلية الطب في جامعة ميرلاند ويشمل تخصصه جراحة الأورام خاصة أورم الجهاز الهضمي واختير في عام 2008 ضمن أفضل الأطباء في دليل أميركا الأعلى للأورام الصادر عن مجلس البحوث الأمريكية. كما تم تكريمه في عام 2008بجائزة لخدمة ورعاية المرضي واختير في أعوام 2010 و 2011 و 2013 من أحسن الجراحين في أمريكا وهذا الاختيار يكون ل 1% فقط من أطباء الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكان هذا الاختيار بناء علي التقديرات والإنجازات العلمية ونتائج وكفاءة الجراحات التي أجراها للمرضي.