[email protected] فور وقوع الحادث المآسوى الذى راح ضحيته ستة عشر ضحية من خيرة أبناء الوطن؛ كثرت التجليات والتحليلات السياسية كلٌ حسب منافعه وايديولوجياته وكلٌ حسب قناعتاته وانتماءته، واشارت أصبع الاتهام والتورط لجهتين اثنتين فقط هما اسرائيل وحماس، وكأن الجواب على سؤال من القاتل كان حاضراً لديهم، متجاهلين طبيعة الحدث وأنه ليس كأى حدث فحسب، بل كارثة سياسية وعسكرية من العيار الثقيل، فقبل أن تحرج الرئيس وجماعته فقد أحرجت بالأساس الجيش المصرى الباسل وجهاز مخابراته الذى يعد الجهاز المخابراتى الأول فى المنطقة العربية والشرق الأوسط وربما فى افريقيا، بيد أننا لن نسمع حديثاً واحداً تعرض للمغارم الاقتصادية والعسكرية والأمنية لهذه الكارثة التاريخية التى أنزلت بالبورصة المصرية إلى أدنى مؤشر لها. ولا يمكننا بحال من الأحوال تفسير أو فهم هذه الكارثة بعيداً عن السياق المجتمعى والتاريخى الذى وقعت فيه، واقصد السياق السيناوى كالمكان المادى والعمليات المؤسسية العسكرية وأنماط العلاقات داخل المجتمع السيناوى وعلاقات المصاهرة والمنفعة المتبادلة مع اسرائيل أو مع اخوانهم فى غزة والاتفاقيات الحماس سيناوية وطبيعتها، فضلاً عن علاقة أهل سيناء بالمخابرات العسكرية المصرية وأجهزة الدولة وخدماتها هناك، بالاضافة إلى دراسة العناصر الوافدة الى سيناء من السودان والصومال وخاصة فى أحداث الربيع العربى وحالات التفكك وإعادة التركيب التى تعرضت لها بنيات المجتمعات العربية وعلاقة ذلك بالوضع المصرى فى علاقته مع اسرائيل وحماس ، كما لا يمكننا تجاهل الحس الوطنى لدى الشباب السيناوى الذى لم يشهد حرب الاستنذاف ولم يذق طعماً لا نتصار أكتوبر وتعرض قرابة أربعين عاماً لحالات من التجاهل والغبن الاجتماعى. وهذا السياق بكل مشتملاته يعد تربة خصبة لتوطين الجريمة المنظمة فى سيناء. فالجريمة ليست فقط مجرد ردود أفعال أو مواقف بين الناس فى المجتمع بقدر ماهى علاقات تفاعلية بينهم ، وأن هذه العلاقات تطورت ونمت بشدة ولا سيما فى ظل حالات الاهمال االمتعمد للحدود والفوضى الداخلية والانفلات الأمنى والصراع على السلطة بين الجماعة والعسكرالذين انشغلوا بالشئون الداخلية بكل أزماتها عن واجبهم الوطنى الأساسى فى حماية الحدود والدفاع عن الكيان الوطنى. وفى هذا السياق أسئلة جمة تتبادر إلى الذهن . فلماذا أغلقت كل محاولات لفهم ملابسات وفاة أو اغتيال اللواء عمران سليمان رجل المخابرات الآول فى الشرق الأوسط أو ما يمكن تسميته برجل الظل فى عهد مبارك، والذى تعاملت القيادة المصرية الجديدة مع وفاته تعامل الشامت مع غريمه؟وأن كنت أعتقد أن البحث فى فى لغز وفاة عمر سليمان ربما يفضى بنا إلى حقيقة حادث رفح فبينهما خيط رفيع وربما كان المستفيد فى الحالتين واحدا؟ وفيما كانت المخابرات العسكرية مشغولة؟ وقد أرهصت المخابرات الاسرائيلية بوقوع الكارثة ولم تخفى مخاوفها عن الملأ، وتأهبت عسكريا على حدودها فلم يطل الغارم منها مغرما. وما علاقة الحادث بحرص اسماعيل هنية فور انتهاء لقاءه مع الرئيس بطمئنة المصرين عن أمن سيناء فمتى كانت حماس مسئولة عن الأمن المصرى هناك؟ و هل يمكن فصل الكارثة عن مطلب حماس لهدنة مدتها مائة شهر مع اسرائيل ورفض الجانب الاسرائيل لمطلبها ؟وهل هناك علاقة بين رفض الموافقة على الهدنة وكارثة رفح؟ وأخيرا من المستفيد من تأجيج النيران على الحدود المصرية الاسرائلية ودخول الطرفين فى حرب ربما تمتد لسنوات، فى ظل حالة الغليان الشيعى ضد اسرائيل وأوضاع اقتصادية متدنية للغاية وجبهة داخلية مفككة أنهكها الصراع على السلطة والاستقرار بين مختلف أطياف الشعب المصرى .