لقد كرم الإسلام الإنسان، وأوجب له حقوقه كاملة دون نقصان، والشخص مجهول النسب هو إنسان له الحقوق التي كفلها الله له من حق العيش في الحياة والإحسان إليه مع معاملته بالمعروف في سائر أموره وأحواله، وفي هذا اختبار لنا من الله أجمعين. فعندما شرع الله معاملة هؤلاء أمرنا أن نعاملهم بالمعروف ونحسن إليهم ونوفر لهم المطعم والمشرب والكساء، وكل ما تقوم به حياتهم، وحرم التبني صيانة للأنساب عن الاختلاط وحتى لا يتم تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم، وينظر في استضافة الواحد منهم إلى كل واحد نظرة خاصة مناسبة وملائمة لحاله ووضعه من حيث كونه أنثى أم ذكر، وكذلك بالغ أو غير بالغ؛ فما كان أفضل للواحد منهم وللأسرة الراعية له خير وأفضل كان به؛ وإلا فلا أي إذا كان الأمر من حيث الاستضافة وعدمها ستجلب أو يجلب الشر على أحد من الناس؛ فيجب ترك هذا الفعل، وأما إن كان الأفضل للجميع استضافته داخل الأسرة مع مراعاة كافة الضوابط والمحافظة على الحرمات؛ كان له ذلك؛ لأن الأصل في الإسلام فعل الخير والحث عليه وترك الشر والنهي والبعد عنه. فالإنسان مجهول النسب ليس له ذنب فيما فعل أبواه حتى يخرج للدنيا وليس له ظهير أو مدافع عنه، أو أن يعامل معاملة سيئة جارحة، أو أن ينظر إليه المجتمع نظرة ازدراء في ذنب لم يرتكبه وفعل ليس له دخل فيه، وإنما هو قدر الله – جل وعلا – ليختبر الناس المحيطين به ويمتحنهم في أمر هذا الشخص، هل يحسنون إليه أم يسيئون؟؟ هل يعاملوه بالمعروف والإحسان أم بالجفاء والنكران؟؟ هل يؤدون حق الله فيه؟؟ وهل يحفظون الحرمات أم لا؟؟ وكذلك ليختبر مجهول النسب ذاته، فهل يصبر على ما قدره الله له؟؟ هل يرضى ويحمد الله – سبحانه وتعالى – ويحول هذا الاختبار لنقطة انطلاق نحو الجد والاجتهاد والنجاح؟؟ وبذلك يكون قد حول المحنة إلى منحة والشدة إلى نعمة؛ فيرتقى بجده واجتهاده إلى أعلى الدرجات، بعدما يرسم لنفسه حياة كريمة فاضلة. وبذلك نصل جميعاً لمرتبة الإحسان من خلال هذه الفعال المحمودة، ونكون حافظنا على أنفسنا وعلى أسرنا وعلى هؤلاء الأشخاص الذين يكونون سبباً لنا في رضوان الله – جل وعلا – بعد أن نكون نجحنا في اختبار من اختبارات الله – سبحانه – لنا في هذه الحياة.