انضمت مريم رزق الله لرحلة استكشافية لمدة شهر في القطب الشمالي كجزء من بحثها للحصول على الماجستير في التكنولوجيا الحيوية من الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، حيث سافرت ضمن فريق بحثي عالمي يضم علماء بارزين وباحثين بالإضافة إلي طلاب في المرحلة الجامعية وطلاب دراسات عليا. قام الفريق بالرحلة بهدف جمع عينات من الكائنات الحية الدقيقة التي تلعب دورا رئيسياً في الدوائر البيوجيوكيميائية العالمية ويمكن من خلالها إيجاد حل لظاهرة الاحتباس الحراري. يقول الدكتور أحمد مصطفي، أستاذ مساعد علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة والذي يشارك في الإشراف على بحث مريم رزق الله مع كلاوس فالنتين من معهد الفريد ويجنر في المانيا: "على مدى القرن الماضي، ارتفع مستوى سطح البحر حوالي 20 سم، ومع الذوبان والانكماش المستمر للأنهار الجليدية في القطب الشمالي، تشير التقديرات إلى أن مستوى سطح البحر سيرتفع إلى نحو 150 سم بنهاية هذا القرن مما من شأنه وضع الاسكندرية ومدن البحر المتوسط الأخرى تحت سطح البحر، وهو ما يمكن أن يتسبب في كارثة إنسانية واقتصادية مروعة في مصر." يدرس المشروع المعنون "بحر التغيير: مجتمعات العوالق النباتية ذات النواة الحقيقية في القطب الشمالي،" آثار ظاهرة الاحتباس الحراري على العوالق النباتية ذات النواة الحقيقية والكائنات البحرية الضوئية التي هي أساس لكامل الشبكة الغذائية في القطب الشمالي، وهي المسؤولة عن 50 في المئة من إنتاج الأكسجين على الأرض. يقول مصطفي: "تلعب هذه الكائنات دوراً رئيسياً في السيطرة على تراكم غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وخاصة ثاني أكسيد الكربون."
يوضح مصطفى أن تلك الكائنات تقدم أيضاً حلاً ممكناً لقضية اجتماعية أخري ملحة هي الطاقة: "يمكن للعوالق النباتية أن تستخدم مثل النباتات، كمصدر للوقود الحيوي الذي يعد بديلاً واعداً للطاقة النظيفة. ومع ذلك، فالعوالق النباتية تعتبر خياراً أفضل من خيار النباتات لأنها لا يتم الحاجة إليها كمصدر غذائي للإنسان ولا تتطلب مساحات شاسعة من الأراضي لزراعة محاصيل الوقود الحيوي."
جذب المشروع الذي تم تمويله من قبل معهد الجينوم المشترك بوزارة الطاقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، الفريق لسفينة الأبحاث Polarstern أو النجم القطبي، والذي سافر من ألمانيا إلى النرويج إلي جرينلاند. جمع الفريق 350 عينة من المياه والطحالب المتزايدة تحت الجليد البحري. تقول رزق الله: "هناك عالم كبير هناك، هناك كائنات جميلة تشارك معنا هذا الكوكب". وقد تم إرسال العينات إلى معهد ألفريد فيجنر لاستخراج الحمض النووي و الحمض النووي الريبي (DNA و RNA)، وإجراء اختبارات الزراعة والمجتمع الحي، فضلاً عن التحليل الكيميائي والغذائي." تؤمن رزق الله التي تخطط لتحضير رسالة الدكتوراه في علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية بأن التجربة أثرت مداركها المعرفية كعالمة شابة، وأكسبتها خبرة في موضوعات متنوعة مثل النباتات البصرية، وعلم المحيطات الفيزيائي، ونماذج المحاكاة المناخية، والتناقص الجليدي السنوي الهائل وتقييمات الصفائح التكتونية. تقول رزق الله التي تبلغ من العمر 24 عاماً: "لقد اكتسبت كمية هائلة من المعلومات المباشرة. أنا محظوظة للغاية ويشرفني أنني لم أعرف كل هذه المعلومات من خلال تصفح ويكيبيديا أو حتى مقابلة خبراء في مؤتمر، ولكن من خلال العمل في مختبرات مجهزة تجهيزاً جيداً جنباً إلى جنب بعض من أفضل العلماء في العالم." بالإضافة إلى ذلك، استمتعت رزق الله بالعمل كجزء من فريق كما تشرح: "مع وجود محطات على مدار الساعة، كان علينا أن ننسى أنماط النوم العادية، فقد كنا ننظم أنفسنا في نوبات لرصد ملامح المياه. عندما بدأت المرشحات الغشائية – التي تستخدم في صيد الكائنات الحية – في النفاد، عملنا جميعاً معاً لتحديد الخطوة التالية. عندما كان يري مراقبو حياة الثدييات دب قطبي أو حوت، كانوا دائماً يدعوننا للمشاهدة والمشاركة في الفرحة، فكنا نشترك جميعاً في كل شيء." تخرجت مريم رزق الله من كلية الصيدلة جامعة القاهرة، وعملت مساعد باحث في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة خلال العام الماضي أثناء تحضيرها لرسالة الماجستير في التكنولوجيا الحيوية وقد تم ترشيحها للبعثة لصفاتها الفريدة. يقول مصطفي: "مريم عالمة ماهرة، وهناك إقبال شديد وفريد من علماء الطب الحيوي في كل من الأوساط الأكاديمية والصناعية علي مجالها، فهي عالمة شابة محبة للإطلاع وتمتلك مهارات تحليلية ممتازة، كما أنها مبدعة لديها القدرة على حل المشاكلات ببراعة. رزق الله تمتلك ما يلزم من المهارات للمشاركة في مثل هذا المشروع الدولي الضخم، وقد قامت بعمل مدهش في القطب الشمالي كسفيرة لكل العلماء المصريين الشباب ولا سيما أعضاء مجتمع الجامعة الأمريكيةبالقاهرة."