ما هو الحل إذا ارتكب شخص حادث بالسيارة أدى إلى وفاة طفل وذلك عن طريق الخطأ. و قام السائق بعرض الفدية على أهل الطفل و لكنهم لم يقبلوها. فأنا أعلم أن كفارة القتل الخطأ عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين. أما عن عتق الرقبة فإنه من المتعذر الآن وجود عبيد لتحريرهم وإذا لم يتمكن السائق من الصيام لعدم قدرته الصحية فماذا يفعل ؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن القتل الخطأ يوجب أمرين: أحدهما: الدية المخففة على العاقلة. وثانيهما: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. ودليل ذلك قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَل َمُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىأَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء: 92]. وبناء على ما تقدم فإذا ثبت أن هذا السائق قد قتل ذلك الطفل خطأً، فالواجب عليه الكفارة، ونظراً لعدم وجود الرقبة، فالواجب عليه صيام شهرين متتابعين، فإن عجز عن الصوم فقد اختلف في حكمه على قولين: الأول: مذهب الجمهور وهو أنه لا إطعام عليه، لأن الله جل وعلا لم يذكر في كفارة القتل إلا العتق والصيام، ولو كان ثمة إطعام لذكره. الثاني: وهو قول عند الشافعية وهو أنه عليه الإطعام قياساً على غيره ككفارة الظهار والصوم، ولعل الصواب في المسألة هو التفصيل بين من عجز عن الصيام عجزاً أبدياً ومن كان عاجزاً عجزاً مؤقتاً، فالعاجز عجزاً أبدياً يطعم، والعاجز عجزاً مؤقتاً ينتظر القدرة على الصيام، ومما يؤيد هذا المنحى أنه جار على القياس على العجز عن صوم رمضان، فمن المعلوم أنه إن كان عاجزاً عجزا مؤقتاً، فالواجب عليه إنما هو القضاء، وإن كان عاجزاً عجزاً أبدياً فالواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم، وإنما قسنا صوم القتل على صوم رمضان لأن كلاً منهما مستقر في الذمة على وجه الوجوب وجوباً متعيناً، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن وجود الرقبة أصبح متعذراً تعذراً شديداً، إن لم يكن مستحيلاً. والعلم عند الله. فتاوى طريق الإسلام أنا في يوم من الأيام حلفت وقلت: علي الحرام أني ما أسوي (وذكرت شيئاً) مع العلم أني متزوج ما كفارة هذا الحلف الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فمن حلف على تحريم الحلال، فإما أن يحلف على شيء معين كأن يقول: هذا الشيء حرام عليّ إن فعلت كذا. فإذا كان هذا الشيء غير الزوجة فهو لغو، ولا يلزمه شيء، وهذا مذهب مالك والشافعي. وقال غيرهما هو مخيَّر إن شاء ترك ما حرمَّه على نفسه، وإن شاء كفرَّ، كفارة يمين. أما إن حلف بالتحريم وأطلق، كأن قال: ما أحلَّ الله عليَّ حرام إن فعلت كذا وكذا، أو الحرام يلزمني لا أفعل كذا، وكان له زوجة، فقالت المالكية إن الطلاق يلزمه، إلا أن يستثني زوجته بلسانه أو نيته. جاء في المدونة: قلت: أرأيت إن قال كل حلال عليَّ حرام. قال: قال مالك: تدخل امرأته في ذلك إلا أن يحاشيها بقلبه فيكون له ذلك. وذهب الحنابلة إلى أنه ظهار تلزمه فيه كفارة الظهار إن نوى تحريم المرأة، وقال بعضهم هو كناية، فيكون طلاقاً بالنية. جاء في كشاف القناع: ولو قال: عليّ الحرام، أو يلزمني الحرام... فلغو لا شيء فيه مع الإطلاق، لأنه لا يقتضي تحريم شيء مباح بعينه، ومع نية تحريم الزوجة، أو قرينة تدل على إرادة ذلك فهو ظهار. قال في تصحيح الفروع: الصواب أنه يكون طلاقاً إن نوى به طلاقاً. ا.ه أما الحنفية، فذهبوا إلى أن من قال: كل حِلَّ عليَّ حرام، أنه لا تدخل زوجته في هذا التحريم إلا بالنية، فإن نوى طلاقاً كان طلاقاً، لكن إن تعارف الناس على أن هذا اللفظ طلاق فهو طلاق، وإن زعم أنه لم ينو طلاقاً. ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن اللازم له هو كفارة يمين، ولو كفر كفارة ظهار كان أحسن، قال في فتاويه: وأما إذا حلف بالحرام، فقال: الحرام يلزمني لا أفعل كذا، أو الحِلّ عليَّ حرام لا أفعل كذا... وله زوجة، ففي هذه المسألة نزاع مشهور بين السلف والخلف، لكن القول الراجح أن هذه يمين لا يلزمه بها طلاق، ولو قصد بذلك الحلف بالطلاق. ثم ذكر في موضع ثانٍ: فإذا قال: الحلال عليّ حرام لا أفعل كذا... أجزأه في ذلك كفارة يمين، فإن كفر كفارة ظهار فهو أحسن. ا.ه ولعل هذا القول الأخير هو الأقرب إلى الصواب. فتاوى طريق الإسلام عندي مشكلة وهي الحلف بالله ونسيانه. أقصد مثلا إذا فعل أخي شيئا خاطئا أو أي شخص أقول: والله لا أكلمه أو والله لن أسامحه، ولكنه إذا اعتذر أسامحه، وكثر هذا الموضوع، وبدأت أنسى ما كنت أحلف عليه، ولكن والحمد لله أحاول منع نفسي من الحلف إلا للضرورة.فهل علي كفارة يمين؟ وهل تؤجل؟ وذلك لعجزي عن سدادها، وكيف أخرج كفارة مع أنني حلفت كثيرا؟ وما حكم الحلف من دون قصد، يعني خرج أثناء الكلام من دون نية حلف؟ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: ينبغي للمسلم أن لا يكثر من الحلف بالله تعالى، لأن كثرة الحلف أمر مذموم شرعاً، وإن لم يترتب عليه محظور، قال تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ {البقرة:224}. فمن أقوال المفسرين في هذه الآية كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير: لا تكثروا الحلف بالله وإن كنتم بارين مصلحين، فإن كثرة الحلف بالله ضرب من الجرأة عليه، هذا قول ابن زيد. انتهى. وفي سنن ابن ماجه وغيره: عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الحلف حنث أو ندم. ضعفه الألباني. هذا بالإضافة إلى أن الأيمان المذكورة كانت على المقاطعة وعدم المسامحة حسب السؤال، وهو أمر غير مشروع أصلا، وليس كل خطإ يتطلب هذا كله، وتجب الكفارة إذا حصل الحنث في هذه الأيمان إن قصدت بها اليمين، ولو كانت كثيرة هذا عن الأيمان المعلومة العدد، أما في حال جهل عدد الأيمان والعجز عن حصرها، فيكفر عما يغلب على الظن حصول براءة الذمة به، وفي حال الاستطاعة يجب إخراجها فوراً،. وفي حال العجز عن الإطعام والكسوة أو العتق انتقل الحانث إلى الصيام، وفي حالة العجز عن الصيام تبقى دينا في الذمة، وإن كانت الأيمان تجري على اللسان من غير قصد، فلا كفارة فيها، لأنها هي يمين اللغو عند الكثير من أهل العلم، قال الله تعالى: لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ {البقرة:225}. فتاوى طريق الإسلام