أكد رئيس "حزب النهضة" الإسلامي بتونس راشد الغنوشي أن الحكومة الائتلافية المقبلة "لا تنتظر إلا انعقاد المجلس التأسيسي لتتقدم بطلب تزكيتها" في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، مشيرًا إلى أن سياستها ستكون "تعبيرًا عما هو مشترك بين أعضاء التحالف، وليست انعكاسًا لحزب النهضة فقط". وكشف في مقابلة مع صحيفة "الحياة" اللندنية نشرتها اليوم الاثنين خلال زيارة للدوحة تشكيل لجان بين حزبه وشريكيه في الائتلاف حزبي "المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" بهدف "توحيد البرنامج السياسي والاقتصادي" للحكومة. وشدد على أنه لن يتولى أي منصب في الدولة "لأن الشباب صنعوا الثورة، وكما تقدموا للشهادة عليهم أن يتقدموا إلى الحكم".
وأضاف أن "المؤتمر" و"التكتل" هما "حزبان صديقان وحليفان منذ وقت بعيد في النضال ضد الديكتاتورية"، وأنهما يشكلان مع حزبه "مثلثًا قابلاً للاتساع ليشمل أحزابًا وشخصيات أخرى".
وأوضح أن "كلاًّ منا (الأحزاب الثلاثة) مكلف بأن يوسع هذا المثلث، وسنتشاور بعد ذلك في شأن من سيشغلون الحقائب الوزارية".
وتوقع إعلان التشكيل الحكومي "خلال أسبوعين بعد أن يكون المجلس التأسيسي التأم وتهيأ لتزكية هذه الحكومة", وفقًا لوكالة أنباء الشرق الأوسط. ولاحظ أن "هناك تحولاً في السياسة الدولية تجاه التيار الإسلامي المعتدل بعد الثورات التي شهدتها المنطقة، فربيع الثورات فرض الحركة الإسلامية معطى أساسيًّا من معطيات الساحة، ولا مناص من التعامل معه احترامًا للديمقراطية وسبيلاً وحيدًا لتحقيق الاستقرار". وعن الشكوك في حقيقة موقف حزبه من المرأة، قال: "نحن أكدنا منذ أواخر الثمانينيات وظللنا نؤكد باستمرار أن قانون الأسرة كما هو في مجلة الأحوال الشخصية مقبول عندنا، ويندرج في تقديرنا ضمن الاجتهاد الإسلامي". وكان الغنوشي قد أعلن عن بداية تبلور "نواة تحالف ثلاثي" لتشكيل حكومة ائتلافية تضم حزبه إلى جانب حزبي "المؤتمر من أجل الجمهورية" و"التكتل الديمقراطي". وقال الغنوشي: إن "نواة تشكلت لتحالف حكومي مقبل يتمثل في حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية بالإضافة إلى حزب التكتل الديمقراطي وهو قابل للتوسع"، مؤكدًا أن "المفاوضات لا تزال في بداياتها". وحول ما راج عن اعتراض حليفيه على استمرار أي وجه من الحكومة الحالية، قال الغنوشي: "من الطبيعي أن يدخل كل طرف إلى المفاوضات بأجندة ليس بالضرورة أن ينتهي إليها". وأضاف: إن "المفاوضات ما تزال في بداياتها". وكان منصف المرزوقي زعيم "المؤتمر من أجل الجمهورية" (يسار قومي) قد أكد في مقابلة صحافية نشرت الأحد في تونس على وجوب أن يترك رئيس الوزراء المؤقت الباجي قائد السبسي و"الوجوه القديمة في الحكومة" المجال لغيرهم لخدمة تونس في المرحلة الانتقالية الجديدة. وجاءت تصريحاته بعد الإشارة إلى احتمال ترشيح قائد السبسي (84 عامًا) لتولي رئاسة الدولة في المرحلة الانتقالية الثانية منذ الثورة، وقال المرزوقي أيضًا: إن الحوار الدائر مع حزب "النهضة الإسلامي و"حزب التكتل الديمقراطي (يسار وسط) يهدف إلى الاتفاق "بشأن خارطة الطريق الخاصة بالمرحلة القادمة وهي تتعلق بتنظيم السلطات العمومية وتحديد صلاحيات رئيس الدولة ورئيس الحكومة ومدة عمل المجلس" التأسيسي. ويتردد اسما منصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر مع أسماء أخرى لتولي منصبي رئيس المجلس التأسيسي ورئيس الجمهورية المؤقت. وأكد الغنوشي خلال زيارته إلى قطر - هي أول دولة يزورها بعد فوز حزبه في الانتخابات التونسية - على أن "المجال الذي يستوجب البدء بالإصلاح الفوري في تونس هو مجال القضاء"، وقال: "شأنه شأن القضايا الكبيرة، ينبغي أن يخضع القضاء إلى حوار وطني واسع يحدد مكامن إصلاحه". وأبدى الغنوشي تسامحًا إزاء الوجوه المحسوبة على نظام زين العابدين بن علي وأنه ينبغي التعامل معهم كأفراد، وقال: إن حركته ترى أن المحسوبين على النظام السابق "ينبغي أن يعاملوا كأفراد بعيدًا عن الانتقام الجماعي". وأضاف: "سنعمل على قاعدة المسئولية الفردية ومن ثبت أنه ارتكب جريمة كنهب الثروات أو غيرها فأمره موكول إلى القضاء أما البقية فهم مواطنون عاديون".