منذ ثلاثة عقود ومهرجان "سينيميد" في مونبلييه يشكل نافذة مفتوحة على العالم الواسع لبلدان البحر الأبيض المتوسط، من مرسيليا إلى البوسنة... وهذا العام يخصص دورته التي تفتتح فعالياتها الخميس، لمصر ول"ثوراتها" السينمائية. ومهرجان مونبلييه الذي كان قد اختار كارمن ماورا عرابة له والذي يستمر لغاية 29 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، يتضمن برنامجا حافلا باللقاءات والعروض الأولى والعروض الاستعادية كما يقدم من جهة أخرى مسابقة يتنافس فيها 12 فيلما من 25 دولة على جائزة "أنتيغون الذهبية". أما هيئة التحكيم فتترأسها الممثلة الفرنسية كريستين بواسون.
ويشرح جان فرانسوا بورجو المدير الفني للمهرجان لوكالة فرانس برس "نحن ندخل الأحداث الراهنة في المهرجان عندما تكون انعكاساتها كبيرة كفاية، كما هي الحال هذا العام. لكننا لا نكتشف مصر.. هي هنا لأننا نملك نظرات عدة لسينمائيين". يضيف "ولا يعني أن جميع الصور صالحة للعرض في وجود ربيع عربي".
وخلال المهرجان، يأتي فيلمان وثائقيان ليشهدا على مساحة الحرية التي توافرت فجأة في القاهرة خلال الشتاء الماضي.. الأول هو "وداعا مبارك!" لكاتيا جرجورة وقد صور في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2010، أما الثاني فقد أخرجه ستيفانو سافونا في شباط/فبراير 2011 ويحمل عنوان "ميدان التحرير".
ويرى المسؤول عن برنامج المهرجان "فجأة، شعب بأكمله يخطط في الوقت نفسه الذي يقاتل فيه، ويصبح هذا الميدان ممثلا عن البلد ككل". ويذكر أيضا فيلما قصيرا يحمل عنوان "سددوا!" كان قد أنجز قبل الثورة ويبين "كيف كان البلد جاهزا للانهيار في أي وقت".
ويأتي برنامج الأفلام الطويلة الروائية من الإنتاجات الحديثة (2010)، ليروي أيضا مصر من خلال نظرة سينمائيين من أمثال يسري نصرالله مع "جنينة الأسماك" و"نساء القاهرة" وأحمد عبدالله مع "ميكروفون" ومحمد دياب مع فيلم "678" الذي يتناول موضوع التحرش الجنسي في وسائل النقل العام في القاهرة.
وينظم مهرجان مونبولييه عرضا استعاديا للأفلام الكلاسيكية لكبير السينما المصرية يوسف شاهين مع "باب الحديد" و"الأرض" و"العصفور" و"عودة الإبن الضال". ويعتبر شاهين "أحد الآباء المؤسسين لمهرجان مونبولييه، وهو أيضا مواطن شرف" في المدينة، بحسب ما يذكر جان فرانسوا بورجو الذي يمتدح "النظرة الثاقبة" التي كان يتمتع بها السينمائي في ما خص مجتمعه.
إلى ذلك يعتبر مهرجان مونبولييه أيضا مهرجانا لاكتشاف المواهب. فإلى جانب 15 ألف يورو يقدمها إلى الفائز بجائزة "أنتيغون الذهبية"، 9 آلاف منها مخصصة للتوزيع على شكل دعاية وملصقات وما إليها، تسلم منحة مالية للمساعد على كتابة النص بقيمة 800 يورو إلى سيناريو سبق أن وضع. وتسلم هذه المنحة لجنة تحكيم مؤلفة من خبراء وأهل اختصاص.
ويشير بورجو إلى أنه "من المثير للاهتمام أن نرى كيف يؤثر الربيع العربي على الأفلام الروائية. ومصر لها تاريخ طويل مع السينما الاجتماعية والسياسية".
لكنها تبقى وحدها إلى جانب تونس ولبنان. ويلفت إلى أنه بالنسبة إلى "سوريا، لا شيء هذه السنة في حين أن النظام يهيمن على كل شيء. في ليبيا (أيضا) لا شيء، أما في الجزائر فكان الانتاج قد سبق أن توقف خلال التسعينات".
ويشدد على أنه "ما زلنا ننتظر الفيلم الكبير حول هذا العقد من المجازر في الجزائر وذلك الذي يتناول الإبادة المبرمجة لمسيحيي الشرق".
من بين الأفلام المتنافسة، أقل من نصفها فقط وجدت لها موزعا في فرنسا بهدف عرضها، بحسب ما يوضح مسؤول البرمجة الذي يشكو من "تهيب" الصالات