رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) - يتعين الآن على الزعيم الفلسطيني مروان البرغوثي الذي لم تشمله صفقة كبيرة لتبادل الأسرى بين حركة المقاومة الاسلامية (حماس) واسرائيل أن ينتظر اتفاقا من نوع اخر ليخرج من سجن اسرائيلي حيث يقضي الان عدة عقوبات بالسجن مدى الحياة. وقد لا يحدث هذا أبدا.
وخلال السنوات القليلة الماضية كان ينظر الى المفاوضات غير المباشرة بين حماس واسرائيل لمبادلة الجندي جلعاد شليط بالافراج عن ألف سجين فلسطيني من السجون الاسرائيلية باعتبارها أفضل أمل للافراج عن البرغوثي.
ولكن جرى استبعاد البرغوثي (52 عاما) القيادي في حركة فتح من الصفقة التي أعلن عنها يوم الثلاثاء كل من حركة حماس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال أحد أفراد عائلة البرغوثي معبرا عن المشاعر السائدة بين مؤيديه "كان ذلك أملهم الاخير. الان الوضع صعب للغاية."
والبرغوثي شخصية تحظى بشعبية بين الفلسطينيين. ويصوره مؤيدوه على أنه مثل نلسون مانديلا شخصية قادرة على دفع الحركة الوطنية المنقسمة واعادة توحيدها.
ويرى كثير من الفلسطينيين أنه منافس بارز لخلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (76 عاما). وهناك قليل من الخلفاء الواضحين لعباس داخل حركة فتح التي يتزعمها.
وفي عام 2004 حكمت محكمة اسرائيلية على البرغوثي بخمس عقوبات بالسجن مدى الحياة وعقوبة بالسجن لمدة 40 عاما. واتهم البرغوثي بالتخطيط لكمائن وهجمات انتحارية ضد الاسرائيليين خلال الانتفاضة الفلسطينية التي كانت مستمرة انذاك.
واذا ظلت العوامل الاخرى على حالها فان مصير البرغوثي بات الان في يد اسرائيل وبقوة. واذا كان سيطلق سراحه فان ذلك سيحدث على نحو يتناسب مع المصالح الاسرائيلية.
واحتمالات حدوث ذلك بعيدة على ما يبدو في الاجل القصير. ولكن بمرور الوقت قد ترى الحكومة الاسرائيلية فائدة في اطلاق سراحه ربما كطريقة للتأثير على السياسة الفلسطينية واضعاف حماس أو لاحياء مفاوضات السلام.
والبرغوثي الذي يعتبره كثير من الاسرائيليين قاتل كان واحدا من السجناء الذين رفضت اسرائيل الافراج عنهم في جولات المحادثات غير المباشرة مع حماس منذ أن أسر نشطاء في غزة شليط في عام 2006 .
وأثناء محاكمته كان البرغوثي يرد عندما يصفه المحقق الاسرائيلي بأنه ارهابي قائلا بلغة عبرية يتحدثها بطلاقة تعلمها في فترات سجنه السابقة ان "الاحتلال هو الارهاب".
ورغم سمعته السيئة في اسرائيل زاره بعض النشطاء والسياسيين الاسرائيليين من اليسار في السجن ويتفقون في الرأي بأنه من الممكن أن يكون زعيما فلسطينيا في المستقبل.
ويتكهن البعض بأنه قد يكون من المناسب لحكومة اسرائيلية أن تطلق سراح البرغوثي في يوم ما ليكون ثقلا موازيا لحماس المعادية بشدة والتي تحكم قطاع غزة منذ أن انتزعت السلطة هناك من السلطة الفلسطينية في عام 2007 .
وقال اسحق ريتر من الجامعة العبرية في القدس "لا اعتقد أن نتنياهو هو الشخص الذي يتوصل الى اتفاق بشأن مروان البرغوثي ولكن اذا كان هناك رئيس وزراء اسرائيلي اخر في السلطة ربما من الوسط أو اليسار فمن المتوقع التوصل الى اتفاق سياسي لتعزيز فتح."
ومضى يقول "هذا ليس تكهنا وانما أحد السيناريوهات الممكنة."
والبرغوثي كان ناشطا في الانتفاضتين الفلسطينيتين الاولى والثانية ضد اسرائيل.
ويؤيد البرغوثي المولود في الضفة الغربية فكرة انهاء صراع الشرق الاوسط من خلال اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزةوالقدسالشرقية التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 .
وبعد وفاة ياسر عرفات في عام 2004 أعلن البرغوثي ترشيح نفسه للرئاسة الفلسطينية. ثم انسحب من الانتخابات انذاك مفسحا الطريق لعباس كي يحقق فوزا سهلا.
ولا يزال لجاذبية شخصية البرغوثي صدى من وراء القضبان. ولصورته كبطل فلسطيني مكان بارز على الجدار العازل الذي تبنيه اسرائيل عند معبر شهير بين رام اللهوالقدس.
لكن الامال في اطلاق سراحه تلاشت يوم الثلاثاء.
وقال باسم الزبيدي وهو عالم سياسة فلسطيني في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية انه في النهاية لن يكون في مصلحة اسرائيل ولا في مصلحة حركة فتح أن يطلق سراح البرغوثي في اطار اتفاق أبرمته حركة حماس.
وقال "لا الاسرائيليين ولا فتح مستعدتان لمنح هذا التقدير لحماس." ومضى يقول "لذلك اعتقد أنه لو أطلق سراحه فان ذلك سيكون من خلال اتفاق من نوع اخر."
وايمان البرغوثي بحل الدولتين لصراع الشرق الاوسط يبعده عن حماس التي ترفض الاعتراف باسرائيل وتظل ملتزمة بالعنف.
ورغم أن محكمة اسرائيلية أدانت البرغوثي بالتطرف الا أنه قد يكون شريكا لاسرائيل في المفاوضات في المستقبل.
وقال الزبيدي "اذا طرح نفسه كمعتدل سيكون لذلك صدى لدى الاسرائيليين."