اليوم يوصى بالكشف عن سرطان الثدي ابتداء من سن الخمسين، لكن امرأة من بين اثنتين تلجأ إليه بين الأربعين والخمسين.. وبالنسبة إلى الخبراء لا بد من تقييم إيجابيات وسلبيات احتمال إخضاع النساء في الأربعين من عمرهن لكشف منظم. تشكل سرطانات الثدي بين سن الأربعين والخمسين 16,5% من مجموع أمراض سرطان الثدي، بحسب ما أوضح الدكتور مارك إيسبييه (مستشفى سان لوي) خلال مؤتمر نظمته اللجان النسائية للوقاية من الأمراض السرطانية والكشف عنها.
وعملية الكشف المنظمة التي تقضي بإجراء فحص شعاعي للثدي مرة واحدة كل سنتين (في فرنسا) للنساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 50 و74 عاما، لطالما كانت موضع تساؤل.
على الصعيد الشخصي، قد يؤدي هذا الكشف إلى الطمأنة من دون وجه حق (لأنه يمكن للسرطان أن يظهر بين صورتين شعاعيتين) أو عن قلق من دون وجه حق (من خلال الإضاءة على بعض الخلل الذي كان ليبقى هامدا). لكن أهمية الكشف تقاس على صعيد الصحة العامة ومن خلال خفض الوفيات وخفض التكاليف التي يتحملها المجتمع.
هل يجب توسيع رقعة عملية الكشف لتشمل من هن في الأربعين من عمرهن، في حين أن نصف اللواتي تتراوح أعمارهن بين الأربعين والتاسعة والاربعين قد سبق وخضعن لصورة شعاعية للثدي؟
بالنسبة إلى الأستاذ المحاضر في الاقتصاد الصحي جان-بول مواتي، فإن مشكلة العلاقة بين الكلفة والفعالية تأتي ثانوية.
فهو يرى أن "أساس الخيار الاجتماعي يتمحور حول النتائج السلبية للكشف"، محذرا من "استناج إما بالأبيض وإما بالأسود".
من جهتها تلفت المتخصصة في علم النفس وطبيبة الأمراض النفسية والعقلية ناتاشا إسبييه أن دعوة النساء إلى إجراء الكشف "يذكرهن بأن سرطان الثدي واقع" وأنه لا يمكن استبعاد القلق. كذلك فإن هذه الدعوة تخلق لدى بعض النساء "فكرة شبه سحرية" إذ يتوقعن من دون وجه حق أن الكشف سوف يجنبهم مرض السرطان.
أما الدكتورة آن تارديفون (معهد كوري) فتشرح أن النساء الأصغر سنا يملكن عادة أثداء أكثر كثافة وأكثر تغايرا وتتأثر بالتغيرات الناجمة عن الدورات الهرمونية. وهذه كلها عوامل تزيد من احتمال "عدم كشف سرطان ما" أو على العكس تشخيص سرطان ما عن طريق الخطأ.
يأتي تفاقم الأمراض السرطانية لدى النساء الأصغر سنا أكثر سرعة، الأمر الذي يطرح سؤالا حول الفترة الزمنية بين صورتين شعاعيتين للثدي.
من جهة أخرى تطرح القضية الدقيقة المتعلقة باحتمال الإصابة بالسرطان نتيجة التعرض للاشعاعات. والفحص المعتمد للكشف عن سرطان الثدي والذي يتكرر بانتظام هو الصورة الشعاعية للثدي التي تعتمد على الأشعة السينية.
وبما أن الثدي هو أحد الأعضاء الأكثر تأثرا بالإشعاعات، كلما تعرض لها في سن مبكرة كلما ارتفعت احتمالات الإصابة بالسرطان بحسب ما تشرح الدكتورة كاترين كولين (أوسبيس سيفيل دو ليون). وتشير إلى أنه بعد سن الخمسين "نكون مطمئنين عادة"، لكن بين الأربعين والخامسة والأربعين "الدراسات لا تأتي جازمة".
من بين 24 بلدا تطبق برنامجا وطنيا للكشف المبكر، خمسة فقط حددت العتبة ابتداء من سن الأربعين واثنين ابتداء من الخامسة والأربعين. أما في بريطانيا فستخفض من 50 عاما إلى 47 عاما.
وتجزم أنييس بوزين رئيسة المعهد الوطني للسرطان (إنكا) أنه "ليس هناك من عناصر تبرر توسيع برنامج الكشف المعمم".
لكنها تشير من ناحية أخرى إلى أن "سؤالا يطرح حول كشف مبكر أكثر تهديفا يرتكز على عوامل خطر شخصية" (سابقة عائلية أو تدخين أو وزن زائد إلخ...).
تضيف "نحن حذرون حاليا".
بالنسبة إلى النساء اللواتي يحملن تغيرا جينيا مرتبطا باحتمال كبير في تشكيل سرطان في الثدي، لا يطرح السؤال. فهؤلاء ينصحن ابتداء من سن الثلاثين بمراقبة سنوية تشمل صورة شعاعية وصورة بالموجات فوق الصوتية وأخرى بالرنين المغنطيسي.