انخفاض جديد في أسعار الأضاحي قبل عيد الأضحى 2024.. «بكام العجول البقري؟»    أبرزها تبكير صرف المرتبات.. بشائر تنتظر المواطنين الشهر المقبل قبل عيد الأضحى    اليوم، التشغيل التجريبي للمرحلة الأولى من السيارات الكهربائية وطرق حجز التاكسي الذكي    «حق الفيتو» شرارة خلاف جديد بين بايدن والكونجرس الأمريكي.. ما علاقة إسرائيل؟    «تغيير تاريخي واستعداد للحرب».. صواريخ زعيم كوريا الشمالية تثير الرعب    الجيش الإسرائيلي: مقتل إسرائيلي وإصابة 5 جنود بإطلاق صواريخ مضادة للدروع من لبنان    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء| مانشستر يونايتد ضد نيوكاسل.. ونهائي كأس إيطاليا    الثانوية العامة 2024 "من هنا القصة الكاملة"    اليوم.. الحكم على المتهم بدهس طبيبة خلال «سباق سيارات» بالتجمع الخامس    إطلالات رائعة وسعفة ذهبية لميرل ستريب في حصاد أول أيام "كان السينمائي"    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    مرصد الأزهر يستقبل وزير الشؤون السياسية لجمهورية سيراليون للتعرف على جهود مكافحة التطرف    شوبير ام الشناوي.. تعرف على حارس مرمى الاهلي في مباراة الترجي التونسي    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    تقسيم الأضحية حسب الشرع.. وسنن الذبح    هدوء حذر.. سعر الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة وعيار 21 الآن يسجل هذا الرقم    جناح طائرة ترامب يصطدم بطائرة خاصة في مطار بفلوريدا    الإعلان عن أول سيارة كهربائية MG في مصر خلال ساعات    "بنكنوت" مجلة اقتصادية في مشروع تخرج طلاب كلية الإعلام بجامعة جنوب الوادي (صور)    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15 مايو في محافظات مصر    حقيقة تأثر الإنترنت في مصر بانقطاع كابلات البحر الأحمر    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    نانسي صلاح تروج لأحدث أعمالها السينمائية الجديدة "جبل الحريم"    سمسم شهاب يترك وصيته ل شقيقه في حال وفاته    اجتياح رفح.. الرصاصة الأخيرة التي لا تزال في "جيب" نتنياهو    «تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    شوبير: الزمالك أعلى فنيا من نهضة بركان وهو الأقرب لحصد الكونفدرالية    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    الأزهر يعلق على رفع مستوطنين العلم الصهيوني في ساحات المسجد الأقصى    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    كاف يهدد الأهلي والزمالك بغرامة نصف مليون دولار قبل نهائي أفريقيا | عاجل    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    مواعيد الخطوط الثلاثة لمترو الأنفاق قبل ساعات من بدء التشغيل التجريبي للمحطات الجديدة    تحرير 31 محضرًا تموينيًا خلال حملة مكبرة بشمال سيناء    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    «أفريقية النواب» تستقبل وفد دولة سيراليون في القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أهداف سورة التوبة
نشر في الفجر يوم 06 - 10 - 2011


سورة التوبة
هدف السورة: التوبة
هذه السورة الكريمة هي من أواخر ما نزل على رسول الله r عقب غزوة تبوك أي بعد 22 عاماً من بدء الرسالة والوحي. وكأن هذه السورة تمثل البيان الختامي للدعوة والرسالة وقد نزلت في وقت كان المسلمون يستعدون للخروج برسالة الإسلام إلى خارج الجزيرة العربية والإنفتاح بهذه الرسالة على العالم كله، لذا فإن توقيت نزول سورة التوبة في غاية الدقة والحكمة.

وهي السورة الوحيدة في القرآن التي لم تبدأ بالبسملة، فالبسملة هي بمثابة بوابة تنقل القارئ من عالم إلى آخر تحت اسم الله تبارك وتعالى. والسرّ في عدم افتتاح السورة بالبسملة هي أن السورة نزلت في فضح الكفّار وأعمالهم وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما سئل عن عدم كتابة البسملة في سورة التوبة: إن (بسم الله الرحمن الرحيم) أمان، وبراءة (أي سورة التوبة) نزلت بالسيف ليس فيها أمان. والسورة نزلت في المنافقين ولا أمان للمنافقين وكأنما حرمهم الله تعالى من رحمته بالبسملة . وقد روي عن حذيفة بن اليمان أنه قال: إنكم تسمونها سورة التوبة وإنما هي سورة العذاب، والله ما تركت أحداً من المنافقين إلا نالت منه.

تسمى سورة التوبة بأسماء عديدة وصلت إلى 14 اسماً منها: براءة، التوبة، المخزية، الفاضحة، الكاشفة، المنكلة، سورة العذاب، المدمدمة، المقشقشة، المبعثرة، المشردة، المثيرة والحافرة. وقد فضحت هذه السورة الكفار والمنافقين والمتخاذلين وكشفت أفعالهم. وورود سورة التوبة بعد الأنفال له حكمة هي أن الأنفال تحدثت عن أول غزوة للمسلمين (غزوة بدر) والتوبة تتحدث عن غزوة تبوك وهي آخر غزوة في عهد الرسول r حتى نستشعر الفرق في المجتمع الإسلامي بين الغزوتين وكأنها تعطي صورة تحليلية للمجتمع فكأنهما سورة واحدة بدايتهما نصر أمّة ونهايتهما تمكين أمّة.

وسميت السورة (التوبة) لأنها كانت آخر ما نزل من القرآن على الرسول r وبما أنها النداء الأخير للبشرية أراد الله تعالى بعد أن فضح الكفار والمنافقين والمتخاذلين وحذّر المؤمنين كان لا بد من أن يعلمهم أن باب التوبة مفتوح فعليهم أن يعجلوا بها قبل أن نغرغر. فسبحان الذي وسعت رحمته كل شيء وسبقت رحمته غضبه، سبحانه رحيم بعباده غفور لهم. ولقد ورد ذكر كلمة (التوبة) في هذه السورة (17 مرة) أكثر من أية سورة أخرى في القرآن كله، فقد وردت في البقرة (13 مرة)، النساء (12 مرة)، المائدة (5 مرات) فسبحان الذي يفتح أبواب التوبة للجميع من كفار وعصاة ومنافقين برغم كل ما اقترفوه في حياتهم.

وتتوالى الآيات في سورة التوبة بسياق رائع غاية في الحكمة فتبدأ الآيات بالتهديد وتحريض المؤمنين وفضح للمنافقن ثم تفتح باب التوبة ثم التهديد ثم التوبة وهكذا سياق كل آيات السورة وحتى المؤمنين تطالبهم السورة بالتوبة فهي تتحدث عن أخطاء وصفات ثم تفتح باب التوبة ثم أخطاء أخرى ثم توبة ثم تدعو المؤمنين للقتال ونصرة الدين والتحفيز لإلجاء المنافقين على التوبة، ونلاحظ أن في سورة النساء القتال الذي أمر به الله تعالى كان لنصرة المستضعفين والقتال في هذه السورة لإلجاء المنافقين للعودة إلى الله والتوبة. والسورة بشكل عام فضحت المنافقين وكشفت أعمالهم وأساليب نفاقهم وألوان فتنتهم وتخذيلهم للمؤمنين لتواجههم بها حتى يتوبوا وكذلك حرّضت المؤمنين على قتال المنافقين ليدفعوهم للتوبة أيضاً. ودعوة المؤمنين للتوبة خاصة المتخاذلين منهم فالتخاذل عن نصرة الدين يحتاج للتوبة تماماً كما يحتاج المؤمن للتوبة من ذنوبه.

المحور الأول: تبدأ الآيات الأولى بشدة (بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ) آية 1 (فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ) آية 2. وهذه الآيات نزلت في المشركين الذين نقضوا العهد مع المسلمين مرات عديدة فقطع الله تعالى مابينهم وبين المسلمين من صلات ومنحهم فرصة كافية أربعة أشهر يسيحوا في الأرض ليتمكنوا من النظر والتدبر في أمرهم.

ثم تأتي آيات التوبة (وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) آية 3، (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آية 5، (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) آية 11، (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) آية 15 وتخللت هذه الآيات آيات تهديد (اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) آية 9 ، (أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ) آية 13

والملاحظ أن الشدة في سورة التوبة إنما هي رحمة من الله تعالى لأنها تحث على التوبة وتفتح بابها حتى لأشد الناس كفراً ونفاقاً ومعصية، وهذا من فضل الله تعالى ورحمته بعباده مصداقاً لقوله تعالى في الحديث القدسي (لو خلقتهم لرحمتهم). وقد وردت كلمة (رحيم)9 مرات في السورة وكلمة (غفور) 5 مرات.

ثم تنتقل السورة إلى المحور الثاتي وتوجيه الخطاب للمؤمنين: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) آية 24 في هذه الآية يبيّن لنا تعالى ثمانية أشياء حلال في أصلها (آباؤكم، أبناؤكم، إخوانكم، أزواجكم، عشيرتكم، أموال، تجارة، مساكن) ولكن إذا أحببناها أكثر من رسول الله r والجهاد في سبيل الله إعتبرنا فاسقين. ثم تحدثت الآيات عن غزوة حنين (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ) آية 25. ثم يتوب الله تعالى من بعد ذلك وقد تردد ذكر غفور رحيم كثيراً في هذه السورة مع آيات التوبة.

تحريض المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) آية 38، وتحريض المؤمنين واجب من أول ما بدأ الجهاد إلى يومنا هذا وإلى آخر الدنيا. (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ) آية 40.

تحذير المتخاذلين عن نصرة الدين: (فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ) آية 83، (وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ) آية 86، (رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ) آية 87

تهديد شديد: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) آية 81، (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) آية 82

بعد التهديد يعود سياق السورة للتوبة وتعطي كل صنف من أصناف البشرية التوبة الخاصة به قبل الوداع الأخير وهذا أجمل ختام للثلث الأول من القرآن بعد السور السبع الطوال بفتح باب التوبة:

1. توبة المنافقين والمرتدّين: (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) آية 74

2. توبة المترددين: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آية 102

3. تذكرة للجميع بالتوبة: (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) آية 104

4. توبة على النبي والمهاجرين والأنصار: (لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) آية117

5. توبة أخيرة: (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) آية 118 للثلاثة الذين خلّفوا وتقاعسوا عن غزوة تبوك.

وتأتي آيات رائعة في ختام السورة (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) آية 128 و (فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) آية 129، ختام رائع مع الرسول r فإن الله تعالى إن حرم الكفار والمنافقين من الرحمة في أول السورة بعدم ذكر البسملة فإنه أعطاهم في آخرها رحمة ورأفة وهذه الختام مع رسول الله r.

لفتة: في برنامج النبأ العظيم للدكتور أحمد الكبيسي تحدّث الدكتور عن هذه السورة وكيف وصف الله تعالى واقع المجتمع في عصر الرسالة الأول وعدّد شرائح المجتمع المتناقضة منها من كان على الحقّ ومنها على الباطل. وهذه الشرائح هي كما وردت في السورة:

1. البدو الذين كانوا جفاة كما قال الرسول r : من بدا جفا. كما في قوله تعالى (الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) آية 97

2. شريحة من البدو الذين آمنوا (وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آية 98

3. السابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار وهم أحباب الله والذين على أكتافهم انتشر الدين: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) آية 100

4. المنافقون الذين يظهرون دائماً مع قوة الدين وهؤلاء أشد على المسلمين من الكفّار فأهل مكة كانوا كفّاراً كانوا يجاهرون بالكفر لأن الإسلام كان ضعيفاً في مكة، أما في المدينة فقوي الإسلام والمنافقون ازدادوا لأنهم لا يتجرأون على المجاهرة بالعداوة لقوة الإسلام في المدينة. والنفاق عموماً يظهر في قوة الإسلام ويختفي بضعفه. (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) آية 101

5. كل الشرائح السابقة كانت متساوية في العدد نوعاً ما وهناك شريحة كانت قليلة في عهد الرسول r ولكنها الآن أصبحت كثيرة العدد في عصرنا الحالي: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آية 102 وهؤلاء وضّح الله تعالى في الآية التي بعدها للرسول r كيف يتعامل معهم (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) آية 103 فالصدقة منهم تطهّرهم وتزكيهم والصدقة هنا غير الزكاة وإنما هي الإنفاق من خير الأموال وصلاة الرسول r أي دعاؤه لهم هو سكن لهم وكلمة عسى من الله تعالى تعني أنه تحقق بإذن الله فهذه الشريحة إن تصدقت وصلّى عليها الرسول r استحقت مغفرة الله تعالى إنه هو الغفور الرحيم سبحانه.

6. شريحة قد فعلوا أشياء تُخِلّ بالأمن العام ومنهم الذين تخلفوا عن الغزوة (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) آية 106

7. وأخيراً هناك الشريحة الطائفية التي تُرسّخ العداوة بين المسلمين وتقوم على تكفير بعض طوائف المسلمين للتفريق بينهم (وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) آية 107


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.