قد تندهش وربما تغضب قائلاً: أنا مثل القلم الرصاص؟ أو أشبهه؟ أو أحاول أن أشبهه هذا الرفيع الرخيص الثمن مهما ارتفع؟! لكن - ببساطة شديدة- أقول لحضرتك إن الأمر متوقف على الطريقة التى تنظر بها إلى هذا «القلم الرصاص».. وتأمل جيداً سوف تجد أن هذا القلم له خمس صفات إذا وعيتها جيداً، سوف تعيش فى سلام مع نفسك ومع الناس من حولك.. وإليك هذه الصفات الخمس للقلم الرصاص. 1- القلم قادر على أن يكتب أشياء نمطية وإبداعات كبيرة، لكن لابد أن تكون هناك يد عليا تقود خطواته، وهذا ما نسميه نحن «الله» الذى يقودنا بقدره ونخضع لمشيئته.
2- يحتاج «القلم الرصاص» إلى المبراة أو «البرّاية» من وقت لآخر ليكتب أفضل وأوضح، وهكذا الإنسان الذى لابد أن يتحمل بعض الآلام والأحزان ليكون إنساناً أكثر صلابة وقوة.
3- القلم الرصاص يجعلك قادراً على استخدام «الأستيكة» لمسح الأخطاء، وهذه الخاصية إذا اكتسبناها، تجعلنا ننظر إلى تصحيح الأخطاء على أنها شيء طيب، وتساعدنا على إعادة النظر فيما نفعل.
4- ليس المهم فى «القلم الرصاص» ذلك الخشب الخارجى الذى يحيط به مهما كان مزركشاً وقيماً، لكن القيمة تأتى من نوع «الجرانيت الداخلي» وهذا يذكرنا إذا ما تأملناه، بضرورة الاهتمام بالداخل، وبعمق الأشياء وليس ظاهرها فقط.
5- القلم الرصاص يترك «علامة» دائماً وهذا يؤكد لنا أن كل ما نفعله سوف يترك علامة، ومن ثم لابد من مراعاة كل فعل نفعله.
ولعل تأملاتى هذا الاسبوع توحى بحدوتة صغيرة، وللحق فهى كذلك لأنها «قصة قصيرة» للكاتب العالمى البرازيلى الشهير «باولو كوبللو» صاحب رواية «الكيميائي» و«أحد عشر دقيقة» وغيرهما من الكتب والمؤلفات التى ترجمت لأكثر من اثنتين وستين لغة، وقد كتبها على لسان جده عجوز تجيب عن سؤال حفيدها عن القلم الرصاص الذى كتبت به بعض قصصها، وكانت إجابتها هى تلك التى لخصتها لحضراتكم.
وأخيراً وليس آخراً أرجو أن نتذكر يا سادة أن «باولو» هذا برازيلى النشأة والمولد وربما تدعوه معتقداته إلى التأمل والتفكير ولكن لا أظنها تدعوه بنفس الدرجة التى يدعونا إليها كتاب الحق سبحانه وتعالى.. بسم الله الرحمن الرحيم «أو لم يتفكروا»، «أو لم ينظروا فى ملكوت السماوات والأرض»، «أفلا تذكرون»، صدق الله العظيم.. وغير ذلك من الآيات الكثير يدعونا فيها ربنا العظيم إلى التفكير والتدبير ففى ذلك كثير وكثير من العظات والحكمة، فكم فى حياتنا من «أقلام رصاص» و«كراسي» تدور وتتحرك وربما تنكسر من طول الاستخدام، وزجاجات فارغة صوتها عال، وأخرى زجاجات ممتلئة بالطيب وبعضها بالخبيث وغير ذلك كثير فتأملوا يا سادة وبهذه المناسبة.. كم أتمنى أن أكون مثل هذا القلم الرصاص لأعيش فى سلام مع النفس ومع الناس أجمعين، ولا تندهش من جديد إذا قلت لك «كن مثل القلم الرصاص» فأنا أتمنى لك الصحة والسلامة وللحديث والتأمل بقية إن شاء الله.