مدير تعليم دمياط يشهد ختام ورش عمل الأنشطة الطلابية    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    مدبولي يعلن عن مشروع استراتيجي مهم بالتعاون مع بيلاروسيا    رئيس وزراء بيلاروسيا: مصر شريك تاريخي وتلعب دورًا محوريًا في الشرق الأوسط    أمير الكويت يصل مطار القاهرة للقاء السيسي    هل يواصل ميتروفيتش تفوقه أمام اتحاد جدة بكلاسيكو كأس الملك السعودي؟    مباراة ريال مدريد ضد بايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا.. الموعد والقنوات الناقلة    إحالة 4 متهمين في حريق استوديو الأهرام للمحاكمة الجنائية    ريم بسيوني ومصطفى سعيد يتسلمان جائزة الشيخ زايد للكتاب    قبل عرضه .. تعرف على قصة مسلسل «انترفيو» ل رنا رئيس    وزير الصحة يبحث مع وزيرة التعاون القطرية الاستثمار في المجال الصحي والسياحة العلاجية    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    رئيس وزراء بيلاروسيا: مستعدون لتعزيز التعاون الصناعي مع مصر    الاتحاد الأوروبي يخصص 15 مليون يورو لرعاية اللاجئين السوريين بالأردن    رئيس الوزراء الفلسطيني: لا دولة بدون قطاع غزة    رئيس جامعة المنيا يفتتح فعاليات المنتدى الأول لتكنولوجيا السياحة والضيافة    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    دوري أبطال أوروبا، إنريكي يعلن قائمة باريس سان جيرمان لمباراة دورتموند    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    المقاولون: حال الكرة المصرية يزداد سوءا.. وسنتعرض للظلم أكثر في الدوري    لبيب: نحاول إصلاح ما أفسده الزمن في الزمالك.. وجوميز أعاد مدرسة الفن والهندسة    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    رئيس "كوب 28" يدعو إلى تفعيل الصندوق العالمي المختص بالمناخ    محافظ بنى سويف: توطين الصناعة المحلية يقلل الفجوة الاستيرادية    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    بالصور- هنا الزاهد وشقيقتها في حفل حنة لينا الطهطاوي    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    تجارة القناة تكرم الطلاب المتفوقين من ذوي الهمم (صور)    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    وزير التنمية المحلية يُهنئ الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة دون إصابات في فيصل    المهندسين تبحث في الإسكندرية عن توافق جماعي على لائحة جديدة لمزاولة المهنة    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    "عايز تتشهر ويجيبوا سيرتك؟".. متحدث الزمالك يدافع عن شيكابالا بهذه الطريقة    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    رئيس اقتصادية قناة السويس يناقش مع «اليونيدو» برنامج المناطق الصناعية الصديقة للبيئة    «التنمية المحلية»: بدء تحديد المخالفات القريبة من المدن لتطبيق قانون التصالح    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكتوبر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    الإسماعيلي: نخشى من تعيين محمد عادل حكمًا لمباراة الأهلي    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رشا سمير تكتب: الرواية.. صرخة الحروف والكلمات فى وجه المجتمع
نشر في الفجر يوم 28 - 10 - 2022

أن تروى.. أن تكتُب.. أن تُبدع.. أن تضع أفكارك ومفاهيمك على الورق.. أن يأخذك الخيال إلى عالم رحب تعيشه بل وتصطحب الآخرين للتجول معك.. أن يصبح التاريخ أحداثا على الورق.. أن تصنع الأقلام حيوات وأماكن وأزمنة.. أن.. أن تكتب الرواية..
هكذا تُكتب الرواية ولهذا نكتب الرواية.. وربما تجمعت الحروف أمس واليوم لتصبح شاهدًا عيانًا على عصور مرت وعصور آتية.
هذا الأسبوع كان الاحتفاء والاحتفال قاصرا على الرواية دون غيرها من فنون الأدب، لأنه ببساطة أسبوع الرواية العالمى والذى يبدأ من 13 إلى 20 أكتوبر من كل عام، هذا اليوم الذى تم التصديق عليه لأول مرة فى الدورة الواحد والأربعين للمؤتمر العام لليونسكو فى عام 2021، وهو يهدف إلى الدفع لتقدير الأدب كتعبير عن الإبداع البشرى، وتعزيز القراءة، ورفع مستوى الوعى بالأصوات المهمة التى يتمتع بها الكتاب عند مشاركة قصصهم ومناصرة التنوع الثقافى.

هل الرواية مشروع غربى فقط؟ بالقطع لا، حتى لو كانت البذرة وليدة أحضان الغرب، فالمشروع انتقل إلى أروقة الشرق الأوسط وبامتياز، ولو كتب الغرب ألف رواية تستحق فقد كتب العرب آلاف الروايات التى تستحق.
الرائع حقا أن الترجمة جاءت لتصبح الجسر الذى سوف يأخذنا من مجتمعات مغلقة إلى مجتمعات أكثر رحابة.. والفضل للترجمات التى نقلت أفكارنا إلى عقل الغرب ووجدانه، فعرف الغرب أن هناك أقلامًا ومفكرين عرب، وسيدات قادرات على التغيير بل التحليق فى سماء الإبداع.
إذن جئنا اليوم لنحتفى بالرواية.. المكتوبة والمسموعة.. المطبوعة والتى ظلت حبيسة الأدراج.
ولنبدأ بالغرب الذى قدم لنا على مر السنين نماذجًا من الأعمال الروائية التى استطاعت أن تغير عقول البشر ومعتقداتهم وتبقى فى أذهان كل من قرأوها لأعوام وأعوام..
فالماضى لا يموت فى ضمير الروايات والأثر يبقى لو لآلاف السنين.. وتلك الروايات أحدثت حراكًا فكريًا على مر الأعوام.

فى الأدب العالمى ظهرت أقلام عظيمة، أطروحات مختلفة وكتاب جاءوا بأفكار غيرت وجه التاريخ وكانت حافزًا لأقلام أخرى لتروى وتكتب وتكمل المشوار الأدبى، حيث السرد الأدبى جاء معبرا عن واقع الثورة والتهجير بين تلك الشعوب، فكانت الرواية خير راوى لما تعرضت له شعوب أمريكا اللاتينية.
وهذه ليست إلا نماذج لعناوين روايات عالمية باتت هى الأثر الذى يقتفيه البشر على مر السنين:
1984 - جورج أورويل
كوخ العم توم - هارييت ستاو
ترنيمة عيد الميلاد - تشارلز ديكنز
الحب فى زمن الكوليرا - جابريل جارثيا ماركيز
مدام بوفارى - جوستاف فلوبير
بيت الله - صامويل شيم
محبوبة - تونى موريسون
الجنس الآخر - سيمون دى بوفوار
قصة مدينتين –تشارلز ديكنز
الأمير- ميكافيلى
النبي- جبران خليل جبران

متى كانت أخر مرة قرأت فيها كتابًا أو رواية؟ بالنسبة للكثير من الناس قد يتحول هذا السؤال الذى يبدو بسيطًا إلى سؤال مُحير، ببساطة لأنهم لا يستطيعون تذكر آخر مرة استمتعوا فيها برواية جيدة من كثرة المطروح على الساحة من عناوين بعضها جيد وبعضها ردىء، على الرغم من أن مزايا ومتعة القراءة كبيرة ورائعة، يميل البشر هذه الأيام إلى التخلى عن الكتب لصالح وسائل التسلية البديلة، مثل تدفق الأفلام والبرامج التليفزيونية التى تسمح الأجهزة الحديثة للأشخاص بالوصول الفورى إلى الترفيه، إذن فنحن لا نريد قضاء ساعات فى إنهاء كتاب، نريد بث فيلم مثير يستمر لمدة ساعة ونصف الساعة فقط. يسمح للأشخاص بالوصول الفورى إلى المعرفة لا نريد البحث فى معجم عندما يمكننا فقط العثور على ترجمة أو تعريف كلمة عبر الإنترنت على الفور. الكتاب التقليدى معرض للخطر، وهو أمر مؤسف، لأن الكتب فى الواقع قد تغيرت واستمرت فى تغيير العالم، مثل أشياء قليلة أخرى.
مثل الكتب المحظورة التى هى مشكلة ليست بجديدة، لكنها اكتسبت أهمية جديدة فى الحرب الثقافية المتصاعدة التى تعرض الكتب التى تركز على العنصرية والجنس والهوية الجنسية للخطر.
أدى الارتفاع الكبير فى الكتب التى تم تحديها خلال العام الماضى، وتصعيد أساليب الرقابة، والمضايقات المنسقة للمعلمين وأمناء المكتبات، إلى وضع جهود حظر الكتب بانتظام فى عناوين الأخبار.
تجادل لافتات الكتب المحتملة بأن القراء لا يزالون قادرين على شراء الكتب التى لم يعد بإمكانهم الوصول إليها من خلال المكتبات العامة، ولكن هذا ينطبق فقط على أولئك الذين لديهم الموارد المالية للقيام بذلك بالنسبة للكثيرين، وخاصة الأطفال والشباب، فإن المدارس والمكتبات العامة هى الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الأدب.

كان القرن التاسع عشر هو عصر الرواية فى إنجلترا كما فى فرنسا وروسيا. وعلى سبيل المثال فإن أعظم روائيى ذلك القرن هو تشارلز ديكنز،
وحين نصل إلى القرن العشرين نلتقى بروائيين مهمين مثل جويس ولورنس وهكسلى وفورستر وفرجينيا وولف، أصبحت الرواية مع الوقت جنسًا أدبيًا نشأ فى الغرب فى القرن الثامن عشر
أغلب الدراسات التى تناولت هذه القضية قد اتفقت على أن الرواية هى نوع أدبى وفد إلينا من الغرب بعد الاتصال الحديث.
وماذا عن المبدعين العرب؟ إنه مشوار طويل وأثر بالغ..
عام 1899: صدرت رواية (حسن العواقب) للأديبة اللبنانية/ زينب فواز
عام 1914: صدرت رواية (زينب) للدكتور/ محمد حسين هيكل
عام 1921: صدرت رواية (فى سبيل الزواج) للأديب العراقي/ محمود أحمد السيد
عام 1929: صدرت رواية (دعاء الكروان) للدكتور/ طه حسين
عام 1931: صدرت رواية (إبراهيم الكاتب) للكاتب/ إبراهيم عبدالقادر المازنى
عام 1933: صدرت رواية (عودة الروح) للكاتب/ توفيق الحكيم
عام 1934: صدرت «رواية» (سارة) للكاتب/ عباس محمود العقاد
عام 1939: صدرت رواية (نداء المجهول) للكاتب/ محمود تيمور الذى يلقب بشيخ القصة العربية

ولعلّ المقدمة العظيمة لرواية (قصة مدينتين) بيد مؤلفها الروائى الإنجليزى تشارلز ديكنز، تغنى عن الكثير فى تمثيل حقبة ما قبل الثورة الفرنسية، وحياة إنسانية التعيسة:
«كان أحسن الأزمان، وكان أسوأ الأزمان. كان عصر الحكمة، وكان عصر الحماقة. كان عهد الإيمان، وكان عهد الجحود. كان زمن النور، وكان زمن الظلمة. كان ربيع الأمل، وكان شتاء القنوط». وربما أنّ العبارة الافتتاحية تصلح لتمثيل حياة الإنسان فى حقبٍ وعصورٍ مختلفة.

صاحب أول رواية فى العالم هو الكاتب أبوليوس، وهو كاتب وروائى جزائرى أمازيغى لقد ولد فى سنة 125 ميلاديًا وتوفى عام 170 ميلاديًا.
درس أبوليوس الأدب فى مدينة قرطاج الجزئرية التى كانت تعتبر مركزا للأدب، والسياسة فى نفس الوقت، كان تخصص أبوليوس هو المسرح، وكان والد أبوليوس أحد الحكام الذين حكموا مدينة مداورش الجزائرية
ومن الكتب التى اشتهر بها هى أول رواية فى العالم عرفت باسم الحمار الذهبى،
كتب الكاتب هذه الرواية بين عام 150 وعام 170 ميلاديًا، أى استغرق الكاتب عشرين عاما لكتابة هذه الرواية، يدور محور هذه الرواية حول إنسان طبيعى تحول بعدها إلى حيوان وهو الحمار، وبعد أن أصبح حمارًا عاش الكثير من القصص والمغامرات الشيقة.

هنا لا يمكن أن نغفل دور أبو الأدب العربى أديب نوبل المصرى أستاذنا نجيب محفوظ، مؤسس الرواية العربية الحديثة الذى رسّخ الرواية وجعلها حقيقة موضوعية فى المشهد الثقافى العربى، وتعلمنا منه كيف نوطن فنًا فى أرض لم نعهدها، من الصعب الآن اقتفاء أثر نجيب محفوظ فيما يكتب الآن من روايات فى البلدان العربية، كان ذلك ممكنًا ربما قبل عشرين عامًا أو ثلاثين، حيث كان الروائيون قليلين آنذاك، أما اليوم فنحن بإزاء ذلك السيل من الإصدرات الجيدة والرديئة، والتى جعلت لجان تحكيم الجوائز بهذا الكم تعجز عن الإلمام بكل ما يتقدم لها، لقد تففرع صدور الروايات وتشعَّب، ليصبح الجيد مختلطا بالسيئ مما جعل ميلاد نجيب محفوظ آخر به الكثير من الصعوبات.
فمنذ أن اقتنعنا بأن ثقافتنا تأتى فى درجة أدنى بات ما يلهمنا يأتى من الترجمة عن طريق أقلام غير عربية، وهذا غير صحيح، فمن عقود كثيرة كنا نتبع تيارات انبثقت من بيئات لم نعش تجاربها: الوجودية، والواقعية، والسريالية، والواقعية السحرية.. والحقيقة أننا العرب لدينا ما نسرده ولدينا تاريخ حافل بالوقائع وثرى بالأحداث.
فى أسبوع الرواية، اسمحوا لى أن أرفع القبعة لكل من كتب وأحدث تغييرا، ولكل من روى وأدخل السعادة على قلوب القراء..
كل عام والشرق الأوسط بأدبائه وأقلامه هم الرواة.. وليقرأ العالم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.