دوري مشتعل، الفرق بين الأول والثاني ليس أكثر من 9 نقاط والجميع ينافس حتى آخر صافرة، الأهلي يتربع على العرش برصيد 69 نقطة يحسم بها الدوري رقم 26 ويتأهل لبطولة دوري أبطال إفريقيا، وفرق اسوان واتحاد عثمان ترى أضواء الممتاز والملايين تهتف للشياطين الحمر، تلك هي الأجواء عام 1996. ربما لا نستطيع الفصل بين أصوات الجماهير وصرخات الولادة التي تُعلن أن هناك ضيفًا جديدًا ينضم للحياة، يتنفس أول أنفاسه ويصرخ في وجه الجميع لاستنشاق أكبر قدر من الاكسجين، ليس هناك توقعات للطفل المولود، الأسم عاديًا كعادة أهل مصر الطيبين " محمد"، لم يدر بخلد كل من جائوا لتهنئة الوالدين أن هذا الرضيع سيهتف له الجماهير يومًا ما. استغرقت الرحلة 21 عامًا بالضبط، فالولد الصغير وقع في شباك الساحرة المستديرة، يتابع اللاعبين، يهتف باسمهم، يحلم آخر الليل باليوم الذي يرتدي فيه القميص الكروي ويجوب الملعب، برج الدلو الذي ينتمي إليه "شريف" المولود في 4 فبراير 1996 يجعله بالطبيعة متحملًا للمسئولية مستقلًا إلى أقصى درجة، هذا الاستقلال هو ما يتم ترجمته بلقب " رجولة" في الملعب، ورغم أن الأبراج لا تتطابق كثيرًا مع المنتمين إليها، فرحلة "شريف" تشير أنه من تنطبق عليه تلك الصفات. محاولات عدة وأحلام كبيرة وخيبات متتالية، في النهاية يجد الولد الصغير الفرصة في الأندية الجديد بمقاييس وقتها والتي أحدثت صحوة رياضية وأنعشت الملاعب بكثير من اللاعبين، البوابة الكروية الأولى هي نادي وادي دجلة الذي نشأ فيه وأصبح من لاعبيه الأساسيين. في الثامنة عشر من عمره كان محمد شريف على موعد مع أول خطوات الحلم، الدوري الممتاز، العيون كلها عليه، سماسرة اللاعبين في أرجاء الملعب وأمام الشاشات، وفريقه الذي خطى بخطى ثابتة في "الممتاز" يريد الحفاظ على تلك المكانة، وشيئًا فشيئًا ثبتت الأرجل المرتعشة والعيون القلقة ولم تعد الأضواء تعميه عن النظر، 4 أعوام قضاهم "شريف" داخل ناديه الذي نشأ فيه قبل أن ينتقل إلى الأهلي. كان يمكن لتلك القفزة الكبيرة التي تحدث لأي لاعب بانتقاله للنادي الأهلي أن تصيب "شريف" بالغرور، فاللاعب الذي بالكاد أكمل 21 عام ينتقل لبطل أفريقيا والنادي الأول في مصر وضمن أفضل الأندية عالميًا، لكن هذا سلوك من يرون اللعب في الأهلي "نزهة"، وشريف لم يكن من هؤلاء، فمن البداية أدرك أنها أمام مدرسة الإدارة التي لا تقبل بالعبث أو الخروج عن القانون أي كان اسم اللاعب وثقله فنيًا وأي كان دوره في الملعب، كما أدرك أن الرأي الأول والأخير للمدير الفني لأن المدرسة الحديثة في الإدارة لا تتدخل في عمل المديرين. ساهم ذلك حياة "شريف" المنضبطة إلى حد كبير، لذلك حين جلس على "الدكة" لأشهر طويلة لم يتذمر أو يصرح بتصريح هنا وهناك كما يفعل لاعبين آخرين، التزم بكل شيء، التمرين واللعب والجلوس على الدكة وأخيرًا اللعب وتسجيل أهداف جعلته ينافس على لقب هداف الدوري الذي لم يحسم بعد. تلك الأسباب هي ما دفعت النادي الأهلي إلى التمديد له منذ ثلاثة أشهر لمدة ثلاث سنوات مقابل 6 ملايين جنيه يصلوا إلى ثمانية ملايين في العام الأخير في العقد ليحسم بذلك جدل تردد حول مصير اللاعب داخل الشياطين الحمر. بعيدًا عن الملاعب فإن حياة محمد شريف تنقسم بين أصدقائه من لاعبي النادي الأهلي مثل عمرو السولية، ويشيد كثيرون ب"رجولة" شريف ووقوفه مع أصدقائه في أي موقف أو مناسبة بجانب إنه إنسان ودود ومحب للجميع. أما أسرته فتحتل مكانة خاصة في قلبه، ولأنه من اللاعبين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فهو يحرص دائمًا على مشاركة صور له مع أسرته وشقيقه في مناسبات عدة كما يحتفل معهم بالمناسبات والأعياد. الحب يظل حاضرًا في قلب لاعب النادي الأهلي، ففي 2020 احتفل "شريف" بزواجه وسط عدد من الأصدقاء واللاعبين والأهل، ليحيا حياة هادئة من الناحية الزوجية، أما من ناجية جماهير "الأحمر" فهي تنتظر من اللاعب الذي يُدرك جيدًا "روح الفانلة الحمرا" الكثير من الجهد داخل الملعب.