250 مليون جنيه فاتورة أرباح الخط الواحد من المواطنين بمجرد انتشار فيروس «كوفيد 19» المعروف إعلاميا ب«كورونا المستجد»، اتخذت الدولة عدة إجراءات وقائية، بهدف التصدى له والحد من امتداده، بدأت بغلق المحال التجارية والكافيهات والأماكن العامة، لتقليل التجمعات، مرورا بفرض حظر التجوال الجزئى. وبطبيعة الحال، حاولت وزارة الصحة، المسئول الأول عن المنظومة الصحية فى مصر، العمل بطريقة أكثر احترافية، إذ بثت إرشاداتها بين المواطنين، مستخدمة كافة الوسائل والإرشادات الطبية المتاحة، وفقا للمعايير الدولية التى أقرتها منظمة الصحة العالمية. وكان الخط الساخن الذى خصصته الوزارة تحت رقم 105 للتواصل مع المواطنين المشكوك فى إصابتهم بالفيروس، أبرز تلك الخطوات التى أثبتت فاعليتها، وعن طريقه، قدمت الوزارة للمتصلين الإرشادات اللازمة وطرق الوقاية والتعامل مع الفيروس، علاوة على المتابعة الدقيقة لحالات المرحلة الأولى، وفرض الحجر المنزلى عليهم. لكن الغريب، أن ثمة العديد من «النصابين» الذين حاولوا استغلال الأزمة الصحية التى يمر بها العالم، لتحقيق مكاسب اقتصادية، لذا، ظهر عدة أرقام ساخنة، ادعى أصحابها أنها تابعة لوزارة الصحة المصرية، وقاموا بالإعلان عنها فى عدة قنوات فضائية مجهولة بمقابل مادى، ومنها خط ساخن يحمل رقم 2372، وادعى الإعلان أنه مختص بتقديم النصائح الطبية والإرشادات الصحية لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد. على الفور، اتصلنا بالرقم الموضح على شاشة القناة، التى علمنا أنها تبث إشارتها من خارج مصر، علاوة على أنها تعمل بدون أية تراخيص قانونية، من وزارة الاستثمار أو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. بمجرد الاتصال فوجئنا برسالة مسجلة، تخبرنا أن هناك استشاريا للتغذية، يمكنه تقديم وصفات تساعد على الوقاية من الفيروس، بشرط سماع المكالمة حتى النهاية، وبالفعل، انتظرنا واستمعنا لنصائحه، التى كان من بينها الانتظام فى تناول الخضراوات والفاكهة والأغذية المليئة بالفسفور، مثل الجمبرى والأسماك، وكذا الابتعاد عن الكحوليات والتدخين. استمرت المكالمة لأكثر من 20 دقيقة، وبعد انتهائها فوجئنا بخصم 50 جنيها من الرصيد، وبسؤال أحد المهندسين المتخصصين فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، منوط بالرقابة على «خطوط النصب» عبر هذه القنوات، أوضح أن المواطنين تتسابق على الاتصال بهذه الأرقام، رغم تحذيرنا الشديد منها طوال الوقت، خاصة أن حصيلة عدد الاتصالات للرقم الواحد الذى يعرض على شاشات «بير السلم» يتخطى ال5 ملايين اتصال. وتابع: إذ قمنا بحساب الاتصالات وقمنا بالضرب فى مبلغ 50 جنيها كمتوسط لسعر المكالمة، تصبح النتيجة 250 مليون جنيهًا، وبهذه الطريقة تكون عملية الغش عن طريق خط التليفون الواحد، رغم أن وزارة الصحة أطلقت الخط الساخن المتخصص للوقاية وتقديم الإرشادات المتعلقة بفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19». الأمر لم يقف عند حدود خط واحد فقط، إذ فوجئنا بخط آخر، على قناة أخرى، ورقمه 25555، وعند تتبعه، علمنا أن القناة يتم بثها من خارج البلاد أيضا، ولاحظنا الاختلاف فى محتوى الرسالة المسجلة على الخط، إذ تقول إن الدكتور محمود سودانى، أخصائى الطب البديل، يوصى بضرورة خلط الجنزبيل بالليمون وشرب الماء بالخل صباحاً، قبل الإفطار، وإذا ظهرت أعراض الإصابة بكورونا، على المريض تناول عقار «بار سيتامول»، فهو أحد أهم الأدوية التى تساعد على خفض حرارة الجسم وتقليل حدة الإصابة بالفيروس. الغريب فى الأمر، أن النصائح التى قدمها ذلك النصاب ليس لها أى دلائل علمية، ووزارة الصحة نفت كل هذه التخاريف التى يدعيها بعض الدخلاء على مهنة الطب، لأن ليس لها أى دلائل علمية، لا سيما أنه لا يوجد علاج للوباء حتى هذه اللحظة، وتعكف دول عظمى حاليا على اكتشاف علاج له. أما الرقم الثالث، فكان على قناة إعلانية، تبث على قمر نايل سات من دولة العراق، موضحة أن الطبيب أشرف الموسوى يقدم إرشادات مهمة تساعد على الشفاء من فيروس كورونا، لكن اللافت للانتباه، أنه لم تظهر أى صور للطبيب المزعوم على الشاشة، أو حتى أية بيانات تفصيلية عنه، بينما اكتفت القناة بوجود رقم هاتف يساعدك على الشفاء من الفيروس. بدورنا، تركنا رسالتهم الدعائية الكاذبة، وتوجهنا للبحث عن اسم الطبيب المزعوم، فلم نجد له أى أثر على الإنترنت أو فى صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، فاتصلنا بالرقم الموضح على شاشتهم، لسماع الإرشادات، فوجدنا كارثة حقيقية، إذ اتضح لنا أن الشخص المذكور يروج لوصفات عطارة ثمنها 500 دولار، يدعى أنها إحدى الخلطات السحرية التى تساعد على الوقاية من الفيروس، ولشرائها على المتصل أن يحجز عبر الفيزا، عن طريق نفس الرقم الظاهر على الشاشة. وعن كل ذلك، قال الدكتور هانى الناظر، رئيس المركز القومى للبحوث سابقا، إن الوصفات المنتشرة فى تلك المنافذ ما هى إلا تخاريف، ليس لها مدلول علمى، موضحا أن الوقاية من الفيروس مرتبطة باتباع الإجراءات الاحترازية المفروضة من الحكومة المصرية، وهى الجلوس فى المنزل واتباع إرشادات النظافة الشخصية طول الوقت. من جانبها كانت لوزارة الصحة عدة إرشادات، أهمها عدم الانسياق وراء الشائعات المغرضة، خاصة أنها صاحبة الردود العلمية المنوطة بتقديم الدعم للوقاية من فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19».