أكد الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المواطنة مبدأ إسلامي أقرَّته الشريعة الإسلامية منذ 14 قرنًا في وثيقة المدينة بالعيش المشترك والمشاركة، بل بالمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد، دون نظر إلى الانتماء الديني أو العرقي أو المذهبي أو أي اعتبارات أخرى. جاء ذلك خلال لقائه د. أولاف فيكس تافيت -الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي- على هامش مؤتمر "تحصين الشباب ضدَّ أفكار التطرف والعنف وآليات تفعيلِها" الذي عقد على مدار يومين بجنيف. وأوضح المفتي، أن الإسلام ضمن مبدأ الحرية الدينية للناس جميعًا، حيث صرح القرآن الكريم بأن اختلاف الناس في معتقداتهم من سنن الله تعالى في خلقه كما في قولِه تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 119،118]. وأضاف، أن المسلمين والمسيحيين مصريون يعيشون في وطن واحد ومصر عندها تجربة فريدة في العيش المشترك، وهذا ما أكده الدستور والقانون والتاريخ والحياة المشتركة بين المسيحيين والمسلمين في مصر. وشدد مفتي الجمهورية، على ضرورة التركيز علي القواسم المشتركة بين الأديان، مشيرًا إلى أهمية إدراك أتباع الأديان المختلفة لهذه القواسم المشتركة إدراكًا واعيًا والتمسك بها. ولفت، إلى أن التمسك بالقيم الدينية المشتركة، وفي مقدمتها الرحمة والسلام والمحبة، سينزع فتيل أي نزاعات تنشأ بين البشر بسبب الدين. وقال مفتي الجمهورية: "إن العالم أحوج ما يكون إلى منتديات دولية تعين على حوارٍ حقيقي نابع من الاعتراف بالهويات والخصوصيات"، مضيفًا أن الحوار يجب أن يظل محترمًا ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر، وأن يقوم على أساس التعددية الدينية والتنوع الثقافي، ولا ينقلب إلى حديث أحادي. وأشار فضيلة المفتي، إلى أن دار الإفتاء المصرية كانت على قدر التحدي وأولت لمحاربة الأفكار الهدامة والمتطرفة عناية كبيرة وأهمية قصوى، ولم يقتصر دور دار الإفتاء المصرية على الإجابة على أسئلة واستفسارات الجماهير، بل سعت دار الإفتاء من خلال تخصصاتها وإداراتها حتى تضع الإرهاب في مرمى السهام الفكرية والفقهية من عدة جهات. وأضاف، أن دار الإفتاء المصرية قامت بإنشاء العديد من الكيانات التي ترصد ظاهرة الإرهاب فكريًّا وحركيًّا وتقوم بتحليل وتفنيد هذه الأفكار بطريقة علمية متخصصة، من خلال مرصد الأفكار الشاذة والمتطرفة، هذا المرصد المختص بمقاومة التطرف والإرهاب، وتفنيد الأفكار المتشددة، ووضع استراتيجية عملية مبنية على أن منشأ التطرف والإرهاب هو انتشار الفتاوى المغلوطة الشاذة، ومبنية أيضًا على أن الإرهاب لا دين له ولا يستهدف فئة دون فئة بل هو موجه إلى الإنسانية بشكل عام. من جانبه، أشاد الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، بمجهودات دار الإفتاء المصرية في مواجهة الفكر المتطرف، وعبر عن تقديره لدور فضيلة مفتي الجمهورية في نشر ثقافة العيش المشترك والسلام ومواجهة خطابات الكراهية. كما عبر، عن اعتزازه بدور مرصد الافتاء المحوري في تفكيك البنية الأيدلوجية للأفكار المتطرفة، مبديًا تطلعه للعمل مع فضيلة المفتي ودار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الافتاء في العالم في تعزيز التسامح والحوار بين أتباع الأديان والثقافات.