في واجهة منطقة العطارين بوسط الإسكندرية، يخطف متجر"سلطان الطرشي" أعين المارين بأصناف من المخللات المشكلة والملونة داخل علب بلاستيكية متراصة في واجهة المحل، ربما لكونها أشهى الأطباق التي تقدم على مائدة شهر رمضان الكريم، لكن صاحب المتجر "شاهين فتحي" يرى أنه ليس فقط لتعدد الأصناف، إنما لتاريخ متجره الذي يعد أقدم محل"طرشي" في تاريخ الإسكندرية. متجر "سلطان الطرشي"، يقع داخل العطارين أقدم مناطق المحافظة الساحلية التي تتميز بالأجواء الشعبية والصخب التجاري، يعد أول متجر ومصنع أنشئ في الإسكندرية، وترجع رخصته إلى عام 1940 باللغة الفرنسية. الملك فاروق أشهر الزبائن "شاهين" يتحدث أن سبب تسمية المتجر في بداية إنشائه في الأربعينات بكلمة "طرشي"، نظرًا إلى أن المخلل كان يُضع في أواني خشبية تسمى "الطشا"، وتلك الكلمة حضرت مع الدولة الفاطمية حتى تطورت إلى كلمة "الطرشي"، وأنه منذ إنشاء المحل في تلك الحقبة وهو يحتفظ باسمه. متجر "سلطان الطرشي" قد ذاعت شهرته بأفضل أنواع المخللات في بداية الأربعينات، حتى أنه كان يورد منتجاته إلى الملك فاروق في قصر رأس التين، كما أن رشدي إباظة والسيد مكاوي وتحية كاريوكا أشهر زبائنه في تلك الفترة، حتى أنه إلى اليوم يحتفظ بزبائنه التي تأتي إليه خصيصًا من داخل العطارين ومن خارجها، بقوله""الطرشي مطلوب في أي وقت". تطوير منذ أربعينات القرن الماضي إلى هذا العام، تحدث"شاهين" إلى أن مخللات داخل متجره قد شهدت تطور كبير من تطوير مياه التمليح أو ما أطلق عليه"الدقة" بإضافة البهارات والكبابة الصيني وجوزة الطيب والورق اللوري، كما أنه تم تقليب الملح جيدًا داخل المياه، على عكس قديمًا كان الملح يُضع فقط فوق المياه. أما عن التغليف، فقد تغير من وضعه في ورق ألمونيا، إلى علب وأكياس بلاستيكية بأحجام مختلفة، كما يتم إضافة مواد حافظة بتصريح من وزارة الصحة. ويذكر"شاهين" أنه قد بدأ المصنع من تمليح اللفت والجزر والخيار والليمون إلى أن تطور المحل في تمليح الزيتون والبصل"البكيلي" الصغير، خيار قشة، كما تم محاولة تمليح الفواكه مثل المانجو والبرتقال والخوخ، إلا أنه لم يلاق اقبال من الجمهور، لكنه تم تصدير ألف برطمان إلى إستراليا من"البصل الكمبود". كما تم استحداث تمليح الفاصوليا الخضراء والكوسة واللوبيا، لكن الجمهور يفضل وفق حديثه المخلل الأصلي الذي عبر عنه"المشكل". العلم مع الطرشي الحج"شاهين" هو يعد الجيل الرابع الذي ورث ذلك المصنع القديم، أما الجيل الخامس من ابنائه فقد قرروا دخول كلية الزراعة لتطوير صنعة الطرشي، بقوله"ابنتي في كلية الزراعة تخصص صناعات غذائية، ابني دبلوم زراعة، لكي يكملوا المسيرة، معلقًا"طرشي لوحده مينفعش، يجب أن يكون هناك علم مع خبرة العمل". مصنع محل"سلطان الطرشي" يقع داخل منطقة أبيس، فالمصنع يقوم بجمع المحاصيل الزراعية من الخيار والجزر والبصل والزيتون والليمون، ومهمة المصنع هو القيام بعملية التمليح والتغليف، ويحضره إلى المحل للبيع، مضيفًا"نحن لا نملك غير مصنعين في أبيس والبحيرة". وتحدث"شاهين" رغم توسع المصنع إلى فرعين واستحداث طرق جديدة في التمليح، إلا أنه ما زال محتفظ بفرع واحد فقط لمحل البيع في العطارين"أنا مكتفي بتلك المحل، لأن المصنع الخاص بي يوزع للبقاليين في إسكندرية، وسلسلة المطاعم الشهيرة، وبوزع في الغردقة وشرم الشيخ، فالمهم المصنع وليس الفرع". الأسعار وكبار السن أسعار الطرشي كما يراها"شاهين" قد زادت مع موجة ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 20% عن العام الماضي، لكنها زيادة بسيطة، بقوله"البصل 20 جنيه، الليمون 16-20 جنيه، الفلفل 12-18 جنيه، الزيتون بأنواعه من 20- 60 جنيه، مع احتفاظي بأصناف أخرى لم أرفع اسعارها". ويشير صاحب المتجر إلى أنه كي يحافظ على زبائنه فأنه يقوم بتخفيف الملح من بعض الأصناف لفئة كبار السن، نظرًا لإصابة البعض منهم بالضغط العالي، كما أنه يتم تقديم أصناف للفئة التي ليس لديها أسنان، برفع درجة الملوحة للخضروات حتى تصل إلى مرحلة طرية، ثم يتم معالجتها بالمياه وتخفيف الملوحة.