أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    محافظ المركزي السويسري: البنك ليس ملزما بنشر تفاصيل اجتماعات السياسة النقدية    اجتماع محافظ أسيوط مع رؤساء المراكز لمتابعة مستجدات ملف التصالح فى مخالفات البناء    جيش الاحتلال: مقتل 634 ضابطا وجنديا وإصابة 555 بجروح خطيرة منذ بدء حرب غزة    بوليتيكو: واشنطن تدرس القيام بدور بارز في غزة بعد الحرب    لبنان يؤكد تمسكه بالقرار الأممي 1701 وانفتاحه على التعاون مع أي جهد دولي لوقف العدوانية الإسرائيلية    1-4.. ماذا يفعل الأهلي بعد التعادل سلبيا خارج الديار بنهائي دوري الأبطال؟    رسميا.. ريال مدريد يخسر نجمه قبل نهائي الأبطال    الزمالك راحة من التدريبات اليوم بقرار من جوميز    غدا السبت.. انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية بالقليوبية    طقس حار بمحافظة الغربية ودرجة الحرارة تسجل 32.. فيديو    الحزن يكسو وجه مدحت صالح في جنازة شقيقه (صور)    «بنقدر ظروفك» و«تاني تاني» يحتلان المركزين الرابع والخامس في منافسات شباك التذاكر    ما هو موعد عيد الأضحى لهذا العام وكم عدد أيام العطلة المتوقعة؟    التعليم: 815 ألف طالب وطالب يؤدون امتحانات الدبلومات الفنية غدا    عزاء شقيقة الفنانة لبنى عبد العزيز الأحد من مسجد الحامدية الشاذلية    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    الاحتفال باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم بطب عين شمس    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من ميت سلسيل بالدقهلية    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الجيش الأمريكي يعتزم إجراء جزء من تدريبات واسعة النطاق في اليابان لأول مرة    ضبط شخص بأسيوط لتزويره الشهادات الجامعية وترويجها عبر فيسبوك    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    قائمة أسعار الأجهزة الكهربائية في مصر 2024 (تفاصيل)    «التنمية الصناعية»: طرح خدمات الهيئة «أونلاين» للمستثمرين على البوابة الإلكترونية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "طرد للاعب فيوتشر".. حكم دولي يحسم الجدل بشأن عدم احتساب ركلة جزاء للزمالك    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا (4)    نقيب المحامين الفلسطينيين: قرار محكمة العدل ملزم لكن الفيتو الأمريكي يمكنه عرقلة تنفيذه    السيدة زينب.. هل دفنت في مصر؟    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    15 دقيقة لوسائل الإعلام بمران الأهلى اليوم باستاد القاهرة قبل نهائى أفريقيا    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    بوتين يوقع قرارا يسمح بمصادرة الأصول الأمريكية    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    «الحج بين كمال الايمان وعظمة التيسير» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    التموين تعلن التعاقد علي 20 ألف رأس ماشية    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامي جعفر يكتب: اسألوا الشهيد.. لماذا تمسك بالسلاح لآخر لحظة؟
نشر في الفجر يوم 23 - 02 - 2019

لو استطعت سؤال الشهيد وكانت هناك وسيلة ليجيبك، لقال أشياءً كثيرة، ليس عن الموت، أو الألم أو مشاعر الفقد، لكنه سيحكى عن جمال الحياة والسعادة والعطاء والتضحية.
الشهداء ليسوا موتى ولكنهم أكثر الأحياء حياة، فمن يتقدم للموت حتى يواصل الآخرون معيشتهم فى أمان، لا يمكن أن يغيبهم النسيان.. ولن يبقى الشهيد حياً فى الذاكرة لمجرد وضع اسمه على مبنى أو شارع أو إقامة نصب تذكارى له، لأنه ليس كلمة عابرة، وإنما تأثير يسرى فى الضمائر.
لو تم تسجيل الشهداء الذين قدمتهم مصر فى حياتها الطويلة الضاربة فى جذور التاريخ، من أجل عقيدتهم ووطنهم لتحول نهر النيل إلى موجات من الدم المقدس النابض بالمحبة، حب الحياة والبشر جميعاً، لأن الشهيد لا يعرف كراهية أحد، فما بالك بشاب يعرف أن الموت خلف تل أو مختف فى حقيبة يحملها إرهابى على ظهره أو فى عبوة ناسفة ترقد ببراءة على الأرض فيسرع لاختطاف الموت الكامن فيهم ويبتلعه ويختفى معه.
الشهداء فى مصر، أول بلد عرفت ووضعت معنى للسعادة والفرح، كلهم متشابهون لا فرق بين عادل العدوى وأحمد المنسى، وبقية الأبطال الذين لم يخفهم الموت فى مواجهة الأشرار عشاق الدم وكارهى الإنسانية، إذ كانوا يواصلون التصدى للإرهابيين مهما اخترقت الرصاصات أجسادهم ولا يزال لديهم قدرة على حمل السلاح.
منذ أيام قليلة، استشهد 16 من أفراد القوات المسلحة، منهم ضابط والبقية من المجندين الذين كان أمامهم أيام قليلة وتنتهى مدة خدمتهم فى القوات المسلحة، ولو فكر أحدهم فى الهروب وترك الكمين المكلف بحمايته، لبقى على قيد الحياة، ولكنهم تمسكوا بالموقع ورفضوا مغادرته وتركه للإرهابيين لأنهم يعرفون معنى آخر للبقاء، وحقيقة أخرى للحياة.
الشهداء ال16 أكبرهم لا يتجاوز ال26 عاماً، وهو برتبة ضابط أما البقية فمن المجندين وأصغر من قائدهم بسنوات قليلة وملامحهم التى التقطتها الكاميرا لصورهم التذكارية قبل انتهاء خدمتهم تدعو للبهجة وكأنهم فى رحلة وهم بالفعل كانوا فى رحلة على الأرض وعادوا إلى السماء.
وبعد أيام قليلة لحق بأبناء الجيش زملائهم فى الشرطة، إذ كانت القوات تبحث بين عشرات الملايين فى القاهرة عن الإرهابيين الذين زرعوا قنبلتين فى ميدان الجيزة، أحد أكثر الميادين ازدحاماً، للقبض عليهم والتوصل من خلالهم إلى غيرهم من أعداء الحياة، وتتبعوا أحدهم بالفعل إلى أحد شوارع منطقة الدرب الأحمر، وهناك حاول الضباط والأفراد القبض عليه ففجر قنبلة كان يحملها على ظهره فاستشهد أمينا شرطة وأصيب ضابطان وحالت أجساد الشهداء دون وقع آخرين إذ كان الإرهابى الخسيس يمشى فى شارع مزدحم بربات البيوت اللائى يشترين «عيش الفينو» لأبنائهن التلاميذ، وآخرون عائدون من أعمالهم وهكذا الجميع يسعون إلى الرزق أو عائدين من رحلة ملاحقته.
هل تظن أن ضباط وأمناء الشرطة كانوا يجهلون قبل انقضاضهم على الإرهابى أنه يحمل الموت على ظهره، بالتأكيد كانوا يعرفون لأن زملاء المتطرف الخسيس فى حوادث سابقة فعلوا نفس فعلته الجبانة ولكن هؤلاء الشهداء وزملاءهم الذين ينتظرون أن يمن الله عليهم بالشهادة يعرفون بدرجة أكبر أن تأمين حياة أبناء وطنهم سبيل لحياة أخرى أجمل وأفضل عند الله لأنها خالية من الكراهية وقائمة على الحب.
الفراق صعب بالتأكيد، ويصيب قلوب الباقين فى الحياة بغصة لا شفاء منها، أعرفها جيداً لأننى لم أنس زميلى الحسينى أبو ضيف، الذى قتله الإرهابيون الإخوان، قبل سنوات أمام قصر الاتحادية، وقنصوه أثناء وجوده وسط المتظاهرين ضد الإعلان الدستورى الذى أصدره محمد مرسى، الذى شوه تاريخ مصر بوجود اسمه فى قائمة من تولوا حكمها.
ولم يكتف الإخوان بقتل الحسينى، أحد أبناء الصاعقة عندما كان مجنداً فى الجيش، برصاصة فى رأسه مزقت خلايا مخه وجعلت وفاته أمراً مؤكداً من اللحظة الأولى لسقوطه، ولكنهم حاولوا تشويه سيرته بالإصرار على نشر أكاذيبهم بأنه كان موجوداً وسطهم، ولا يزالون يكررون هذا الافتراء، كلما جاءت الفرصة، لأنهم يعرفون أن الكذب المتكرر يعيش أحياناً كثيرة أكثر من الحقيقة.
الحسينى لمن لا يعرفه كان ناصرياً متعصباً، ومعارضاً حاسماً قبل ثورة 25 يناير وبعدها، ولم يتراجع سوى أفكار قليلة، منها خرافة أن جماعة الإخوان، جزء من الجماعة الوطنية، إذ عرف وكتب أنهم فاسدون من أصغر عضو فيهم إلى مرشدهم العام مروراً بمحمد مرسى الذى جعلوه رئيساً لمصر عدواناً وظلماً، كتب بنفسه عن القرار الجمهورى الذى أصدره الأخير فى أيام حكمه الأولى بالعفو عن شقيق زوجته، رغم إدانته بجريمة اختلاس.
الحسينى، رحل ولا يزال باقياً، نشعر بالحزن لأنه لم يعد يكتب ويجلس فى المقاهى ويساند زملاءه، ويدخل فى مناقشات طويلة عن أوضاع وطنه وأحوال السياسيين،.. وهو نفس الشعور الذى يصيب كل أسرة شهيد، ولكننا جميعاً نعرف أيضاً أنه لولا هذا الدم، لما استمرت حياتنا ولكان حالنا أسوأ بكثير من الكوابيس التى تطاردنا، ولأصبحنا أسرى الخراب الذى كان سيحل على هذا البلد مع الإرهابيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.