أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل أمس نهاية حقبة الرئيس معمر القذافي لكنه قال إن لحظة النصر الحقيقية ستتم عندما يتم القبض على القذافي وإن ليبيا الجديدة ستحرص على تقوية العلاقات مع جميع الدول ودعا الثوار الليبيين الذين سيطروا على طرابلس إلى ضبط النفس وعدم التعرض لأرواح وأموال وممتلكات الليبيين وغيرهم في العاصمة الليبية. وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي في بنغازي ''أدعو الليبيين إلى ضبط النفس وعدم التعرض لأرواح وأموال وممتلكات الليبيين وغيرهم''.
وشدد عبد الجليل على أهمية ''الصفح والعفو والتسامح وعلى بناء دولة القانون التي ستوفر محاكمة عادلة لكل من تضرر ولكل من اتهم في أحداث هذا الضرر''.
وقال ''أهيب بثوارنا في طبرق ودرنة .. وفي طرابلس والزاوية، عدم استيفاء الحق بالذات، وترك هذه الأمور للقضاء العادل الذي سيعاقب كل من ارتكب فعلا تضررت منها فئة معينة من هذا المجتمع''.
من جهة أخرى، دارت معارك عنيفة صباح أمس في طرابلس حول ياب العزيزية، مقر إقامة العقيد معمر القذافي الذي حكم ليبيا 42 عاما، بينما أكد الحلف الأطلسي أن نهاية نظامه ''وشيكة'' ودعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الزعيم الليبي إلى ''الاعتراف بأن حكمه انتهى''.
وفي وقت سقطت طرابلس في أيدي الثوار واختفى القذافي، طالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في وقت مبكر من صباح أمس العقيد الليبي معمر القذافي بأن يعترف أن نظامه قد انتهى وأنه لم يعد يسيطر على ليبيا.
وأكد أوباما في بيان صادر عن البيت الأبيض أن الزخم ضد نظام العقيد الليبي معمر القذافي وصل إلى نقطة فاصلة، حيث بدأت العاصمة الليبية طرابلس في الانزلاق من قبضته.
ورأى أن الطريقة المثلى لوضع حد لإراقة الدماء هي اعتراف معمر القذافي ونظامه أن حكمه قد انتهى وأنه لم يعد يسيطر على ليبيا وبالتالي عليه التخلي عن السلطة بشكل كامل، مشيراً إلى أن مستقبل ليبيا أصبح الآن في يد الشعب الليبي.
من جهته، طلب رئيس المجلس التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي من المتمردين الامتناع عن أي أعمال انتقامية في طرابلس وحذرهم من وجود ''جيوب'' للمقاومة موالية للقذافي في العاصمة.
وكان الثوار الليبيون بدأوا هجومهم على العاصمة السبت ووصلوا ليل الاحد الاثنين إلى الساحة الخضراء التي تشكل رمزا كبيرا لأنصار النظام الذين اعتادوا على التجمع فيها منذ بداية الحركة الاحتجاجية منتصف شباط (فبراير) للتعبير عن ولائهم للنظام.
وخلال تقدمهم، سيطر الثوار الذين قدموا من جبل نفوسة في الغرب على ثكنة تقع عند الكيلومتر 27 واستولوا على أسلحة وذخائر. كما حرروا عشرات المعتقلين في سجن ماية القريب من الثكنة.
وبدأت العملية التي أطلق عليها اسم ''فجر عروس البحر'' مساء السبت.
وهي تتم بالتنسيق بين المجلس الوطني الانتقالي (الهيئة السياسية للثوار) والمقاتلين داخل طرابلس وحولها، على حد قول أحمد جبريل المتحدث باسم المجلس، مشيرا إلى أن الحلف الأطلسي يشارك أيضا في العملية.
ومساء، تمكن الثوار من السيطرة على حي تاجوراء في الضاحية الشرقيةلطرابلس وحي سوق الجمعة، وفق شهود. وذكر شهود عيان أن الثوار الذين لم يواجهوا مقاومة كبيرة، وصلوا إلى قلب العاصمة بعدما سيطروا على عدد كبير من أحيائها.
وأكد أحد سكان الحميدة (شرق) أن القوات الموالية للقذافي كانت تقصف البارحة الأولى هذا الحي.
من جهته، أعلن الحلف الأطلسي ليل الأحد الاثنين أن نهاية نظام معمر القذافي وشيكة، داعيا الثوار إلى حماية وحدة البلاد والعمل من أجل مصالحة وطنية.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن في بيان ''من الواضح إن نظام القذافي ينهار. وبقدر ما يسرع القذافي في إدراك استحالة تغلبه على شعبه، بقدر ما يكون ذلك أفضل كي لا تسفك المزيد من دماء الشعب الليبي''.
وأكد أن ''الوقت حان الآن لإقامة ليبيا جديدة دولة قائمة على الحرية لا الخوف، على الديمقراطية لا الديكتاتورية، على إرادة الجميع لا على نزوات البعض''.
ووعد الأمين العام للحلف الأطلسي بتقديم مساعدة للمعارضة على إعادة إعمار ليبيا.
وقال ''الشعب الليبي عانى الكثير، والآن لديه فرصة لإنجاز انطلاقة جديدة''، حاثا في الوقت عينه المعارضة على عدم الثأر من قوات القذافي.
وأفاد راسموسن أن الحلف مستعد للعمل مع الشعب الليبي ومع المجلس الوطني الانتقالي الذي يتحمل مسؤولية كبيرة.
ويرى المحللون أن وراء المسؤولين في حلف الناتو اختبارا قاسيا مع ظهور أول المؤشرات العملية الفعلية على قرب انهيار نظام القذافي.
وكان حلف الناتو قد أعلن منذ بداية عملية ''الحامي الموحد'' في مارس الماضي ضد كتائب القذافي أنه يأمل قدر الإمكان ألا يقوم بأي دور جوهري في إدارة مرحلة ما بعد سقوط نظام القذافي في طرابلس.
ولكن المراقبين والمتابعين للشأن الليبي يعتبرون أن مهمة الناتو ستكون أكثر من صعبة ودقيقة وقد تتجاوز الإطار الموضوع لها رسميا على الأقل، وفي هذه الأثناء تكثفت الاتصالات بين مسؤولي الدول المعنية بعملية ''الحامي الموحد'' مع تقدم قوات المعارضة الليبية على أكثر من جبهة في شرق وغرب البلاد.
ويقول أحد الدبلوماسيين في بروكسل المطلع على سير إدارة الحلف للوضع الليبي إن سفراء دول الناتو سيجتمعون في وقت لاحق الأسبوع المقبل لمعاينة التطورات الليبية وتحديدا تحليل توازنات القوة بين أطراف المعارضة في ليبيا ومعرفة آليات تنظيم المرحلة المقبلة وتجنب أن تدخل البلاد في وضع من الفراغ في السلطة أو في مرحلة تصفية دموية للحسابات.
وفي واشنطن، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن نظام الزعيم الليبي معمر القذافي ''يحتضر''، مؤكدا أن على ''الطاغية'' أن يرحل.
ودعا أوباما في بيان الثوار الليبيين الذين دخلوا طرابلس الأحد إلى احترام حقوق الإنسان وحماية مؤسسات الدولة والسير قدما باتجاه الديمقراطية.
وفي لاهاي، أعلن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينيو أوكامبو أمس اعتقال سيف الإسلام القذافي أحد أبناء الزعيم الليبي والملاحق بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في ليبيا.
لكن على الرغم من الانتصارات الواضحة للثوار، أكد المتحدث باسم النظام الليبي موسى إبراهيم ليل الأحد الاثنين أن نظام معمر القذافي ''لا يزال قويا وآلاف المتطوعين والجنود مستعدون للقتال''.
وقال إن 1300 شخص قتلوا في الساعات ال 24 الماضية في طرابلس، في المعارك التي وصفها بأنها ''مأساة حقيقية''.
من جهة أخرى، أفاد سكان العاصمة الليبية البارحة الأولى بأن شبكة الإنترنت تعمل مجددا بشكل طبيعي للعموم في المدينة للمرة الأولى منذ انطلاق الانتفاضة في ليبيا منتصف شباط (فبراير).
وتولى حلف شمال الأطلسي في نهاية آذار(مارس) قيادة تحالف دولي تدخل بتفويض من الأممالمتحدة لحماية المدنيين من قمع دموي بعد حركة احتجاجية لا سابق لها ضد نظام القذافي الذي حكم ليبيا 42 عاما.
ويتابع المسؤولون في حلف الناتو في بروكسل المنحى الذي اتخذته الأوضاع في العاصمة الليبية طرابلس خلال الساعات الأخيرة وتسجيل المعارضة الليبية ثغرات حاسمة ضد كتائب القذافي داخل المدينة وضواحيها.
وقال متحدث باسم الحلف إن الناتو يتابع الموقف عن كثب ويعتبر التطورات الملحة حاسمة ولكنه يؤكد أنه لا يوجد أي تنسيق مباشر بينه وبين قوات المعارضة الليبية وأنه متمسك بالتفويض الذي تحصل عليه من قبل مجلس الأمن الدولي في أطر القرار رقم 1973، وبين أن الحلف سيواصل مهمة حماية المدنيين الليبيين ووفق الشروط المحددة سلفا.