حصل الباحث أسامة محمد جاد الكريم، المدرس المساعد بقسم الترجمة الفورية، بكلية اللغات والترجمة الفورية، بجامعة الأزهر الشريف، على درجة الماجستير في اللغويات الإنجليزية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطباعة رسالته بعنوان "التعادل والتغير في ترجمة طائفة من الأحاديث النبوية في مختصر صحيح البخاري الى اللغة الانجليزية"، بكلية اللغات والترجمة، بجامعة الأزهر بالقاهرة. وتكونت لجنة المناقشة والحكم من الأستاذ الدكتور أحمد شفيق الخطيب، أستاذ اللغويات المتفرغ بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر مشرفًا رئيسيًا ومقررًا، والدكتور محمد فوزي عبدالحي، مدرس الدراسات الاسلامية بكلية اللغات والترجمة بالأزهر، مشرفًا مشاركًا، والاستاذ الدكتور حسن محمد وجيه، استاذ اللغويات المتفرغ بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر، مناقشًا داخليًا، والاستاذ الدكتور أماني عبدالمنعم الشاذلي، أستاذ اللغويات بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية الاداب بجامعة حلوان، مناقشًا خارجيًا، وأوصت اللجنة بمنح الباحث درجة الماجستير بامتياز مع التوصية بطبع الرسالة وتداولها بالجامعات والاسواق العربية والأجنبية. وتناول موضوع رسالته ملاحظاته، حول انتشار ترجمات إنجليزية للحديث النبوي في الأسواق العربية والغربية، إلا أن هذه الترجمات تعاني من الأخطاء وأوجه القصور فيما يتعلق بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والدين الإسلامي ككل وقيمه وثقافته، بل ومن تكرار نفس أخطاء الترجمات السابقة أحيانًا، مما يتطلب مراجعة مستمرة لهذه الترجمات بُغْيةَ الكشف عن هذه الأخطاء ومحاولة تصحيحها، وهكذا يأتي الباعث أيضًا على هذه الرسالة تصحيح هذه الترجمات الخاطئة التي تسيئ للإسلام وتشوه صورته في العالم الغربي. واستخدمت الدراسة مفهومي التعادل والتغيير (Equivalence and Shift) في علم دراسات الترجمة، وهو أحد الفروع الأكاديمية متداخلة الاختصاص، في تقييم ثلاث ترجمات (خان 1994، وزيدان وزيدان 1999، ومحمد 2010) لطائفة من الأحاديث النبوية في (مختصر صحيح البخاري) إلى اللغة الإنجليزية (ثلاثون حديثا). وقد استخدمت الدراسة المنهج التقابلي في المقارنة بين النص العربي الأصلي والنص الإنجليزي الهدف لهذه الطائفة من الأحاديث النبوية في (مختصر صحيح البخاري)، وذلك في محاولة لبحث أوجه التعادل بينهما على المستويات الدلالية والبرجماتية والنصية والثقافية والإدراكية. كما حاولت الدراسة بحث التغييرات التي خضع لها النص الأصلي أثناء عملية الترجمة على المستويات الدلالية والبنائية والنصية والبرجماتية وأثرها على تغير المعنى وتحريفه. وكانت المشكلة التي حاولت هذه الدراسة معالجتها تتمثل فيما يلى: أولًا: صعوبة لغة الدين بصفة عامة، نظرًا لما تحتويه من ألفاظ ومفاهيم ذات معاني محددة ودقيقة، مما يجعل عملية نقلها من مصادرها الأصلية إلى لغات أخرى أمرًا بالغ الحساسية لدى أصحابها. ثانيًا: طبيعة النصوص المقدسة التي تعالجها هذه الدراسة، وهي نصوص الحديث النبوي الشريف، الذي يعد المصدر الثاني- بعد القرآن الكريم - من مصادر التشريع الإسلامي. وهي نصوص ذات حساسية دينية ولغوية فائقة في الثقافة الإسلامية تُملي على المترجم الحرص والأمانة والدقة البالغة وتوخى الحذر في نقلها من مصدرها الأصلي وهو اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية. وفي هذا السياق، يؤكد علماء الترجمة أنه إذا كانت بعض النصوص تجسد القيم الأساسية لثقافة معينة، فإنها تُعتبر نصوصًا جوهرية لتلك الثقافة؛ وعليه فينبغي أن تخضع ترجماتها لأكبر قدر من التدقيق والتمحيص، لأن أية ترجمات غبر مقبولة قد تُشكِّل تقويضًا للأسس الجوهرية التي تقوم عليها تلك الثقافة. ومن نافلة القول يُشكل الحديث النبوي الشريف- بعد القرآن الكريم - ثاني أسس الثقافة الإسلامية. ثالثًا: طبيعة المترجمين البشرية والتي من شأنها السهو والخطأ، مما يتطلب مراجعة ما ينتجونه من أعمال، خاصة فيما يتعلق بالدين ونصوصه. وينبغي ألا تكون الثقة في المترجمين، لا سيما عند قيامهم بترجمة نصوص الحديث النبوي الشريف، مطلقة، إذ إن الثقة في المترجمين شيء، والخبرة في الترجمة الدينية وخصوصيتها شيء آخر يقتضي الحذر والحيطة الشديدة. رابعًا: صدور ترجمات إنجليزية للحديث النبوي في الأسواق العربية والغربية، إلا أن هذه الترجمات تعاني جميعها من بعض الأخطاء وأوجه القصور فيما يتعلق بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والدين الإسلامي ككل وقيمه وثقافته، بل ومن تكرار نفس أخطاء الترجمات السابقة أحيانًا، مما يتطلب مراجعة مستمرة لهذه الترجمات بُغْيةَ الكشف عن هذه الأخطاء ومحاولة تصحيحها. خامسًا: تَغيُرِ وجهة نظر العلماء بشأن علم الترجمة، فلم تَعُد الترجمة عملية نقل لغوية لنص معين وحسب، ولكنها فضاء لغوي تتصارع فيه ثقافات مختلفة، قد يمارس بعضها عنفًا وعدوانًا لغويًا على بعضها، أو يقاوم بعضها هذه الممارسات التي تُرتكب بسبب علاقات القوة بين تلك الثقافات، تلك العلاقات التي تعنى الاستعلاء والمركزية الذاتية لثقافة الأقوى، والدونية والتلاشي لثقافة الأضعف. كما أنها تُعدُّ فضاء لغويًا لنشر أيدولوجيات معينة والترويج لها، أو التلاعب بهويات الثقافات المختلفة وتشويه صورتها ونصوصها المقدسة. وتتجلى كل هذه الممارسات من اللحظة الأولى في اختيار نصوص بعينها دون غيرها لنقلها إلى لغات أخرى، وفي الاستراتيجيات المتبعة عند الترجمة وذلك مثل الاختيارات اللغوية لبعض الألفاظ دون غيرها، أو في الإضافات والحذف لبعض العبارات والألفاظ، كما تتجلى في التغييرات التي تظهر في النص المترجم على مستويات المعنى والأسلوب والبناء اللغوي والنص بأكمله، لا سيما تلك التي لا ضرورة لها من الناحية اللغوية. ومع أن هذه الاستراتيجيات قد تكون محمودةً أو مقبولةً في ترجمة نصوص بعينها وفي سياقات ثقافية معينة، فإنها ليست كذلك دائمًا في ترجمة النصوص الدينية. وتخلُصُ الدراسة إلى أن جٌلّ التغييرات التي قام بها المترجمون في ترجماتهم الثلاث ليس لها أي مسوغ لغوي تقتضيه. كما وجدت الدراسة أن غالبية الأخطاء في الترجمة كانت نتيجة اتباع استراتيجات الإضافة بين ثنايا النص الأصلي والحذف منه بلا مبرر. وتؤكد الدراسة على ضرورة التزام تحقيق التعادل بين النص العربي للحديث النبوي الشريف وترجمته الإنجليزية على كافة المستويات الدلالية (semantic) والبرجماتية (pragmatic) والنصية (textual) والثقافية (cultural) والإدراكية (cognitive)، كما تشدد على ضرورة اقتصار التغيير على ما تقتضيه الضرورة اللغوية بين اللغتين العربية والإنجليزية. ويأمل الباحث أن تكون هذه الدارسة قد أسهمت في تقديم نموذج معرفي نظري لكيفية ترجمة الحديث النبوي الشريف، وسدت فجوة في الأدبيات الإنجليزية الخاصة بترجمة ذلك النوع من النصوص الإسلامية وتصحيح ما بها من أخطاء وصور تسئ للإسلام والمسلمين. ويعد جاد الكريم، من مواليد مدينة نجع حمادي، وتخرج من كلية اللغات والترجمة الفورية عام 2005، بقسم الترجمة الفورية بتقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف، وترتيبه الثاني على القسم، وعمل مترجما بشركات آرابيز ووثيقة للترجمة القانونية، ومترجما صحفيا، بموقع اسلام اون لاين، وآراب أمريكان ومترجمًا حرًا مع بعض المواقع والمجلات، كما شارك في تقديم برنامج لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها على قناة الهدى (Huda TV)، وفي عام 2012 تعين معيدًا بجامعة الازهر ويعمل حاليًا مدرسًا مساعدًا بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بكلية اللغات والترجمة بجامعة الازهر بالقاهرة.