بيان "عزرا وآغاثون" نفى صلة الوقائع ب"الأسلمة" وطالب بعودة "النصح والإرشا" المطرانية تحدثت نيابة عن الكنيسة الأم واعتبرت أن غياب الفتيات يخص المسيحيات فقط وليس حوادث عامة لا يمكن لأى شخص عادى قرأ بيان مطرانية مغاغة والعدوة، للأقباط الأرثوذكس، والذى تستغيث فيه بوزارة الداخلية لمواجهة ما أسمته ظاهرة اختفاء القبطيات، دون مقدمات أو أسباب معلومة، إلا أن يندهش من التلميحات التى حفل بها البيان والقادرة على إشعال فتنة طائفية فى بيئة اجتماعية غير هادئة أصلاً. المطرانية نصبت من نفسها متحدثة باسم الكنيسة حيث أشارت إلى أن اختفاء القبطيات ظاهرة عامة لا تقتصر فقط على المنطقة التابعة للمطرانية، واعتمد البيان الصادر، السبت الماضى، على حالة اختفاء سيدة تدعى هناء سعد فوزى وابنتها، مؤكداً أن زوجها تلقى اتصالاً منها تؤكد فيه أنها لا تزال على دينها، فى توضيح من المطرانية إلى أن الواقعة اختطاف وليس اختفاء بهدف التحول عن المسيحية إلى الإسلام. ولكن المطرانية قبل ذلك بسطور طالبت الدولة بعودة جلسات النصح والإرشاد وانتقدت التوقف عنها، وهى جلسات كانت تتم بمعرفة القساوسة للقبطى أو القبطية الراغب فى التحول إلى الإسلام، فى ربط واضح بين اختفاء القبطيات والأسلمة، رغم أن البيان نفسه ذكر أن السيدة المختفية اتصلت بزوجها وتحدثت معه ما يؤكد اختطافها خصوصاً أنها أكدت أنها لا تزال مسيحية. المطرانية هنا بقصد أو دون قصد تشعل نيران الشك والريبة فى الدولة، بالإيحاء إلى أن هناك عودة لأسلمة القبطيات وأن الدولة تتقاعس فى هذا الملف، والدليل أن المطرانية تلح على أن هناك إهمالاً من جانب وزارة الداخلية لاختفاء الحالتين التى أشارت إليهما. لو تمهلت المطرانية لتأكدت أن هناك آلاف الحالات لسيدات وفتيات مسلمات اختفين أيضاً ولأسباب غير معلومة، وأن وزارة الداخلية وضباطها فى الأقسام يتخذون الإجراءات المعتادة فى مثل هذه الوقائع، ولكن النتائج الإيجابية بعودة الفتاة أو السيدة المختفية قد لا تظهر، لأن أى سيدة تستطيع بعد ساعات قليلة أن تبتعد عن مكان أسرتها أو زوجها بمئات الكيلومترات، ما يجعل من مهمة الشرطة فى إيجاد الفتاة أو السيدة المختفية أمرا يكاد يكون مستحيلاً. هذه الملاحظات ليست دعوة لإهمال اختفاء البنات والسيدات فى مصر، ولكنها محاولة لدعوة البعض إلى التمهل قبل إشعال الموقف رغم أنها تؤكد نيتها الصادقة فى عدم دفع الأمور إلى الاشتعال وأنها حريصة على تماسك النسيج الاجتماعى وغيرها من الكلمات التى لا تظهر إلا قبل العاصفة. المطرانية قالت: إن اختفاء القبطيات ظاهرة.. وكأن الأمر يخص المسيحيات فقط وهو أمر غير صحيح، وأنها فى تزايد مستمر وهو أمر يحتمل الصدق والخطأ لأن بعض المختفيات سواء مسلمات أو مسيحيات عدن إلى أسرهن، أما قول المطرانية إن الاختفاء يؤثر على سلامة الأسرة المسيحية والسلم الاجتماعى وكذلك الوحدة الوطنية، فصيغة تحتاج إلى مراجعة لأن الدقة فى مثل هذه الأمور ليست مطلوبة فقط، وإنما من المعلوم من الحكمة بالضرورة إذ لا يجوز للمسئول أن يضرب بالظن ويسير وفق احتمالات ولكنه يجب أن يكون دقيقاً حتى لا يسكب على النار البنزين السريع الاشتعال.. وقال القمص عزرا فنجرى، إن المطرانية لم تتلق أى رد من وزارة الداخلية، حتى مثول الجريدة للطبع، موضحاً أن إصدار البيان هدفه إعلاء مصلحة الوطن مشيراً إلى أنه تم إرسال نسخة منه إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجلس القومى للمرأة، للحصول على دعمهما فى هذه القضية التى تمس حقا أصيلا من حقوق الإنسان عموماً والمرأة خصوصاً. ويؤكد جورج إسحاق، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن المجلس فى اجتماعه الشهرى، الثلاثاء الماضى، وضع اختفاء القبطيات على رأس الملفات المدرجة للمناقشة وأن المجلس سيقدم توصيات للأجهزة المعنية للتصدى لهذه الظاهرة إن صح وجودها. ورغم التخبط الداخلى الذى يعانى منه المجلس خصوصاً بعد تغيب ناصر أمين الناشط الحقوقى، رئيس مكتب الشكاوى بالمجلس عن أعمال المجلس، إلا أن مصادر مطلعة بالمجلس قالت إنه تم رفع شكوى بموضوع اختفاء الأم القبطية وابنتها، فور وصولها إلى محمد فائق، رئيس المجلس، ونائبه عبدالغفار شكر للوقوف على ملابساتها وتم التعامل معها بمخاطبة كل من وزارة الداخلية والنيابة العامة، للوقوف على تداعيات الحادث وإثبات صحتها من عدمه بعد التحرى وهل الواقعة اختفاء أم اختطاف. وقال عبدالغفار شكر ل«الفجر»، إن الشكاوى التى ترد للمجلس يتم التعامل معها مباشرة بمخاطبة النيابة العامة، لأنها الجهة المختصة بالتحقيق ولها سلطة أن تطلب من الشرطة التعامل والبحث والتحرى مع أى واقعة أما المجلس فيقوم بمتابعة القضية وتخطر أصحابها بما يتم. ورفض شكر، وصف حالات الاختفاء بالظاهرة، مشيراً إلى أن البيان الذى حمل توقيع وكيلى المطرانية القمص عزرا فنجرى متى، والقمص أغاثون طلعت نجيب، ذكر أن «هذه الظاهرة أصبحت فى تزايد مستمر فى الآونة الأخيرة مما لها من تأثير سلبى على الحياة الأسرية المسيحية» وهو تصريح خطير وكان أولى بالمطرانية أن تذكر أسماء الحالات بعينها فى حال وجودها، لا أن يتجاهلها ويضعها مجهولة، مؤكداً أنه لم تصل إلى المجلس شكوى مشابهة الفترة السابقة حتى يمكن إطلاق لفظ الظاهرة على الحالات. ولفت نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إلى أن حالات الاختفاء متعددة بما يشى بأنها ظاهرة ويقوم المجلس فى هذه الحالات بتشكيل لجنة تقصى حقائق للوقوف على طبيعة الحالات وأسبابها، وهل هى نتيجة تصرف جنائى أما أن لبعض الجهات يد فيها، أم أنها نتيجة اعتناق لفتيات وسيدات للإسلام. ونبه شكر إلى أن المجلس ليس جهة تحقيق لكن من مسئوليته التحرك الفورى فى مثل هذه الحوادث لأن من مهامه تشكيل لجنة تقصى حقائق من باحثى المجلس للنزول إلى مكان الواقعة بمغاغة بالمنيا للوقوف على ملابسات الحادث وإعداد تقرير رسمى يرفع إلى الجهات الرسمية فى الدولة. وكشفت مصادر بالمجلس القومى للمرأة، أن بيان المطرانية لم يصل بعد إلى المجلس، ولكن المجلس تلقى استغاثات تليفونية من مركز مغاغة بمحافظة المنيا بشأن اختفاء القبطيات فى ظروف غامضة، ولكن الوحدة القانونية التابعة للمجلس لم تقم بأى إجراءات بعد. وفى السياق ذاته أكدت نجلاء عادلى، رئيس مكتب الشكاوى بالمجلس القومى للمرأة أن المكتب لم يتلق شكوى من مطرانية مغاغة والعدوة للأقباط الأرثوذكس باختفاء أى نساء، وأن المكتب لا يتعامل مع الأخبار المنشورة على المواقع الإخبارية، ويعتبرها كلاما مرسلا لا يعتد به، ولن يتعامل كذلك مع بيان المطرانية إلا فى حال إرسال المطرانية شكوى إلى المجلس. بيتر إلهامى المنسق الإعلامى للمطرانية، رفض على غير العادة فيما يخص بيانات المطرانية أو أنشطتها، الإجابة عن أى سؤال ل«الفجر» يخص البيان، وقال إنه ليس لديه معلومات عن البيان، وأن أى تعليق مسئولية وكيلى المطرانية القمص عزرا فنجرى متى، والقمص آغاثون طلعت نجيب. وقال الكاتب والمفكر القبطى جمال أسعد، ل«الفجر» إنه لا يجوز للكنيسة بشكل عام والمطرانية بالطبع أن تتدخل فى هذه القضية لأنها قضية اجتماعية وأمنية لأن الكشف عن حقيقة الأمر والعثور على الأم وابنتها المختفيتين مسئولية جهات الأمن، التى يجب أن توضح للرأى العام هل غياب الأم وابنتها جاء بإرداتهما أم أن هناك جريمة اختطاف، وذلك حتى لا يتعاظم دور الكنيسة فى الدولة. وأوضح أسعد، أن جلسات النصح والإرشاد التى أشارت لها المطرانية وطالبت بعودتها، كانت موجودة بالفعل منذ سنوات لتتثبت الكنيسة من وجود رغبة حقيقية لدى أى من رعاياها فى اعتناق دين آخر، ولكن هذا التقليد المعروف تم إلغاؤه فى عهد حكم جماعة الإخوان.