"نجوم المونديال" زاوية جديدة يقدمها "الفجر الرياضي" وتستمر حتى انطلاق بطولة كأس العالم "روسيا 2018"، و يُلقي من خلالها الضوء على مسيرة أحد نجوم المونديال الذين حققوا إنجازات عظيمة سواء على المستوى الشخصي أو لمنتخبات بلادهم خلال تاريخ البطولة العالمية. نتحدث اليوم عن أحد أساطير الكرة البرازيلية وواحد من أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم بشكل عام ألا وهو "سقراط"، حيث تمتع بقدرات فائقة في منطقة وسط الملعب، وكانت لديه القدرة على اختراق دفاع الخصم بسهولة بفضل قدميه الطويلتين، إذ كانت قامته تصل إلى 1.92 متر، واتخذ سقراط من لاعب التنس، بيورن بورج، طريقة الظهور، فكان يضع شريطًا على رأسه، مع إطلاق العنان للحيته السمراء. وكان "سقراط" أحد نجوم كتيبة منتخب السامبا في مونديال 1982 والذي يعد أفضل فريق شارك في نهائيات كأس العالم عبر تاريخه، ورغم أن الفريق حصل علي لقب "وصيف" البطولة لكنه قدم وجبة كروية دسمة ممزوجة بين المهارات العالية والكرة الجميلة والأداء الراقي لجماهير وعشاق الساحرة المستديرة. ولد سقراط برازيليرو سامبايو دي سوزا في 19 فبراير 1954 في مدينة "بيليم" لأحد العائلات البرازيلية المتوسطة من شمال البلاد، وبدأ ممارسة كرة القدم رياضته المفضلة في أحد الأندية المتواضعة، غير أنه فضل مواصلة دراسته في الطب على الكرة وكان له ما أراد وحصل على شهادته في طب الأطفال عام 1979، ثم عاد إلى الميدان الذي عشقه منذ الصغر، وبدأ مسيرته الكروية في عمر 24 عامًا وكان يتمتع بالطول الفارع والأقدام الطويلة وكان لديه القدرة على فعل كل شيء داخل المستطيل الأخضر فكان يفكر بتركيز في طرق اللعب وتنظيم الصفوف بشكل لا يضاهيه فيه أحد، وكذلك تسجيل الأهداف. كان "سقراط" له آرائه السياسية بسبب نظام الحكم الديكتاتوري في بلاده، وكان اللاعب الوحيد الذي يبدي معارضته صراحة لما تعيشه بلاده من قهر وغياب للديمقراطية وقاد مسيرة نادي كورينثيانز الذي كان يلعب معه نحو الديمقراطية وقال (بقيت في ميدان كرة القدم فقط من أجل الوزن السياسي، لمحاربة المجتمع القمعي الذي يقوده العسكر)، لم يكن هناك من يستطيع الكلام بهبة الصراحة وعلى الملأ إلا (الفيلسوف). بدأ "سقراط" مسيرته الاحترافية ضمن صفوف فريق بوتافوجو ساو باولو عام 1974 ولعب معه 4 سنوات، وشارك في 269 مباراة، وسجل 101 هدف، ثم انتقل لنادي كورينثيانز عام 1978 ولعب معه 6 سنوات وشارك في 302 مياراة وسجل 172 هدف، ثم انتقل للدوري الإيطالي عام 1984 وانضم لصفوف فريق فيورنتينا ولعب معه موسم واحد وشارك في 25 مباراة وسجل 6 أهداف. عاد "سقراط" للبرازيل عام 1986 وانضم لنادي فلامينجو وشارك معه في 25 مباراة وسجل 6 أهداف، وغادر سقراط عالم الكرة فجأة في أبريل 1987 وفضل التفرغ لمهنة الطب، معلنا بذلك نهاية مشوار فيلسوف ذي مبدأ مارس ذات يوم الكرة بأمانه وإخلاص بعيداً عن الحسابات المادية التي صارت تلوث سماء هذه الرياضة. وفي عام 1988 قرر العودة لممارسة كرة القدم مجددًا وانتقل لنادي سانتوس ولعب معه 23 مباراة وسجل 7 أهداف، وانتقل عام 1989 إلي نادي بوتافوجو ولكنه رحل سريعًا ولم يحقق أي انجاز يُذكر ليعلن اعتزاله كرة القدم وهو في الخامسة والثلاثين من عمره. بدأ سقراط مسيرته الدولية مع منتخب البرازيل في 23 أغسطس 1979 وكانت أولي مبارياته ضد الأرجنتين، حيث تمكن من تسجيل هدفين، وابتداء من العام 1980 منحه المدرب تيلي سانتانا شارة القائد، ولم يكن هذا اختيارا بقدر ماهو حاجة، وفي نهائيات كأس العالم 1982 في أسبانيا كان الجميع يرشح البرازيل للفوز باللقب إلا أن المنتخب الإيطالي فوت هذه الفرصة على سقراط وزملائه برغم تألقهم بالبطولة، وكانت مباراتهم أمام الاتحاد السوفيتي إحدى أفضل المباريات في هذا المونديال، حيث تمكن السوفيت من التقدم بهدف وفي آخر اللقاء عدل سقراط النتيجة فبل أن يضيف إيدر هدف الفوز لمنتخبه في الثواني الأخيرة، واعتبر هذا المنتخب الافضل في تاريخ البرازيلي بالمونديال. شارك سقراط مع منتخب بلادة في نهائيات كأس العالم 1986 التي أقيمت في المكسيك والتي أخرجت فيها فرنساالبرازيل من الدور ربع النهائي بعد مباراة لا تزال عالقة حتى الآن في الذاكرة وتعتبر إحدى أفضل المباريات في القرن الماضي. توفي أسطورة كرة القدم البرازيلي سقراط يوم الأحد 4 ديسمبر 2011 عن عمر يناهز ال57 عامًا، وأعلن مستشفى البرت اينشتاين في ساو باولو أن سقراط توفى بعد أن تدهورت حالته بشكل مفاجئ عقب تعرضه لعدوى معوية شديدة.