مصر مخزن ثروتها الحقيقي هو الآثار، وهي مصدر دخلها الرئيسي الذي يأتي السياح من كل جنبات المعمورة كي يطالعوها في أماكنها، فلا قيمة للأثر إلا في بلاده. وكما نعرف أن الحملة الفرنسية، ثم عصر محمد علي باشا، كانا بدايتا إنطلاقة مصر في العصر الحديث، وعلى الرغم من أن محمد علي باشا هو صاحب لقب مؤسس مصر الحديثة، إلا أن هذا المؤسس مع ما له من أفضال وإنجازات، إلا أنه ارتكب جريمة في حق الآثار المصرية. يقول المؤرخ المعروف بسام الشماع، أن محمد علي باشا وافق أثناء فترة حكمه لمصر، على الكثير من الطلبات الأجنبية بالبحث والتنقيب، وكان هو بحكم منصبه المسيطر على تصاريح الكشوف الأثرية في مصر، وهو الوحيد المنوط به الموافقة على خروج أي أثر إلى خارج البلاد. وأوضح أن بعض القناصل الأجانب، والرحالة استغلوا علاقاتهم الخاصة بمحمد علي للحصول على تصاريح بالتنقيب ونقل الآثار لخارج البلاد. فكثير من الآثار المصرية الموجودة بمتاحف العالم خرجت في فترتين رئيسيتين هما فترة الحملة الفرنسية وفترة حكم محمد علي. وقال الشماع إن دار الوثائق القومية وتحديدًا الإدارة المركزية العلمية تؤكد في كتابها "قوانين ولوائح الآثار المصرية من عصر محمد علي حتى يوليو 52" الذي صدر له الدكتور أحمد الشوكي، وأعد دراسته د. رزق النوري، وقدم له د. فاروق جاويش، وتم إصداره ككتاب توثيقي عام 2018م محمد علي باشا محمد علي باشا يؤكد الكتاب في صفحته 14 "...يتضح لنا من خلال الوثائق أن محمد على في بداية عهده تساهل مع القناصل الأجانب ووكلائهم بالبحث والتنقيب عن الآثار، ومساعدتهم أيضًا في نقلها إلى خارج البلاد". وكان محمد على – على حسب الكتاب- يأمر موظفي الجمارك بعدم التعرض لهؤلاء المنقبين أو تفتيشهم أثناء خروجهم من البلاد. مثال ذلك –كما يروي الكتاب- عام 1820م أمر بعد السماح بفتح الصناديق المحتوية على الأحجار الأنتيكة التي أرسلها الخواجة سولت المقيم في مصر إلى الأسكندرية وترسل إلى إنجلترا... وأمثلة أخرى مذكورة في الكتاب. المغامر الإيطالي بلزوني المغامر الإيطالي بلزوني يقول الشماع إن بلزوني سرق وهرب مجموعات ضخمة من الآثار إلى خارج البلاد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كما يؤكد كتاب دار الكتب والوثائق المصرية، 20 تمثال لسخمت من الكرنك، وسرق من المواقع الأثرية آثارًا من قبر الملك "إي" من الضفة الغربية من النيل بالأقصر، وأخذ الكثير من أوراق البردي من إحدى المقابر بالقرنة. كما عثر بلزوني على 6 مقابر بوادي الملوك منها قبر سيتي الأول، وقدم من الآثار التي هربها 20 قطعة للمتحف البريطاني في لندن وأقام بالباقي معرضًا في البيكاديللي عام 1821م وبدأت سرقات بلزوني عام 1815م واستمرت لمدة أربعة سنوات كاملة. شامبليون شامبليون ويكمل الشماع أنه في عام 1822م تم تهريب عدد كبير من الآثار على يد شامبليون، حيث تم نقل 30 صندوق محملة بالآثار من مصر إلى باريس وخصصها لمتحف اللوفر طبقًا لما جاء بكتاب دار الوثائق القومية، أي أن شامبليون لم يكن لوجه العلم كما حاول البعض أن يوهمنا. مارييت مارييت في نوفمبر عام 1853م صدر من ديوان خديو محمد علي فرمان بعدم خروج الآثار إلا بقرار من الباشا. وللغرابة أنه في عام 1836م وضعت مسلة رمسيس الثاني كهدية من محمد علي في ميدان الكونكورد بفرنسا وكان المقابل ساعة وضعت بالقلعة، وهي الباقية حتى الآن. سلسلة من السرقات المتتالية لعدد كبير للغاية من الآثار المصرية تم في الفترة من بدء الحملة الفرنسية وحتى عام 52 وقد وثقها وسجلها كتاب دار الوثائق المصرية الصادر عام 2018.