بقميص تغطيه قشور الأسماك وبنطال مبتل من المياه المتشعبه برائحة كل ما يتعلق بشم النسيم، يحاول "شعبان" التقاط قاصدى سوق العبور، العابرين إليه بأيدى فارغة والمحملين أثناء عودتهم بشنط الأسماك ذو الروائح المميزة، ليكشف عن مهنته التي تربى عليها من سنوات بعيدة وهي تنظيف الأسماك. "أنا بنضف سمك لو عاوزين حاجة".. بنبرة هادئة يحاول الرجل الذي يقترب من الخمسين عامًا، السعى على رزقه، وتحكي تجاعيد وجهه عن سنوات من الشقى والعمل مع الأسماك متنقلًا بين الأسواق ليكون رزقه في نهاية المطاف في سوق العبور "زمان السمك كان بيبقى زي الرمل دلوقت بقي خلاص". من بعد أذان الفجر يبدأ "شعبان" رحلته اليومية متنقلًا من منزله بالويلي إلى السوق، سائلًا الرحمن أن يرزقه ليسد احتياجات أولاده، فلديه 3 أبناء، إثنين منهم من الذكور بمراحل التعليم المختلفة، وأكبرهم بالمرحلة الثانوية.
ومع دقات الساطور المستخدم في تنظيف الأسماك، ينسجم "شعبان" مع عمله الذي لا يرى أنه يؤثر على سلامة يديه "في الأول كان ممكن الواحد يتعور من شوك السمك بعد كده بيتعود خلاص.. المهم أخلى بالي من الساطور إنه مينزلش على إيدي.. في الأول خالص الواحد إيده بتبقى ثقيلة بعد كده بيبقى عارف إيده نازلة فين وهو مغمض".
يحاول "شعبان" اغتنام فرصة شم النسيم، فكلما زادت حركت البيع والشراء قبيل الاحتفال يكون له نصيب من الرزق مع تنظيف الأسماك ليأخذه إلى ابنائه "في الأيام العادية ساعات بعمل 30جنيه وأوقات 40 جنيه عندي أمل الرزق يزيد شوية كل حاجة غالية". وبمجرد أن يضع الليل خيوطه الأولى يأخذ "شعبان" شنطته التي تحوي أدوات تنظيف السمك ويعود إلى منزله نازعًا الملابس المتسخة من تنظيف الأسماك، ويرتمي في فراشه ليأخذ قسط من الراحة ويبدأ رحلة جدية مع عمله في اليوم التالي.