ابتسامة صامته تتوارى خلف تجاعيد وجهها، ترسلها المرأة الخمسينية بين الحين والآخر للمارة، آملة في بيع بضاعتها بالكامل وانتهاء يومها التي تبدأه منذ الصباح الباكر، قابعة أمام صناديق مُصنعة من الخوص العتيقة اكتظت بجميع أنواع الفاكهة المتراصة بجوار بعضها. وفي يوم المرأة العالمي، التي يتزامن اليوم الموافقة 8 مارس، ويحتفل به العالم من كل عام؛ تكريمًا لدورها فيما تقدمه من إنجازات اقتصادية، وسياسية واجتماعية، التقت "الفجر" مع إحدى هؤلاء اللاتي نلتقيهن بالشارع يوميًا ويعبرن عن أهمية دور المرأة التي تكافح وتعمل وتكد من أجل أبنائها. جسد متعب تخفيه المرأة الخمسينية خلف عباءة منقوشة الألوان، وعلى رأسها منديل أسود، تقبع على أريكة بالية على بعد خطوات من منزلها، تمرح مع المارة هنا وهناك، مقتطفة من الوقت بعض لاحظات السعادة، لتتناسى أتعابها والمسئولية التي تحملتها منذ طفولتها والواضحة من تجاعيد يديها ولو لاحظات.
يبدو من الأزقة التي تجلس داخلها المرأة العجوز، أنها تحمل نفس معاناتها، لذا كانت رحيمة بظروف أبناء حارتها، وبالرغم من ارتفاع الأسعار، إلا أنها كانت تحاول بقدر المستطاع بيع الفاكهة بأسعار تناسبهم. اعتاد الجميع بالمنطقة على رؤية المرأة الخمسينية، والمسامرة معها، خلال الشراء منها أو مرورهم أمامها، فتشعر أنها المسئولة عن أهالي المنطقة، لأنها من أقدم قاطني المكان، حتى أصبحت كاتمة أسرار حارتها، واشتهرت أيضًا ببائعة "فاكهة الغلابة".
تدل بضاعتها المتراصة، على أن الاقبال عليها ضعيف، ظهر ذلك جليًا من ألوان بعض الفواكهة، لذا تحاول جاهدة بيعها من أجل سد رمق أسرتها، متحدية ارتفاع أسعار التجار. وفي 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد فى شوارع نيويورك حاملين قطع من الخبز وباقات من الورود احتجاجًا على ظروف عملهن، ومن هنا بدأ الاحتفال بال 8 من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك الذي حدثت هذا العام.
وفي عام 1975 أصدرت المنظمة الدولية قرارًا يدعو دول العالم إلى اختيار يوم من السنة للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار ال 8 من مارس.